الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أبطال النصر يتذكرون الأيام المجيدة




كتب - رانيا رضا وأسامة فؤاد وسيد الشورى وداليا سمير وأسماء مرعى

سيقف التاريخ العسكرى كثيراً أمام حرب أكتوبر وسيروى كيف حول رجال مصر البواسل مرارة الهزيمة إلى حلاوة النصر.. تلك الحرب التى أثبتت للعالم كله معدن الجندى المصرى وأن ما حدث فى نكسة «67» لم يكن مقياساً لقدرة الجيش العظيم.
فبعد هزيمة يونيو كان من المفترض أن تنهار الروح المعنوية لكن رجال القوات المسلحة رفضوا الاستسلام واستعادوا المبادرة وامتلكوا زمام الأمور واستعدوا ليوم النصر بالتدريبات الجادة والعزيمة الجبارة التى لا تلين لم يخافوا مواجهة الموت بل تصدوا له وصنعوا الأمجاد وأعادوا لمصر حقها ورفعوا رايتها هؤلاء الأبطال لن ننسى ما قدموه وستذكر الأجيال واحد بعد الآخر ما حققوه من أجلهم وأجل أبنائهم ووطنهم.. واحتفالاً بالمناسبة ورداً لجزء بسيط من الجميل التقت روزاليوسف مع عدد من أبطال أكتوبر ليتذكروا معاً أيام النصر العظيم.


ففى لقاء مع أحد رجال الصاعقة المصرية الذى قال عنه الإسرائيليون إن الهلع والخوف الذي أصاب جنودنا يؤكد أننا نواجه شبحاً كما اتهموه أيضاً بأنه من تسبب بإصابة جنودهم بالتبول اللا إرادى انه الشبح المقاتل اللواء معتز الشرقاوى أحد رجال الكتيبة «43» صاعقة.
وقال الشرقاوى إن نصر أكتوبر العظيم هو نتاج جهد مشترك بين كل أفراد القوات المسلحة وأثبتت أن نكسة يونيو كانت مجرد خسارة جولة وليست خسارة معركة وكنا بفضل الله واثقين من النصر فبعد النكسة مباشرة قامت القوات المسلحة بإعادة ترتيب الأوراق والاستعداد والتجهيز لمعركة الثأر واستعادة الكرامة.
وعن معركة «رأس العش» التي خاضها رجال الصاعقة قال: «وقعت المعركة بعد حوالى ثلاثة أسابيع من نكسة يونيو وقد كنت ضابطاً بالكتيبة 43 صاعقة التى كانت تمثل «بعبع» للإسرائيليين وقمنا بالتصدى لمجموعات إسرائيلية حاولت احتلال مدينة بورفؤاد وابدنا المجموعة بالكامل وأضاف لقد شاركت بعد نكسة يونيو وخلال حرب الاستنزاف فى العديد من العمليات الإيجابية ضد العدو ففى يوم 10 يوليو 1969 قمنا بعملية إغارة على لسان «بورتوفيق» وكان ظهراً ووفقنى الله فى أن اقوم بأسر أول أسير إسرائيلى وأعود به فى وضح النهار كما قمت بتدمير حوالى 5 دبابات للعدو.
وأشار إلى أن الكتيبة «43» صاعقة قامت بالعديد من العمليات القتالية الناجحة والمؤثرة خلال حرب الاستنزاف بقيادة الرائد أحمد شوقى والمقدم أحمد صالح فضل فبعد قيام قوات الاحتلال الإسرائيلى باغتيال اللواء الشهيد عبد المنعم رياض أثناء زيارته للجبهة قامت الكتيبة «43» بعملية اغارة خلف خطوط العدو رداً على استشهاده، ففى تمام الواحدة ظهراً عبرت المجموعة المكلفة قناة السويس واشتبكت مع العدو وكبدته خسائر كبيرة كما قمت بأسر الجنرال الإسرائيلى «جافتش».
وأكد الشرقاوى أن تلك العمليات اثبتت شيئاً واحداً أن الجندى الإسرائيلى مجرد صورة من الخارج وأنه من أجبن الجنود فهو لا يتكلم إلا من وراء ساتر وعندما تصل إليه تجد أمامك فأراً مذعوراً.
وعن حرب أكتوبر قال لقد شاركت مع كتيبتى فى الهجوم على لسان بورتوفيق لكن الوضع كان مغايراً عما كان فى المرة الأولى فطبيعة الموقع تغيرت فى المرة الأولى كانت الملاجئ عبارة عن عربات سكة حديد مدفونة فى الرمال «قبل إنشاء خط بارليف» ويوضع عليها شكائر رملية ولكن بعد ذلك تحولت إلى نقطة اكتفاء ذاتى تبعد عن قيادتها بحوالى 8كيلو مترات وكانت مجهزة ضد القنابل الذرية التكتيكية بالإضافة إلى وجود 6 دبابات من طراز «بانتون mg5«وسرية هاونات وسرية رشاشات ثقيلة وسريتين رشاشات خفيفة وأكثر من 100 جندى مظلى وهم من أقوى أفراد القوات الإسرائيلية تدريباً. ولقد كلفنا ببدء العملية فى تمام الرابعة من يوم السادس من أكتوبر أى بعد ساعتين من بدء الحرب وكان الأمر غريباً لأن الأساس فى عملياتنا القتالية هو عنصر المفاجأة لكن عقيدة رجال القوات المسلحة التى تعتمد على مبدأ «يااتعملها يا مترجعش» منحتنا القوة على أداء المهمة.
وبدأنا بعبور القناة سرية وراء سرية فقامت دبابات العدو بفتح نيرانها على القوات لكن بفضل وعزيمة الرجال استطعنا احتلال أقصى جنوب وشمال النقطة وبالتالى منعنا جنود الاحتلال من الهروب وتبقى فى الموقع حوالى 6 دبابات وحوالى 40 جندياً إسرائيلياً وبعد حصار النقطة قام الإسرائيليون بالاستغاثة من قادتهم قائلين «المصريين بيعدوا مهما ضربنا عليهم دول لو مسكونا هيكلونا» فما كان من قادتهم رلا أن قالوا «لو عايزين تستسلموا قولو لنا عشان نأمنكم وبعد 6 أيام من الحصار جاء رجال الصليب الأحمر ليؤمنوا خروج الجنود الإسرائيليين وكان عددهم 37 أسيراً من بينهم 7 ضباط وطبيب وكان استسلامهم مهيناً حيث قام قائدهم بإنزال العلم الإسرائيلى وطيه ووضع اسلحتهم عليه وتسليمها للقائد المصرى ثم أخذ علم مصر ورفعه وأدى التحية العسكرية للعلم فى مشهد مهين واستمر حصار النقطة بعد ذلك.
وأضافت أن الكتيبة «43» صاعقة لعبت دوراً خطيراً بعد موقعة الثغرة حيث قامت القوات الإسرائيلية بمحاولة لتطويق الجيش الثالث الميدانى من الخلف لكن رجال الكتيبة تصدوا لهم بقيادة النقيب حمدى الشوربجى والنقيب طلبة حيث قامت الكتيبة بتدمير أول دبابتين فى الهجوم وكبدناهم خسائر كبيرة.
وخلال أيام الحرب قمنا بعمل العديد من التشكيلات القتالية للإغارة على قوات العدو فى أطراف السويس بمشاركة رجال المقاومة الشعبية ومنهم البطل عبد المنعم القناوى.
أما اللواء حاتم عبد اللطيف أمين 66سنة خريج الدفعة 58 حربية، أحد أبطال حرب الاستنزاف وأكتوبر بسلاح المشاة، يقول: إن أكتوبر 1973 لن ينسى أبدا لدى المصريين عامة والقوات المسلحة، خاصة أن ما تقوم به القوات المسلحة فى هذه المرحلة لا يقل عن أكتوبر شيئا.
وأرجع بذاكرته إلى الخلف ويقول إنه كان برتبة نقيب أثناء حرب أكتوبر وكان قائد المجموعة الرابعة إحدى مجموعات الاقتحام للكتيبة 17 مشاة المكلفة بمهاجمة النقاط القوية بتل السلام وقمم البحيرات المرة، وقمنا بالاستيلاء على النقاط الشمالية فى صباح يوم 8 أكتوبر.
مشيرا إلى أن ساعة الصفر كانت مفاجأة لنا أكبر من اليهود، الضباط علموا بموعد الحرب يوم 6 أكتوبر الساعة العاشرة صباحا والعساكر الساعة 12، وكنا نظن أنها إحدى المناورات التى كنا نقوم بها وننزل إجازة التى كانت كل شهر أو شهرين، وكانت التدريبات قاسية للغاية جدا، مشاريع الحرب كثيرة حتى أننا وجدنا أن حرب 1973 هو نموذج لتلك المشاريع باستثناء المواقف الطارئة مثل الهجوم من ناحية وأن الروح المعنوية الكبرى لدى الجميع كانت لها دور كبير، خاصة أن الجميع كان أسرة واحدة العسكرى والضباط والمسلم والمسيحى، لم يكن هناك فرق أو التفكير فى تلك الصغائر، وكانت المجموعة التى أقودها تتكون من 58 عسكرى منهم المسلم والمسيحى وأذكر موقف يؤكد لنا أن جميع المصريين كلهم واحد عند الدفاع عن مصر، فكان بالمجموعة الشاويش نصحى ميخائيل طلب منى عندما جمعت العساكر لأخبرهم بالحرب وقراءة الفاتحة أن أقرأ الفاتحة بصوت مرتفع، فقلت له «ليه» فرد علىّ: «يا افندم لكى أقرأها معكم»، وقد قرأ الفاتحة وبدأت الحرب، وفى مساء 6 أكتوبر أجد أصبعه مرفوعا ووجهه أبيض للغاية وهو شهيد، فقد نال الشهادة هذه هى الروح التى كانت ومازالت بين أبناء القوات المسلحة التى تحمى وتضحى ولاتخون.
كما أتذكر عندما كنا نستعد لركوب القوارب، وجدت شابا بجلباب وسط الجنود يركب القارب فتوجهت إليه مسرعا، فألح على أن يركب معنا وقال إنه من العزبة التى تحكرنا منها وأنه يريد أن ينال الشهادة، فقمت بإجباره على العودة، فهؤلاء هم المصريون، وكانت لمقولة المشير عامرا أثرا كبير علينا: «العرق فى التدريب.. يوفر الدم فى الحرب»، وكانت لى مقولة: «إن التفكير الصحيح يوفر الاثنين معا العرق والدم».
وأضاف: إن العقيدة الروسية فى الحرب اهجم للأمام، أما نحن المصريين يكون القائد قبل العساكر واستشهد من المجموعات الهجومية خلال اليومين الأوليين 17 وإصابة 8 من أكثر من ألف عسكرى وضابط، والدفاع الجوى كان له دور كبير فى هذه المعركة وجميع الأسلحة بالجيش كان لها دور رائع، لكن البطل فى 1973 هى الأم المصرية التى فقدت زوجها وابنها وما زالت حتى الآن تقدم لحماية مصرنا الحبيبة.
وفى يوم 8 أكتوبر فوجئنا بهجمة مضادة من العدو وبدأنا نهاجمه العصر وفشلنا حتى الفجر، إلى أن تمكنا فى ظهر يوم 9 أكتوبر، لكن فوجئنا بهجوم من لواء مظلات للعدو ويسمى معركة المزرعة الصينية وتصدت له الكتيبة 16 بقيادة المقدم محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع الأسبق ونجحنا فى قهره وقتل منهم 70 فردا من تلك القوات الخاصة المحترفة، وإصابة 140 آخرين منهم بشهادة إسرائيلية واستمرت تلك المعكركة ما يقرب من 7 ساعات.
وأضاف: إن السلاح المصرى الذى فوجئت به إسرائيل فى 1973 هو المحارب المصرى الذى تلقى تدريبا كبيرا وأصبح مقاتلا من الدرجة الأولى عالميا، وهناك كثير من تلك النماذج إبراهيم السيد عبد العال من طلخا، صائد الدبابات، حطم 18 دبابة وسيارتين مدرعتين، والشاويش شحتة الهابط من الشرقية، دمر عددا كبيرا من الدبابات والمدرعات، وكنت أعطيه سيجارة واحدة على كل دبابة أو مدرعة، ومحمد سعد الدين الملقب من بلقاس قام بقطر سيارة كبيرة بها ربع طن ألغام بمفرده، وأيضا السيد القمصان كان يحمل مدفع بى 10 مدفع مضاد للطائرات يزن نحو 86 كيلوجراما بخلاف الشدة والذخيرة على ظهره، ولا يقل عنهم توفيق عبد الغفار بعد الثغرة قعدنا 4 أيام دون طعام وكان يلح علىّ فى استعجال إمدادنا بالذخيرة ولم يطلب الطعام، والنقيب حسن فؤاد زويد من منيا القمح بالشرقية استشهد يوم عقد قرانه، فكان متفقا مع العروسة أنه سيكتبه يوم 7 أكتوبر واستشهد فى ذات اليوم، وكذلك نعيم المتولى الحسينى ما زال على قيد الحياة وبجسده 34 طلقة، كل هؤلاء وغيرهم كانوا يتسابقون على الشهادة من أجل مصر، وإسرائيل لا تستخدم جنودها فى التعامل مع الدبابات بعكس الجنود المصريين الذين كانوا يهاجمون الدبابات ويحطموتها.
وأكد أنه رغم كبر سنه إلا أنه لو طلب منه ارتداء البدلة العسكرية للدفاع عن حبة رمل واحدة سيذهب ولا يتأخر لحظة واحدة فقيمة البلد مصر تجدها عند الغلابة والمجند والضابط والمهندس والمدرس والقوات المسلحة لأن كل هؤلاء من حاربوا من أجلها، فكلهم طوائف الشعب، يؤمنون بالوطنية وليس المتأسلمين أو من يحتمى بالأمريكان واليهود والاتحاد الأوروبى، فمصر ستظل مصر وليست تابعة لتركيا أو غيرها أو دويلات إلا عندما يستشهد جميع أبنائها وهذا لن يكون، فمصر ليست عزبة لرئيس أو ملكا له ولو ظل هذا النظام السابق فى الحكم وتعرضت مصر لأى مكروه كنت سأفجر نفسى فيه.
وأكد أن الرئيس السيسى نشأ فى المدرسة العسكرية، وكان يقضى وقت فراغه فى المسجد ومعظم أبناء القوات المسلحة لديهم نزعة دينية أكثر من أى شخص آخر لأنه يرى الموت أمامه كل لحظة، وهذه النزعة تزيده الانتماء للوطن.
ويقول محمد إبراهيم عبد العال والملقب بصائد الدبابات بعد تدميره 18 دبابة ومدرعتين خلال حرب أكتوبر، ويحمل رتبة رقيب حكمدار طاقم الصواريخ بالكتيبة 35 فهد (مالوتيكا) بإن الجنود المصريين كانوا يرون الجندى الإسرائيلى على أنه جندى سوبر ويحمل جميع الإمكانيات المتقدمة وأنه أسطورة، وكان الرعب يملأ قلوبنا عندما يقوم الطيران الإسرائيلى بالتحليق فوق رءوسنا ويصل إلى القاهرة، وكان عندنا شك فى أن مصر سوف تخوض حربًا ضد إسرائيل والسادات لن يحارب، فالفرق شاسع فى التجهيزات والإمكانيات والأسلحة المتطورة لصالح العدو وتم عمل مشروع حرب فى سنة 1972 بعد قيام السادات باستبعاد الروس من تدريبنا وتم عمل اجتماع لنا بجميع القادة من المشير أبو غزالة والفريق أول صادق واللواء الماحى وقائد المدفعية والجيش الثانى، وأكدوا لنا أنه لا يوجد سلاح جديد وأن أى جندى يصيب دبابتين سيحصل على النجمة العسكرية وشقة فى القاهرة وسيتم عمل تمثال له فى ميدان رمسيس، وفى هذه اللحظة رد زميلى محمد عبد العاطى وقال: «طيب لو أصبنا أربعة»، قال: «والله سوف أنفذ وعدى» لأننا كنا سلاحا سريا للغاية يمتلك أسلحة تضم صاروخا روسيا طوله نحو 86 سم ووزنه 10.5 كليوجرام وطول المسافة المؤثرة من 300 متر إلى 3000 متر وكان يسفر عن 6000 درجة حرارة مئوية بعد الانفجار وكان يخترق أى هدف بسُمك 40 ملم، وكان سُمك أحسن دبابة من 15 إلى 18 ملم ويعمل انفجار 100 ضغط جوى ويحدث إضاءة عقب الضرب 19 ألف شمعة، وكان ثمن الصاروخ نحو 10 آلاف جنيه والدبابة نصف مليون جنيه، وكان بكل دبابة من 4 إلى 5 أفراد، وتم نقلنا إلى القناة قبل الحرب بأسبوع واستكمل حديثه، وقال: لم نعلم بميعاد الحرب إلا الساعة الواحدة ونصف ظهرا، بعدما فتح قائد الكتيبة ظرفا مكتوبا عليه «سرى للغاية» وبعد ذلك شاهدنا 220 طيارة مصرية تطير فوق رءوسنا فى اتجاه سيناء، شعرت فى هذه اللحظة أننا دخلنا الحرب وسوف ننتصر بإذن الله وفى الساعة 2 وربع، بدأت المدفعية تدك سيناء كان نحو 2000 مدفع يطلقون النار على سيناء وأسقطت أول دبابة فى يوم 7 أكتوبر وكان يوم 9 أكتوبر هو اليوم التاريخى فى حياتى بالجيش، حيث أصبت 6 دبابات إسرائيلية فى خلال نصف ساعة وكنا نشعر بأن الله سبحانه وتعالى يقف معنا لأن بالعقل والإمكانيات المتاحة لا نستطيع أن نحقق انتصارا على العدو، فكنت حريصا على قراءة جريدة الأهرام وعمود «بصراحة» لهيكل وكانت تقديراته أننا سنفقد 25٪ من القوات لو قمنا بمحاولة العبور، وأكد إبراهيم أنه لولا تدخل أمريكا ومساعدته لإسرائيل وإمدادها بالذخائر والمعدات، لكنا دخلنا تل أبيب، مشيرا إلى ما كانت تقوم به جماعة الإخوان كان جريمة وأنهم أثبتوا أنهم فشلة فى الحكم، وأنه يعشق عبد الناصر والسادات وأن السادات قام باتخاذ 3 قرارات لم يتخذها غيره، قرار الحرب وقرار كامب ديفيد وقرار وقف إطلاق النار.
ويقول اللواء مصطفى رضا عبد المنعم بالفرقة الرابعة مدرعة واللواء 6 مشاة إن يوم الثلاثاء 12 أغسطس 1973 اجتمع مجلس الحرب وحضر من سوريا اللواء مصطفى طلاس واللواء أحمد إسماعيل واللواء سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان وحسنى مبارك رئيس الأركان الجوية وبعده قابل هنرى كيسنجر مستشار الأمن الأمريكى مستشار السادات، وقال له «لو دخلت حربا سوف تفقد 40٪ من جنودك»، وكنا نشعر بأننا لن نهزم إسرائيل ولكن ما حدث هى القدرة الإلهية وأكبر دليل على ذلك بأنه كان معنا مجند نقول عليه «عبيط وأهطل شوية» خرج علينا فى لحظة وقال إن الطيران الإسرائيلى سوف يأتى من الناحية الشمالية ولم نعير الأمر اهتماما، وبعد 8 دقائق وجدنا بالفعل الطيران الإسرائيلى يأتى من الاتجاه الذى أشار إليه هذا المجند وأخذته وعرضت الأمر على القائد وتم وضع هذا المجند على برج مراقبة، وكان يقول إن الطيران الإسرائيلى قادم من اتجاه معين وبالفعل يحدث وكنا نصوب أسلحتنا فى الاتجاه المشار إليه، وبالفعل حققنا مكاسب كبيرة وأسقطنا عددا من الطائرات الإسرائيلية وهذا ما أكد لنا أن هذه الحرب قدرات إلهية، واستشهد هذا المجند بعد ذلك سنة 1974.
مشيرا إلى أننا أحسن وأعظم جيل ولكننا كنا أفشل جيل حققنا الصعاب، والشباب صححوا الأوضاع بالجرأة والشجاعة.
وفى يوم 6 أكتوبر 1973 قامت 220 طائرة بالهجوم على إسرائيل وكانت النتيجة عبور 80 ألف مقاتل مصرى خلال 6 ساعات.
وأضاف: إنه لن ينسى عندما قاموا بإسقاط طائرة هيلوكوبتر كانت تحلق علينا بعد قرار وقف إطلاق النار.
بينما الرائد فنى طيران محمد محمد مجاهد قال إنه كان فى سرب طيران طائرات الليوشن 28 قاذفة وأنه بعد نكسة 1967 قامت القوات الجوية بعمل تدريبات شاقة وتجهيزات جدية لجميع الطيارين والطائرات، ودخلنا بعد ذلك فى حرب الاستنزاف 68 وقامت الطائرات المصرية بضرب قوات الاحتلال فى رأس العش.
وأوضح محمد قائلا إن دورى كان تجهيز الطائرات المصرية وأن تكون خالية من أى أضرار أو عطل فنى، وكنا نقوم بعمل اختبارات للطيارين فى الجو والأرض ونعمل على تحفيزهم حتى ترتفع روحهم المعنوية لحين أن تأتى إلينا أى أوامر عسكرية بالضرب.
وأشار أن كل قائد كان يعمل بروح الفريق ويعمل بمهمة خاصة بناء على تعليمات من الفريق محمد حسنى مبارك قائد الطيران المصرى، وكانت طائرات الليوشن 28 مهمتها ضرب المواقع الحصينة لقوات الاحتلال الإسرائيلى وكانت راصدة على القناة، حيث إن إسرائيل كانت تضع مدافع لكل مدينة من مدن القناة لكى تدمرها ولكن نجحت قواتنا الجوية فى ضرب العدو.
وجاء يوم السادس من أكتوبر وتلقينا أوامر فى صباح 6 أكتوبر بأن تجهز الطائرات للقيام بمهمة عسكرية وأن يجتمع كل القادة والمقاومين وأن يحدد كل طيار بمهمته لتحديد ساعة الصفر وانتظرنا هذا اليوم بفارغ الصبر حتى نتخلص من الصهاينة الذين احتلوا بلادنا وفرحنا عندما حددت القوات العسكرية والرئيس أنور السادات ساعة الصفر، ويلزم التكتم وقمنا بتجهيز الطائرات وفحصها ووضع الكاميرات بها والصواريخ والقذائف والقنابل وقامت القوات الجوية بالضربة الجوية الأولى بقيادة الفريق محمد حسنى مبارك الساعة الثانية وخمس دقائق ظهرًا وعادت الطائرات سالمة وفور رجوعها من المهمة قمنا بتفرغ الكاميرات حتى نطلع على صور الأماكن التى ضربت وكانت الصور موافقة لما نريده، وقمنا أيضا بإعادة تجهيز الطائرات مرة أخرى لطلوعها لأكثر من مرة بمهمة مختلفة خلال أيام الحرب، وتفاجأنا بدخول القائد محمد حسنى مبارك علينا يبشرنا بأننا انتصرنا على العدو ففرحنا فرحا شديدا وارتفعت روحنا المعنوية مرة أخرى وقال لنا الحمد لله لقد نجحت خطة القوات العسكرية والجوية فى ضرب العدو وعادت لنا بلدنا من جديد وأمرنا بأن نجهز الطائرات مرة ثانية لكى تكون جاهزة عند طلبها واستمرت الحرب 19 يوما.
وعندما حاول شارون قائد كتيبة المدرعات الإسرائيلية دخول الثغرة التى حدثت بين قوات الجيش الثانى والثالث يوم 14 أكتوبر عند تطوير الهجوم قمنا بتجهيز الطائرات لضرب تلك الكتيبة والقضاء عليها تماما، لكن تدخل بعض السياسيين المصريين ومندوبين أمريكيين وتم التعاهد على اتفاقية السلام.
ويقول أحمد الطاهر عبد الرحيم من محافظة الأقصر وأحد المشاركين فى حرب أكتوبر إنه كان «عريف مجند» فى الكتيبة 15 اللواء الخامس مشاة فرقة 19 الجيش الثالث، وكان ضمن القوات الأولى التى تقدمت لعبور القناة، ومن مجموعات اسمها «اقتناص الدبابات» أى التى كانت تمنع دبابات العدو من ضرب المجموعات الخلفية.
وتابع: بعد أن عبرنا القناة مع القوات الأولى، جاءت دبابتان من العدو لتمنع القوات الخلفية من العبور، فتصدينا، وأصيب زميلى لأن دبابة العدو قامت بالعبور على جسده، والحمد لله تمكنا من هزيمتهم، وتقدمنا فكان العدو متمركزا على خط القناة فى أماكن محددة، فحاصرناهم لمدة يومين وسلمنا حصارهم للقوات الأخرى وتقدمنا فأسرنا ضابطا إسرائيليا من النقطة الحصينة، كان ضمن المراقبين الدوليين، وكان يوجه المدافع لضرب الجيش المصرى ثم تقدمنا للأمام والعدو يتراجع للخلف، واستمرت الحرب لعدة أيام متتالية ليل ونهار،لدرجة أننى لا أفرق بين الأيام، واستشهد مجموعة من زملائى ولكن عزيمتنا أقوى من الموت فلم يهزمنا موت ولا خوف ولا ضرب ولا أى شىء، مبينا أنه فى يوم 22 أكتوبر 1973 تحاصر الجيش الثالث لمدة 3 شهور.
أما البطل محمد راجح 68 سنة من الأقصر ومن المشاركين فى حرب أكتوبر، فيقول: «إن أصعب فترة كانت فترة الحصار، حيث إنه لا يوجد ماء ولا طعام، ففى اليوم نقتسم لتر ماء ووجبة طعام على خمسة جنود، وظللنا 3 شهور على هذه الحال والماء لا يلمس جسدنا، وقام جيش العدو بمساومتنا بأن نترك الأسلحة والحرب ونذهب لبيوتنا، واحنا كنا كل اللى نفكر فيه النصر والعدو الصهيونى ولا يهمنا شىء آخر لا جوع ولا موت لأن نكسة 1967 أعطت لنا عزيمة للنصر فى 1973، وكنا نرى زملاءنا أمواتا أمام أعيينا، بس كنا مصرين على النصر فإما النصر أو الموت فواجهناهم وانتصرنا عليهم».