الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أم باسم: مهنة السباكة مناسبة للسيدات أكثر من الرجال




كتبت – هايدى حمدى     

سيدات مصريات مثابرات، قررن النحت فى الصخر لكسب لقمة العيش دون اللجوء إلى أساليب تقلل من قدرهن، أو تهين كرامتهن، وقررن الاتجاه إلى أعمال قد تبدو لمجتمعنا أنها أعمال ذكورية، ولا تستطيع السيدات القيام بها، إلا أن هؤلاء العظيمات خضن هذا التحدى الكبير، ونجحن فى اجتيازه.
وعلى الرغم من الانتقادات التى وُجهت لهن سواء  من أولادهن أو أقاربهن أو حتى المجتمع المحيط بهن، إلا أنهن أصررن على إثبات أنهن قادرات على خوض تلك التجربة وتحقيق نجاح باهر فيها، وبطموحاتهن سيحفرن أسماءهن بأحرف من ذهب فى كتب التاريخ التى تحكى البطولات النسائية.


بطلتنا الأولى سائقة تاكسي، وهى حسنية محمد على الشهيرة بـ«أم وليد»، تناهز من العمر 63 عامًا، أم لأربعة أبناء، وجدة لستة أحفاد، تمارس مهنتها منذ عام 1979، تعلمت القراءة والكتابة بنفسها ودون مساعدة، تعد مثالاً مشرفًا للمرأة المكافحة.
كانت أم وليد تهوى القيادة لذا اختارت هذه المهنة دون غيرها، وكانت هى مصدر رزقها بعد وفاة زوجها، والسر فى عشقها للقيادة هو أن أغلب أسرتها تقريبًا تعمل فى تلك المهنة.
لم يقدر المجتمع كعادته مدى حرصها على امتهان مهنة شريفة، بل طاردها بالتعليقات المحبطة كونها سيدة ولن تقوى على الاستمرار فى ذلك العمل طويلا لكنها واجهت ذلك بشجاعة وتصدت لتلك الاحباطات وأصبحت سائقة محترفة لمدة تجاوز الثلاثين عامًا.
تعرضت إلى حادثة اعتداء منذ 20 عامًا، فقد ركب معها أربعة شباب كركاب عاديين لكن فى منتصف الطريق حاولوا سرقة «التاكسي»، واعتدوا عليها بالمطاوى، لكنها عندما فزعت من هول الموقف، أعطاها الله قوة استطاعت بها التغلب عليهم ونجحت فى حشد الناس وإيصالهم إلى قسم الشرطة.
وفى النهاية وجهت نصيحة لكل من تريد أن تمتهن هذه المهنة وهى: شغلتنا دى محتاجة الست الجامدة اللى متتكسفش ولا تهاب حد، وإلا أفضل لها تقعد فى البيت أكرم لها».
فكل امرأة تعتبر «أسطى سباكة» فى بيتها».
بطلتنا الثانية: حاصلة على لقب أول سباكة مصرية، هى سهام المغازى الشهيرة بـ«أم باسم»، تناهز من العمر 58 عامًا، تمارس المهنة منذ عام 2004 بمحض الصدفة، أخت لـ7 إخوة وأخوات، وأم لثلاثة أبناء، وأصبحت هى الأم والأب بعد انفصالها عن زوجها، مثالاً رائعًا للمرأة المناضلة فى سبيل لقمة العيش.
اتجهت إلى تلك المهنة دون أن تخجل منها، سعيًا وراء الكسب الحلال، ورغم ما واجهها من صعوبات تحول دون استكمال مسيرتها المهنية كسباكة، إلا أنها نجحت فى التصدى لها وأصبحت بارعة فى هذا المجال، وكونت «زبونها اللى بيسأل عنها بالاسم».
وترى أنها مهنة مناسبة للسيدات أكثر من الرجال، معللة أن كل إمرأة تقضى معظم وقتها مابين المطبخ والحمام، بالتالى فإنها بحكم خبرتها فى تلك الأعطال لا تحتاج إلى إحضار سباك إلى بيتها، لذا فكل امرأة تعتبر «أسطى سباكة» فى بيتها.
وبعد خوضها فى المهنة قالت عنها: «ملقتش غير السباكة، وبقيت مرتبطة بيها أكتر لما اشتغلت فيها».
وتروى كذلك أن هناك محلا للأدوات الصحية تتعامل معه، فقرر مساعدتها وأرسلها إلى إحدى السيدات التى كانت بحاجة إلى سباك، لكن تفاجـأت السيدة فور اكتشافها أن «أم باسم» هى السباك الذى أرسله الرجل، فأغلقت الباب فى وجهها وعاودت الاتصال بصاحب المحل لتعاتبه على إرساله تلك السباكة، لكن الرجل طمأنها بأنها ماهرة فى صنعتها، وعندما عادت السيدة لتفتح الباب وقالت بتعجب: «أنتى لسه ممشيتيش»، فردت «أم باسم»: «أنا كنت عارفة إنك هتكلمى الراجل تانى عشان كدا ممشتش».
من الصعوبات التى تواجهها فى هذه المهنة هى تكسير الحوائط الخرسانية، فهى المهمة الوحيدة التى تستعين فيها بأحد زملائها من الرجال.
«احاول اخفاء ملامحى كفتاة، لأن طبيعة عملى تطلب ذلك»
اقنعت خطيبى بأهمية عملى وساعدنى فى الاستمرار فيه
بطلتنا الثالثة دليفرى، هى ولاء عادل عبد الله، الشهيرة بـ«ولاء طيارة»، مازالت فى ريعان شبابها فعمرها ٢١ عامًا، تحاول شق طريقها بعمل شريف وهى بما تقوم به تواجه مجتمعا كاملا لا يعترف بقدرة المرأة على اختراق جميع المجالات ببراعة تقول إنها تتعرض لبعض المضايقات، وللتغلب على تلك العقبة قامت بتعلم رياضة التايكوندو فى نادى «الأبطال» القريب من منطقتها، لتعتمد على نفسها فى الدفاع عن نفسها ودون اللجوء إلى أحد. تحاول ولاء على قدر الإمكان إخفاء ملامحها كفتاة، لأن طبيعة عملها تفرض عليها ذلك، فتقول «بلبس كاب ولبس رجالى ومش بحط الأحمر والأخضر عشان أحاول أخفى إنى بنت، عارض الجميع بالطبع هذا العمل، لكنها لم تكترث لاعتراضات أحد لأنها تحب هذا العمل وقيادة الموتوسيكلات.
«ولاء» تمت خطبتها وهى سعيدة بذلك، ومن الطبيعى أنه عارض مهنتها ولم يرض أن تكمل فى ذلك الطريق وأن يتكفل بكل ما تريده، لكنها أقنعته بمدى حبها للمهنة وأنها لن تتخلى عنها، وسرعان ما اقتنع بكلامها وأصبح يدافع عنها ضد أى شخص يحاول مضايقتها وإحباطها من العمل.