الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الكنيسة المعلقة».. تاريخ من الفن وبخور الصلوات وكرسى البطاركة




كتب - روبير الفارس

تعد الكنيسة المعلقة إحدى أهم آثار مجمع الأديان بمصر القديمة، وهى من أجمل وأقدم كنائس الشرق الأوسط على الإطلاق وشيدت الكنيسة المعلقة على اسم السيدة العذراء مريم وعرفت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة لحصن بابليون الأثرى، لهذا تعد أعلى مبنى بالمنطقة ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن الخامس الميلادى، وذلك يتضح من القطع الخشبية النادرة التى تمثل دخول السيد المسيح إلى أورشليم. تقع الكنيسة المعلقة فى حى مصر القديمة، فى منطقة القاهرة القبطية الأثرية المهمة، فهى على مقربة من جامع عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودى، وكنيسة القديس مينا بجوار حصن بابليون، وكنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وكنائس عديدة أخرى، وسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الرومارنى (حصن بابليون) ذلك الذى كان قد بناه الإمبراطور تراجان تذهب بعض الروايات إلى أن الكنيسة بينت على أنقاض مكان احتمت فيه العائلة المقدسة (السيدة مريم العذراء، المسيح الطفل، والقديس يوسف النجار) أثناء الثلاث سنوات التى قضوها فى مصر استناداً إلى الكتاب المقدس هروباً من هيرودوس حاكم فلسطين اليهودى الذى كان قد أمر بقتل الأطفال تخوفاً من نبوءة وردته بنزع الملك منه لأنه قد ولد طفل ملك، والبعض يرى أنها مكان لقلاية (مكان للخلوة) كان يعيش فيها أحد الرهبان النساك، فى واحد من السراديب الصخرية المحفورة فى المكان.
جددت الكنيسة عدة مراتب خلال العصر الإسلامى مرة فى خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالى الإذن بتجديد الكنيسة ومرة فى عهد العزيز بالله الفاطمى الذى سمح للبطريرك إبرام السريانى بتجديد جميع كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم خاصة بعد ظهور العذراء مريم للبابا ابرام السريانى داخل الكنيسة أمام أحد الأعمدة والذى مازال معروفاً بعمود العذراء عندما طلب منه الحاكم بالله نقل المقطم باعزم من الوزير اليهودى يعقوب بن كلس، ومرة ثالثة فى عهد الظاهر لإعزاز الدين الله كانت الكنيسة مقراً للعديد من البطاركة منذ القرن الحادى عشر الميلادي، وكان البطريرك خريستودولوس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرًا لبابا الإسكندرية، وقد دفن بها عدد من البطاركة فى القرنين الحادى عشر والثانى عشر، ولا تزال توجد لهم صور وأيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع، وكانت تقام بها محاكمات الكهنة، والأساقفة ومحاكمات المرهرطقين فيها أيضاً، وتعبر مزارًا مهماً للأقباط، نظراً لقدمها التاريخي، وارتباط المكان بالعائلة المقدسة، ووجودها بين كنائس وأديرة لقديسين أجلاء، فتسهل زيارتهم أيضاً فى القرن الثانى الميلادي، وتعتبر المعلقة هى أقدم الكنائس التى لا تزال باقية فى مصر.. تقع واجهة الكنيسة بالناحية الغربية على شارع مار جرجس، وهى من طابقين.
وقد بنيت بالطابع البازيليكى الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء، وهى مستطيلة الشكل، وصغيرة نسبياً فأبعادها حوالى 23.5 متر طولاً و 185 متراً عرضاً و95 متراً ارتفاعاً، وهى تتكون من صحن رئيسى وجناحين صغيرين، وبينهما ثمانية أعمدة على كل جانب.