الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حضانة الطفل وبلوغه بين الإسلام وقانون الأحوال الشخصية




تحقيق - محمود ضاحى

اهتم الدين الإسلامى بالفرد منذ نعومة أظافره وشرع الأحكام لحمايته وعمل على تنشئة الطفل نشأة صالحة، وجعل من الأسرة المدرسة الأولى التى يتلقى فيها التربية ويعيش فيها بين أحضان والديه لينال من حبهما ورعايتهما ليخرج للمجتمع شخصًا نافعًا.
كما اهتم الإسلام بحضانة الطفل ومن يتولى مسئوليته خصوصًا بعد وفاة أحد والديه أو حصول طلاق بينهما.
فقدمت الشريعة الإسلامية حلولاً تحفظ مصلحة الطفل «المحضون» تبين أن الحضانة حق مشترك بين الأبوين، وفى حالة حدوث انفصال بين الزوجين جعل الدين مصلحة الطفل أولاً فأرجح الأمر أولاً للاتفاق فيما بينهما حول من يتولى أمره حتى يغلق باب الخلافات والصراعات بين الأبوين حول أحقية أحدهما على الآخر بتولى حضانة الطفل.
فقال علماء الأزهر إن الأم تختص بالحضانة فى فترة الرضاعة وهى الحولين الكاملين، أى سنتين، وهو حق لها، سواء كان المولود ذكرًا أم أنثى، وسواء كانت هى المرضعة له، أم أرضعته مرضعة أخرى، وعلى ذلك لا يحق للأب أن يحرم الأم من ولدها فى هذه المدة، أو يحرم الطفل من أمه، لأن ذلك حقها وحق الطفل فقد جاء فى الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهى أحق بابنها حتى تفطمه»، فلا تحرم منه حتى ولو فسخ النكاح أو الطلاق.
ويقول الشيخ عبدالناصر بليح: إن علماء الأزهر أجمعوا على أن جميع بنود قانون حضانة الطفل تتطابق مع ما نادت به الشريعة الإسلامية، وأن المشاحنات والخلافات الأسرية بين المطلقين والمطلقات يدفع ثمنها الأبناء، وأن سن الحضانة المعمول بها حاليًا، وهى 15 سنة للولد، والفتاة حتى الزواج، وهى ما تحقق المصلحة التعليمية والتربوية والنفسية للأبناء.
وأضاف: «عبدالناصر بليح» خلال حديثه لـ«روزاليوسف»: أنه لا يجوز فى زمننا هذا أن نأخذ برأى الفقهاء القدامى، لأنه فى هذا الزمن كان هناك نظام تعليم غير الموجود الآن، فكان يستطيع الطفل أن يذهب إلى أمه فى سن السابعة أو التاسعة من عمره، مشيرًا إلى أنه لا يوجد نص فى السنة النبوية أو القرآن الكريم يحدد سن المحضون، وإنما النص على تحقيق مصلحة الطفل، وأن أى محاولة لتغيير هذا القانون لن يحل المشكلة، وإنما سيعود بالمشكلة كما كانت ويزيدها سوءًا.
وأضاف: الشيخ محمود الأبيدى: أنه يجب أن ننظر بفهم عميق ورؤية ثاقبة إلى ما يحقق مصلحة الابن المحضون التى وردت فى قول الله تعالى: «لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده»، وبعض الفقهاء قد ذهب إلى أن سن الحضانة تتراوح ما بين سن 7 للذكور و9 سنوات للأنثى.
وأشار الأبيدى إلى أن هناك اتجاهًا آخر فى الفقه يرى أن سن الحضانة تمتد إلى 15 عامًا، ويمكن أن تمتد لأكثر، وبالنسبة للأنثى إلى أن تتزوج، ولكل من هذين الاتجاهين، وجهته ودليله الذى يعتمد فى الغالب العام على ما يراه من تحقيق مصلحة الصغير، وجلب المصلحة للمحضون قد يغير فتوى العلماء بإقرار السن حسب مقتضى حاله.
ويضيف الشيخ خالد سعود أن أهل العلم لم يختلفوا فى أن الحضانة فى حال افتراق الزوجين تكون للأم، لحديث عبدالله بن عمر: «أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقالت يا رسول الله: إن ابنى هذا كان بطنى له وعاء وحجرى له حواء وثديى له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه منى، فقال: أنت أحق به ما لم تنكحى» أخرجه أحمد والحاكم
وأضاف: السن التى تنتهى عندها أولوية الأم فى الحضانة، فقد اختلف الفقهاء فيها اختلافًا كثيرًا، والراجح أن الأم أحق بها حتى يبلغ الأولاد سن التمييز وهو سن السبع سنوات والاختيار أيهما يريد أن يعيش، فإن بلغوها خيروا وذلك للأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك ولعمل الصحابة.
وأشار إلى أن للقاضى الحق أن ينظر ويجتهد إلى الأصلح لحال الطفل فى بقائه عند الأب أو عند الأم على حسب اختلاف الظروف والأشخاص والأحوال فيعين الأحق بحضانته.
وفى هذا السياق فإن قانون الأحوال الشخصية حدد سن استغناء الابنة عن حضانة النساء حتى 17 سنة، ويمكن إبقاؤها فى حضانة الأم حتى تتزوج الابنة، وبالتالى لا يحق للأب طلب نقل الحضانة إليه قبل هذه السنة.
وقال د.عبدالله النجار عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إن مسألة الطفل جنائيًا فى القانون عن جرائمه، تتمثل فى التحديد الزمنى لسن الطفولة التى تبدأ بنهايتها تحديد مرحلة المساءلة الجنائية.
ويضيف النجار: أن الدستور المصرى الجديد وقوانين حقوق الطفل تحدد سن مسألة الطفل جنائيًا بثماني عشرة سنة، وأن الطفل قبل بلوغ تلك السن لا يسأل جنائيًا بالعقوبات السالبة لحريته إلا فى حدود معينة حددها القانون العقوبات المصرى بخمسة عشر عامًا، حتى ولو كانت جناية الطفل مما يعاقب عليه بالإعدام أو السجن المشدد، ولا يجوز للقاضى أن يتجاوز تلك العقوبة أو يبدلها بما يراه مقومًا لسلوك الطفل مهما بلغ اقتناعه بتشديد العقوبة فى القضية التى يحكم فيها.
وأضاف أن الكثير من المهتمين بالإصلاحات التشريعية والعاملين فى مجال حقوق الإنسان والطفل ومنظمات المجتمع المدنى يرون فى تحديد سن المسألة الجنائية للطفل بثماني عشرة سنة يقتضى التغيير بما يحفظ المجتمع من شرور بعض الأطفال على نحو يمكنهم من ارتكاب بعض الجرائم كالاغتصاب أو السرقة أو الاشتراك فى التخريب والحرق وتدمير المنشآت الخاصة، وغيرها من الجرائم الشنيعة مثل قضية الطفلة زينة، حيث ارتكبا جريمتهما واستطاعا أن يفلتا من العقاب بحجة أن سنهما التى حددها القانون دون الثامنة عشرة، الذى جعل الكثير يطالب بضرورة معاملة الطفل كل من لا يبلغ الخامسة عشر عامًا وليس ثمانية عشر عامًا.
بينما قال الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر: إنه يوجد فى مصر أكثر من 7 ملايين طفل مشرد نتيجة الطلاق الواقع بين الرجل وزوجته.
وأضاف «إسلام» خلال حديثه لـ«روزاليوسف»: أن الزوج بمجرد طلاق زوجته، أصبح عدوا لزوجته، وتقوم الزوجة بتلقين أولادها دروسًا فى كيفية كراهية والدهم، موضحًا أن سن مساءلة الطفل جنائيًا فى الإسلام بمجرد البلوغ، مشيرًا إلى أن القانون المصرى يجعل الطفل حتى 18 سنة كارثة لأنه فى هذا السن لا يعتبر طفلاً.
وأوضح عضو لجنة الفتوى خلال حديثه لـ«روزاليوسف» أن سيدنا أسامة بن زيد كان عمره أربعة عشر عامًا وكان قائدًا للجيش فى عهد الرسول، لافتًا إلى أن الغلام يبلغ بوصوله سن الرابعة عشرة من عمره أو الخامسة عشرة أقصى البلوغ، والفتاة تستحيض ببلوغها الثلاثة عشر عامًا، مطالبًا بتعديل قانون الأحوال الشخصية.
ويوضح الشيخ أحمد البهى أن التشريع الإسلامى يحاسب الطفل على جرائمه فى الإسلام بمجرد البلوغ، فيعامل معاملة الرجل، بعلامات بلوغ سن الرشد المعروفة التى من خلالها يكون قادرا على الإنجاب وتكوين أسرة، وهناك حالات ضعيفة تبلغ فى سن الثمانية عشرة.
وأضاف «البهى» خلال حديثه لـ«روزاليوسف» أن القانون المصرى ووضعه سن ثمانية عشر عامًا حتى البلوغ قد تحتاج إلى تعديل، لأن هناك من ارتكب جرائم كبيرة ولم يأخذ عقوبته كاملة بسبب القانون، موضحًا أن من الأفضل أن يكون هناك كشف طبى على الطفل وفى حالة معرفة أنه بلغ سن الرشد فعليه محاكمته جنائيًا لأن سن ال18 سنة يفلت العديد من المجرمين.