الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فنانون على الجبهة




تحقيق - محمد عباس

ربما لا يعرف الكثير من محبيهم ومتابعيهم أنهم لم يكونوا مجرد ممثلين بارعين قاموا بتجسيد ملحمة النصر التى لن ينساها التاريخ.. ملحمة اكتوبر المجيدة على شاشات التليفزيون فقط .. بل إنهم شاركوا كجنود فى المعركة.. عبروا.. وهللوا.. وكبروا.. وعاشوا لحظات استعادة العزة والكرامة.. العديد من الفنانين يروون تجربتهم ويتحدثون عن دورهم فى الحرب خلال السطور التالية.
فى البداية يقول الفنان أحمد فؤاد سليم أحد الجنود البواسل الذين شاركوا فى حرب أكتوبر والذى كانت مهمته فى سلاح الدفاع الجوى ببورسعيد هى رصد طائرات العدو الإسرائيلى فى غرفة العمليات: إن انتصار اكتوبر الذى تحقق هو دراما انسانية أكثر منها حرب بالطائرات والدبابات وغيرها من الأسلحة الأخرى موضحا أنه استمع خلال فترة تجنيده لعدد من القصص يمكن أن تقدم فى سلسلة أعمال فنية عن حرب اكتوبر.
واكد أن من هذه القصص ما حدث لزميله الشهيد سيد أبو العباس الذى انتهت فترة تجنيده فى بداية 73 وسافر إلى محافظته الفيوم للاطمئنان على زوجته التى لم تكن قد رزقت بمولود منذ زواجهما وقضى معها ليلة واحدة وعاد إلى الوحدة مرة أخرى فى الحرب واتى شقيق زوجته ليطمئن عليه وابلغته أنه استشهد فى إحدى العمليات وكان يحمل له خبراً سعيداً وهو أن زوجته حامل وذلك بعد فترة طويلة من عدم الحمل وعندما علمت الخبر منه ادركت أن الله جعل هذا الحمل ليعوض زوجة الشهيد عن فراق زوجها.
وتحدث «سليم» عن قصة عمال «المقاولون العرب» الذين كانوا يقومون ببناء قواعد الصواريخ على الضفة قبل الحرب وتعرضهم لمخاطر كبيرة قائلا: كنت اشاهد العربات الخاصة بهذه العمال ممتلئة فى صباح اليوم  قبل البدء فى العمل وعند عودتها أجد أن ما يقرب من نصفهم قد استشهدوا.. ولكن عوض الرئيس أنور السادات وقادته مثل الفريق الجمسى والمشير أحمد إسماعيل وقادتى فى الفرق سلامة غنيم وسعيد على الحزن الذى خيم على أسر هؤلاء الشهداء العظام بتحقيق نصر اكتوبر مؤكدا أنها كانت حرباً مدروسة قبل بدئها فلم يتوقع أحد أن الشباب الذين يلعبون كرة على الضفة أو الأطفال الذين يقومون باكل القصب يساعدون الوحدات العسكرية بالجيش ويبلغونهم بخطوات العدو.. مشيرا إلى أن هذه الحرب أظهرت معادن الكثيرين من ابناء الشعب المصرى فلم نسمع عن جريمة سرقة أو نشل فى مصر خلال هذه الفترة ولم يتلق أى قسم شرطة بلاغا بالسرقة من أى شخص ومن كنا نعتقد أنه جبان اثبت لنا العكس وكان يتقدم فى بداية الصفوف للنيل من العدو الإسرائيلى الذى قام بعرض عدد من الأعمال الفنية عن حرب أكتوبر ليشكك المصريين فى انتصارهم ولكن الجميع يعى جيدا اننا انتصرنا وعبرنا الضفة ورفع علم مصر على ارضنا مرة أخرى وهذا يؤكد أن الحرب مازالت مستمرة بيننا وبينهم فهم عدو إلى آخر الزمان.
 وعن الأعمال الفنية التى كانت تؤثر فى الجنود فى فترة الحرب قال أحمد فؤاد سليم أن « أغنية على الممر» من أعظم الأعمال التى قدمت عن هذه الحرب مؤكدا إن نجاحها فى السينما والمسرح كان نابعا من مصداقيتها وواقعيتها وأن أغانى العندليب عبد الحليم حافظ وصلاح جاهين والأبنودى كانت تحفز الجنود بشكل كبير للغاية فبعد سماع هذه الأغانى فى الخنادق نشعر بإحساس اننا نريد ان نفترس العدو.. وتمنى سليم أن تقدم القوات المسلحة احتفالا كبيرا كل عام بهذا النصر العظيم الذى استشهد فيه عدد كبير من رجال مصر الأوفياء.
بدأ الفنان أحمد بدير حديثه عن انتصار حرب أكتوبر انه شرف بالمشاركة فى هذا النصر العظيم حيث كان فى سلاح الشئون المعنوية وكان يشاركه نفس السلاح الفنان محمود الجندى والفنان أحمد عبد الوارث وحمدى الكنيسى وكانوا يقومون بتقديم برنامج بعنوان «صوت المعركة» وكان هدفهم تحفيز الجنود على الحرب وتصبيرهم فى الأوقات العصيبة التى يعيشونها فى ظل الحرب.
وقال بدير: إن حلم الشعب المصرى تحقق بعد نكسة 67 والتى فجرت بركان الغضب والألم الى أن جاءت اللحظة التى كان ينتظرها الجميع وانتصر الجيش على الأعداء فلم نعرف فى هذه الحرب معنى الخوف فقد كان كل جندى خائفاً على هذا البلد وكان هدفه تحقيق النصر موضحا أننا شعرنا بروح غريبة تدفعنا عندما عبرنا خط بارليف. أضاف بدير: إنه لم يجد احتفالا حقيقيا مناسبا بهذه الحرب العظيمة ولم نقدم أى أعمال فنية تمجد هذه الحرب كما يجب والتى لم نعطها قدرها حتى الآن وتمنى أن يكون للدولة دور كبير فى تجسيد هذه الحرب لأن المنتج الخاص لم يستطع أن يجسد حرب اكتوبر فى عمل درامى لائق ومن الافضل أن يقوم بكتابته مراسلون حربيون ويستعينون بمخرجين عالميين من الخارج كما لا بد من الاستعانة بمشاهد حقيقية للقوات المسلحة فى الحرب واظهار قوة وعظمة جيشنا العظيم لأنه لا يعقل أن يتم تخليد الحرب العالمية الأولى والثانية ولم تخلد حرب أكتوبر حتى الآن
واكد أن أكثر المشاهد التى لم لا تفارق عقله إلى الآن هو صيحة «الله أكبر» التى انتفض بها الجنود والضباط والقادة كل فى مكتبه وعلى الضفة والدبابات إلى جانب أنه لم ينس اصدقاءه الذين استشهدوا ولم ينس أيضا ابتسامتهم عندما حققوا النصر والفرحة
 وأضاف: إن الجيش المصرى انتصر فى حرب اكتوبر وانتصر أيضا فى 30 يونيو عندما أزال بطش الإخوان من الحكم لأن الجيش المصرى انحاز لارادة الشعب واستطاع أن يعبر بالمصريين من نفق مظلم صنعه الإخوان الإرهابيون.
 وعن الأفلام التى قدمت حرب اكتوبر للشعب المصرى أوضح بدير أنها محاولات جيدة من أشخاص وطنيين مخلصين لبلدهم لكن يجب أن تتجدد هذه الأعمال وتنتج أعمالا ضخمة وبها مصداقية أكثر تتم ترجمتها بأكثر من لغة لتعرف العالم كله من هو الجيش المصرى خاصة أن هذه الفترة هى الأفضل لانتاج أفلام عن الجيش والدفاع عنه مضيفاً : إن العمل يجب أن يشارك فيه كبار فنانى مصر لتسويقه تجاريا ولضمان نجاحه خارجيا وداخليا  ..   
وقال الفنان محمود الجندى وهو أحد الفنانين الذين قضوا عدة سنوات بالجيش المصرى منذ نكسة 67 وحتى انتصار أكتوبر 73 إن هذه الحرب من أفضل الحروب التى حدثت فى تاريخ البشرية فى كل شىء من حيث خطتها وعدد ساعات تنفيذها وعدد شهدائها وعزيمة أبنائها التى لم أرها فى أى حرب من قبل موضحا أن حب مصر الذى نفتقده حاليا لدى الكثير هو السبب فى تحقيق هذا الانتصار العظيم الذى مازلنا نتباهى ونفتخر به حتى الآن وعن الأعمال الفنية التى تناولت حرب أكتوبر قال الجندى كل هذه الأعمال محاولات من الجهات المنتجة لتوثيق هذا الانتصار العظيم لكن للأسف توقفت الأعمال التى كانت تتناول تفاصيل حرب أكتوبر خاصة أننى اعتقد أن إدارة الشئون المعنوية التى كنت اخدم بها عدة سنوات لديها الكثير من الأفكار لتطرح فى أعمال سينمائية ودرامية جديدة لكن الأزمات الانتاجية تقف عائقا أمام خروج هذه الأعمال للنور خاصة أن هذه التكلفة ستكون عالية للغاية لذلك يجب علينا أن نوضح الفرق بين مفهوم الملحمة العسكرية ومفهوم الدراما فكلاهما مكلف ولكن  هناك اختلافا كبيرا بينهما لكننى اتمنى أن تخرج كل هذه الأعمال للنور ليتعرف الشباب الصاعد على عظمة مصر التى وقف شعبها وقفة رجل واحد لتحقيق هدف واحد هو استرداد أراضينا هذا هو الجيل الذى يستحق التقدير.. وعن الأغانى الوطنية التى كان يستمع إليها الجندى وزملاؤه أثناء الحرب قال قدمت عدة أعمال فنية مسرحية أثناء تواجدى بالشئون المعنوية بالقوات المسلحة كما قدمت عددا كبيرا من البرامج الحماسية للجنود والتى كنا نقوم فيها بشرح تاريخ أرض مصر مما ساعد الجنود على التعرف على تاريخ وطبيعة الأرض التى يدافعون عنها وفى النهاية اتمنى ان تحتفل مصر بأكملها بهذا الانتصار الغالى وتتحد كل القوى الثورية للاحتفال بهذا الحلم الذى تحقق ويضعوه أمام أعينهم حتى يتعلموا من هذه الروح الطيبة التى استطاعت أن تحقق هذا النصر .
ويوجه الفنان أحمد عبد الوارث الذى كان شارك فى حرب أكتوبر حديثه للرئيس عبدالفتاح السيسى والقوات المسلحة المصرية مطالبا إياه بإقامة احتفال كبير يليق بهذا النصر لتعويض الحفل السيئ الذى اقامه مرسى العام قبل الماضى والذى استضاف فيه قتلة الرئيس الراحل أنور السادات الذى كان له فضل كبير فى تحقيق نصر اكتوبر
موضحا أن هذا الانتصار الغالى يجب أن يوثق بكل جوانبه حتى لا يأتى علينا يوم نفقد عظمة هذه الحرب التى تدرس فى أغلب الاكاديميات الحربية فى دول العالم مشيراً إلى أنه سعى أكثر من مرة لتقديم عمل سينمائى قام بكتابته نبيل أبو النجا أحد لواءات الصاعقة والذى كان لهم دور كبير فى حرب أكتوبر يحمل اسم « الطريق إلى جهنم»  تتناول احداثه إحدى العمليات العسكرية التى قام بها هذا الرجل وفرقته بالصاعقة المصرية أثناء حرب الاستنزاف وذلك للوصول لإحدى الكتائب الإسرائيلية على الضفة الغربية وتسعى الفرقة للوصول إلى هذه الكتيبة فى أكثر من محاولة وبعد استشهاد احد افرادها تستطيع الوصول وأسر كل افراد الكتيبة لكنه ما زال حبيس الادراج مؤكدا أنه مستمر فى تقديم هذا العمل الذى يوضح للكثير من الشباب الذى يطالب باسقاط حكم العسكر عظمة الجيش المصرى الذى يضحى بأبنائه فى سبيل مصر.. وعن الأعمال الغنائية التى كان يستمع إليها أثناء فترة تجنيده قال عبد الوارث أن أغنية نجاح سلام « يا أغلى اسم فى الوجود» كانت أكثر الأغانى التى تؤثر فى المجندين وتزيد من حماسهم وأضاف إنه مضى فترة فى ادارة الشئون المعنوية بعد تجنيده فى سلاح المشاة وقدم خلال هذه الفترة عدة افلام وثائقية وتسجيلية عن الحرب حيث كان يتم شرح هذه الأفلام للجنود قبل الخروج لأى مهمة فكنت أشعر وكأننى أفيد بلدى بشكل كبير وكنت أقوم بقراءة بعض الكتب عن هذه المناطق حتى ازيد فى المعلومات التى تفيد الجنود.