الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المصالح الإسرائيلية وتوظيف الجماعات المتطرفة




تباينت ردود الفعل الإسرائيلية حول مدى خطورة التنظيم الإرهابى فى العراق والشام «داعش» على دولة إسرائيل فمنها من أكد أن داعش خطر كبير يدق أبواب تل أبيب وأن الإسرائيليين باتوا على قناعة بأن اتجاه أنظار المسلحين الإسلاميين نحو إسرائيل ما هو إلا مسألة وقت إذ إن الجماعات الجهادية على الحدود السورية حاملين الأسلحة على أكتافهم ولا يفصل بينهم وبين القوات الإسرائيلية على الحدود سوى 50 مترا، بينما على النقيض اعتبر آخرون أن داعش لا يمثل أى خطر عليهم وأنها لا تنتوى الوقوف أمام جيش بحجم وقوة الجيش الإسرائيلى.
وفى دراسة لرئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية «أمان» سابقاً «عاموس يادلين» ورئيس معهد دراسات الأمن القومي، اعتبر أن الخطر الأكبر على إسرائيل من التنظيم الإرهابى «داعش»، هو صرف الانتباه العالمى عن البرنامج النووى الإيرانى، وأن التهديد الذى يشكله التنظيم على إسرائيل كمنظمة جهادية عالمية لا يختلف جوهريا عن تهديد القاعدة الذى عاشت إسرائيل معه منذ أكثر من عقد من الزمان.
وشكك يادلين فى قوة «داعش» واحتمالية توجهها نحو إسرائيل أو المس بها، قائلا: أنهم يعملون على مسافة مئات الكيلومترات عن حدود الدولة، وحتى لو كان أقرب من ذلك فإنه مشكوك فيه أن يكون بوسعه المس بإسرائيل وبسكانها». وأكد أنه فى حال انحرف التنظيم عن العراق وتوجه نحو إسرائيل لأصبح فريسة سهلة للاستخبارات الإسرائيلية ولطائرات سلاح الجو وللسلاح الدقيق الذى بحوزة القوات البرية فى الجيش الإسرائيلى».
وأضاف يادلين: «فى نهاية المطاف إن الحديث يدور عن بضعة آلاف من الإرهابيين يركبون سيارات «التندر» ويطلقون النار من بنادق الكلاشينكوف وآلات اطلاق النار. والى جانب بضع ميليشيات أخرى ارتبطت به (وكفيلة بأن تتركه عندما يتوقف الزخم العسكرى) فإن حجم داعش يقدر الآن بنحو 10 الآف مقاتل أى نصف حجم القوة العسكرية لحماس.
وشدد يادلين على أن الهدف الاستراتيجى الأهم للأمن القومى الإسرائيلى يبقى بضرورة منع بلورة اتفاق بين إيران والدول العظمى حول مهاجمة داعش، الأمر الذى من شأنه عدم توفير رقابة كافية على نشاطها النووى، ويبقى لديها قدرة على الانطلاق نحو الاستحواذ على السلاح النووى فى غضون فترة زمنية قصيرة.
ويرى الإسرائيليون أن النجاحات التى حققها داعش ثمرة إعداد طويل جرى فى ظل الفراغ الحكومى فى العراق، والاعتماد على تأييد السكان المحليين من السنة الذين لهم مصلحة مشتركة ضد الحكم الشيعى فى بغداد، وأن التخوف من انتشار أيديولوجيا داعش وسط الفلسطينيين ولا سيما الفصائل الأكثر تطرفًا ليس منطقيا، ولأيديولوجية الجهادية لهذا التنظيم الإرهابى شديدة التطرف مرفوضة حتى من جانب القاعدة، ومن الصعب أن تلقى تأييدًا فى غزة أو فى الضفة الغربية».
وأضافت الدراسة أن «داعش» بتطرفه استطاع تكوين تحالف واسع يسعى إلى القضاء عليه وهو يتكون من: روسيا، تركيا، إيران، الميليشيات الكردية (البشمركة)، دول الخليج، السعودية، الأردن، الجيش السوري، الجيش اللبناني، حزب الله وإسرائيل، ومصر ونجح فى إعادة الجيش الأمريكى فى ظل إدارة أوباما، إلى العراق من جديد، وإلى جانب الضربات الجوية الأمريكية التى تجرى فى هذه الأيام، يعمل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى على تشكيل ائتلاف دولى واسع للقضاء على التنظيم».
لهذا يرى الإسرائيليون أن داعش لا يشكل خطرًا عليهم فى المدى القريب، ويرون أن صعود هذا التنظيم يقدم لإسرائيل فرصًا استراتيجية للتعاون مع الدول المعنية بالقضاء عليه، فبالنسبة للولايات المتحدة لا شك فى أن التعاون الاستخباراتى واللوجيستى والدبلوماسى معها سيساعد فى تحسين علاقات الثقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأمريكى. أما فيما يتعلق بدول المنطقة العربية، وفى طليعتها الدول السنية المعتدلة، فمن الممكن إقامة علاقات عمل وثيقة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والعربية، حسب يادلين.
وعلى الصعيد الأخير ترى كتابات إسرائيلية مليئة بالخوف والذعر من تنظيم «داعش» الإرهابى، إذ صرح رئيس الموساد السابق «إفرايم هاليفى» فى لقاء صحفى معه أن احتمالات انضمام مواطنين فى دولة إسرائيل لتنظيم داعش هو أمر حقيقي، قائلا أن هذا الأمر حدث حتى فى دول أوروبية وقد يحدث فى اسرائيل بدون شك أن يكون داعش قد اصبح وجوده واقعًا.
وأضاف هاليفى فى معرض حديثه: «إن هذه الحالة يجب أن تقلق اسرائيل أكثر من التهديد المباشر لها على يد هذا التنظيم الإسلامى المتطرف من على الحدود، على الرغم من أنه لا يتعرض لإسرائيل على مستوى التصريحات والتهديدات وميدانيًا فإن اسرائيل يجب ألا تستعجل فى التدخل بالحرب على داعش فى سوريا والعراق، ومع ذلك فإن الهدف الأساسى هو ما تضعه الولايات المتحدة الأمريكية نصب عينها وهو القضاء على هذا التنظيم المتطرف.
وفى تقرير لمجلة «يسرائيل ديفينس» أكدت مصادر إسرائيلية أن جهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة فى سوريا تدق أبواب إسرائيل بعد سيطرة مقاتليها على معبر القنيطرة على الحدود السورية الإسرائيلية فى الجولان، وأنهم أصبحوا على بعد أمتار من إسرائيل، وأن اقتراب مسلحى جبهة النصرة من إسرائيل التى أنهكتها حرب الـ 50 يوماً فى غزة يمثل مصدر قلق للإسرائيليين الذين اعتادوا سماع أصوات المعارك الدائرة فى القنيطرة بين الخصوم المتنافسين فى الحرب الأهلية.
وأضاف التقرير أن التطورات الأخيرة التى نتج عنها سيطرة مسلحى جبهة النصرة والجيش الحر على معبر القنيطرة خلقت وضعا غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل، مشيرة إلى أن المتشددين باتوا على بعد أمتار قليلة من مواقع تمركز الجيش الإسرائيلى ولفتت إلى قول أحد الاسرائيليين بأن الحكومة السورية ليست محل اهتمام الاسرائيليين، مشيرة إلى أن إحدى قذائف الهاون تسببت فى تلف مساحات من الكروم الإسرائيلى فى مرتفعات الجولان.
وعلى الرغم من ذلك فإن الإسرائيليين يفضلون أن تكون تلك المناطق تحت سيطرة الجيش السورى عن وجودها تحت سيطرة المتشددين الإسلاميين الذين يتحركون دوما على الحدود رافعين أعلامهم على ناقلات مموهة أو فى دوريات ماشية، موضحا أن المسلحين يحملون الأسلحة على أكتافهم على مسافة 50 متراً من القوات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الإسرائيليين أصبحوا على قناعة بأن اتجاه أنظار المسلحين الإسلاميين نحو إسرائيل ما هو إلا مسألة وقت وأن العرب جميعا يشاركون إسرائيل قلقها.
وأشار التقرير إلى أن وجود إسرائيل فى مرتفعات الجولان كان يتميز بالهدوء حتى اندلاع الثورة السورية فى 2011 التى أدت إلى تصعيد الأوضاع، مؤكدة أنها ظلت بعيدة عن الصراع باستثناء القيام بضربات جوية لشحنات الأسلحة التى يعتقد أنها متجهة إلى حزب الله اللبنانى.
وعلى ذكر حزب الله اللبنانى أفادت تقارير إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلى يقوم بإجراء «خطط وتدريبات» لشن حرب عنيفة ضد حزب الله جنوب لبنان، دون تحديد موعد البدء بهذه الحرب.
وأكدت القناة الإسرائيلية الثانية فى تقريرها بأن حزب الله اللبنانى يمتلك ما يقارب من 100 ألف قذيفة صاروخية، أى 10 أضعاف ما تمتلكه حركة حماس من ترسانتها الصاروخية، من بينها 5 آلاف قذيفة صاروخية بعيدة المدى، ويجرى الاحتفاظ بهذه الصواريخ فى بيروت وفى غيرها من مناطق العمق اللبنانى، وهى قادرة على حمل رؤوس متفجرة يصل وزنها إلى طن أو أكثر من المتفجرات، وهى مزودة بنظام توجيه دقيق، وتصل إلى جميع أنحاء «إسرائيل».
ونقلت القناة الإسرائيلية عن «دان جولدفس» قائد كتيبة مشاة فى الجيش الإسرائيلى قوله بأن مثل هذه المواجهة ستكون مختلفة تماماً عن الحرب الأخيرة التى دارت بين الجيش الإسرائيلى وحركة حماس والتى ذهب ضحيتها أكثر من 2000 مواطن فلسطيني، وأكثر من 72 جندياً إسرائيلياً، وأنه يجب علينا أن نستخدم قوة كبيرة وأن نتصرف بحزم وعزيمة أكبر لكى نفوز بسرعة على حزب الله.
وأضاف جولدفس أن نظام الدفاع الصاروخى الإسرائيلى «القبة الحديدية» لن يكون قادراً على التعامل مع هذا التحدى الجديد، وأن أى شخص يعتقد بأن حزب الله يواجه صعوبات بسبب خسائره اثناء القتال إلى جانب الرئيس بشار الأسد فى سوريا فهو مخطئ. وأشار إلى أن حزب الله اصبح لديه تراكم خبرة قتالية من ثلاث سنوات فى ساحة المعركة، ولديه قدرات عسكرية أكبر وازدادت ثقة عناصره نتيجة لذلك بأنفسهم.
ويقول الضابط واصفاً مخاطر الانفاق على الحدود مع لبنان أنه إذا كانت هناك أنفاق تحت الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضى الإسرائيلية، فمن غير المستبعد أن تكون هناك انفاق عابرة للحدود بين لبنان وإسرائيل.
وانه مثلما كان الحال مع حماس فى قطاع غزة، فإن هناك مخاوف من أن حزب الله لجأ هو الآخر إلى حفر الانفاق العابرة للحدود الإسرائيلية اللبنانية استعداداً لتنفيذ هجمات ضدها.
ويقول التقرير بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» قد حذر الأمين العام للأمم المتحدة «بان كى مون» عام 2012 أنه فى حرب مستقبلية ضد حزب الله سيكون على إسرائيل ضرب بيوتاً فى القرى المحاذية لجنوب لبنان، والتى يسعى من خلالها حزب الله إطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية.
ومن جانبه قال نائب رئيس المجلس المحلى «يوسى أدونى» إن عشرات الأهالى من سكان منطقة الحدود يقولون إنهم يسمعون أصوات حفر فى الأرض تحت منازلهم وذلك منذ عام 2006، حين دارت حرب بين إسرائيل وحزب الله التى باتت تعرف باسم «حرب لبنان الثانية». وأضاف ذات المسئول المحلى: «إننا واثقون تماما أن هناك أنفاقاً عبر الحدود».