السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أوباما سيندم قريبا علي تمكينه للإخوان الحكم في مصر




 

 

بقلم ايلان بيرمان

 نائب رئيس مجلس الخارجية الأمريكية في واشنطن


 واشنطن بوست

إيلان بيرمان


 لكل من ينتمي إلي حماسة أيديولوجية، الثورات في الممارسة العملية تميل إلي أن تكون أمورًا لا يمكن التنبؤ بها. في أكثر الأحيان، عندما يتراجع السخط الشعبي، تقوم الفصائل الاكثر تنظيما وتماسكا أيديولوجيا بتولي السلطة والمضي قدما في الإدارة وفقا لمعتقداتهم الخاصة بهم.


 

هذا ما حدث في روسيا في مطلع القرن الماضي، عندما استثمر البلاشفة العداء الكبير للحكم القيصري وقاموا بتحويلها إلي «ثورة العمال» التي ولدت في الاتحاد السوفيتي. هذا ما حدث في إيران في أواخر 1970، عندما تم تسخير الكراهية للشاه من قبل آية الله روح الله الخميني وأتباعه وتوجيهها إلي الراديكالية «الثورة الإسلامية». وآخر تحول من هذا القبيل حدث في مصر عندما انتزع مرشح جماعة الإخوان المسلمين السيطرة علي البلاد من القوي المناصرة للديمقراطية والجيش المصري.

 

من مساء الأحد، كانت النتائج واضحة: المرشح الإسلامي محمد مرسي تفوق علي رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق في انتخابات الاعادة لرئاسة البلاد. نجح مرسي علي الرغم من الجهود المحمومة من قبل الجيش المصري للتلاعب في الساحة الوطنية السياسية (بما في ذلك إلغاء البرلمان عشية الانتخابات في نهاية الأسبوع). إنه فعل يعكس مدي مهارة الحزب الذي ينتمي إليه مرسي، وهو حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين والذي تمكن من الإبحار في التيارات السياسية السائدة في مصر منذ الإطاحة بمبارك الرجل القوي في فبراير من العام الماضي.

 

ماذا الآن؟ هناك علي الأقل بعض الأمل في ألا تنتهج جماعة الإخوان المسلمين برنامجها الراديكالي تحت قيادة مرسي للبلاد.ففي الخطاب الذي ألقاه الرئيس في 24 يونيو، حث مرسي علي «الوحدة الوطنية» وتعهد أن يكون «رئيسًا لجميع المصريين.» إنه دهاء منه أن يقول هذا في ظروف تمر بها البلاد بشعور الضيق الاجتماعي والأزمة المالية.

 

لا تتمتع جماعة الإخوان المسلمين بتأييد شعبي كما يتصور البعض، وسوف تواجه معارضة من مختلف ألوان الطيف السياسي المصري، من الناشطين المؤيدين للديمقراطية والسلفيين علي حد سواء - وإن كان ذلك لأسباب مختلفة جدا. في هذه الأثناء، سوف يحتفظ الجيش المصري بحصة تسمح له بالسيطرة علي مساحات واسعة من الاقتصاد الوطني والسلطة القضائية في البلاد التي لاتزال قوية وخصم عنيد. في الواقع، في المراحل الأولي من التصويت، استشعر العسكر الهزيمة وقاموا بإصدار إعلان دستوري مكمل يناقض إلي حد كبير السلطات التنفيذية للرئاسة. كل ذلك يشير إلي أن جماعة الإخوان المسلمين لن تكون قادرة علي السيطرة علي الجدول السياسي المصري صراحة.

 

سيكون من الخطأ التقليل من حجم هذه اللحظة. انتصار مرسي يمثل نقطة تحول في السياسة المصرية بعد أن ظلت جماعة الإخوان المسلمين لفترة طويلة مهمشة ومحظورة. نجاح مرسي ما هو إلا تأكيد مدوٍ للاستئناف علي مستوي القاعدة الشعبية من أيديولوجيتها الدينية الإقصائية.

 

وبالمقارنة باسلاميين آخرين، أصبحت مصر الأحدث التي يمكن أن تدعي أنها لديها ثورات إسلامية ناجحة. لقد ألهمت بوصول الإخوان إلي الحكم الإسلامي في بلدان أخري  في جميع أنحاء الشرق الأوسط الكبير في نضالهم.

 

هذا هو السبب في أن حركة حماس الفلسطينية، وهي أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، لم تهدر أي وقت وأصبحت متفائلة بسيطرة الإسلاميين علي الحكم في مصر.

 

بالنسبة للولايات المتحدة،صعود الإخوان المسلمين يشكل تحديا كبيرا. منذ العام الماضي، قررت إدارة أوباما اشراك الإسلاميين في حوار غير رسمي علي أمل أن تحافظ علي مقعد يشبه مقعد طاولة مبارك. ولكن خطاب مرسي يؤكد أن نظرة مصر الخارجية  المستقبلية سوف تكون أقل ودية من السابق.

 

يبقي أن نري كيف ستكون أقل ودية .جدير بالذكر أن جماعة الإخوان المسلمين لديها تفويض سياسي للبدء في إعادة صياغة الصورة السياسية الداخلية الخاصة بها، كما أنها لديها الحرية في اعادة صياغة سياسة مصر الخارجية - من تعديلات علي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية إلي مزيد من الدعم للإسلاميين الإقليميين إلي المشاركة ربما مع إيران المنافس الاستراتيجي.

 

أي من هذه التغييرات سوف تؤثر علي المصالح الأمريكية بشكل سلبي وقد يندم أوباما في المستقبل علي إشراك الإخوان وتمكينهم من الحكم في مصر الجديدة.