الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسر شهداء ملحمة العبور يروون ذكرياتهم




تحقيق - هاجر كمال وداليا سمير ومصطفى عرفة وسارة الهوارى

مر «41» عامًا على حرب أكتوبر المجيدة التى صنع أمجادها أبطال شرفاء ليسجلوا فى التاريخ بحروف من نور عظمة مصر وأبنائها وليصنعوا انتصارها الذى أعاد لها الأرض المحتلة وفى سبيل ذلك ضحى الرجال بأنفسهم واستشهدوا من أجل تراب الوطن فى ملحمة العبور وأقل ما يقدم لهم تذكرهم وإلقاء الضوء على بطولاتهم ودعم وتكريم أسرهم وهو ما تحرص عليه القوات المسلحة كل عام وباعتبار أن أسر الشهداء زوجات وأبناء تحملوا نتيجة غيابهم ويعيشون على بطولاتهم وإحياء لذكراهم واحتفالاً بالمناسبة التقت «روزاليوسف» مع عدد من أسر الشهداء للحديث عنهم وعن أحوالهم بعد رحيل الأبطال الأحباء.


حيث أكدت الحاجة مريم طه حسين زوجة الشهيد أحمد حسنين رشوان أن زوجها كان لها الأب والأخ والزوج والابن والصديق وأنه استشهد فى 21 أكتوبر 73 حيث كانت وحدته العسكرية  على الجبهة فى السويس وأنها أنجبت منه طفلة وكان عمرها لا يتعدى العشرة أشهر عند استشهاده وروت مريم أن الرقيب أحمد كان يتمنى الشهادة حيث قال لها يومًا نفسى أنول الشهادة بقى فدا هذا الوطن النبيل فقلت له حرام عليك وأروح فين أنا وبنتى من بعدك فرد عليا بزعل شديد  قائلا: والله ما هنسيب بلدنا لليهود أبدا والله ما هنسيبها فاهمة ولو حتى كلنا استشهدنا فداء للوطن.
وتضيف أنه فى شهر سبتمبر كانت معاه فرقة عسكرية بيدربها فى المعادى وفجأة عاد البيت من وحدة التدريب يوم 1 أكتوبر وقال أنا راجع الوحدة بالجبهة جهزيلى شنطتى فسألته قالى دى أوامر وما تسأليش كتير وده شغل عادى وسافر الجبهة يوم 3 أكتوبر وكلمنى من هناك لما وصل وفجأة لقينا الاتصال انقطع نهائيًا من على الجبهة وما فيش أى حاجة توصلنا بيه.
ويوم 6 أكتوبر سمعنا فى الراديو أن جيشنا عبر القناة وهزم العدو هزيمة كبيرة ومع سماع ذلك الخبر عمت الفرحة على بيتنا ولكنها كان يصاحبها شىء من الخوف وانتظرنا دخوله علينا بعد الحرب ولكنه لم يعد إلينا فبدأنا أنا وإخواتى بالبحث عنه وحاولنا أن نسأل القوات المسلحة أو أى حد يدلنا عليه ولكنهم كانوا يقولون لنا انتظروا ما فيش أى أخبار إلى أن جاء إلينا مستشار عسكرى يوم 21 أكتوبر يحمل لنا برقية عزاء من القوات المسلحة وشهادة باستشهاد زوجى وقال لى إن القوات المسلحة تنعى ببالغ الحزن والأسى أسرة الشهيد أحمد رشوان وبعدها أرسل المشير أحمد إسماعيل مرسالا طلب منى الحضور للقوات المسلحة لاستلام درع الشهادة ولم يقتصر دور القوات المسلحة فى أنها صرفت لى المعاش فقط ولكنها وقفت بجانبى فى تعليم بنتى إلى أن تخرجت فى كلية الزراعة وعينتها القوات المسلحة بحى البساتين وأصبحت الآن مديرة حى البساتين والقوات المسلحة منحتها فرصة الحج السنة الماضية.
وأشارت مريم إلى أن جمعية المحاربين دائمًا فى ذكرى أكتوبر تكرمها هى وأحفادها حيث إنها تمتلك ثلاثة أحفاد.
وأنهت الحاجة مريم كلامها قائلة «كلنا فدا مصر كلنا مصر وفى أى وقت مصر هاتحتاجنا هاتلاقينا جنبها وقدامها زى ما زوجى كان بيقول».
وقالت الحاجة عبلة أحمد عاشور زوجة الشهيد محمد محمد عمر وكان ضابطا احتياطيا ومن شهداء حرب الاستنزاف أنه كان يتمنى من الله دائمًا الشهادة وكان يأمل دايمًا إن بلدنا تتحرر من الصهاينة واليهود اللى دخلوها وكانوا يريدون الاستيلاء عليها وأنها أنجبت منه ثلاثة أطفال وكانوا صغار السن لم يتعد سن الابنة الكبيرة العشر سنوات عند استشهاده.
وروت عبلة لـ«روزاليوسف» حكاية شهادة زوجها الضابط محمد محمد عمر قائلة: إن زوجها كان بطلا من الأبطال الذين استشهدوا ونالوا الشهادة وارتوت أرض الوطن بدمائهم حيث إن خبر الاستشهاد كان صدمة كبيرة لنا بالرغم من أنه كان أكبر خبر يمكن يفرحنا ولكن اكتملت فرحتنا بيوم النصر يوم أكتوبر حيث أننا انتظرنا كثيرا أن نتحرر من هذا البلاء الذى وقع على بلدنا وأننا لم نتأكد من خبر استشهاد زوجى حتى الآن حيث إننا سألنا عنه كثير وفى كل مرة يقولو لنا المسئولين لم نعلم عنه شيئا انتظروا وكانت نهايته أنه أصبح من الجندى المجهول ولم نتسلم له جثمانا حتى الآن وهذا لم يكن سيئا بل بالعكس خبر عظيم يوم ما أعرف أن زوجي استشهد وأصبح عند الله من الشهداء.
وأشارت عبلة إلى إنها كافحت من أجل أولادها بعد انقطاع جميع الأخبار عن زوجها وأنه قد استشهد بالفعل وأكملت الرحلة بالعمل بالبيع والشراء حتى لا يشعر أولادها بنقص أى شىء قامت بدور الأب والأم فى آن واحد وأولادها كانوا دائمًا يسألون عن والدهم كانت تقول لهم إنه بيجيب حق البلد وراجع علشان نعرف نعيش فى البلد دى من غير أى قيود ولا دخيل يتعبنا وبعد أن كبرت ابنتها الكبرى بدأت تمهد لها أن والدها استشهد وأصبح بطلا من أبطال مصر العظماء وكبر أولادها وتخرجوا في كليات القمة وأصبحوا يتفاخرون بأن والدهم كان من الشهداء الذين ضحوا من أجل هذا الوطن وأصبحوا يروون لأحفادهم عن جدهم الشهيد مثل ما أنا كنت بحكى لهم عنه.
وطالبت عبلة من الشباب الاهتمام بالبلد قائلة: أنا بقول للشباب المصرى حافظ على بلدك مصر دى أغلى بلد فى العالم وإن أعداءها كتير حافظ عليها بحبك وبدمك علشان هى ما تستهلش غير التضحية والمحافظة عليها علشان هى أمنا.
وقالت الحاجة فاطمة عبدالجبار عبدالدايم زوجة الشهيد صلاح محمد طاهر لـ«روزاليوسف»: أن الشهيد قضى فى خدمته 9 سنوات فقط وأنه كان زوجها الذى كانت تتخيل أنها لم تعرف العيش بعده وأنه كان لها السند فى هذه الحياة وأنجبت منه ابنتين كانتا طفلتين عند استشهاده وطلب منها ألا تتزوج من غيره بعد مماته علشان خاطر البنات.
وأوضحت فاطمة أن زوجها الشهيد كان لا يخلو له حوار من أنه يتمنى الشهادة دائمًا ويتمنى أن يذبح العدو ويقطعه تقطيع بيديه حتى يحرم يدخل سيدة البلاد مصر.
وأشارت فاطمة إلى أن زوجها كان على الجبهة ينتظر الأوامر بالحرب حتى يتمكنوا من تحرير البلاد وقهر العدو إلى أن جاءتهم الأوامر وكان من أشد الضباط فرحًا بهذا الخبر حيث إنه تأكد من أنهم سينتصروا ويرفعون شأن البلد مرة أخرى إلى أن جاء إلى صديقه يزف خبر استشهاده فعرفت وقتها أن الله سبحانه وتعالى استجاب لدعائه وأيقنت أننى سأقوم بدورين الأب والأم فى نفس الوقت وتعاملت مع بناتى أمل وعفاف بدور الأم فى الحنان والأب فى العطاء وربيتهما وسهرت معهما الليالى وأعلمتهم بأن أبايهم بطل من الأبطال اللى رفعوا شأن البلد ولم يرض بكسرها ولا كسر أبنائها وأنه كان يتمنى أن تفتخر به ابنته بين أحفاده بأن والدها كان البطل اللى شارك فى تحرير البلد من العدو الصهيونى واليهوى الجبان.
أما الحاجة «فاطمة احمد ابراهيم» أرمله الشهيد محمد صفوت، فتقول كان نفسه ان مصر تتحرر ونستلم ارضنا  والحياة تستقر وفى اخر زيارة كان رمضان قرب وكان قلبه حاسس وباين عليه ان فى حاجة هتحصل بس ماكنش فى حد يعرف ان الحرب هتقوم، وقبل مايسافر كان لنا جيران متخاصمين معاهم صالحنا وعملنا بنفسه الشاى وقعد واتكلم معانا لحد ما صالحنا.
وأول ما نزل علشان السفر نسى الساعة وكانت اول مرة يحددلى هيرجع امتى وكان ديما يقولى الجيش ملوش اجازة معينة سيبيها بظروفها ومشى واستنيت انه ييجى فى رمضان مجاش لحد ما الحرب قامت يوم 6 أكتوبر ووحدته كانت فى السويس وبقيت قلقانة جدا وناس كتير قالت إنه استشهد وهو لسة مفيش اخبار عنه ولحد ما جتلى اشارة انة استشهد ورحت وطلعت الاشارة غلط وكنت لسة حامل فى بنتى وكان قرايبى بيساعدونى اننا نعرف اى اخبار عنه  وكنت بروح الشئون المالية أسال على المرتب وقالولى طالما المرتب سارى وبتقبضيه يبقى لسة عايش وموجود ودورت فى السجلات العسكرية ، ولما زهقت كتبت جواب وسلمته باليد فى الهلال باسم جيهان السادات تفيدنى ومحدش برضو رد عليا.
وبقبض المرتب من رئاسة الجمهورية وفى وقت معين فجأة قطعوا المرتب وكانت بنتى لسة مولودة وقالولى تعالى بعد 15يوما لحد ما الجيش يرد علينا رحت قالوا لسة موجود وحى وفضلت أقبض المرتب لمدة سنة ورجعوا أخطرونى انى بقى ليا معاش وإن الرئاسة خلت موقفها، وبعتولى اعمل اعلان وراثة وكانت بنتى كبرت شوية.
ولما بقت تسأل على والدها أقول لها إنه فى الجيش وبييجى يسأل عليها وهى نايمة .
وكانت نفسها تشوفه وكنت بأخدها معايا وانا بقبض المعاش ولما كان حد يسألها بابا فين تقول فى الجيش حتى قال حد قدمها انه مات وجت سألتنى قلتلها لأ لسة عايش وموجود لحد ما دخلت المدرسة وراحت للناظر تشتكيله إن ماما بتكدب عليا وبتقولى بابا فى الجيش والناس بتقول إن بابا مات وبعتلى الناظر وقالىان ذكرى اكتوبر قربت وان المدرسة هتشرحلهم حاجات عن حرب أكتوبر وتمهدلهم يعنى إيه شهيد وهى هتشوف العرض فى التليفزيون عن الحرب ولما تيجى هى تسألك تعرفيها ان بابا بطل واستشهد علشان كان بيحرر البلد هو وزمايله اللى فى الجيش وان هو فى الجنة وهيدخلنا معاه لحد ما اتخرجت والجيش عينها وفى السنة اللى فاتت كانت بتقول للمدير «أحمد سعد» فى مستشفى قليوب الجديد، أنا عايزة إجازة علشان بابا شهيد وهيكرموا ماما قالها «بلا شهيد  بلا زفت» وانهارت وقعدت تعيط بالرغم أنها كبيرة بس صعبت عليها الكلمة ومعاملتهم معاها وحشة وقرفينها علشان هى بنت شهيد وعلشان بتنتمى للمؤسسة العسكرية.
والسنة دى لما الجيش بعتلنا صيفنا وقدمت إجازة راح لغى منها 3أيام وكسر مكتبها وهى بيكون معاها ورق معاشات وأوراق ناس، راحت عملت محضر فى القسم بس طلع ليه ضهر ولقت الموضوع متساوى فى القسم ومنعرفش حاجة عن المحضر وعمل فيها مذكرة أنها متغيبة وشاطب اسمها حتى من اليوم اللى هى كانت موجودة فيه وعملت المحضر ومرضيش يمضيلها الإجازة المرضى اللى قدمتها بعد كده.
ومن وقت ما السيسى نجح ووجه تحية للمرأة المصرية وقال يا بنتى ويا اختى والمعاملة اتغيرت وازدادت سوءاً عن الأول والاستهزاء زاد عن حده والمعاملة بانكار معايا أنا بس علشان بيتقالى ان انت جاسوسة للسيسى وانتى جاسوسة علينا ومش قادرين يفهموا يعنى ايه تكريم القوات المسلحة لأهالى الشهيد.
بينما زوجة الشهيد العريف «ادوارد سيف» تقول لما استشهد زوجى فى يوم 18 أكتوبر 1973 كنت لسه عروسة وكان مبقلناش سنة ونص مع بعض وكان ابنى عمره 9 شهور، أنا فوجئت واتصدمت جامد لانى كنت قلقانة على مستقبل ابنى وازاى هقدر أربيه بعد ما والده استشهد، لما سمعت الخبر لأنى كنت لسه صغيرة ومش مستوعبة ازاى الدنيا هتمشى فى المستقبل، بس الحمد لله هو سابلى أحلى هدية من ريحته، واللى بقى ونسى وكل دنيتى بعد استشهاد ادوارد، وهو ابني، وزى ما بيحصل مع كل الشهداء بعد ثلاثة شهور طلعلى المعاش بس برضو مكنش بيكفى كل المصاريف والالتزامات اليومية،  وأهلى كانوا بيساعدونى علشان ظروف الحياة، والدنيا مشيت تمام إلى أن حان الوقت ليعرف ابنى ان والده بطل شجاع ضحي بنفسه علشان هو واللى زيه يقدروا يعيشوا فى حرية وسلام بعيد عن أجواء الحرب والاستعمار اللى البلد كانت عايشها، كمان فى المرحلة الإعدادية ومكنش يعرف أى حاجة عن استشهاد والده وبالصدفة البوسطجى بينادى عليا «زوجة الشهيد ادوارد سيف» الولد صوعق أول ما سمع الخبر وانهار ولامنى انى معرفتوش ان والده شهيد بس طبعاً أنا كنت خايفة عليه لأنه كان صغير على انه يستوعب معنى الكلمة فى السن ده، بس الحمد لله استوعب وفهم معنى الكلمة ومشيت معاه لآخر المشوار لحد ما علمته وبقى فى كلية الهندسة فى جامعة القاهرة، ونحمد ربنا على عطاياه.
وأنا بتمنى من شباب مصر انه يحبوا البلد ويكون عندهم انتماء  ليها علشان نعرف نتقدم ونبقى أحسن وهم عماد البلد من غيرهم عمرنا ما هنتغير للاحسن، وربنا معاهم وينصرنا بالتقدم وربنا يخلى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلنا بنحبه ومقدرين مجهوده معنا علشان مصر تبقى أفضل حتى أحفادى بيحبوه وبيدعوله، ربنا يقويه علينا وعلى مصر.
وتقول ابنة الشهيد الرقيب «صادق حلمي» والذى سافر قبل الحرب بأسبوع ومرجعش تاني، وكان عمرى وقتها شهرين وبعد كده عرفنا أن هو استشهد، ولما كبرت والدتى فهمتنى يعنى ايه شهيد وان بابا عايش فى مكان أحلى عند ربنا، وطبعاً لأنى مليش اخوات كنت ببقى حزينة لأن مفيش حد يفهمنى أو يتكلم معايا عن الاستشهاد، ولما دخلت المدرسة كنت حزينة لأنى كنت بتمنى ان بابا يكون معايا زى باقى صحابى وفى نفس الوقت كنت فخورة ان والدى شهيد وراح فدى البلد وكنت بتفرج على الأفلام اللى كانت بتعرض حرب أكتوبر وتفاصيلها وكنت ببقى سعيدة ان والدى من ضمن الناس اللى شاركت فى تحرير مصر، علشان نعيش احنا النهاردة فى أمان واستقرار.
وأنا دلوقتى معايا ابنى مصطفى بحاول انى أفهمه يعنى ايه انتماء لمصر وازاى نحب البلد ونترجم الحب لأفعال وتصرفات تخلينا فخورين ببلدنا، ونفسى اطوعه فى الجيش مع انى مش معايا غيره بس عايزاه يبقى راجل يحمى بلده، وببقى مستاءة جداً لما اشوف الشباب بيحاربوا بعض وبيختلفوا على أسباب صغيرة ونفسى يرجعوا بالتاريخ ويقرأوا علشان يعرفوا ان الحرب بتبقى مع العدو مش مع أهل بلدي، وان لو احنا متحدناش عمرنا ما هنتقدم ولا هنوصل للمكانة اللى بنتمنى ان مصر توصلها.
أما الشهيد غريب عبد الفتاح ابن مدينة الواسطى ببنى سويف أحد أبطال الصاعقة الذين تحدث العالم عن بطولته الخارقة فى حرب أكتوبر المجيدة، وكتبت عنه دوائر المعارف العسكرية وسجلات الحرب بحروف من نور.
أكدت أسرته أنه أقسم أمام والده قبل استشهاده أن يكون أول من يحرر أرض سيناء من دنس الصهاينة.
ولد غريب عبد التواب عبد الفتاح فى الرابع من أغسطس عام 1948، وتخرج فى الكلية الحربية عام 68 وتدرج فى سلاح الصاعقة حتى رتبة النقيب، كما يقول شقيقه اللواء أحمد عبد التواب كاشفاً أنه طلب الانضمام لمجموعات الصاعقة المقاتلة أثناء حرب الاستنزاف وجاهد نفسه فى معرفة الدروس المستفادة من نكسة يونيو، وكان دائم الإصرار فى مطالبة قيادته بالثأر من الصهاينة ومسح عار الهزيمة حتى تولى قيادة سرية صاعقة ضمن كتائب الجيش الثالث وقبل المعركة بأسابيع قليلة صدرت أوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة بأنه حال تواجد أخوين فى الجيش فلابد من نزول أحدهما واستبعاد الآخر، وطلبت من غريب النزول لأنه شاب صغير فقال بإصرار لن أنزل وسأحارب وأتمنى أن استشهد وصمم على البقاء مما جعلنى أصمم أنا الآخر على البقاء، وللمصادفة كانت سرية غريب أول سراى الجيش الثالث  التى صدرت لها التعليمات بالعبور، وكان غريب قائد السرية المكلفة بتدمير قوات العدو المواجهة للواء الخامس مشاة ومعاونته فى العبور، وفى الثانية والنصف ظهر السادس من أكتوبر عبر غريب وقواته القناة وبدأ التعامل الفورى مع لواء مدرع إسرائيلى وكانت المواجهة صادمة وعنيفة وقاتل غريب وجنوده باصرار وعناد أذهل الأعداء بعد أن تمكنوا من تحطيم 10 دبابات، وقد سجلت لجنة التحقيق الإسرائيلية هذه الواقعة، وعندما نفدت الذخيرة ولم تتبقى سوى قنبلة واحدة بحوزة الصول شنودة أحد أفراد الكتيبة فاجأهم رتل دبابات إسرائيلى فأطلق شنودة القنبلة ففجرت إحدى الدبابات فأطلق الأعداء دانة دبابة فأصابوه فاندفع غريب يحمله على كتفه والدماء تنزف من جميع أجزاء جسمه،إلا أن الصهاينة أطلقوا النيران بكثافة فاستشهدا فى الحال وهما يحتضنان بعضهما وامتزجت دماؤهما معاً.
ويتذكر شقيقه يوم استشهاد غريب قائلاً «كنت أصلى العصر مع زملائى أعلى تبة غرفة العمليات فى ميدان القتال وأثناء الصلاة أحسست برعشة ورجفة شديدة وبعد انتهاء الصلاة صرخت: أخى غريب استشهد وأنا حاسس كده وبالفعل بعد ثلاثة أيام تأكد لى استشهاده.
ويتذكر اللواء أحمد واقعة غريبة فقد روى أحد أقاربنا أنه رأى فى المنام عمنا (زكى أحمد عبد التواب)  يخاطب غريب ويقول له «يا ابنى يا غريب ما تسيبك من الدنيا دى وهات شنطتك وتعالى عندي».
والأشد غرابة من ذلك أنه أوصى صديقه ورفيق سلاحه محمود منصور بوصية حيث قال له يا محمود إذا أنا استشهدت فأوصيك بالزواج من خطيبتى وابنة خالتي، وبالفعل بعد استشهاده قصد محمود خالة الشهيد وقال لها وصية غريب، وقد منح غريب نجمة سيناء واطلق اسمه على مدرسة الواسطى الثانوية.
وأيضاً الشهيد عميد نور الدين عبد العزيز ابن مدينة بنى سويف قدم مثالاً وطنياً رائعاً للثأر والانتقام لهزيمة 5 يونيو المشئومة، والتى ردت اعتبارها حرب أكتوبر المجيدة، حيث كان يقود لواء مدرعاً فى حرب يونيو، وصدرت إليه الأوامر بالتوجه إلى ممر متلا بوسط سيناء للضغط على قوات العدو وتخفيف هجومها على القوات المصرية فأبلى بلاء أذهل الصديق قبل العدو وأوقف تقدم القوات الإسرائيلية وأجبرها على التراجع إلا أن قرار الانسحاب المتخبط غير المدروس أتاح الفرصة لهم للتقدم حتى شواطئ القناة، وأكدت لجنة التحقيق الإسرائيلية أنه لولا انسحاب اللواء المصرى ما تمكنت القوات من الاستيلاء على ممر متلا الاستراتيجى بأى حال من الأحوال.
من يومها أقسم البطل الشهيد على العودة إلى الممر فى رحلة الثأر وعودة الاعتبار العسكرى والوطني.
وفى السادس من أكتوبر جاءته الفرصة وتأتى الأوامر بالعبور نحو الشرق وينطلق البطل بلوائه المدرع يوم 14 أكتوبر (تطوير الهجوم) وهو يوم الدموع والجحيم والصدمة القاتلة للقوات الإسرائيلية، حيث دارت أعنف وأشرس معارك الدبابات فى التاريخ وتقدم اللواء مدرع المصرى 14 كيلو متراً فى عمق سيناء متجهاً نحو ممر متلا الموعود ودمر فى طريقه كل قوات العدو ودخل فى جولتين أسطوريتين، كما تذكر مذكرات المشير محمد عبد الغنى الجمسى وزير الدفاع السابق دمرت ألوية مدرعة من بينها دبابة قائد سلاح المدرعات الإسرائيلى عساف ياجورى وتم أسره ذليلاً. وعلى الفور دعت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل ووزير الدفاع موشى ديان ومعه شامير ورابين ومردخاى وايلى عزرا رجل الموساد الشهير لإعداد خطة عاجلة للقضاء على قائد المدرعات المصرى العنيد، والذى أطلعوا عليه المرعب، بعد أن رصدت وقائع بطولته الخارقة وشجاعته التى ليس لها حدود لا يتصورها عقل وتأثيره على الروح المعنوية لضباط وجنود جيش الدفاع الذى لا يقهر.
وتم تكليف الموساد وإحدى وحدات العمليات الخاصة فى الجيش الإسرائيلى برصد دبابة القائد الشجاع نور الدين عبد العزيز، وفرضت حصاراً محكماً حولها لفصلها عن بقية المدرعات ثم قامت بإلقاء مئات القذائف الصاروخية تجاهها حتى حولتها مع جسد الشهيد إلى كتلة منصهرة من الحديد والنار والدم.
وعرفت القيادة السياسية قدره فى تاريخ العسكرية المصرية فمنحته رتبة اللواء ووسام الشرف العسكرى ونوط التدريب من الطبقة الأولى كما أطلقت بنى سويف اسمه على مدرسة بنى سويف الثانوية أقدم وأعرق مدرسة ثانوية فى الصعيد والشهيد أحمد عبد الله محمود ابن قرية اهوة عريف صاعقة ضرب أكبر مثل فى حب الوطن والتضحية والجود بالنفس بعد أن ضحى بحياته وفجر نفسه ليحقق أكبر خسائر الجيش الإسرائيلى ففى يوم السادس من أكتوبر تم استدعاؤه ضمن أفراد الفرقة 72 مشاة ميكانيكي، والتى كانت تتدرب فى سرية تامة بصحراء مرسى مطروح وصدرت لهم الأوامر بضرورة وقف امدادات العدو فى يوم التاسع من أكتوبر فى ممرات متلا وكانت الكتيبة أمامها خيار واحد هو الاستشهاد أو الاستسلام وقرر هو وزملاؤه الجود بآخر قطرة دم فى سبيل الوطن وقام أعضاء الكتيبة البالغ عددهم 95 بطلاً بارتداء الأحزمة الناسفة والهجوم على العدو، والذى جعله يفقد أكبر قدر من الخسائر وفجر نفسه فى وسط المعسكر وقضى على مستودع الذخيرة مما أفقد العدو توازنه واستشهد بعد أن تحدث الركبان ببطولاته، وكان آخر ما وصل إلى أهله ساعته ويروى جمال عبد الله شقيق الشهيد أنه كان طفلاً صغيراً عندما استشهد وظلت أمه تبكى وتتذكره حتى توفيت عام 2004 وقررت الدولة منحه نجمة سيناء تكريماً لملحمة استشهاده.
وحصلت روزاليوسف على حصر بأسماء مصابى وشهداء حرب السادس من أكتوبر عام 1973 بمدينة إسنا جنوب الأقصر. وقد حملت القائمة 50 شهيداً و17 مصاباً.
حيث جاء شهداء الحرب بإسنا، كالتالي: محمد نور علي، من نجع الشيخ فضيل، عبد الستار محمد محمود خليل، من إسنا السويقة، جاد أمين عبد الدايم، من قرية المساوية، أحمد محمد عمار، من المساوية، محمد محمود خليل، من بندر إسنا، مزال عبد العاطى جاد الكريم، من منطقة ترعة أصفون.
مجلع حزين سفين، من قرية الدير وهبة صليب قديس، من شارع البحر، نسيم عبيد غالي، من عزبة صالح، نصيف سوريال إبراهيم، من شارع الخضري، عبدالهادى عبد العال إسماعيل، من الدير، هاشم سيد أحمد الخليلي، من قرية الدير، محمود حسن سيد، من الدير، فرج قديس أبو سيف، من قرية الكيمان.وويصا جيوش، من عزبة الطيب.
بالإضافة إلي: عز الدين حامد حسين، من الخضري، كامل إبراهيم عبد الجليل من إسنا الكيمان، عبد المجيد محمد الجيلاني، من وابورات المطاعنة، حسن عبد الفتاح عبد الله، من أصفون، عبد الصبور أحمد على قنديل، من الزنيقة، أحمد محمد الصغير عسيري، من أصفون، الأمير السيد أحمد سرور، عبد الصبور أحمد محمد أبو عجيل، من وابورات المطاعنة، محمد الشاكر محمد رمضان، من أصفون، ومصطفى محمد عبد ربه من أصفون فضلاً عن: محمد صابر عبد الوهاب، من النجوع بحري، أحمد سيد الحي، من قرية الحلة، محمد على مصطفى محمود: من قرية الحلة، حسين عمران الطحان، من زرنيخ، عبد الجليل عبد الحليم مكاوي، من زرنيخ، جابر محمد إبراهيم، من قرية الكلابية، محمود محمد طه، من الحليلة، صلاح الدين نوبى أبو الوفا أحمد، من قرية المعلا، وحامد إبراهيم حسن،من قرية الدبابية.
يذكر أن محافظة الأقصر بجميع أنحاء مراكز وقرى المحافظة تحتفل بالذكرى الواحدة والأربعين لحرب 6 أكتوبر، بعد أن قدمت الأقصر خلال الحرب 160 شهيداً و52 مصاباً.
حيث قدم مركز ومدينة إسنا 50 شهيداً و17 مصاباً، وقدم مركز ومدينة أرمنت 36 شهيداً و9 مصابين، وعدد شهداء مركز ومدينة الطود و25 شهيداً و9مصابين، وقدم مركز ومدينة الأقصر 19شهيداً و6 مصابين، ومركز ومدينة القرنة قدم 14 شهيداً و5 مصابين، ومركز ومدينة البياضية 11 شهيداًو6 مصابين، وقدم مركز ومدينة الزيتية 5 شهداء.