الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أعداء المرأة




هناك نوعان من أعداء المرأة فى بلادنا.. النوع الأول هم المكفرون والظلاميون من الإخوان والسلفيين وفقهاء فتاوى التحريم والتجريم الذين مازالوا – رغم اندحار سلاطين الحكم – ينتشرون فى وسائل الإعلام مواصلين رسالتهم المقدسة بتكفير وازدراء المرأة واعتبارها عورة من رأسها حتى أخمص قدميها حتى أن أحدهم أفتى أن وجهها مثل فرجها عورة.. ويسعون لحرمانها من حقها فى التعليم والعمل.. ومازالوا يروجون لزواج القاصرات ومشروعية الختان.
وهناك أيضًا نوع آخر من أعداء المرأة من الأدباء والمفكرين فى الماضى والحاضر والأسماء الشهيرة منهم تشمل «توفيق الحكيم» و«عباس العقاد».. و«أنيس منصور» و«أحمد رجب»..
وهى عداوة لم تكن تستهدف سوى جذب اهتمام النساء.. وإثارة فضولهن لقراءة أعمال الكاتب الذى يناصبهن العداء أما الآن فإن أعداء المرأة شرسون.. عداوتهم نابعة من نظرة عنصرية بغيضة ترى أن الطبيعة حبت الرجل بمميزات تجعله أفضل من المرأة.. وبناء عليه فإن عداوة بعض الأدباء للمرأة كانت عداوة من النوع الرقيق المسالم.
فهل ينطبق مثل هذا الكلام على المفكر الكبير الأستاذ «عباس العقاد»؟!.. وهل السبب الذى عرف عنه بعداوته للمرأة مرجعه هو عزوفه عن الزواج طيلة حياته بالإضافة إلى بعض التجارب السلبية مع المرأة.. وخاصة تلك التى سجلها فى رواية «سارة».. أم أن تلك العداوة هى محصلة رؤيته الفكرية وقناعاته الثقافية.. وآرائه التى تحمل تصورًا عنصريًا متعصبًا.. التى نستبعد أن تكون مجرد مداعبة رقيقة مسالمة تنتج أدباً مشاكساً ساخراً.
للعقاد كتاب قديم عن المرأة اسمه.. «هذه الشجرة».. أبوابه تحمل عناوين: (غواية المرأة – جمال المرأة – تفاوت الجنسين – تناقض المرأة – حب المرأة – أخلاق المرأة – حقوق المرأة – الحب – الجنس – معاملة المرأة).. والمقصود بالشجرة هى تلك التى أكلت منها المرأة لأنها نهيت عنها.. التى طمعت فيها.. ثم أطعمت آدم معها.. وهو يرى أن هذه الشجرة هى عنوان ما فى المرأة من خضوع يؤدى إلى لذة العصيان.. ومن دلال يؤدى إلى لذة الممانعة.. ومن سوء ظن.. وعناد ضعف.. واستطلاع جهل.. وعن عجز عن المغالبة بغيرة وسيلة الترغيب والإغراء.
وهو يرى أن المرأة لا تبتدع فى صناعة من الصناعات أو فى فن من الفنون وإن طال عملها فيه.. فإذا شاركها الرجل فى الطهى أو الخياطة أو التزيين والتجميل وهى صناعاتها التى داومت على مزاولتها مئات الأحقاب.. كان له السبق بالتجويد واستطاع فى هذه الصناعات نفسها أن يستأثر بإقبال المرأة وثقتها دون أن تنافسه فيه النساء.
ومنذ القدم كانت المرأة تنوح وتبكى وتطيل الرثاء والحداد على الأموات ولكنها لم تنظم فى الرثاء قصيدة واحدة تضارع قصائد الفحول من الشعراء.
ويؤكد «العقاد» أن الرجل كائن أخلاقى.. أما المرأة فهى كائن طبيعى يجرى على حكم البيئة الطبيعية.. وليس لها أخلاق بل عادات وشعائر وأحكام..
ويرى «العقاد» أيضاً أن المرأة ما خلقت فيما مضى.. ولن تخلق بعد اليوم قانوناً خلقياً أو نخوة أدبية تدين لها.. وتصبر عليها غير ذلك القانون الذى تتلقاه من الرجل.. وتلك النخوة التى تسرى إليه من عقيدته.. ولو ظهرت فى الأرض نبية بمعزل من دعوة الرجال لما آمنت بها امرأة واحدة ولا وجدت لها فى طبيعة الأنثى صدى يلبيها إذا دعت إلى التصديق والإيمان.. وإنما المرأة تؤمن بالرجل حين تؤمن بالنبى وبالإله.
هذه هى بعض من أفكار العقاد عن المرأة ولا يسعك سوى أن تدهش من تدلهه – رغم ذلك – يحب «مى زيادة» الأديبة اللبنانية المعروفة حباً رهيباً ملك عليه كل قلبه ومشاعره.. وعبر من خلاله عن انبهاره بعقلها وأدبها وفكرها وثقافتها وموهبتها الأدبية فى رسائله إليها.. وفى أشعاره.. وفى مداومته على حضور صالونها الشهير وفى إلحاحه عليها للزواج منها – وهو الأعزب الأبدى – وبكائه بين يديها جزعاً وهلعاً من أن تنهى علاقتها به حينما اكتشفت خيانته لها.. وردت إليه رسائله.. ثم وقوفه أمام قبرها يبكى وينتحب.. ويتلو قصيدته الخالدة فى رثائها.