الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النسر المصرى عادل الخولى: حرب الــ «1000» يوم بداية الطريق لـ «نصر أكتوبر»




اللواء طيار أركان حرب عادل الخولى أحد الطيارين المقاتلين يكشف عن بعض أسرار حرب الكرامة من بينها أن سلاح الطيران لم يكن يملك قبل عام 1968 سوى 50 طياراً مقاتلا هم ثروتنا فى الطيران، ليبدأ إعادة تشكيله لندخل حرب أكتوبر بعدد 224 طائرة.
كان طالباً بالكلية الجوية أثناء الهجوم الإسرائيلى عليها عام 1967 وتحطيمه طائرات الكلية الجوية وحفاظاً على طلبة الكلية الذى كان أحد طلابها والذين هم «نواة طيارى مصر» تمت تخبئتهم فى مدرسة ببلبيس.
وبعد تخرجه فى الكلية كان قائداً لثانى طائرة سوخوى 7 تنزل مطار طنطا.وتدرج فى المناصب من طيار مقاتل بسرب سوخوى حتى تولى قيادة لواء جوى ميج 21 مقاتلات. ثم التحق بالقيادة العامة للقوات المسلحة ضمن فريق هيئة عمليات القوات المسلحة لمدة ثلاث سنوات. واشترك فى موقعة «جبل أم خشيب» تعطيل مركز الشوشرة الأول على رادارات توجيه مقاتلاتنا.
■ متى التحقت بالكلية الجوية؟
- أبدأ حديثى بأننى فخور جداً أن سمحت لى الأقدار أن أكون شاهداً على مرحلة مهمة وحاسمة فى تاريخ بلدنا الحبيب مصر حيث التحقت بالكلية الجوية المصرية فى 11 / 12 / 1965 ضمن الدفعة 20 طيران حيث وجدت الجدية والرجولة والوطنية المصرية والعمل الجاد الدءوب وكان تميزى عندما وصلت للقسم النهائى كمساعد طالب طيار بالكلية الجوية وهى (أعلى رتبة عسكرية لطالب كلية عسكرية وتعطى لأول الدفعة) حيث كنت أول دفعتى وأول الطيران.
■ ماذا حدث بعد استهداف إسرائيل الكلية الجوية؟
- لقد حدث الهجوم الإسرائيلى الغاشم علينا فى 5 يونيو 1967 مما أدى لتدمير طائرات الكلية الجوية على الأرض أسوة بباقى المطارات المصرية وبالتالى كان من الأهمية الحفاظ البالغ على «نواة طياري» القوات الجوية وذلك من خلال وضعنا بأحد الأماكن الآمنة وهى (مدرسة بمدينة بلبيس).
■ كيف تم إعداد جيل جديد من الطيارين بعد النكسة؟
- بدأ الأمل فى التحقق يومى 14 و 15 يوليو 1967، حينما نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية فى سيناء، أحدثت بها خسائر فادحة، بل أدت إلى فرار بعض الجنود الإسرائيليين من مواقعهم وقيام قيادة القوات الجوية بإمداد القوات الجوية بطائرات تدريب جديدة من طراز L29 التشيكية ولقلة عددها وعدد الطيارين تم تقسيم الدفعة لنصفين أحدهما يقوم بإنهاء تدريبات الطيران والآخر ينهى البرنامج النظرى وتم نقل النصف الأول لمطار مرسى مطروح ليكون بعيداً عن خطة الجبهة بقناة السويس وقد حالفنى الحظ لأكون ضمن المجموعة الأولي، كذلك كلف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر العقيد طيار حسنى مبارك بقيادة الكلية الجوية والإسراع بتكوين جيل جديد من الطيارين ذى الكفاءة العالية استعداداً لجولة جديدة لاسترداد الأرض والوطن والكرامة.
■ لماذا يعتبر التحاقك ومجموعة طلبة الطيارين بوحدة تدريب مقاتلات ظاهرة فريدة؟
ــ كنا ومازلنا طلبة لم نتخرج حيث أنهى الجزء الأول من الدفعة التى كنت ضمنها برنامج الطيران المحدد بوقت قياسى وعدنا للكلية لاستكمال الجزء النظرى وأيضاً أنهيناه فى وقت قياسي، ونظراً لعدم جواز تخرج نصف الدفعة قبل الآخر أو تخرج النصف الثانى قبل استكمال برنامج الطيران فقد تقرر ولأول ولآخر مرة فى تاريخ القوات الجوية المصرية أن نلتحق بوحدة تدريب المقاتلات على الميج 17 الروسية ونحن طلبة طيارون ولحين انتهاء النصف الثانى من برنامج الطيران المحدد له.
وللإسراع بزيادة أعداد الطيارين وما يحمله ذلك من صعوبة بالغة لعدم وجود المستوى الطبى اللائق، قامت قيادة القوات الجوية بعمل مسح شامل لجميع طلبة الكليات العسكرية والمدنية حتى الأزهرية واختيار من تثبت لياقته وبالتالى مكن ذلك قائد الكلية الجوية عقيد طيار محمد حسنى مبارك من تخريج دفعات متتالية وما يحمله ذلك من  مجهود فادح وتكلفة مالية باهظة وفترة زمنية طويلة (خمس سنوات) حتى يصبح طيارا مقاتلاً جاهزا لعمليات محدودة.
■ ماذا حدث بعد تخرجك فى الكلية الجوية؟
 بالفعل تخرجت برتبة الملازم طيار فى الأول من إبريل 1968 وكنت أول الدفعة وذلك قبل فترة وجيزة جداً من إنهائنا لبرنامج وحدة تدريب المقاتلات على الميج 17فى زمن قياسى للغاية وتم اختيارى ضمن عدد محدود للغاية من دفعتى رغم حداثة خبرتنا وعدد آخر من الطيارين الأكثر خبرة للالتحاق بوحدة تدريب المقاتلات القاذفة على الطائرة السوخوى 7 الأسرع من الصوت وهى من أحدث الطائرات التى حصلت عليها القوات الجوية بعد النكسة.
التحقنا بوحدة تدريب السوخوى 7 وهى (طائرة مقاتلة قاذفة أسرع من ضعف سرعة الصوت - للارتفاعات المنخفضة والمتوسطة - صعبة القيادة والمهام لقربها من سطح الأرض) تحت قيادة عقيد طيار عبدالرحمن الطلياوى ومعه كل من مقدم طيار تحسين صايمة وهو (أردنى الجنسية انضم للقوات الجوية بقرار من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وفيما بعد قائد اللواء الجوى 203 ميج 21 متعدد المهام فى حرب أكتوبر 73 والمقدم طيار حازم وأحد الخبراء الروس حيث قام الفريق المصرى بتدريس البرنامج النظرى والعملى فى زمن قياسى لم يتعد الثلاثة أشهر وبمستوى تدريب عال للغاية تمهيداً للانضمام لأسراب العمليات وانتظاراً للمعركة الحاسمة.
انتهت فرقة تدريب السوخوى 7 وتم  تشكيل السرب 72 قتال من غالبية طيارى هذه الفرقة بقيادة المقدم طيار حسن أبو عجوة كقائد لهذا اللواء الجديد والرائد طيار فاروق أبو النصر عليش قائداً لهذا السرب (وفيما بعد قائد اللواء الجوى 205 مقاتلات قاذفة سوخوى 7 بحرب أكتوبر 73 والمكون من طائرات جديدة تماماً بمطار طنطا.
وكنت أقود ثانى طائرة تهبط بهذا المطار الجديد مما جعل الفلاحين القريبين من سور المطار يقومون بعمل مظاهرة احتفالية وطنية مع ترديد هتاف الله أكبر وتحيا مصر بطريقة تقشعر لها الأبدان من فرط التأثر والأمل فى نصر قريب بإذن الله عز وجل.
■ ماذا عن واقعة السيد البدوي؟
عندما نزلنا فى مطار طنطا وفى المساء ذهبنا كمجموعة الطيارين للصلاة بمسجد السيد البدوى وكانت المفاجأة أيضاً قيام المواطنين بالمسجد وعند مداخله وبساحته الأمامية برفع نداء الله أكبر وتحيا مصر والدعاء لنا أن يحمينا الله عز وجل- رغم أننى وباقى الطيارين كنا نرتدى الزى المدنى وصغيرى السن ما بين (22 - 27 سنة) ويصعب تمييزنا عن طلبة الجامعة، وكان ذلك بمثابة شحنة معنوية لا يعلم قدرها إلا الله عز وجل حيث زاد إحساسنا بمدى المسئولية الملقاة علينا وكما قال تشرشل فى كلمته الشهيرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يدن شعب فى العالم لحفنة صغيرة من شبابه مثلما أدين الشعب البريطانى لطياريه المقاتلين وبالطبع نحن أيضاً لها وفداء لمصر.
■ ما المراحل الجديدة من التدريب التى قمتم بها؟
- بطبيعة الحال بدأت ضمن السرب فى تنفيذ تدريبات على مستويات أعلى فى الطيران غاية فى الانخفاض تحت 25 متراً وبسرعات عالية نحو 1000 كم / ساعة حتى  لا تتمكن وسائل الدفاع الجوى المعادية من اكتشافنا أو الاشتباك معنا وأيضاً تدريبات على الملاحة فى هذه الأوضاع - رغم الفقر البالغ فى إمكانات الطائرة الملاحية - مقارنة بالتجهيزات الملاحية بالطائرات الحديثة هذه الأيام إلا أننا بكثافة التدريب الراقى تمكنا من الوصول لأهداف صغيرة جداً ومن مسافات بعيدة مثل «نخلة البراق» وهى نخلة يتيمة فى الصحراء جنوب شرق العلمين بحوالى 100 كيلو وهى مشهورة جداً لدى جميع تشكيلات القوات الجوية لصعوبة الوصول لها، حيث كنا ندخل فى البحر المتوسط لمسافة 100كم ومنها على ارتفاع غاية فى الانخفاض 25 مترا وسرعة نحو 1000كم فى الساعة للوصول «لنخلة البراق» واستطلاعها فى مرور واحد كتدريبات على الملاحة الجوية والاستطلاع ومنها لضرب أهداف صغيرة الحجم وبدقة عالية وبالتالى كان عندنا نسبة من الخسائر المتمثلة فى احتكاك الطائرات بالأرض والشجر وأعمدة الكهرباء والتليفونات أثناء الطيران وأيضاً من الحماسة البالغة والحرص البالغ على إصابة الأهداف الصغيرة الحجم بميادين التدريب.
■ ذكرتم فى حديثكم وجود خسائر بشرية نتيجة ذلك التدريب الخطير، فما هو حادث «تبة بلبيس» الذى تعرضتم له؟
ـــ نعم تعرضت لحادث «تبة بلبيس» أثناء التدريب بالذخيرة الحية حينما أطلقت طلقات المدافع من مسافة قريبة وارتفاع منخفض على هدف أرضى وبالتالى ارتدت الطلقات من الأرض لجسم الطائرة مما أدى لانفجارها وقفزى بالمظلة. كنا جميعاً حديثى الخبرة على هذا الطراز ونكتسب خبراتنا بالممارسة والتدريب، وبنهاية 1968 كنا قد وصلنا لمستوى تدريبى يسمح للسرب بالعمل كقوة جوية ضاربة تعمل كفريق ومع  الآخرين رغم حداثة خبرة الجميع والنقص البالغ فى الإمكانات التقنية للطائرات والمعدات والذخائر.

رأس العش
■ من الذى بدأ حرب الاستنزاف؟
- فى الواقع أنا وهناك غيرى يسمونها «الحرب المنسية» حيث تعد الأساس فى تهيئة المناخ لحرب أكتوبر وعلى الرغم من ذلك لم تلق التركيز الكافى على أحداثها، وحرب الاستنزاف أو حرب «الألف يوم» كما أطلق عليها بعض الإسرائيليين، والاستنزاف هو مصطلح أطلقه الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر على الحرب التى اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتى قناة السويس.. وبدأت أحداثها عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بورفؤاد بهدف احتلالهايوم 1 يوليو 1967 فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة رأس العش.
تصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية خاصة بعد مساندة العرب لدول المواجهة أثناء مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، ورفض إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242 الداعى لانسحاب إسرائيل من الأراضى العربية التى احتلتها عقب انتصارها الخاطف على العرب خلال حرب يونيو.
■ كم استغرقت هذه الحرب؟
- استمرت الحرب لنحو ثلاث سنوات، وخلالها استهدفت غارات سلاح الجوى الإسرائيلى المدنيين المصريين أملاً فى إخضاع القيادة السياسية المصرية، مستخدمين فى ذلك الوقت مقاتلات الفانتوم الأمريكية الحديثة. كما استعان المصريون بالخبراء السوفييت وصواريخ الدفاع الجوى السوفيتية لتأمين العمق المصرى.
وشهدت الحرب أيضاً معارك محدودة بين إسرائيل وكل من سوريا والأردن والفدائيين الفلسطينيين وفى 7 أغسطس 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس عبد الناصر والملك حسين قبول مبادرة روجورز لوقف إطلاق النار.
■ حرب الاستنزاف وما تضمنته من مراحل وأحداث متصاعدة ومتطورة خاصة بالنسبة لمنظومة الدفاع الجوي. كيف تصف دورك فى تلك المرحلة المهمة؟
- فى البداية أؤكد لو لم تكن حرب الاستنزاف لما كانت حرب النصر والكرامة فى أكتوبر 1973 .
وكان لى شرف الاشتراك اليومى فى الجزء الأكبر من الطلعات واستخدام المقاتلات القاذفة السوخوى 7 فى ضرب كل ما هو للعدو بشرق قناة السويس من مواقع حصينة ومراكز قيادة وسيطرة وبطاريات صواريخ الهوك ومراكز الإعاقة والشوشرة الإلكترونية وذلك اعتباراً من 8 أغسطس 1969 حتى 8 أغسطس 1970 وذلك من بداية أول طلعة وحتى آخر طلعة.
■ هل كان هناك تفوق جوى للعدو فى ذلك التوقيت؟
- نعم كان هناك تفوق جوى ساحق للعدو وأيضاً بعناصر دفاعه الجوى حيث كانوا يوجهون ضرباتهم الجوية  اليومية ضد قواتنا البرية التى كانت تقابله بوابل من قذائف مدفعية الميدان على مواقعه المختلفة داخل مدى نيرانها ونتكفل نحن بالباقى البعيد ومما «أشاط» العدو غضباً أنه رغم تفوقه الساحق فلم يكن لضرباته الجوية أى تأثير ملموس لوجود كل شىء مخندق تحت الأرض وبالتالى تعود عليه الفرد المصرى وانهار التأثير المادى والمعنوى لها وكانت توجد «مقولة فى هذه الفترة» تقول: إن من يصاب أو يستشهد من القوات المسلحة عموماً فهذه الرصاصة أو القذيفة منتجة بمصنعها وعليها اسم صاحبها وبالتالى لا داعى للخوف من قضاء الله وتجب المواجهة والتحدى لكل الطائرات المقبلة من الشرق ونحن منهم.
■ كيف كانت الأجواء بين القطاع الفنى للتسليح والطيارين؟
- لا أنسى أنهم فى أول طلعة لى مع بداية حرب الاستنزاف وجدت أحد الفنيين للتسليح يكتب على زعنفة إحدى القنابل الملحقة بالطائرة حيث إن «القنبلة لها 4 زعانف».. رسالة تهديد ووعيد للإسرائيين خاصة أن غالبية القنابل بعد انفجارها تكون زعانفها سليمة.. فيما كان منى نتيجة الانفعال بما كتبه الفنى.. إلا أن أخذت منه القلم وكتبت «ربى أسالك إرسال هذه لقلب أعدائك»  وما كان من باقى الفنيين إلا القيام بكتابة تلك العبارة على جميع القنابل، «وبحمد الله وعونه» تم إرسال جميع قنابلنا لوسط الأهداف المحددة وبدقة منقطعة النظير.
■ هل ساهمت تلك الطلعات الجوية اليومية فى الاستنزاف لرفع كفاءة التشكيلات لجوية المصرية؟
- بطبيعة الحال ارتفع المستوى الفنى للطيارين وأيضا الأطقم الأرضية والتشكيلات الجوية لمستويات تفوق العالمية رغم قلة الخبرة نتيجة ما سميناه «التطعيم اليومى» من طلعات عمليات حقيقية تبدأ يوميا من أول ضوء حتى آخر ضوء بالرغم من التفوق الجوى الساحق للعدو كما ذكرت من قبل، بالإضافة لبرنامج التدريب اليومى عالى المستوى وأيضا مهمة معاونة الميج 21 فى مهام الدفاع الجوى وقد كان لكل ذلك أثر كبير للغاية على قواتنا البرية وهتافهم الله أكبر وأيضا تأثير سلبى للغاية على القوات المعادية عند رؤيتهم لنا أما نحن فهو إحساس لايوصف بالعظمة والكفاءه ويكفى رعبهم عند رؤيتهم لنا «نحمد الله عز وجل عليه».
■ صف لنا إحدى الطلعات الجوية الخطرة؟
-نعم.. فى إحدى الطلعات المخصصة لضرب موقع حصين شرق السويس تسللت إحدى بطاريات صواريخ الهوك المعادية والمضادة للطائرات ولم نكن على علم بها لاعتراضنا لها وأطلقت 3 صواريخ متتالية على تشكيلنا.
رأيت «عفرة كثيفة» على يسارنا وبها دخان رصاصى وهذا دلالة على أنها ناتجة عن إطلاق صواريخ هوك، أبلغت قائد التشكيل أن «هوك على شمالنا» وفورا دخلنا فى اتجاه الصواريخ مباشره لإجبارها على عمل مناورة معنا تفوق قدراتها الفنية مما كان سببا فى إطلاق العدو3 صواريخ بالتتابع حتى يتمكن أحدها من إصابتنا «وبحمد الله عزوجل» تم لنا ما أردنا واستكملنا المهمة وضربنا الموقع الحصين الكائن فى شرق السويس وفى المساء قمنا بطلعة جوية جديدة دمرنا موقع الصواريخ الذى أطلق علينا قذائفه فى الصباح.
■ كيف كنتم تتقبلون تلك المخاطر؟
- بصورة عادية جدًا حيث نقوم مساء كل يوم بعد تلك الطلعات بعمل محاضرات واستخلاص ودراسة الدروس من عمل اليوم وتصرفات العدو والسيناريوهات المتوقعة من العدو وتخطيط طلعات اليوم التالى، ولعب البريدج وإجراء الحديث مع عائلاتنا ونضحك على لعبة القط والفأر مع الجانب الآخر التى أصبحنا محترفين بها.

تبة الشجر
■ تذكرون أن طلعاتكم الجوية كانت يوميًا فهل كانت هناك عوائق مثل الأمطار أو غيرها تعوق طلعاتكم؟
ــ لا أنسى طلعة «تبة الشجرة» لم يكن هناك شئ يوقفنا عن تلك  الطلعات التى كانت تصل إلى 4 طلعات فى اليوم ما بين عمليات قصف ودفاع جوى وأيضًا تدريب.
وأذكر أنه فى أحد أيام الشتاء وكانت الأحوال الجوية غاية فى السوء والأمطار تنهمر والسحاب على ارتفاع 200 متر حتى ثمانية كيلو مترات وجميع مطاراتنا مغلقة لسوء الأحوال الجوية، وأيضًا مطارات سيناء، فما كان من قائد اللواء العقيد طيار عبدالرحمن الطلياوى فى مطار طنطا، إلا أن قال: ده كده جميل وطلب منى أن أبلغ مطار المنصورة بالفتح عند فتح مطارنا حيث يجب للإقلاع وجود مطار آخر مفتوح كحد أدنى للطوارئ ووافق قائد التشكيل الجوى المتواجد بالمنصورة عندما عرف نيتنا، وفى السادسة والنصف صباحًا فتحنا المطار للعمل وتلاه مطار المنصورة وأقلعت ضمن تشكيل من 4 طائرات سوخوى 7 فى صمت لاسلكى مطبق ووسط زخات من المطر المتواصل وطرنا على ارتفاع منخفض للغاية والسحاب وأمطاره التى لم تتوقف تشكل غطاء حماية فوقنا متجهين للموقع الحصين بـ«تبة الشجرة» الذى قمنا بضربه من هذا الارتفاع المنخفض جدًا حتى لا ندخل فى السحاب ونفقد الرؤية، تم ضرب الموقع بعدد 8 قنابل زنة نصف طن للواحدة بإجمالى 8 اطنان وبتوفيق من «الله عز وجل» كانت إصابة مباشرة وخسائر فادحة للعدو كما صورتها كاميرات طائراتنا.

بحيرة المنزلة
■ ما  أقوى هجمات للعدو؟
ــ لا أنسى موقف الإسرائيليين عندما تأكدوا من عدم إمكانية ضرب طائراتنا على الأرض مرة أخرى، كما حدث فى 67، كان يتجه نحو عمل مصايد جوية لمقاتلاتنا الاعتراضية وتشكيلات المقاتلات القاذفة المتعاونة معها (السوخوى 7) حيث يختار قطاع غير مدافع عنه بوحدات دفاعًا جوى لطبيعة جغرافيته الخاصة ويشكل تهديدًا لنا مثل (بحيرة المنزلة) ويرسل لها طائرتين تسيران على ارتفاع متوسط (5-6كم) وسرعة متوسطة 800 كم فى الساعة وبالتالى ترفع هوائيات الدفاع الجوى لمراكز توجيه المقاتلات الأعلى، مما يجعلها لا ترى أهداف الارتفاعات المنخفضة، وبالتالى يرى مدير العمليات أن هذا صيد سهل (بطتين) حيث كان يطلق على الطائرات المعادية فى ذلك الوقت ــ  ويصدر أوامره بإقلاع 4 ميج 21 وهو فنى أكثر من كاف، لتعترض مقاتلاتنا تلك «البطتين» وعند الاقتراب منهما نفاجأ بصعود أكثر من 20 مقاتلة للعدو من ارتفاع منخفض لم تكن مكتشفة وهنا تدور «المفرمة» حيث تشتبك 4 طائرات مصرية مع نحو 22 طائرة معادية.
■ ما هدية آخر دقيقة قبل انتهاء حرب الاستنزاف؟
ــ لقد انتهت حرب الاستنزاف فى 8 أغسطس 1970، وقد كان آخر يوم حافل حيث قام الجانبان بزيادة النشاط الجوى، وقمنا نحن بضرب عدد غير اعتيادى من الأهداف قبل حلول توقيت وقف إطلاق النيران، ومن هذه الأهداف مستودع رئيسى للوقود تم  إخفاؤه بعناية فائقة إلا أننا اكتشفنا وضربناه بآخر طلعة فى آخر ضوء فى وسط سيناء حيث ارتفعت النيران لعنان السماء وكانت مرئية من قاعدة بلبيس الجوية من مسافة نحو 150كم، «وحمدنا ربنا سبحانه وتعالى» على هدية آخر دقيقة.
■ ما  الدروس المستفادة من حرب الاستنزاف؟
ــ كان لحرب الاستنزاف أكبر الأثر فى ظهور سلاح جديد هو الحرب الإلكترونية حيث تقوم باستطلاع ترددات الرادارات ومراكز القيادة والسيطرة وتوجيه المقاتلات وتحديد أماكنها وبالتالى يالتشويش عليها عند اللزوم، وهى ذات تأثير سلبى فاتح على كل من الطائرات وصواريخ الدفاع الجوى اللذاين لم يكن بهما أى من الأجهزة المضادة المعروفة اليوم، وكان للعدو التفوق الساحق فى ذلك، وقد قمنا بالتغلب على ذلك بالصمت اللاسلكى التام حتى لا يكتشف العدو أماكن الطائرات المنخفضة وغير المرئية على راداراته وبالتالى يحدد مسارها ويعترضها بدفاعاته المختلفة، أما بالنسبة للمقاتلات الاعتراضية والتى تأخذ أوامرها بالجو فكانت تقوم بالتشويش على رادارات توجيه المقاتلات واتصالاتها أيضًا، وكنا نتغلب على ذلك بالمناورة بالترددات ومراكز التوجيه المختلفة، وأيضًا بضرب مركز الإعاقة والشوشرة «بجبل أم خشيب» شرق القناة الذى يعتبر اللاعب الرئيسى فى هذا المجال وهو أيضًا ضمن الأهداف الأولى بالضربة الجوية يوم 6 أكتوبر 1973 بالإضافة لمراكز القيادة والسيطرة.
وقد أصبحت الحرب الإلكترونية اليوم أو حرب «الماوث» كما يطلق عليها هى نجم وأساس الحرب الحديثة حيث صغر حجم أجهزتها وأصبحت ضمن التجهيزات الأساسية بطائرات القتال الحديثة ومراكز القيادة والسيطرة الطائرة والأرضية.
■ ماذا بعد وقف إطلاق النار عام 1970م؟
ــ بطبيعة الحال تقرر الاستعداد للمرحلة المقبلة وهى مرحلة ما بعد وقف إطلاق النيران وضرورة الإسراع ببناء تشكيلات جوية جديدة وزيادة القدرة القتالية للتشكيلات الحالية ونقل خبراتنا للأجيال التالية لنا استعدادًا لحرب التحرير.
■ هل كانت من ضمن تلك الاستعدادات الانتقال من أسراب السوخوى؟ ولماذا؟
ــ بالفعل.. نظرًا للحاجة الشديدة لطياريى قادة تشكيلات مقاتلة بالميج 21 دفاع جوى.. تم نقلى ضمن 6 طيارين منتقين من أسراب السوخوى رغم المعارضة الشديدة لقادة هذه التشكيلات لنقلنا للميج 21، التحقت باللواء الجوى 102 ميج 21 دفاع جوى مقاتلات تحت قيادة عقيد طيار نبيل فريد شكرى (الذى قام بالإقلاع من أحد الممرات المضروبة بمطار أنشاص أثناءعدوان 1967 وأسقط إحدى الطائرات المعادية.
■ ماذا عن المعجزة التى حققتموها عند التحويل لميج 21؟
ــ لقد انتهينا من فرقة التحويل على الميج 21 فى حدود 20 يومًا فقط.. وهو رقم قياسى لم يتحقق على المستوى العالمى.. لأبدأ مرحلة جديدة كقائد تشكيل جوى ميج 21 مقاتلات دفاع جوى، ولاكتشف أن هذه الطائرة أكثر من رائعة كمقاتلة أسرع من ضعفى سرعة الصوت ولأقع فى غرامها من شدة إعجابى بها.
■ هل استمرت التدريبات بعد عام 1970؟
ــ بالطبع لقد التحقت بالسرب 27 مقاتلات دفاع جوى ضمن اللواء الجوى 102 تحت قيادة رائد طيار محمد كمال الصاوي، وكانت تدريباتنا اليومية النهارية والليلة غاية فى الرقى والعنف فى نفس الوقت حيث كنا نتدرب على مهاجمة جميع الطائرات سواء المقاتلة غاية فى الانخفاض 25 مترًا من سطح الأرض والبحر والتى تطير بسرعات 1000 كم فى الساعة أو الهليوكوبترات فائقة الصغر مثل الجازيل بالإضافة لاعتراض بعضنا البعض وعمل اشتباكات جوية كاملة ومن خلال توجيه ضربات أرضى والتدريب على الصيد الحر من خلال اكتشاف هدف جوى سريع جدًا ومنخفض جدًا وبدون توجيه أو مساعدة من أحد أو اعتراض أهداف مقاتلة ليلاً وأخيرًا ضرب أهداف أرضية كمقاتلة قاذفة، ولقد وصلنا لمستوى قتالى يمثل رعبًا لأى جانب معاد رفيع المستوى، وأنا هنا أتحدث باسم الجميع فنحن فريق متكامل من طيارين وأطقم أرضية ومنظومة توجيه وقيادة وسيطرة ودعم فنى ولوجيستى وتعاون مع عناصر الدفاع الجوى وتخطى سلبيات ضربهم علينا كما فى السابق وتعاون بين التشكيلات الجوية فى المواقف الجوية المختلفة.

الجويون الخضر
■ لماذا سافرتم إلى الاتحاد السوفيتى فى ذلك التوقيت؟
ــ لقد تقرر سفر السرب 27 مقاتلات دفاع جوى للاتحاد السوفيتى لأخذ تدريبات تكتيكية على الارتفاعات المتوسطة والمنخفضة فى 29 سبتمبر 1970 وهو اليوم التالى لوفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر تحت قيادة رائد طيار المواوى.
■ ألم تؤجل وفاة الرئيس عبدالناصر سفركم؟
ــ لم يتأجل السفر ولكن كانت المفاجأة اكتشافنا مدى إعجاب الاتحاد السوفيتى دولة وشعبًا بشخص عبدالناصر وحزنهم وصدمتهم على  وفاته وامتلاء الشوارع فى كل مكان بصور الزعيم الراحل وعليها الشريط الأسود.
■ ما انطباع الروس عن الطيار المصرى؟
ــ فى الحقيقة اكتشفوا لأول مرة الطيار المقاتل المصرى خريج أطول حرب مع الإسرائيليين مدتها 1000 يوم والذى يتدرب استعدادًا لحرب التحرير والكرامة وليس أداءً للواجب وكان انبهارهم لا يوصف وبالتالى أطلقوا علينا المتشردون الجويون الخضر (لكوننا نرتدى أفرولات خضراء زيتى وهم زرقاء كحلى).
■ واقعة لا تنساها خلال زيارتك؟
ــ لا أنسى استشهاد قائد السرب لاصطدامه بتبة صغيرة أثناء التدريب على ارتفاع منخفض.. وتقبلنا لقضاء الله عز وجل ولقدره.. وكان درس آخر هو ابنهار الروس من إيماننا بالله عز وجل وعدم فهمهم لهذه الحالة.. وتقبلنا لوفاة قائد السرب.
■ ما الاستفادة التى عادت عليكم من تلك الزيارة؟
ــ لقد فوجئنا أن الآية انقلبت.. فهم من تعلموا منا وباعترافهم أن هذا مستوى استثنائى فى عالم المحترفين وخصوصًا أننا كنا نعمل على طائرات من نفس طراز طائرات سربنا المصرى وبموجهينا المصريين.
■ لماذا طلب الرئيس الراحل السادات عودة طيارى السرب من روسيا سريعًا؟
ــ بعد أربعة أشهر طلب الرئيس الراحل أنور السادات عودة أولاده الطيارين فورًا لمصر، وقد كان له ما طلب رغم حزن الجانب الروسى على سفرنا نتيجة عدم تحقيق إضافة من التواجد هناك بالنسبة لمستوانا الفنى والحاجة الشديدة لنا بمصر، وبعد عورتنا قمنا بالاستمرار فى التدريب ورفع مستوى الطيارين الجدد المنضمين للسرب للوصول بهم للمستوى المطلوب بالإضافة لمهام الدفاع الجوى ضد أى عدائيات جوية.

جبل شيب البنات
■ لماذا حصلت على تكريم من قائد القوات الجوية فى ذلك الوقت؟
ـــ كان ذلك بعد نجاحى من الإفلات من أحد مصايد العدو قرب الغردقة وقد اتصل بى اللواء طيار حسنى مبارك قائد القوات الجوية ليقول لى متخشش البحر فقلت له اطمئن يافندم فكل شىء كان واضحاً من بدرى بحمد الله فطلب منى الحضور لمكتبه فى إجازاتى وهبطت طائراتنا بسلام.
فى الأسبوع التالى ذهبت  له فشكرنى جدًا على ذكائى واحترافى وأعطانى طقم قلم جاف شيفرز قلت له: «طب ما تفكه باسبوع اجازة» قال لى باسمًا امشى على السرب وانصرفت وكنت فى هذه الفترة برتبة نقيب طيار.
■ ماذا حدث قبل حرب أكتوبر 1973؟
ــ قبل بداية حرب اكتوبر 1973 بنحو ستة أشهر أصدر الرئيس السادات أوامره بأداء العمرة بالأراضى المقدسة لجميع طيارى القتال على دفعات وفى طائرته الرئاسية ولحين الانتهاء من تنفيذ ذلك وقد قوبل ذلك بترحيب بالغ من الجانب السعودى، مما كان له أكبر الأثر فى زيادة الوازع الدينى لدى الجميع.
تطور تدريب التشكيلات الجوية ليأخذ مستويات على حيث أصبح يتم بين الأسراب بعضها البعض، وفى تدريبات تشمل تشكيلات القتال مجتمعة باختصار لقد دخلنا مرحلة معركة الأسلحة المشتركة والعمل الجماعى كقوات جوية ضاربة على أعلى مستوى بالتعاون مع باقى الأفرع الرئيسية. مشروعات تكتيكية وتعبوية والحرب الإلكترونية ويعود الفضل فى ذلك للقيادة السياسية والقيادة العسكرية وأطقمهم ولشخص قائد القوات الجوية فى هذه الفترة لواء طيار محمد حسنى مبارك.
■ هل اشتدت التدريبات بعنف قبل الحرب مباشرة لدرجة إصابتك؟
ــ بالفعل.. مع بداية الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 1973 بدأنا بالتدريب على إلقاء قنابل العمليات زنة 250كجم للقنبلة، وكل طائرة تحمل قنبلتين وقد طلب منى قائد السرب مقدم طيار محمد كمال الصاوى أن أكون مدير الضرب الموجود بميدان الرماية، ومع استمرار التدريب فى ذلك اليوم واشتداد الرياح الجانبية وخطأ من التشكيل القائم بالرماية تم إسقاط قنبلتين على مسافة قريبة جدًا منى مما أصابنى بشظية كبيرة بقصبة رجلى اليسرى وأخذت الموضوع ببساطة.. وقلت للطيار الذى ضربنى وهو نقيب طيار محمد عبدالمنعم منصور «كده عورتنى يا منص.. فكان رده معلش يا حبى».
■ لماذا كان الشعب يظن أن حرب أكتوبر لن تقوم فى ذلك العام؟
ــ كان ذلك من خطط التمويه.. حيث كانت خطة الخداع والتمويه التى تمت بصورة رائعة حيث خدعتنا نحن أيضًا على أساس أن ما نقوم به هو مشروع تعبوى مخطط من فترة طويلة ومعلوم إلا أن طريقة ومستوى التدريب الراقى الذى نقوم به كقوات جوية فى معركة الأسلحة المشتركة ومستوى الإمداد الفنى واللوجيستى المرسل لنا وزيارات قائد القوات الجوية اللواء حسنى مبارك شبه اليومية للتشكيلات الجوية وإيقاف راحات الطيارين والتشكيلات الجوية غير المعلنة جعلتنا نقتنع أننا بمرحلة العد التنازلى للحرب وقد التزمنا الصمت التام حفاظًا على السرية فى الوقت الذى اقتنع المجتمع المدنى أن الحرب ليست هذه السنة وظهرت النكت الكثيرة على ذلك.
■ ماذا عن تكريمك كأفضل سرب مقاتلات؟
ــ بعد الإصابة عدت بعد شهرين تقريبًا لسربى وبدأت فى تدريبات شاقة لاستعادة لياقتى البدنية والفنية كطيار مقاتلات محترف وقمت برفع كفاءة أجيال الطيارين الجدد الواصلين للسرب وأيضًا رفع المستوى العام حيث دارت مناوشات متقطعة غير معلنة فى نهاية هذه الفترة بغرض إفشال اتفاق السلام والانسحاب من سيناء.
وتم تعيينى بعد ذلك قائدًا للسرب 25 مقاتلات التابع للواء الجوى 102 مقاتلات بمطار فايد وقد قمت برفعة الكفاءة القتالية والتدريبية لهذا السرب وتم تكريمى من كل من الرئيس محمد حسنى مبارك ومعه الرئيس السودانى جعفر نميرى كأفضل سرب مقاتلات فى ذلك الوقت.
■ وبالنسبة لتوليك قيادة اللواء الجوى 102 مقاتلات؟
ــ لقد التحقت بعد حرب 1973 بنحو عامين بكلية القادة والأركان الدورة 33 أركان حرب عام ــ وكنت أنا وطيار آخر فقط مقدم طيار أسامة صقر (الذى أصبح مدير الكلية الجوية فيما بعد) بعد امتحانات صعبة جدًا لانتهى منها بعد عام ونصف العام  وحصولى على درجة الأركان حرب ولأعود لقيادة سربى ثم بعد ذلك لأتدرج بقيادة اللواء حتى توليت قيادة اللواء الجوى 102 مقاتلات.
استمررنا فى التدريبات رفيعة المستوى سواء الخاصة برفع الكفاءة الفردية والمعنوية للطيارين الجدد الواصلين للسرب ومع باقى التشكيلات الجوية وخصوصًا طائرات الفانتوم F4 وF16 الأمريكية التى وصلت حديثًا فى معارك الأسلحة المشتركة فى جميع أفرع القوات المسلحة.
■ هل استمرت معارك التدريبات المشتركة بعد الحرب؟
ــ بالطبع.. ومن شدة تلك المعارك ونجاحها... قمت كقائد اللواء الجوى 102 مقاتلات.. بتكريم مقدم طيار أحمد عاطف عبدالحى قائد تشكيل فانتوم F4 فى حضور اللواء قدرى عثمان قائد الجيش الثالث الميداني.
■ وماذا عن تدريبات النجم الساطع فى ذلك الوقت وتقييم الطيار المصرى فيها؟
ــ لقد ظهر الطيار المصرى فى تدريبات النجم الساطع بصورة مبهرة للجانب الأمريكى من حيث الأداء كفريق عمل أو مستوى فردى وقد كان من الطبيعى أن نتفوق على التشكيلات الأمريكية، رغم الفرق التكنولوجى الكبير مما حدا بالجانب الأمريكى عام 1985 بإشراك سرب F18 بها فى الوقت الذى لم تكن البحرية الأمريكية تملك أكثر من سربين فى هذا الوقت من هذا الطراز وهى طائرة قتال رائعة بكل المقاييس العسكرية والفنية إلا أنه مع أول طلعة اعتراض واشتباك جوى بينى وبين قائد سرب F18 الأمريكى LC Karot كانت المفاجأة وهى عدم ظهور الميج 21 على راداراتهم لصغر بصمتها الرادارية وبالتالى الاعتماد على الأواكس فى التوجيه، كانت المفاجأة لهم بتغلبنا على التشكيل الأمريكى فى اشتباك جوى رفيع المستوى من الجانبين وضربى طائرة قائد التشكيل شخصيًا ونشر هذه الصور بمعرفتهم بمجلة Defenc Talk ومكتوب عليها طائرة IF18 أمريكية مسقطعة بواسطة ميج 21 مصرية قيادة عقيد طيار عادل الخولى بمناورة النجم الساطع 85 ودون إصابة أى طائرة من التشكيل المصرى.
■ وبالنسبة لدخولك مطبخ عمليات القوات المسلحة؟
ــ التحقت بقيادة القوات الجوية شعبة التدريب الجوى فرع المقاتلات لفترة قصيرة ثم بالقيادة العامة للقوات المسلحة بهيئة عمليات القوات المسلحة لمدة 3 سنوات تعلمت فيها الكثير وتعاملت مع قادة مصر القادمين ومع نخبة منتقاة من ضباط الأسلحة المختلفة للقوات المسلحة مما أعطانى خبرة ورؤية أوسع كثيرًا جدًا عن الوضع الحالى والمستقبلى العسكرى والمدنى لبلدنا الحبيب مصر.
■ فى ختام حديثك ماذا تقول كشاهد على العصر؟
ــ أتقدم بتحياتى وتقديرى البالغ لشهدائنا الأبرار وللقيادة السياسية والعسكرية ولقيادة القوات الجوية ولجميع العاملين سواء فى التخطيط والتدريب والإمداد وللأطقم الأرضية والفنيين ولرجال القوات المسلحة كافة كل فى موقعه، كما أتقدم بالتحية والتقدير لشعب مصر العظيم الذى وقف خلف قواته المسلحة داعمًا لها وللأم المصرية العظيمة التى لم تبخل بفلذة كبدها فداءً لهذا الوطن.
وأقول لهم: إن مصرنا الحبيبة الآن بأيد وطنية شريفة أمينة بقيادة المشير الرئيس عبدالفتاح السيسى «حفظه الله عز وجل» من كل سوء وبقيادتها العسكرية الوطنية حفظها الله وسدد خطاها.. وآخر كلامى: الله أكبر وتحيا مصر حرة أبية.