الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ألقاب المدرسين الوهمية وإعلانات المراكز الخاصة




تزايد عدد مراكز الدروس الخصوصية فى الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ وعلى نطاق واسع شملت المراحل التعليمية كلها بداية من الابتدائية وحتى الثانوية، و باتت ظاهرة يعانى منها الطلاب قبل أولياء الأمور، لأنها تضيع وقت الطلاب بشكل مبالغ فيه وخاصة طلاب المراحل التعليمية الأولى الذين يحتاجون إلى الاعتماد على أنفسهم أكثر من اعتمادهم على المدرسين ولم يتوقف الأمر على تزايد المراكز فحسب ولكن انتشرت الإعلانات عن تلك المراكز وعن المدرسين فى كل شوارع العاصمة والأمر أصبح مثيراً للسخرية

عندما تشاهد الكلمات والعبارات التحفيزية على أوراق الدعاية للمدرسين فهناك مصطلحات مبالغ فيها على هذه الأوراق.. تشمل مستشار الكيمياء وملك الرياضيات.. ونجوم الفلسفة وعلم النفس وغيرها من العبارات التى لا يصح ان تلحق بمربى الأجيال وصناع المستقبل، والتى يكون هدفها الوحيد هى الترويج للمدرس وجلب أكبر عدد من الطلاب وفى النهاية تجد أن معظم المدرسين لا يمارسون مهنة التدريس إلا داخل هذه المراكز ولا يمارسونها داخل مدارس الدولة. وعن ظاهرة انتشار مراكز الدروس الخصوصية وإعلانات المدرسين ومدى تفاعل الطلاب وأولياء الأمور معها وجهود وزارة التعليم فى القضاء عليها.
قالت فراو «أسماء» مدرسة ألمانى الإعلانات الخاصة بالمدرسين لا  تدل بطبيعة الحال على كفاءة المدرس وبالعكس تدل على اهتمامه بالمظاهر والألقاب الرنانة التى يعتقد أنها قد تزيد من نسبة إقبال الطلاب عليه، وأكدت أن المدرسين المحترمين لا يسمحون بهذه الألقاب أو حتى يقبلوا أن يعلنوا عن أنفسهم على الحوائط وداخل وسائل المواصلات، وأرجعت المسئولية على الطلاب الذين لابد أن يعقلوا الأمر ولا ينساقوا وراء هذه الألقاب المزيفة، ولابد من اختيار المدرس حسب معيار الكفاءة.
وأيدها الأستاذ «محمود» مدرس عربى قائلاً غير مقبول أن تنتشر هذه المسميات قبل أسماء المدرسين وأن لقب أستاذ وحده يكفى للتعبير عن المدرس واستنكر أن يتم الإعلان عن المدرس على حوائط الشوارع العامة وأرجع العيب على المدرسين الذين يعتقدون أن هذه الألقاب قد تزيد من نسبة جذب الطلاب عليهم، مؤكداً أن الطالب الواعى يبحث عن المدرس المتميز داخل المدارس وليس على حوائط الشوارع وفى الإعلانات الورقية التى توزع داخل المواصلات العامة.
ذلك على الرغم من أن هناك إعلاناً خاصاً به على الحوائط يسبقه لقب ملك العربى ولكنه نفى علاقته بذلك وارجعه للمسئول الإعلانى التابع للمركز الذى يدرس به.
وتابع «أحمد علي» مدرس إنجليزى أنه غير محبب الألقاب التى تنتشر وفى النهاية المدرس هو مدرس وليس دكتوراً أو مستشاراً وعليه أن يفخر بلقب الأستاذ فقط، والكفاءة هى التى تثبت إن كان امبراطوراً أو مستشاراً كما يدعى، وحذر المدرسين من انتشار هذه الألقاب لأنها تؤثر على سمعة المدرس فى النهاية، ولا تشكل سوى شكليات لا تفيد المدرس ولا حتى الطالب، كما أن أولياء الأمور لا يقتنعون بالمدرسين الذين يروجون لانفسهم بهذه الطرق التى لا تليق بهم.
ومن جانبه أكد الدكتور «رضا مسعد» رئيس قطاع التعليم العام السابق، أن وجود هذه المراكز غير قانونى ويعتبر تعدياً واضحاً على الممتلكات الحكومية ومخالفاً لقانون الحكم المحلي، وأن مراكز الدروس الخصوصية غير حاصلة على تصريح لمزاولة المهنة من وزارة التربية والتعليم ولا حتى من المحافظة، ولابد من اغلاقها فوراً، واعتبرها بديلاً غير شرعى للمدرسة وارجع العيب إلى الجهات المسئولة التى سمحت لها بمزاولة مهنة التدريس واتهم المدرسين القائمين على التدريس بهذه المدارس بعدم المهنية واستنكر مخالفتهم لقواعد المهنة، وتابع «مسعد» أن ظاهرة انتشار هذه المراكز تعتبر مرضاً مجتمعياً لابد من القضاء عليه حتى نتمكن من البناء للأجيال القادمة، وأن الحل يكمن فى تعاون وزارة التربية والتعليم مع المحافظين والجهات الأمنية للقضاء على وجود هذه المراكز التى لا تتبع الأساليب الصحيحة فى التدريس وتبدأ فى الدراسة قبل بدء المواعيد الرسمية التى تحددها الوزارة، وتابع لابد من احتضان الطلاب والتلاميذ وجعل المدرسة جاذبة وبحث أسباب التسرب من التعليم للقضاء عليه وجعل المحافظة خالية من الأمية وقيام مديرى المدارس بالتشديد على انضباط الطلاب، وتفعيل الحضور والغياب والارتقاء بمنظومة النظافة بالمدارس داخل الأفنية، ودورات المياه وعمل الصيانة والإصلاحات اللازمة للتخت والنوافذ والشبابيك.
وتابع الدكتور «شريف عمر» رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب الأسبق أن قصور العملية التعليمية بالمدارس وراء انتشار ظاهرة المراكز الخصوصية التى زادت فى المراحل التعليمية الأولى كالحضانة والابتدائية، وعاب على الأهالى تفاعلهم مع هذه المراكز وطالبهم بعدم الترويج للمراكز بهذا الشكل الذى يثير الخوف على مستقبل الأجيال القادمة، وتعجب من زيادة عدد المراكز فى الفترة الأخيرة.
قائلاً: لا يوجد فى العالم كله عدد مراكز للدروس الخصوصية مثل الذى يوجد فى مصر، وحان الوقت للقضاء على هذه الظاهرة التى باتت تهدد مستقبل التعليم فى مصر، وطالب بضرورة انضباط العملية التعليمية داخل المدارس، وبحضور المدرسين منذ بداية اليوم الدراسى حتى نهايته، مشدداً على ضرورة عمل حصر لمراكز الدروس الخصوصية الموجودة بدائرة المحافظة، حتى يتسنى اتخاذ الإجراءات القانونية  نحو إغلاقها.
وفى نفس السياق أصدر محافظ البحيرة اللواء مصطفى هدهود، قراراً بغلق كافة مراكز مجموعات التقوية  والدروس الخصوصية التى تعرقل العملية التعليمية خلال فترة اليوم الدراسي، مؤكدًا على ضرورة بحث أسباب التسرب خلال فترة اليوم الدراسي، مؤكداً على ضرورة بحث أسباب التسرب من التعليم للقضاء عليه، وجعل المحافظة خالية من الأمية، ووجه المحافظ رؤساء الوحدات المحلية بالقيام بحصر الأراضى الفراغ سواء أملاك دولة أو إصلاحاً لإقامة مدارس جديدة عليها، لافتاً إلى ضرورة القضاء على التسرب من التعليم بوجود مدرسة ابتدائى بكل قرية.
وأشار إلى ضرورة التوسع فى التعليم الفنى الزراعى والصناعى والتجارى داخل القري، وكذلك إدخال تخصصات أكثر تقدماً تتواكب مع احتياجات العصر، مع وضع خطة لتأهيل المدرسين اعتبارًا من العام القادم.
أكد «حسن عبد الخالق» ولى أمر أنه يعانى من ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية وخاصة فى الفترة الأخيرة، حيث لا توجد ضوابط ولا رقابة على العملية التعليمية، متهماً المعلمين بمضاعفة أسعار الدروس الخصوصية وأن لديه طفلة فى الصف الخامس الابتدائي، وتأخذ الدرس بـ120 جنيهاً فى الشهر للمادة الواحدة وطفل فى الصف الأول الابتدائى يأخذ الدرس بـ100 جنيه فى الشهر للمادة الواحدة، مبرراً ذلك لعدم تقديم الخدمة التعليمية الجيدة داخل المدارس فلا يوجد تعليم على الإطلاق داخل المدارس الحكومية.
وتقول «لبنى رضا» طالبة بالمرحلة الإعدادية: إن الدروس الخصوصية تعد تكملة لما يتم دراسته فى المدرسة وتعتمد عليها فى فهم المواد ونحن نفضل المراكز التعليمية ونفاضل بين المدرسين الأكثر شهرة وهناك إعلانات توزع علينا فى بداية السنة الدراسية أمام المدرسة تتضمن المراكز القريبة من المدرسة وأسماء المدرسين.
ويتابع «محمد منتصر»: أن الطالب يسعى للتفوق ولكن لا يستطيع تحقيق هذا التفوق بدون الدروس الخصوصية لأن المدرسين لا يؤدون واجبهم فى المدرسة، وبالتالى لا بد من الدرس الخصوصى ولا شك أن المراكز  التعليمية حلت الكثير من المشكلات الخاصة بالدرس الخصوصى حيث إنها أقل تكلفة فالحصة يتراوح سعرها ما بين 30 و50 جنيهاً فى حين تصل إلى ضعف المبلغ فى حالة الدرس الخاص فى المنزل.
ومن جانبها أكدت «نجلاء محمد» مدرسة بإحدى المدارس الخاصة أن أحد المراكز عرض عليها تدريس مادة اللغة العربية والرياضيات للمرحلة الابتدائية لتتقاسم مع المركز ثمن الحصة حيث ان نظام الدفع المتبع بالمراكز بالحصة، وأضافت: أنها رفضت لعدم جدوى إعطاء الدروس الخصوصية بالمراكز حيث تكون عشوائية ومليئة بالفوضى ولا تكون بنفس فائدة الدرس الخصوصى الذى يكون فيه تركيز الطلاب أعلى لأن أعداد الطلاب أقل كما أن الدروس تكون فى منزل أحدهم وبالتالى يكون هناك نوع من الهدوء ينعم فيه الطلاب بمناخ أفضل للتعلم والاستفادة.
وقالت «نهلة محمد» ولية أمر طالبة بالثانوية: إن الدروس الخصوصية أفضل كثيراً من المراكز التى تضر أكثر مما تفيد على حد وصفها حيث انه لا بديل عن الدروس الخصوصية فى مرحلة الثانوية العامة ولا يمكن الاعتماد على مركز خاص أو المدرسة التى غالباً لا تقوم بأى دور فى هذه المرحلة.
وأجمع أصحاب المراكز الخصوصية قائلين نحن نقدم خدمة تعليمية تكمل دور المدرسة بدليل عمل جميع المراكز عقب انتهاء اليوم ونحن لا نبالغ فى أسعارنا فنقدم خدماتنا بأسعار زهيدة مقارنة بما يتقاضاه المدرس الخصوصى الذى يذهب للطالب فى منزله ويحصل على مبالغ ضخمة نظير تدريس مادة واحدة.
وطالب المدرسون بتفعيل مواقع على الإنترنت تفيد الطلاب وتكون غنية بالمادة التعليمية المطلوبة حتى تجعلهم يستغنون عن الدروس الخصوصية والمراكز التى لا تقدم المادة التعليمية كما ينبغي، وأعلنوا أن الطلاب سيتفاعلون مع المواقع لسهولة التعامل مع الإنترنت.
يأتى ذلك بينما تنتشر الإعلانات عن مراكز الدروس الخصوصية فى الشوارع بشكل مبالغ فيه وعلى الحوائط وداخل المواصلات، وأيضاً عبر الإنترنت ومواقع الفيس بوك فهناك مواقع تتلقي الإعلان عن الدروس الخصوصية وهناك مواقع لتحميل المواد التعليمية للمراحل التعليمية فى جميع مراحلها فهناك أحد المواقع الإلكترونية يعلن بأنه يقوم بشرح مواد الثانوية العامة من خلال محاضرات وحصص صوتية، وتزداد الألقاب فى الأوراق التى توزع داخل المواصلات للترويج المزيف للمدرسين فنجد إمبراطور الفيزياء، ملك التاريخ، برنس العربى، دكتور الكيمياء هذه الألقاب لا تخص نجوماً يقومون ببطولة أفلام سينمائية لكنها أسماء مدرسين وأباطرة الدروس الخصوصية.
والجدير بالذكر أن الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم قد شدد على ضرورة تنظيم مجموعات التقوية للطلاب بالمدارس بأسعار رمزية تتناسب مع ظروف الأسر المصرية، مع توفير الدروس المجانية بالمدارس، والقوافل التعليمية لتكون بديلاً قوياً عن الدروس الخصوصية.
وأكد الوزير ضرورة توفير المناهج التعليمية من خلال القنوات التعليمية، والأقراص المدمجة والبرامج التفاعلية عبر موقع الوزارة الإلكتروني.
وتشير البيانات الرسمية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن الانفاق على الدروس الخصوصية يحتل النصيب الأكبر من نفقات التعليم بما يعادل 42.1٪ من الإنفاق السنوى للأسرة وترتفع هذه النسبة فى مدن الحضر لتبلغ نحو 47.3٪ من نفقات التعليم فى حين لا يتجاوز نحو نسبة 40٪ فى الريف، ويصل متوسط حجم الانفاق السنوى على الدروس الخصوصية إلى 3706 جنيهات وتزداد نسبة الإنفاق السنوى للأسرة على الدروس الخصوصية وفقاً لعدة عوامل أولها زيادة عدد أفراد الأسرة على الدروس الخصوصية وفقاً لعدة عوامل أولها زيادة عدد أفراد الأسرة فعلى سبيل المثال يبلغ إنفاق الأسرة التى تتكون من 4 أفراد إلى نحو 41.8٪ من حجم نفقات التعليم مقابل 50.3٪ للأسرة التى يتراوح أعدادها ما بين 6 و 7 أفراد والعامل الثانى هو انخفاض المستوى التعليمى لعائل الأسرة.
حيث يمثل انفاق الأسرة على الدروس الخصوصية التى يعولها أمى  نحو 48٪ من حجم النفقات مقابل 35.5٪ للأسرة التى يعولها جامعى فأعلي.
والعامل الثالث هو انخفاض المستوى المهنى للأسرة فكلما انخفض المستوى المهنى لعائل الأسرة زاد الانفاق على الدروس الخصوصية، فالأسرة التى يكون عائلها من أصحاب المهن العلمية تمثل نسبة الانفاق على الدروس الخصوصية فيها بنحو 37٪ من حجم نفقات التعليم فى حين تبلغ نسبتها نحو 57٪ من النفقات للأسرة التى يعولها الحرفيون والعمال.
وتشير البيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء إلى أن نفقات الدروس الخصوصية يتجاوز حاجز الـ15 مليار جنيه.