الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المجلس الملى التائه وغياب الرقابة على الكنيسة




تحقيق - روبير الفارس

فى الخفاء تحاك المؤامرات ويدبج الأساقفة القوائم للاصدقاء والاقارب كمرشحين لمجلس النواب حيث اصبح الاساقفة أقرب الى وزراء إعلام يملكون قنوات فضائية وسياسيين يقيمون حفلات ليلية لرؤساء أحزاب فى تحالفات وفى ظل هذا الضجيج تناسى الجميع كيانا المفروض أنه المعبر عن الاقباط والمفروض أنه يحاسب هؤلاء ويقف لهم وكثيرا ما وضع نقطة نظام إعادتهم لرشدهم إنه المجلس الملى المعطل من قبل وفاة البابا شنودة والذى لم يدعه البابا تواضروس الثانى ولو لمرة واحدة منذ اعتلائه للكرسى البابوى للاجتماع معه كما لم يدع حتى الآن لانتخابات جديدة إذا كان معترفاً تماما أن المجلس مدته انتهت قانونا.. عن أسرار هذا الكيان المنتهى الصلاحية ولصالح من بقائه معلقا

فى البداية يقول المفكر القبطى عادل جرجس: تأسس المجلس الملى العام فى يناير من عام 1874 بقرار من الخديو توفيق بإنشاء لائحة المجلس الملى بإيعاز من بطرس باشا غالى وكان وقتها هو أبرز ابناء طائفته، إذ كان وكيلا لإحدى الوزارات بعد أن رأى الصفوة من الاقباط أن تمثيل رجالات الكنيسة للاقباط أمام الدولة لا يرقى الى المستوى الكاريزمى المطلوب فقد كان وقتها البابا والمطارنة والاساقفة من الرهبان محدودى التعليم والثقافة وهو ما كان ينشئ صدامات بين الدولة والكنيسة يتحمل تبعتها الاقباط، وأنيط بالمجلس الجديد ان يحدد اختصاصاته وان يضع لنفسه لائحة داخلية والتى تمثلت فى النواحى الادارية وغير الدينية فى حياة الكنيسة، فيدير وينظر كل ما يتعلق بالأوقاف الخيرية والمدارس والكنائس والمطابع القبطية والمعونات للفقراء والمعوزين وينظم حياة الكنيسة وحياة الرهبان فى الاديرة وسجلات الزواج والتعميد والوفاة، وأيضا من اختصاصات المجلس النظر فى الدعاوى المتعلقة بالاحوال الشخصية كالزواج والانفصال الجسدى والطلاق، وكذلك الوصايا والمواريث وكانت بداية المجلس قوية وشرعية من قبل الدولة وهو ما ادى الى سحب البساط من تحت أرجل الكنيسة فتوارى هؤلاء فى دائرة الظل والمتمثلة فى الخدمة الروحية حيث كان المجلس يمارس دورا رقابيا صارما على تصرفات رجال الكنيسة وهو ما ادى الى كثير من الصدمات بين البابا والمجلس الملى تجلت فى حادثتين هما الاشهر فى تاريخ الكنيسة حيث قاوم البابا «كيرلس الخامس» وجود المجلس الملى فكانت النهاية نفيه الى «دير البراموس» بقوة البوليس سنة 1882 والحادثة الثانية هى عزل البابا يوساب الثانى وتعيين لجنة اسقفية بدلا منه وهكذا اصبح المجلس الملى العام يشكل مكمن خطر وقلق لكل بطريرك يجلس على الكرسى المرقسى حتى صدرت قوانين ثورة يوليو 1952 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية لينازع المجلس فى محاولة للبقاء كنسيا ولكن كان هذا يشترط رضاء البابا وتوافق المجلس معه وهو ما كان بمجىء مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث حيث تم تدجين المجلس الملى العام «قام البابا شنودة برسامة أعضاء المجلس شمامسة أى اعطاهم درجة كهنوتية ورفض ذلك الانبا غريغوريوس اسقف البحث العلمى والدراسات اللاهوتية الراحل وكتب مقالا اكد فيه أن ذلك يعد اخضاعا لأعضاء المجلس وكتمانا لاصواتهم وضمانا لعدم مخالفتهم للبابا بالخضوع الكهنوتى وتم بذلك تفريغ المجلس من محتواه ودوره الرقابى على أعمال الكنيسة وحل محله رجال الكهنوت ليصبح المجلس الملى مجلسا للوجهاء والنخبة من الاقباط الذين تزين بهم محافل الكنيسة الرسمية والدينية الا أن التوافق بين البابا شنودة والمجلس الملى لم يدم طويلا عندما أدرك البابا مبكرا بأن المجلس يدبر محاولة للانقلاب عليه لصالح أحد الاساقفة الشباب المدعوم من إحدى الجهات الامنية وفى خطوة استباقية حل البابا المجلس الملى وجمد كل صلاحياته ليظل الحال على ما هو عليه، ويضيف عادل جرجس: ورغم مرور أكثر من عام على تولى قداسة البابا تواضروس الثانى مقاليد الأمور فى الكنيسة فلم يجتمع قداسته بالمجلس القديم أو دعا الى انتخابات مجلس جديد وتجاهل البابا لكيان المجلس الملى العام هو من أبرز مظاهر ضعف البابا وعدم قدرته على إحكام قبضته على أمور الكنيسة حتى الآن ولا يخفى على أحد حروب الحرس القديم فى المجمع المقدس ضد البابا وشق البعض منهم لعصا الطاعة له فالبابا يخشى اذا ما اقدم على تفعيل دور المجلس الملى الرقابى فى الكنيسة أو حتى الدور الشكلى للمجلس أن تأتى الانتخابات بمجلس جديد لا يضمن ولاءه فالبابا حتى الآن منشغل فى خلق حرس جديد خاص به داخل المجمع المقدس يتمثل فى رسامته للاساقفة حيث لا يجد أمامه ايبارشيات خالية لرسامة اساقفة فلجأ الى رسامة أساقفة على الاحياء «كوبرى القبة - المقطم.. إلخ» وهو ما يعنى أن البابا ليست لديه القواعد الشعبية الكافية والموالية له والتى يمكن له ان ينطلق من خلالها للدفع وراء انتخاب مجلس ملى جديد تحت سيطرته كما ان قداسته لا يأمن جانب المجلس القديم ليقوم بتفعيله لتعدد ولاءات هذا المجلس لرجال الحرس القديم والذين كان يتطلع الكثير منهم الى الكرسى المرقسى وحاولوا الانقلاب على البابا شنودة رغم قوته الحديدية وشعبيته الجارفة، وعلى الرغم من الانشطار الكهنوتى فى عهد البابا تواضروس والذى تندر عليه العامة من الاقباط بأنه عصر اسقف لكل مواطن الا أن أحوال الاقباط الروحية والاجتماعية فى الانحدار وتسرب الكثير من أبناء الطائفة الى طوائف أخرى بحثا عن روحانيات ومآرب اخرى وهو ما يستدعى تهذيب وتفعيل هذا الانشطار الكهنوتى ووضعه فى المسار الروحى والاجتماعى الذى يخدم الكنيسة ولن يتأتى ذلك الا بوجود نظام رقابة صارم على أعمال الكنيسة من خلال كيان شرعى قوى وهو ما يستدعى المطالبة الشعبية بتقنين المجلس الملى فمن عجائب الأمور ان اصوات الاقباط أو إن شئنا الدقة اصوات الكنيسة تعلو وترتفع بالصراخ بإصدار قانون أحوال شخصية للأقباط دون المطالبة بوجود كيان شرعى يحتكم إليه الاقباط لتطبيق هذا القانون فالكنيسة ليست منوطة بذلك لأنها مؤسسة روحية اولا واخيرا فهل حان الوقت لأن تتخلى الكنيسة عن كل المهام التى تعطل عملها الروحى وتعهد بتلك المهام لمجلس ملى قوى؟ لا أظن، ويعبر باهر عادل عن مجموعة كبيرة من شباب الاقباط فيقول المجلس الملى لا أحد من الشعب يعرف أو يسمع عنه شيئا!! فأنا لا أعرف ما هو دوره بالضبط ولا نعرف لماذا البابا لم يتقابل معهم حتى الآن ولا أعرف كيف يتم اختياره أساسا.. ثم أحيانا نجد أناساً عليهم علامات استفهام كثيرة ولكنهم متصدرون للمشهد ويتحدثون باسم الكنيسة ويقال إنهم أراخنة أو ما شابه!! فإما أن يلغى أم أن يفعل بشكل صحيح وتحدث انتخابات شعبية حقيقية فى الكنائس بلائحة جيدة لإفراز نخبة حقيقية تعبر عن الاقباط حتى لا يصبح الاقباط مستباحين من كل من هب ودب يتكلم باسمهم فى الأمور الكنسية أو السياسية، ومن منطلق روحى يقول الباحث الرومانى جوزيف فى رأيى ان كل الحلول لن تفلح دون المسيح.
فمثلا العالم معروف فى نظامه هرمى الكبير يسود على الصغير بينما المسيح قال العكس إنجيل مرقس 42:10 فدعاهم يسوع وقال لهم: «أنتم تعلمون أن الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم وأن عظماءهم يتسلطون عليهم فلا يكون هكذا فيكم.. بل من أراد أن يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما ومن أراد أن يصير فيكم أولا يكون للجميع عبدا».. فالمشكلة ان الكنيسة فى فكر المسيح هرم مقلوب: الاكبر فيه يبذل اكثر ويتعب أكثر ويخدم أكثر فلا يمكن تصليحها وقد أصبحت هرما مثل العالم البطريرك فيه أعلى من الاسقف والأسقف أعلى من الكاهن والكاهن أعلى من الشماس والشماس أعلى من المواطن الطبيعى الذى هو أدنى الكل.. وبذلك اصبحت الكنيسة عكس ما قاله المسيح وعكس القاعدة التى وضعها وكل نظام يقوم داخل الكنيسة وهى بهذه الطريقة لن يكون منه نفع لأنه لا يسير حسب ارشاد المسيح، ويقول المصور عيد سعد: تقدمت باقتراح منذ فترة من خلال المركز الاعلامى ليصل صوتى الى البابا ولم ينظر له حتى هذه اللحظة أو يصلنى رد.. على الرغم أن البابا فرنسيس قام بالرد على رسالة طفل عمره 11 عاما وكان محل تقدير من وسائل إعلام العالم!! ويقول عيد كانت رسالتى للبابا تواضروس:
نحن نرفض دخول الكنيسة وشخص البابا والاساقفة فى مجال السياسة وخلط الدين بالسياسة ونحتاج من البابا الاهتمام بالجانب الروحى والبعد عن السياسة والبعد عن المقابلات والبروتوكولات.
البابا والأساقفة لهم عمل روحى أكثر بكثير وأهم بكثير من الدولة أظن أن المسيح لم يجلس مع الرؤساء ولم يتشاور معهم وكان يجول يعلم الناس ويعظهم كان طوال الوقت مع الشعب يعظ ويعلم ويصنع الخير لا يقيم الحفلات ويجرى المؤتمرات السياسية ويقدم قوائم المرشحين لمجلس النواب فى حين أن المجلس الملى قد انتهت دورته قبل موت البابا شنودة الثالث ولم تجر انتخابات جديدة حتى الآن ولا أحد من الاقباط طالب بذلك لأنه لا أحد يشعر بأهميته، ويضيف عيد: لقد اقترحت على البابا أن يكون هناك مجلس بديل يسمى أى اسم استشارى أو معاون ـ لكن «ملى أو طائفى» هى أسماء تركية انتهت فإذا كنا نطالب بعدم استخدام أسماء مثل الخط الهمايونى لأنه تركى فكيف تحتفظ الكنيسة بمثل هذا التراث العقيم - هذا المجلس يكون بالانتخاب لعلمانيين من كل التخصصات متخصصا فى الشئون السياسية وينتخب لمدة أربع سنوات وليس للكنيسة أى ولاية أو صاية عليه يكون صوتا يعبر عن الشعب القبطى ويتعامل مباشرة مع الدولة ومع أجهزة الدولة والاحزاب والمجتمع المدنى والمؤسسات المختلفة بلا حرج الى جانب عمله فى اختيار التعيين من جهة الاشخاص الذين يمثلون اصوات الاقباط فى البرلمان ويختار الاسماء التى تمثل فى البرلمان وأيضا يبحث قضايا الاقباط ويكون صوتا حقيقيا قويا أمام الدولة ويكون المعبر عن قضايا وهموم وتطلعات الاقباط.