الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«داعش» أضعف من أن يواجه العالم




نشرت شبكة «سى بى سى» الكندية دراسة عن تنظيم «داعش» لتؤكد فيها أنه على الرغم من الصورة النمطية السائدة عن داعش، بأنه لا يمكن إيقافه، إلا أن هذا التنظيم لديه من الأعداء ما يفوق الأصدقاء بكثير ومن غير الوارد أن يتمكن من توسيع نفوذه.
ولتوثيق هذه الحقيقة، استعانت الشبكة الإخبارية بآراء عدد من الخبراء السياسيين المهتمين بشئون منطقة الشرق الأوسط.
فأكد كامران بخارى، محلل شئون الشرق الأوسط بمركز دراسات ستراتفور الاستخبارى الأمريكى فى ولاية تكساس أن «داعش» ليس تنظيما لا يقهر إنه يتغذى على الضعفاء فقط ويستمد قوته من ضعف الآخرين.
لكنه أشار إلى أن أحد أسباب ظهور داعش بهذا القدر من الترهيب، هو اعتماده على الحرب النفسية، حيث امتاز فى هذه المنطقة بالدهاء، خاصة فى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعى، التى يستخدمها لنشر رسالته، وانتصاراته، وتجنيد مقاتلين من أنحاء العالم.
بينما أكد واين وايت، الخبير الأمريكى فى الشأن العراقى والذى عمل فى منظمة الصحة العالمية لعدة عقود، أن اللغة المستخدمة من قبل الحكومات الغربية ووسائل الإعلام لوصف داعش وهى «معلومات وحقائق مشوهة» ساهمت بدورها فى تكوين صورة ضبابية عن مدى التهديد والخطر الذى يشكله التنظيم، وسمحت بارتفاع الضغط الشعبى نحو حلول متطرفة.
ودلل وايت على ذلك بما حدث مؤخرا حين تم الإفراج عن أشرطة فيديو توضح قيام عناصر من تنظيم «داعش» بقطع رءوس صحفيين أمريكيين «جيمس فولى وستيفن ستولوف»، الأمر الذى استفز المجتمع الغربى ودفعه إلى الضغط على الحكومات لاتخاذ تدابير أكثر عنفا وتطرفا لمحاربتهم والقضاء عليهم مهما كان سيتكلف ذلك، وكانت كندا فى مقدمة هذه الدول.
لكنه استطرد مضيفا: أنه ليس بصدد القول إن التنظيم ليس خطيرا، فجميعنا نعرف طابعه وتعصبه، إلا أنه يتغذى على الضعف، لا سيما فى المناطق التى سيطر عليها، حيث تمكن من التعاون مع المحليين فيها، أو مناطق ما كانت القوات الكردية أو الشيعية لتحارب من أجلها.
إلا أنه أكد أن مكاسب التنظيم الإقليمية ليست تافهة، فهم يسيطرون على المناطق التى يجدونها ضعيفة أو الأماكن التى لن يقاتل من أجلها الشيعة أو القوات الكردية.
واختتم الخبير الاستراتيجى كلامه بأن «داعش» يعد إعلان تنظيمه المتطرف عن إقامة دولة «خلافة إسلامية» أهم منجزاته، والتى يفخر بها الجهاديون عبر العالم، إلا أنه سيكون من الصعب عليهم توسيع نفوذه أبعد مما فعل، نظرا لعدد أعدائه.
وفى النهاية، اعتبر وايت أن إنشاء برلمان عراقى، يمثل جميع الطوائف فى البلاد، قد يكون الحل الوحيد الفعال ضد داعش.
وبسبب تفسيره المتطرف لتعاليم الإسلام، وإيذائه للأقليات، يواجه داعش صراعا مع الشيعة، والذين يشكلون الأغلبية فى العراق، والسنة المعتدلين، ناهيك عن المسيحيين والإيزيديين، إلى جانب الأكراد المتمركزين فى شمال العراق.
كما أقصت سياسات التنظيم، الرافضة للتنازل تماما، الجهاديين الآخرين، وغير «داعش» تركيزه من قتال النظام السورى إلى الاستحواذ على أراض فى العراق، وعمق الخلافات بينه وبين «جبهة النصرة»، التابعة للقاعدة.
فيما يؤكد كلينتون واتس الجندى الأمريكى السابق والزميل فى مركز أبحاث السياسة الخارجية بفيلادلفيا أن «داعش» وصلت إلى المنتهى فى توسعاته، مشيرا إلى أنه لن يستطيع التمدد نحو المناطق الشيعية فى العراق فقد حاول التمدد سابقا نحو مناطق الأكراد وعندها بدأت الولايات المتحدة فى شن هجوم بالطائرات.
وحذر واتس من أنه إذا شعر داعش بالتهديد فقد يلجأ إلى هجوم آخر، خارج المسرح العراقى السورى، وهناك بالفعل دلائل على أن شيئا مثل هذا يمكن أن يحدث فقد قامت السلطات السعودية باعتقال 62 من المشتبه بهم يعتقد أنهم نواة خلية إرهابية متعلقة بـ«داعش».
واستبعد واتس أن يقوم من أسماهم بـ«معجبى داعش»، والذين يرجح أنهم لم يتواصلوا مع جماعة «البغدادى» مباشرة مطلقا، بتنفيذ أية عمليات إرهابية فى الغرب، على عكس المخاوف السائدة، إلا أنه عبر عن قلقه الكبير من احتمال عودة الأجانب الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابى فى العراق وسوريا إلى بلادهم الأصلية مرة أخرى ولديهم نية فى إثارة المتاعب، وهو الاحتمال الذى اضطر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى لاقتراح قانون يسمح للشرطة بالقبض على المواطنين البريطانيين المشتبه فى محاولتهم دعم «داعش».
وأشارت الشبكة إلى أنه بالرغم مما يتناقل فى الأنباء عن أن عدد عناصر داعش يصل إلى بضع عشرات الآلاف، إلا أن الخبير بخارى يرى أن هناك ما يتراوح بين 3 و4 آلاف جهادى فى صفوف داعش فحسب، لافتا إلى أن من المؤكد أن حجم داعش كجماعة صغير جدا، إلا أن التحالفات التى يصنعها هى ما تجعله يبدو أكبر.
فلدى داعش حلفاء بما يقارب 5 آلاف عضو من حزب «البعث»، الذى كان مواليا للرئيس العراقى الذى أعدمته الولايات المتحدة فى 2003، صدام حسين.
فالجماعتان متحدتان فى أهدافهما الرامية لإبعاد الشيعة عن الهيمنة على السياسة العراقية، وهو الأمر الذى تفاقم إبان رئاسة نورى المالكى للحكومة العراقية، حيث امتازت سياساته بإقصاء السنة.
إلا أن بخارى يرى أن البعثيين ليسوا ملتزمين أيديولوجيا، ومن الوارد أن يتخلوا عن داعش فى أية لحظة، إذا اتضح أن الحكومة الجديدة، بقيادة حيدر العبادى، أكثر شمولية.
فيما أشار محسن ميلانى خبير الأمن العالمى إلى أن الحرب متعددة الجبهات هى وضع غير ملائم لأى قوة احتلال، فقد اضطرت «داعش» لخوض معارك على جبهات متعددة ضد قوات الأسد فى سوريا، والجيش التركى قرب الحدود مع تركيا وسوريا والبشمركة الكردية فى شمال العراق والجيش العراقى والشيعة فى جميع أنحاء العراق إضافة إلى الغارات الجوية الامريكية.
وفى السياق نفسه، أعلن إدوارد سنودن موظف سابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكية إن الوكالة وبالتعاون مع نظيرتيها البريطانية والموساد الإسرائيلى وراء ظهور تنظيم «داعش».
وتعاونت أجهزة مخابرات ثلاث دول هى الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل لخلق تنظيم إرهابى قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم فى مكان واحد فى عملية يرمز لها بـ«عش الدبابير»، وفقا لموقع «ذى إنترسيبت» الإخبارى فى تسريبات نقلها عن سنودن.
وأظهرت وثائق مسربة من وكالة الأمن القومى أنها قامت بتنفيذ خطة بريطانية قديمة تعرف بـ«عش الدبابير» لحماية إسرائيل تقضى بإنشاء تنظيم شعاراته إسلامية يتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة التى ترفض أى فكر مغاير.
ووفقا لوثائق سنودن، فإن الحل الوحيد لحماية إسرائيل يكمن فى خلق عدو قريب من حدودها، لكن سلاحه موجه نحو الدول الإسلامية الرافضة لوجوده.
وأكدت التسريبات أن أبا بكر البغدادى خضع لدورة مكثفة استمرت لمدة عام كامل تم تدريبه عسكريا خلالها على أيدى عناصر فى الموساد بالإضافة إلى تلقيه دورات فى فن الخطابة ودروس فى علم اللاهوت.