الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكنيسة وحرب أكتوبر




تقرير - روبير الفارس
 

كانت الروح العسكرية تسيطر على البابا شنودة بشكل كبير أثناء حرب أكتوبر، فلم تكن كلمته الشهيرة «إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا» ليست مجرد حروف، بل حياة حقيقية. فعداوته لإسرائيل لا تحتاج إلى دليل منذ أن فضحها فى محاضراته اللاهوتية الشهيرة التى فضح فيها فكرة شعب الله المختار بنقابة الصحفيين، لذلك اشتعلت حماسته الوطنية بصورة رائعة فى فترة الحرب وزار الجبهة أكثر من مرة.
 تحدث للجنود حول الموقف اللاهوتى المسيحى من الحروب، مؤكدا أن الحرب مقدسة لأنها حرب دفاع عن الوطن واسترداد الحق، وأعطى نفسه نموذجا كجندى سابق، حيث كان ضابطا احتياطيا والتزم بكل التعليمات وتعلم من حياة الجندية الطاعة والصبر والاحتمال والتأمل، وفى أثناء الحرب أمر البابا شنودة بأن تجمع التبرعات فى صندوق العطاء من الكنائس لدعم المجهود الحربى، وشجع زيارات الكهنة والأساقفة للمستشفيات، وقام بزيارة الجنود المصابين فى المستشفيات العسكرية وأهدى المصابين الهدايا العينية.
وكتب أكثر من مقال تحولت إلى نبذات ومنشورات قامت الكنائس بتصويرها وتوزيعها على الشعب أثناء صلاة القداسات ومدارس الأحد والاجتماعات. ومن بين هذه المنشورات، انتشر بين الأقباط تم توزيعهما على أوسع نطاق، المنشور الأول جاء تحت عنوان «سيناء مقبرة الإسرائيليين» وكتب البابا شنودة فيه:
(إننا ندافع عن أراضينا.. ودفاعا عن الحق.. لا شك أن قلوبنا جميعا وأفكارنا وكل مشاعرنا مركزة فى الحرب التى تجوزها بلادنا دفاعا عن أراضينا.. واستردادنا لحقوقنا المسلوبة ولعل أول ما نقوله فى موضوع الحرب هو أن بلادنا حاليا قد عاشت محبة للسلام طوال تاريخها.. ولم تدخل الحرب إلا مضطرة، فقد بذلنا كل جهودنا من أجل حل مشكلتنا حلا سلميًا وصبرنا أكثر من 6 سنوات نفاوض ونناقش ونعرض الحلول بلا جدوى.. وخلال هذه السنوات كلها كانت إسرائيل معتزة بذاتها شاعرة أنها فى مركز القوة رافضة كل حل سلمى، بل كانت لها آمال فى التوسع تزداد يوما بعد يوم، ولعلها كانت تظن أن محبتنا للسلام لون من الضعف والخوف، لذلك اضطرت بلادنا أخيرا إلى أن تدافع عن حقها بالقوة وأن تعمل على استرجاع أراضيها وصيانة كرامتها، وقد قال الكتاب المقدس: «إن الملك لا يحمل السيف عبثا»، فإننا لا نخوض حربا عدوانية وأننا لا نعتدى على أملاك أحد، بل إننا نحارب داخل أراضينا دفاعا عنها، لهذا فإن بلادنا تحارب بضمير مستريح وبقلب نقى، بل إنها كسبت إلى جوارها ضمير العالم غير المتحيز المحب للعدل.. إن جنودنا تحارب فى الميدان والله فى السماء يرى ويسمع ويعمل أيضا، وقد قال الكتاب المقدس: «إن الحرب للرب والله قادر أن يغلب بالكثير والقليل»، ومصر صاحبة التاريخ المجيد الطويل العريق، البلد الذى قال عنه «مبارك شعبى مصر» كم من غزاة حاربوك وبقيت كما أنت مرفوعا الرأس؟ لم يقو الباطل الذى فيهم على الحق الذى فيك، إننا متفائلون ونشكر الله أن الضيقات باستمرار تزيدنا قوة، تجعل صفوفنا أكثر وحدة وأصلب عودا وأشد إصرارا وعنادًا على الجهاد من أجل الحق، وفى هذه الأيام ترى الكنيسة والجامع يعملان بكل قوتهما من أجل الوطن المفدى والشيخ والقس كلاهما يعملان فى توعيته وفى حثه على التفانى فى خدمة الوطن، إن الحرب جعلت الكل جنودا ولقد هز قلبى التأييد الروحى والمادى أيضا الذى يقوم به أبناؤنا فى كنائس أمريكا وكندا وأوروبا واستراليا وما يجمعونه من تبرعات من أجل مصر).
أما المنشور الثانى فجاء تحت عنوان «سيناء وإسرائيل» وجاء فيه:
فى شبه جزيرة سيناء الآن تدور حرب طاحنة بين مصر وإسرائيل، وكان الأحرى بإسرائيل قبل أن تدخل حربا من أجل سيناء أن ترجع إلى التوارة، وترى فيما كتب موسى النبى العظيم لتعلم ماذا يقول الوحى الإلهى عن علاقة سيناء بإسرائيل، إن سيناء لم تكن يوما موطنًا لإسرائيل، بل كانت على العكس أرض متاهة ومكان تأديب، فعندما خرج بنى إسرائيل من مصر يقول الكتاب المقدس: إن الله شاء أن يتيهوا فى برية سيناء وقضوا 40 سنة حتى مات كل أفراد المتمردين والعصاة. ولم يبق من بنى إسرائيل سوى اثنين! فأرض سيناء هى التى شهدت العجل الذهبى الذى صنعه بنو إسرائيل وسجدوا له وقدموا له الذبائح، وهكذا نجسوا الصحراء النقية بعبادة الأوثان، وأرض سيناء شهدت تذمر بنى إسرائيل على الرب من أجل الطعام والشراب وبكوا وقال من يطعمنا لحما، بل تمردوا على موسى وهارون وأرادوا أن يرجموهما فى سيناء، إن بنى إسرائيل فى كل تاريخهم لم يدعوا أبدا ملكيتهم شبه جزيرة سيناء، بل كانت أرض غربة حتى أخرجهم الله منها قائلا: «كفاكم قعودا فى هذا الجبل»، لقد انقطعت صلة سيناء بإسرائيل منذ 3400 سنة، لأن موسى النبى عاش 1400 سنة قبل الميلاد واستمرت سيناء جزءًا لا يتجزأ من مصر وأرضا من صميم أرضها ومن حقنا أن ترجع إلينا سيناء التى سطت عليها إسرائيل بغير حق، وبغير سند من شرع أو من التاريخ.