الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل وخطر التعاون الأمريكى مع إيران




أصدر معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى دراسة تتحدث عن أزمة النووى الإيرانى فى ظل التعاون الأمريكى مع طهران فى القضاء على التنظيم الإرهابى فى العراق والشام «داعش» وأنه حسب وضع المفاوضات بين الدول العظمى وإيران فإن هناك صفقة كبيرة ستتم بعيدا عن المصالح الإسرائيلية فى المنطقة.
وأعربت الدراسة الإسرائيلية عن قلق تل أبيب الشديد إزاء خطوة الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» من إشراك إيران والتنسيق معها لمحاربة « داعش»، خوفا من أن يؤثر هذا التعاون على واشنطن فيما يخص المشروع النووى الإيراني، وتزايد احتمالات تقديم الولايات المتحدة والغرب، تنازلات «جوهرية» تمكن إيران من تطوير مشروعها النووي، الذى يشكل خطورة بكل المقاييس على إسرائيل وأمنها وهو ما سيجعل من إيران دولة ذرية.
وعلى الرغم من حصول إسرائيل على تطمينات أمريكية بعدم التنسيق مع إيران ضد داعش على حساب موقفها من مشروع طهران النووى إلا أن إسرائيل لديها تخوفات كبيرة من حدوث هذا، وهو ما سيدفعها إلى دائرة الهلاك على حد تعبير الدراسة.
وأشارت إلى الرأى الذى يقول أن قلق إسرائيل غير مبرر وأن التعاون «الأمريكى - الإيرانى» ضد داعش سيكون فى إطار توطيد العلاقات العسكرية والاستخباراتية وهو الأمر الذى سيرفضه بالقطع رؤساء دول تحالف «الناتو» خاصة بريطانيا، ألمانيا وأستراليا، والذين لن يسمحوا بالتقارب العسكرى مع دولة تهددهم أمنيا.
كما لفتت إلى قول أحد المصادر العسكرية الاستخباراتية الإسرائيلية بأن قوات خاصة أمريكية إلى جانب القوات الخاصة الإيرانية قاتلوا مع جنود عراقيين وأكراد فى مدينة أميريلى الحدودية شرق العراق واستطاعوا تدمير حصار تنظيم القاعدة حول المدينة، كما استطاعت أمريكا من خلال تعاونها العسكرى مع إيران والعراق وسوريا من شن هجمات ناجحة فى مدينة تل عفر وقتلت أحد قادة تنظيم القاعدة فى المدينة واثنين من كبار المساعدين لقائد داعش أبو بكر البغدادي، موضحة أن المهمة الرئيسية لطهران هو حصول الاستخبارات الإيرانية على معلومات من الولايات المتحدة عن تنظيم القاعدة ثم تقوم بنقلها إلى السوريين الذين يقومون بشن الهجمات الجوية ضد عناصر تابعة للتنظيم الإرهابى «داعش» على الأراضى السورية.
ووفقا للدراسة فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تهتم خلال الفترة السابقة بالشأن النووى الإيرانى بقدر ما اهتمت بالحرب على غزة خلال العملية العسكرية «عملية الجرف الصامد على الرغم من انتهاء مدة الاتفاق المرحلى بين دول (5+1) وبين إيران والتى كان محدداً لها فى الـ20 من يوليو 2014 اليوم الذى مر وكأن شيئا لم يكن، كما لم يلتفت أحد للقرار الذى أمر بتمديد المفاوضات لمدة أربعة أشهر أخرى، بعد أن كادت إسرائيل تتنفس الصعداء.
وتقول الدراسة إن المفاوضات انتهت لتمسك طهران بمطلبها فى حقها بامتلاك قوة نووية، وليس حسبما زعمت الولايات المتحدة أنها قررت مد المفاوضات 4 أشهر أخرى بعد أن لاحظت تقدما ملموسا فى القضية الإيرانية، واستدلت الدراسة على صدق قولها من تصريح «روبرت اينهورن» المشارك فى مفاوضات النووى السابق بأنه لم يحدث «تقدم حقيقى» فى المفاوضات كما بقي عدد كبير من القضايا الجوهرية دون التوصل لحل.
واستغلت إيران الفوضى بالعالم واهتمام الجميع بالحرب فى غزة،وانتشار «داعش» فى العراق وسوريا، والصراع العسكرى بين روسيا وأوكرانيا ولم يتوقف نظام آيات الله فى طهران عن تحقيق هدفه فى صنع قنبلة نووية، وأن المفاوضات باتت فى مرمى الفشل مع انشغال العالم، الأمر الذى أسعد إيران وجعلها تقف وراء فخ نصبته الظروف لصالحها.
وطالبت الدراسة بضرورة يقظة الدول العظمى وعدم الوقوع فى هذا الفخ، مؤكدة أنه سيأتى وقت وتعلن فيه الولايات المتحدة عن رفضها لتعاون إيران «كخدعة» وأن الأولى ستوافق على تعاون إيران فى مواجهة داعش مقابل تخفيف العقوبات، وتساءلت الدراسة لماذا على الدول العظمى الخضوع أمام إيران طالما أنه من مصلحة طهران التصدى لداعش التى تشكل خطرا كبيرا على دولتها خاصة نحو حدودها مع العراق.
يأتى من وجهة نظر الإيرانيين أن انتشار داعش فى سوريا والعراق يدفعهم إلى عدم تقديم أى تنازلات تخص برنامجهم النووى، وأنهم ليسوا فى حاجة العالم للدفاع عن أنفسهم من خطر داعش وإنما العالم هو الذى فى حاجتهم نظرا للظروف الجيوغرافية بين البلدين، وخير دليل على أن إيران لا تهتم بأمر الدول العظمى هو استمرارها فى تفوهاتها تجاه إسرائيل وتصريحات خامنئى مؤخرا حول ضرورة إبادة إسرائيل من على وجه الأرض.
ولفتت الدراسة إلى تحذير وزير الخارجية الامريكى الأسبق «هنرى كيسنجر» من خطورة الحزام الشيعى الممتد من طهران مارا عبر بغداد وحتى بيروت، الأمر الذى يعزز فرص إنشاء الاٍمبراطورية الفارسية تحت المسمى الشيعى. معربا عن اعتقاده بأن ايران تمثل مشكلة اكبر مما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام (داعش).
وقال كيسنجر مستشار الامن القومى الاسبق أنه لا يستهين بداعش، على الرغم من أنهم فى نظره ليسوا سوى مجموعة من المغامرين الذين يعتنقون افكارا عنيفة، ويسعون إلى الاستيلاء على مزيد من الأراضى قبل أن يصبحوا واقعا استراتيجيا دائما، مشيرا إلى أن مواجهة داعش مهمة إلا أنها أسهل من التى ستدار لمواجهة النظام النووى الإيرانى، معربا عن استيائه من مشهد قتل الامريكيين وذبحهم على شاشات التليفزيون، وأن ذلك يعد إهانة للولايات المتحدة، الأمر الذى لن يمر بدون عقاب، حسب قوله.
وترى الدراسة أن طهران التى لا تنتوى تقديم أى تنازلات فى مفاوضاتها مع الدول العظمى تتبنى موقفا قويا بأحقيتها فى امتلاك سلاح نووى على الرغم من ميثاق حظر انتشار السلاح النووي، بزعم أن العقوبات غير قانونية وستزول فى أقرب وقت كما صرح روحانى، أن إيران ستقوم بتنفيذ مخطط يقوم على أساس طردى بمعنى تنازلات أقل مع رفع العقوبات بحدها الأقصى.