الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مكامير فحم القليوبية» تتمرد على قوانين البيئة




القليوبية ـ حنان عليوه


تحتوى مدينتا طوخ والقناطر الخيرية بمحافظة القليوبية على ما يقرب من 213 مكمورة فحم نباتي، تقع بطريق خط 12، وشبين القناطر، حيث يستحوذ مركز طوخ على 124 مكمورة، تحظى قرية أجهور الكبرى على 100 منها، يرجع تاريخها إلى أكثر من 150 سنة، فى حين أن تلك المكامير تعد بمثابة دخل قومي لعدد من الأسر حيث يصل عائد الناتج منها لـ 100 مليون دولار شهريا، ناهيك عن تصديره لبعض الدول العربية والأوروبية، فى الوقت الذى تعد فيه تلك المكامير كارثة بيئية، لكون التلون الناتج منها وتسببها فى انتشار السحابة السوداء، بسبب الأخشاب وعدم اتباع أساليب التطوير فى العمل.
التقت «روزاليوسف» عدداً من العمال وأصحاب مكامير الفحم بالقرى والمناطق المهمة فى انتاجه.. وإليكم التفاصيل..
ففى البداية يوضح قاسم الزهيرى الشهير بـ»قاسم حلاوة»، أحد أصحاب أكبر مكامير الفحم بأجهور مركز طوخ، أن القليوبية تعد من أهم المحافظات التى تعمل فى انتاج الفحم وتصديره إلى عدد من البلاد منها «إنجلترا، وبريطانيا، وإيطاليا، واليونان، والبرتغال، والأردن، والسعودية، والإمارات، والكويت»، منوها إلى عدم تصديره إلى السودان لكونها من الدول منتجة للفحم، وإسرائيل تستورده عن طريق غزة.
ويلفت حلاوة إلى أن عائد التصدير والاستخدام من إنتاج الفحم بالمحافظة يترواح بين 100 مليون دولار، بما يعادل 730 ميلون جنيه، فى الشهر، لافتا إلى أن وزارة البيئة تعتبر هذا المشروع مشروعا قوميا.
ويشير مهدى الديب، صاحب أحد مكامير الفحم، إلى وجود آلاف الأطنان من الأخشاب، متسائلا: كيف كان سيتم التخلص منها لولا تحويلها إلى فحم؟، مشيرا إلى أن تلك المشروعات من المكامير يعمل بها مئات من المواطنين «عاملين، وسائقين لوادر وسيارات نقل»، بالإضافة إلى مصانع البلاستيك التى تنتج الشكائر لتعبئة وتخزين الفحم.
وينوه محمود السيد، إلى أن المكامير هى عبارة عن حفرة بعمق متر أو أكثر، يتم رص الأخشاب بطريقة فنية، بارتفاع يزيد على 3 أمتار، بمساحة 300 متر، بسعة 180 طناً من الأخشاب الجافة، تشعل النيران بها بعد تغطيتها بقش الأرز والأتربة وغلق فتحاتها.
ويشرح مصطفى فتحى، أن أولى مراحل الصناعة تبدأ بتقطيع الخشب فى المزارع، ويتم تخزينه لمدة عام ليجف، ثم نبدأ برصه فى المكمورة ويغطى بقش الأرز والأتربة السوداء الناتجة عن حرق سابق لنظيره، على أن يتم اتخاذ مناور «مواسير» يتم تركيبها بالتراب الناتج عن الحرق تغطى بالقش، وفور الانتهاء من الحرق تبدأ العمالة باستخراج الفحم وتنظيفه لتعبئته فى شكائر بلاستيكية لتصديره، وتتم تلك المرحلة بما يقرب من 600 عامل.
ويلفت محمد حسن، عامل، إلى أن قرار وقف حرق الأخشاب لتحويلها إلى فحم، هو العامل الرئيسى فى ارتفاع التلوث والسحابة السوداء، لمحاولة أصحاب المكامير تعويض الفترة التى تم إيقاف الحرق فيها، والتى تبدأ من منتصف شهرى أغسطس، وسبتمبر، وتنتهى فى منتصف نوفمبر وديسمبر، منوها إلى أنه لو تم انهاء القرار لكان العمل طبيعياً على مدار العام.
وينوه ناصر متولى، أن تلك المكامير لا تؤثر على الزراعة وتربية الحيوانات بالقرى، خاصة أنها موجودة بالحقول المجاورة لها، منوها إلى أن أصحاب الأراضى يستخدمون الرماد فى تسميد الأرض للقضاء على الحشرات، منوها إلى أن تقرير وزارة البيئة عام 2000 كشف أهمية مكامير الفحم للتخلص من كميات الأخشاب، وتمنع استيراد مصر للفحم الذى سيصل الطن منه حينها لـ 16 ألف جنيه، وأن القليوبية هى الأولى فى تصديره، وضرورة نقل 7 مكامير لوجودها بالقرب من الحيز العمرانى بأجهور.
ويلفت محمد عبدالعاطي، إلى أن وزارة البيئة تعقد اجتماعات منذ عام 1998، مع أصحاب المكامير ومندوبى الوزارة لتطويرها، ولكن باتت الاجتماعات والوعود حبراً على ورق، لافتا إلى أن محافظ القليوبية أصدر القرار رقم 49 لسنة 2013، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مدينة طوخ، والقناطر الخيرية، وشبين القناطر، وعضوية ممثلين عن البيئة بالمحافظة والجهاز، لإعداد دراسة لنقل النشاط إلى المدن الصناعية، وتعميم التطوير بمكمورة حديثة، وذلك وسط ترحاب أصحاب المكامير.
من جانبهم يطالب طاهر خاطر، من ابناء أجهور، بسرعة إيجاد أماكن بعيدة عن الكتل السكنية لنقل هذه المكامير، مطالبا بتطويرها والعمل خلالها وفق منظومة حديثة تنهى المشاكل والأدخنة الناتجة عنها، خاصة أن ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة فى فصل الصيف يؤديان إلى عمليات اختناق وضيق فى التنفس، خاصة المسنين.
وأوضح المحاسب عبدالحكيم القاضى، رئيس مجلس ومدينة طوخ، أنه تم تحرير 319 مخالفة بيئية لأصحاب مكامير الفحم، بمناطق «أجهور، والعمار الكبرى، وترسا»، كما تم حجز وتطبيق غرامة 20 ألف جنيه لـ 118 شخصاً مخالفاً، وفرض الغرامات طبقا للقانون رقم 4 لسنه 1994 وتعديلاته، إضافة إلى عمليات إطفاء لعدد منها بحضور قوات من الشرطة والبيئة والوحدات المحلية.
وقال المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية: إنه جار عرض الموقع المقترح على الدكتورة ليلى اسكندر، وزير البيئة السابق، لإعادة توطين وتطوير مكامير الفحم، وعرض النماذج المطورة الجارى تقييمها لاختيار الأفضل منها، منوها إلى وجود إجراءات جارية بين المحافظة وجامعة القاهرة للحد من مخاطرها، ودراسة الأحمال البيئية الناتجة عنها، وفرص التمويل، كذلك تنفيذ المشروع وتكلفته داخل المحافظة.
وأشار محافظ القليوبية إلى أنه أصدر قراراً بالغلق نهائيا لتلك المكامير، ولكن شق علينا تطبيقه نظرا للظروف المالية للأسر المستفيدة منه لكونه بمثابة الدخل الأساسى لهم، فى حين أن التطوير يحتاج وقتا كافيا، فى الوقت الذى نعمل فيه بأقل إمكانات، مشيرا إلى وضع شروط مرجعية للمشروع وبحث مصادر تمويلية، وذلك لتحسين لوضع البيئي.
ولفت عبد الظاهر إلى أن ذلك المشروع ستدعمه المحافظة بكل ما تملك لتطويره والحد من مخاطره على البيئة والمواطنين الكائنين بالقرب من الأماكن المجاورة لمكامير الفحم، خاصة أنها تدر دخلا هائلا لمحافظة القليوبية.