الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حرب التكفيريين فى سيناء




ترجمة : أميرة يونس

أعد معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى دراسة تحت عنوان «حرب الجهاديين فى سيناء» تقول إنه خلال الأسابيع الأخيرة تصاعدت بكثافة الأنشطة الإرهابية فى سيناء من قبل جماعة أنصار «بيت المقدس» الإرهابية، ومن المرجح أن تزداد أنشطة التنظيم الإرهابى فى مصر خاصة بعد دعمهم القوى من قبل تنظيم الدولة الإرهابى «داعش»، والجهاديين السلفيين فى غزة، وأن مصر الآن تواجه تحديات كبيرة وخطيرة للشعور بالأمن والاستقرار فى ظل حكم الرئيس السيسى لمصر، مضيفة أن هذه الخلفية السوداء توضح أهمية زيادة نشاط الجيش المصرى فى سيناء ضد الإرهاب، وحدوث تقارب بين الولايات المتحدة ومصر وصل إلى حد تزويد الجيش المصرى بطائرات هجومية أمريكية من طراز أباتشى كتعبير عن الشراكة بين البلدين فى الحرب ضد الإرهاب.


العمليات الإرهابية المكثفة التى تقوم بها جماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء والتى تتركز فى شمال ووسط شبه الجزيرة، وصلت مؤخرا إلى الحدود الليبية وتقوم فى الأساس على استهداف الجنود والكمائن وزرع قنابل على جوانب الطرق والهجمات على خط أنابيب الغاز، وأن تلك الهجمات أصبحت أكثر جرأة فى القتال على غرار الأسلوب الوحشى لـ«داعش»، بما فى ذلك القتل بدم بارد وذبح الخونة المنتمين للقوم الكافرين، على حد تشبيه التنظيم الإرهابى.
ولفتت الدراسة إلى توطيد العلاقات التى تشكلت بين أنصار بيت المقدس و»داعش» وإعلان المنظمة الإرهابية فى مصر التى ظهرت فى أواخر عام 2011 عن الولاء الكامل لتنظيم «القاعدة» بقيادة أيمن الظواهرى،  وعلى ما يبدوا أن المنظمة نقلت ولاءها مؤخرا إلى «أبو بكر البغدادى» الذى نصب نفسه خليفة، وهو ما يعتبر تحديا لقيادة الظواهرى.
طبيعة ونطاق العلاقات بين المنظمتين اتضحت مؤخرا على أيدى مواد التحقيق النادرة التى أفرجت عنها السلطات المصرية بعد اعتقال أحد كبار التنظيم الإرهابى بيت المقدس «عادل حبارة» والذى عمل قائداً سابق فى حركة «الجهاد الإسلامى» المصرية الموالية للظواهرى،  والمتهم بقيادة الهجوم المجرم فى أغسطس عام 2013 الذى أسفر عن مقتل 25 جنديا مصريا بدم بارد من قبل الإرهابيين بتعليمات من داعش التى قامت بتمويلهم بأموال كثيرة مقابل نقل مساعدات لوجستية لهم، بما فى ذلك استخراج بيانات مزورة ليبية لهم وقسم يمين الولاء.
تنبغى الإشارة إلى أن «داعش» تتابع عن كثب وباهتمام كبير ما يحدث فى ليبيا وتسعى إلى زيادة الفوضى بهدف تقسيم البلاد، للحصول على دعم المنظمات الجهادية هناك واستخدامها كنقطة انطلاق للدول المجاورة، خاصة مصر، التى قبضت مؤخرا على عناصر تابعة لأنصار بيت المقدس كانت تحاول التسلل عبر الحدود من ليبيا إلى مصر، ويذكر أن جماعة بيت المقدس هى المسئولة عن مقتل 22 من جنود مصر على الحدود فى سيناء.
تؤكد الدراسة الإسرائيلية أن المنظمات الإرهابية التابعة لحماس فى غزة تتعاون بشكل سلس مع المنظمات الجهادية فى سيناء، وعلى الرغم من أن العلاقة بين أعضاء جماعة أنصار بيت المقدس والمنظمات السلفية فى غزة ليست بجديدة فقد تلقت غزة دعما قويا خلال عملية «عامود السحاب» من قبل عناصر بيت المقدس الذين أعربوا عن دعمهم الكامل لنضال شعب غزة وأطلقت صواريخ على بلدات بنى نتساريم، كتسيعوت، وإيلات،  إضافة إلى أن إيقاف قوات الأمن المصرية سيارة ممتلئة بصواريخ نشطاء التنظيم قبل أن يتمكنوا من إطلاقها تجاه إسرائيل، كذلك أرسل التنظيم المصرى مخربًا انتحاريًا لمعبر كرم أبو سالم، لكن تمت تصفيته من قبل قوات الحدود الإسرائيلية قبل أن ينفذ خطته.
أعلن فى غزة مؤخرًاعن تكوين منظمة سلفية جهادية باسم» أنصار الدولة الإسلامية»، تبنت إطلاق صواريخ تجاه أهداف إسرائيلية مختلفة خلال عملية «الجرف الصامد»، اقتبست هذه الجماعة كلمات «أبومصعب الزرقاوى» الأب الروحى والسلفى لتنظيم داعش، ويعبرون عن تأييدهم ودعمهم لتنظيم الدولة الإسلامية.
التنظيم الإرهابى «داعش» استخدم غزة كـ«مخبأ» للعناصر المتطرفة التابعة لها قبل توجههم إلى سيناء،  واستدلت الدراسة على صدق حديثها باعتقال الشرطة المصرية لـ15 من نشطاء داعش من بينهم سوريون،  وعراقيون ومصريين قاتلوا فى صفوفه وتمكنوا من الإنضمام إلى جماعة بيت المقدس فى سيناء من أجل تنفيذ عمليات إرهابية مشتركة ضد قوات الأمن المصرى.
عناصر أنصار بيت المقدس يعملون جنبا إلى جنب مع المنظمات المحلية الصغيرة مثل «الفرقان،  أجناد مصر، وجيش الإسلام» فى مصر. تعتمد أنشطة هذه المنظمات على إطلاق النار ضد مراكز شرطية وكمائن، وإغتيالات مسئولين مصريين ورجال شرطة تابعين لقوات الأمن. فى الآونة الأخيرة ركزت التنظيمات على أعمال إرهابية فى محيط القصر الرئاسى بالقاهرة ومبانى المكاتب الحكومية.
وعلى الرغم من أن تنظيم «داعش» لم يعمل حتى الآن على أرض مصر، لكن بعد تصريح الرئيس المصرى بأن بلاده ستساعد التحالف الدولى فى حربها ضد داعش، دعا المتحدث باسم التنظيم «العدناني» شركاءه فى سيناء، لتكثيف الهجمات ضد قوات الأمن المصرية التى وصفها بـ«أولياء اليهود»، وجنود فرعون مصر الجديد ودعاهم لمهاجمة قواعدهم، والهجوم على منازلهم وقطع رءوسهم.
فى ضوء كل هذا، بدأ الجيش المصرى يشن هجوما مكثفا فى الأيام الأخيرة على المنظمات الإرهابية فى سيناء كما نفذ عمليات اعتقال ضد الكثير من الناشطين، وقصف مواقعهم جوا، ومواقع الإطلاق تحت الأرض كما دارت معارك ضارية مع مطلوبين وقادة كبار بالتنظيم الإرهابى.  وتستمر الحرب على أنفاق التهريب من قطاع غزة لسيناء بكامل قوتها دون هوادة، وعلى الرغم من أن الجيش المصرى نجح فى تدمير مئات الأنفاق التى كشف عنها منذ بدء العملية، فانها ما زالت تشكل تهديدًا أمنيا لسيناء المصرية لذلك يبدو أن سيناء سوف تشهد خلال الأسابيع القليلة المقبلة تصعيدا كبيرا فى حملات الجيش المصرى التى يخوضها وقوات الأمن التابعة له ضد الإرهاب المتنامى فى سيناء، وفى قلب مصر أيضا.
حقيقة أن مصر مضطرة الأن للتعامل مع التهديد الإرهابى الحاد واليومى فى مختلف القطاعات، بما فى ذلك سيناء والحدود مع ليبيا، والحدود مع غزة، الأمر الذى يتطلب جهدا كبيرا وتعاوناً مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، وإسرائيل دون شك هى حليف وشريك مخلص فى الحرب ضد الإرهاب الجهادى السلفي، خاصة أنها تشكل هدفا لهجمات تلك المنظمات الإرهابية المعادية بطبعها لإسرائيل.
أعربت إسرائيل مؤخرا على لسان أحد كبار الضباط خلال الفترة الأخيرة، أن تل أبيب ترى فى هذه المرحلة أن داعش خصم بعيد لا ينظر إليها كهدف أساسى، وبالتأكيد ليس على المدى القصير، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى التحذير من قوة التحالف التى حسب رؤية إسرائيل - فهو بين «الداء والدواء» – داعش وأنصار بيت المقدس- والتنظيمات الجهادية السلفية بغزة، الأمر الذى يجعل من داعش هدفًا استخباراتيا يمكن تعقبه فورا واستهداف التعاون الوثيق الوطيد مع شركاء عرب وغربيين على حد سواء.
ورغم أنه من الأفضل تجنب إسرائيل محاولة اتخاذ موقف فى جبهة المعركة العالمية ضد داعش، إلا أنها يجب عليها وضع قدرتها المثبثة فى مجالات الاستخبارات والعمليات المتاحة فى خدمة الحملة العالمية لوقف توسع العمليات الإرهابية والجهادية المتوقعة على حدود إسرائيل من الجنوب والشمال والشرق فى المستقبل على أقل تقدير.