السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خلاف فقهى حول إمامة المرأة للصلاة




تحقيق - محمود ضاحى

اختلف العلماء والفقهاء فى إمامة المرأة للرجال فى الصلاة منهم من أجاز ومنهم من رفض فالبعض استند إلى رواية للإمام الطبرى أجاز فيها أن  تصلى المرأة عن جنسها وإذا طرأ رجل فعليه أن يصلى وراءهن حتى يلحق بالصلاة.. بينما أكد آخرون أن هذا الرأى اجتهادى للإمام الطبرى ولم يرد عن النبى «صلى الله عليه وسلم»، كما أن هناك اختلافاً بين المذهبين الشافعية والحنابلة وغيرهما فى هذا الشأن .
 وعن صلاة السيدات فى العمل مع بعضهن البعض اتفق عدد من العلماء على جواز إمامة المرأة للنساء شرط عدم رفع صوتها وأن تتوسط النساء ولا تتقدمهن حسب ما قال علماء الدين فالأمر له ضوابطه وحدوده معلومة.

 فإمامة المرأة للصلاة دار حولها جدل قديم ومازال وللتعرف على الآراء المختلفة حوله وجوازه من عدمه  التقينا عدداً من رجال الدين، حيث يقول الشيخ هانى سعد، إمام الجامع الأزهر الشريف إنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء للصلاة إذا كانت الجماعة نساء فتصلى بهن ولا يسمع صوتها وحتى لا يرى حركتها إلا امرأة مثلها فى مكان مخصص لهن.
 وأضاف إمام الجامع الأزهر أنه إذا كان إمام المسجد يؤم الصلاة فالنساء تتبع إمام المسجد ولا يجوز نهائيا إمامة المرأة لصلاة الرجال.
 وأشار إلى أن هناك داعيات إسلاميات يتخرجن فى معاهد إعداد الدعاة التابعة للأزهر الشريف لتؤم النساء فى الصلاة وتفقههن فى الدين فى مصلى السيدات، خاصة الأمور الفقهية التى تخص المرأة لأن النساء يخجلن من توجيه بعض الأسئلة الخاصة بأمور الغسل للأئمة من الرجال.
 ويوضح الدكتور إسلام النواوى مدرس الحديث بجامعة الأزهر إنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء فى الصلاة ولكن عليها أن تقف فى وسطهن وذلك لحديث أم ورقة بنت عبدالله رضى الله عنها أن النبى «صلى الله عليه وسلم» كان يزورها فى بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها فثبت بذلك أن إمامة النساء وجماعتهن صحيحة ثابتة من أمر رسول الله «صلى الله عليه وسلم».
 وأضاف أن إمامة المرأة للرجال لا تصح عند جماهير العلماء.
الشيخ خالد تقى الدين رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى البرازيل قال: إن مسألة إمامة المرأة للنساء فى الصلاة اختلف فيها العلماء فمنهم من منع ذلك، ومنهم من أجازه.
 وأضاف «تقى الدين» خلال تصريحات لـ«روزاليوسف» عبر البريد الالكترونى أنه بإمكان المرأة أن تؤم النساء فى الصلاة لثبوت ذلك عن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما، أما موضوع أن تؤم المرأة الرجال للصلاة فلا يجوز لا من محارمها ولا من غير محارمها وسواء أكان الرجال صغارا أم كانوا كبارا لأن الإمام الشافعى قال: لو صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزية وصلاة الرجال والصبيان غير مجزية.
 ويوضح الداعية الشيخ محمد يوسف الجزر أنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء فى الصلاة وتقف معهن فى الصف لا تتقدم عليهن، لكن إمامة المرأة للرجال فى  الصلاة حرام شرعا متسائلاً ما حكم من يقبل أن امرأته تؤم الرجال فى الصلاة وعورتها أمامهم؟ مؤكدا أنه لم يرد نص صريح بعدم تولى المرأة الإمامة فى أحاديث الرسول لكن  الإسلام دين الأخلاق والستر والحفاظ على كرامة المرأة وأنوثتها.
 وأضاف: أنه يجوز للمرأة أن تصلى بأحفادها أو أولادها الصغار أو النساء لكن أنوثتها تمنعها من الوقوف أمام بالغ حتى لو كان ابنها.
 ويؤكد الداعية السلفى الشيخ ناصر رضوان مؤسس ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت أنه لا يجوز للمرأة أن تؤم وتصلى بهن الفريضة والتراويح ولا تتقدم على الصفوف كالرجال بل تتوسط الصف الأول وإذا كانت المأمومة واحدة وقفت عن يمين من تؤمها لما روى أن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما أمتا نساء فقامتا وسطهن وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم فى إمامة المرأة للنساء.
 لكن للهيئة العامة للشئون الإسلامية فى السعودية، قالت إن العلماء اختلفوا فى  إمامة المرأة للنساء على ثلاثة أقوال، الأول: لا يجوز لها أن تؤمهن فى فريضة ولا نافلة وهو مذهب المالكية وهناك رأى «لا تصح إمامة المرأة سواء أمت رجالا أو نساء فى فريضة أو نافلة والقول الثانى وهو يستحب لها أن تؤم النساء فى الفريضة والنافلة وهو مذهب «الشافعية وقول عند الحنابلة»، والقول الثالث وهو كراهة إمامة المرأة ذلك مع الصحة وهو مذهب الحنفية وقول عند الحنابلة.
 وفى السياق نفسه يقول الداعية الإسلامى الشيخ محمد جودة إن فقهاء الأمة أكدوا أن إمامة المرأة لصلاة الرجال حرام شرعا وإذا حدث ذلك بطلت الصلاة بالاجماع والبعض خصها بالإمامة فى النافلة فقط.
 وأضاف جودة: «إن الذكورة من شروط صحة الإمامة بل الذكورة الخالصة مؤكدا أن المخنثين لا تصلح إمامتهم للصلاة نهائيا مستشهداً بحديث عن جابر بن عبدالله قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لا تؤم امرأة رجلاً وقال أخروهن، حيث أخرهن الله مضيفا أن ادلة جواز المرأة فى النافلة  لأولى  الأرحام واستدل بما رواه أبوداود.
وكان المفكر الإسلامى جمال البنا قبل وفاته استطرد موضوع إمامة المرأة فى الصلاة وأحدث جدلا وقتها، حيث قال إن الرسول صلى الله عليه  وسلم وضع المعيار الذى تقاس عليه الإمامة، وهو العلم بالقرآن، فأعلم الناس بالقرآن هو أحقهم بالإمامة، وبناء على هذا المعيار فإن الرسول جعل صبيا يؤم شيوخ قومه لأنه كان أعلمهم بالقرآن، وكان سالم مولى أبى حذيفة إماما يصلى وراءه عمر بن الخطاب وبقية الصحابة لأنه كان أعلمهم بالقرآن، متسائلا: إذا كانت امرأة أعلم بالقرآن من جمهور من الرجال، فهل من الممكن فى هذه الحالة أن نقدم للإمامة رجلا جاهلا وتمنع هى من الإمامة لا لشىء سوى أنه رجل وهى امرأة؟
وتناول «البنا» فى كتابه إمامة المرأة للصلاة الحديث النبوى الخاص بأم ورقة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أبدى إيماءة بجواز الإمامة للمرأة، لأنه أجاز لها أن تؤم على بيتها وكان فيهم رجال «غلام لهم مؤذن»، وفى الفصل الأخير ذكر أن القضية فى حقيقة الحال ليست قضية الإمامة، ولكنها قضية المرأة، فالتصور المتغلغل عن دونيتها هو الذى حال دون تحقيق ما أراده الإسلام نفسه لها، موضحًا أن المسلمين فى سبيل تطبيق رؤيتهم عن المرأة، عطلوا آيات من القرآن، مثل آية الملاعنة والشهادة فى الطلاق، وذلك فى سبيل الإبقاء على موقفهم من المرأة  على حد قوله.
ويصف كتابه بأنه معالجة لمسألة المرأة سواء من الناحية الفقهية أو التاريخية، وانتهى أنه إذا كانت هناك امرأة أكثر علما بالقرآن من جمهور فيه رجال، لكنها أكثر علما منهم فهى أحق بالإمامة، وكان ذلك صعبا جدا أن يتحقق فى الدول العربية، لكنه من السهولة أن يتحقق فى الولايات المتحدة، خاصة أن صاحبة فكرة إمامة المرأة الدكتورة أمينة ودود أستاذ الدراسات الإسلامية فى جامعة فرجينا، أرادت الدفاع عن الإسلام  وأن تبرز للأمريكيين أنه يحترم المرأة، وأنها يمكن أن تكون إماما، وتدخل من الباب الرئيسى للمسجد وليس من الباب الخلفى كما يقولون.
ورد كتاب «البنا» على فتوى القرضاوى بأن تضاريس جسم المرأة تجعل المصلين الرجال قد يفتنون بها، ووصف البنا ذلك بأنه تصور مبالغ فيه، كأن الرجال ليس فى أذهانهم سوى المرأة، وأنه تطيش أحلامهم بمجرد النظر إليها حتى لو كان ذلك فى الصلاة، وهذا استخفاف شديد، فالإسلام لا يصور الرجال على أنهم مثل الذئاب.
ويشير إلى أن 90٪ من الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم حول المرأة، إما أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وهذه قاعدة مؤكدة تماما - حسب قوله - يجب أخذها بإيمان تام، وبالتالى فى رأيه أن هذه الأحاديث لا يؤخذ بها، ومنها الأحاديث التى تتحدث عن بقاء المرأة فى بيتها لا يراها أحد من الأجانب، أى غير الزوج  أو المحارم.
لكن الشيخ جمعة محمد على خطيب التحرير قال إن العلماء والفقهاء اختلفوا فى إمامة المرأة للصلاة بين النساء، ولم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم أن امرأة صلت بالنساء، ولم يختلفوا فى أنه لا يجوز إمامة المرأة لرجال حتى وإن كانت تحفظهم أو تفوقهم علما أو أفضل منهم مكانة فى أى شىء، لأنه من باب القوامة، فالإمامة الكبرى والصغرى للرجال، فالإمامة الصغرى إذا كانوا ثلاثة أشخاص فقال النبى «أئموا أحدكم حتى لا يتخللكم الشيطان»، لقوله تعالى «الرجال قوامون على النساء».
وأضاف خطيب التحرير: إنه لا يجوز نهائيا أن تقف المرأة أمام الرجال، لكن بعض العلماء أجازوا أن تقف المرأة إمامة للنساء فى عدم وجود رجال، ولا يجوز جهر صوتها حتى لا يسمعه الآخرون، مشيراً إلى أن الخلاف كله يكون فى كلمة «إمام»، مؤكدا أنه لا تطلق على المرأة هذه الكلمة.
وأوضح أن هناك رواية ضعيفة للإمام الطبرى أجاز فيها أن تصلى المرأة عن جنسها وإذا طرأ عليها رجال فعليه أن يصلى وراءهن حتى يلحق بالصلاة، مؤكدا أن هذا الرأى اجتهادى للإمام الطبرى، ولم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم، كما أن هناك اختلافاً بين المذهبين الشافعية والحنابلة وغيرهم فى هذا الموضوع.
بينما يوضح الشيخ عيد عبد الحميد يوسف أمين الفتوى بالجامع الأزهر أن إمامة المرأة للنساء فى الصلاة تجوز بشرط أن تصلى معهن وسط الصلاة ولا ترفع صوتها، مضيفا: إن السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تصلى بالنساء، فالمرأة من حقها أن تؤم من هن من بنى جنسها وتصلى بهن جماعة ولا ترفع صوتها.
وأضاف أمين الفتوى بالجامع الأزهر فى تصريحات خاصة إنه لم يثبت أن المرأة أمّت رجالاً نهائيا فى عهد الصحابة، لافتا إلى أنه يجوز أن تصلى المرأة بالنساء فريضة أو نافلة ولا يوجد نص قرآنى صريح حول هذا الأمر.