الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«حرب النفط» بين مصر وإسرائيل




كتب - سيد مصطفى

أثيرت دائما مشكلة مصادر الطاقة بين مصر وإسرائيل منذ اكتشافات البترول فى المنطقة العربية، وبدأت المواجهات الحتمية بين البلدين حين احتل العدو الصهيونى سيناء وبدأ فى التفكير فى استغلال مقدراتها النفطية، لتخوض مصر فى أكتوبر 1973 معركة الكرامة لوقف نزيف حقوق أجيالها القادمة، واستؤنف الصراع مرة أخرى حين وقع الرئيس المخلوع اتفاقية الغاز مع إسرائيل، وناضلت مصر الثورة لإيقاف الاتفاقية، ولكن بالرغم من توقفها إلا أنه لم تتوقف الاشتباكات السياسية حوله، خاصة بعد أن طفا إلى السطح وجود آبار غاز على الحدود الاقليمية بين مصر وإسرائيل وثارت التساؤلات حول هل تسرق إسرائيل الغاز من مصر عبر منصاتها بالمتوسط، أم لا، خاصة بعد توقف ضخ الغاز المصرى إليها، وهل ستقوم إسرائيل بفرض غرامات على مصر بعد وقف اتفاقية الغاز، وتظهر أخيراً بعض الأقاويل التى تقول إن مصر ستستورد الغاز من إسرائيل، وما مدى صحة تلك الاقوال.

بدأت المواجهة بقيام إسرائيل عقب نكسة 1967 بمحاولة استخراج البترول من خليج السويس، لوضع مصر أمام سيناريوهات إما أن تقوم إسرائيل باستنزاف البترول المصرى، واما ان يهاجم المصريون الحقول التى تستغلها إسرائيل لتتخذه كذريعة لضرب حقل «مرجان» وتحرم الجيش المصرى من امدادات البترول، وأعلنت عن تكوين شركة «ميدبار» وهى شركة إسرائيلية أمريكية إنجليزية حيث قامت باستئجار الحفار «كينتنج» وحينها قرر جهاز المخابرات المصرى التقدم باقتراح يقضى بضرب الحفار خارج حدود مصر بواسطة عملية سرية مع عدم ترك أى أدلة تثبت مسئولية المصريين عن ذلك وبالفعل حصلت مصر على معلومات كاملة عن تصميم الحفار وخط سيره، وتقرر تلغيم الحفار تحت سطح الماء أثناء توقفه فى أحد الموانئ الافريقية.
وفشلت العملية فى البداية فى داكار بالسنغال، وذلك لوقوفه بجوار قاعدة بحرية فرنسية مما صعب تفجيره وبعد وصول الضفادع قام الحفار بمغادرة الميناء، وتوقف فى «أبيدجان» عاصمة ساحل العاج وتم تفجيره يوم 6 مارس 1970 وسهل ذلك وجود مهرجان ضخم لاستقبال عدد من رواد الفضاء الامريكيين الذين يزورون أفريقيا لاول مرة وتجمعت الدفعة الاولى من الضفادع المصرية مكونة من 3 أفراد ونزلت من منطقة الغابات وقاموا بتلغيم الحفار وسمع دوى الانفجار بينما كان الابطال فى طريق عودتهم إلى القاهرة.
وتقول وسام الريس المتحدثة باسم حركة فتح إن معركة تدمير امدادات النفط خلال حرب أكتوبر كانت معركة حياة أو موت حيث قام الفدائيون بالتنسيق مع السلطات المصرية فى يوم 9 و10 رابع أيام القتال بنسف مستودعات النفط شرق حيفا، وكذلك دمروا خط أنابيب البترول الممتد من إيلات الى عسقلان «المجدل» ودمروا عددا من الجسور والعبارات فى شمال ووسط وجنوب فلسطين.
ولم تنته حروب البترول بين مصر وإسرائيل بانتهاء أكتوبر حيث ظهرت الحرب مرة أخرى ولكن حول الغاز الطبيعى بعد توقيع اتفاقية الغاز بين البلدين أثناء حكم المخلوع، والتى ناضلت مصر الثورة من أجل إلغائها الى أن نجحت فى ذلك بعد ثورة يناير، لتطفو على السطح من جديد منصات غاز إسرائيلية بالبحر المتوسط يشتبه فى سرقتها للغاز المصرى.
ويقول يحيى الكومى الخبير البترولى إنه وارد أن تأخذ إسرائيل الغاز، وذلك لأن فوق الارض شىء وتحته شىء آخر وذلك لأن الخزان الجوفى يمكنه أن يمتد بين بلدين وثلاثة بلاد، كما أن الآبار بعد الطفرة التكنولوجية يمكن أن تسير مائلة، وليست كالماضى فى خطوط مستقيمة، كما يمكنك أن تحفر بميل.
وأكد الكومى فى تصريحات خاصة أن تلك المشاكل تمت تسويتها بين دول كثيرة، مثل ما حدث بين ليبيا وتونس وذلك بوجود اتفاق مشترك للاستفادة من الخزان.
كما أوضح الكومى أن المعضلة الكبرى تتمثل فى الشركات البترولية الكبرى العابرة للقارات، وهى شركات تدار بشكل اقتصادى سياسى فحتى إذا وجد الغاز فى منطقة فهى تعمل لحسابها الخاص، وبتوجيهات سياسية فالمنطقة التى تريد أن تنعشها تنقب لها عن آبار خاصة أن الكثير من تلك الشركات يمتلكها يهود فشركة مثل بريتش بتروليوم يمتلك أكثر من نصف أسهمها يهود، ولذلك فثقل إسرائيل أكبر لديهم.
وأضاف الكومى أن الحكومة قصرت فى نواح كثيرة فهناك حقل قبرص يؤخذ من المياه الاقليمية المصرية والتى تحفره بريتش بتروليوم.
وكشف الكومى على أن إسرائيل تلعب نفس الدور مع السلطة الفلسطينية حيث تستخرج البترول من أمام المياه الاقليمية لغزة، مع شركة بريتش جاز، ولذلك لا تريد أن تعطى السلطة الفلسطينية سلطات واسعة.
ونبه الكومى إلى أن الحل هو التفاوض مع تلك الشركات الاجنبية لتسلم لمصر الخرائط الخاصة بمشاريعها على الحدود البحرية وذلك لانها ايضا ترتبط معهم بمصالح ويمكنك مساومتها على ذلك.
من جانبه أكد المهندس حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية ان كلفة استخراج الغاز من قاع البحر عالية ولذلك يكون استخراجه غير مجد اقتصاديا بالرغم من وجود غاز فى الاعماق، مشيرا إلى أنه يمكن ايضا أن يتم سحب الغاز أو البترول من أرض الجوار، وذلك عن طريق النزول الى قاع المحيط بمواسير ثم السحب بالرغم من وجود المنصة البحرية بداخل أرضها وذلك لأن التقنية الحديثة تساعد على ذلك.
وأوضح عرفات أن هذا كان سببا مباشرا فى اندلاع العديد من الحروب كالتى نشبت بين العراق والكويت، لأن الاخيرة استغلت انشغال العراق بحرب إيران، وقامت بسرقة البترول العراقى، مؤكدا أن الموضوع يحتاج الى خرائط جيولوجية دقيقة للمنطقة، وإلى تقنيات حديثة لاثبات ما اذا كانت الدولة قد أخذت غازاً منك أم لا، مشيرا إلى أن قصة الابار مع إسرائيل اثيرت وقت الوزير أسامة كمال وقال إن القوات المسلحة هى من تولت ترسيم الحدود، وانه لم تثبت وقتها وجود سرقة للغاز وعن وقف اتفاقية الغاز مع إسرائيل قال عرفات إن الاتفاقية قد انتهت بعد قيام رئيس الشركة القابضة للغازات محمد شعيب بفسخ العقد مع الشركة نتيجة تأخرها فى دفع المستحقات، كما أكد أن ما يقال عن استيراد مصر الغاز من إسرائيل أنه «شو إعلامى» لوجود وسطاء وسماسرة يريدون أن يستفيدوا من الصفقة اذا تمت.
وتساءل عرفات عن المانع من استيراد الغاز من إسرائيل اذا كان ذلك سيكون حلا لمشكلة انقطاع الكهرباء، ومنوها ان مصر تستورد الغاز من قطر، وهى تحارب البلد بجميع الاشكال، وتسلط علينا فضائيتها الجزيرة، وتأوى الهاربين عندها أم أن الفارق شعار «عربى».
كما قال محمد على حسن عضو غرفة عمليات تمرد المركزية ومسئول الملف الخارجى بموقع تمرد الرسمى بأنها مشكلة كبيرة جدا بوجود الرئيس السيسى أو بدونه حيث نحتاج لإعادة ترسيم الحدود البحرية، فبعض الثروات تسرق من عندنا ومن فلسطين ومن قبرص، فالحل هو لجان لترسيم الحدود فإذا كان الحقل على خط الحدود يتم تقسيمه.
وذكرت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى انه تم التوقيع فى الأردن بين ممثلين عن الأردن وعن شركة «نوبل إنيرجى» على وثيقة تفاهم لتزويد الغاز الطبيعى من حقل الغاز الاسرائيلى «لفيتان» فى صفقة تقدر بـ15 مليار دولار ولفترة لا تقل عن 15 عاما.
وأكدت القناة انه بهذا الاتفاق ستحول إسرائيل الى مزود الطاقة الرئيسى للأردن للعقود المقبلة، وحضر التوقيع من الجانب الاسرائيلى وزير الطاقة سيلفان شالوم، ونائب وزير الخارجية عاموس هوغشتاين، وعن الجانب الآخر مسئولون من الخارجية الأمريكية حيث تواجد فى الأردن لمواكبة عملية التوقيع مبعوث خاص لوزير الخارجية الامريكية لشئون أمن الطاقة.
وأوضحت القناة ان هذه الصفقة ستغير بشكل جوهرى العلاقات الاستراتيجية الاقتصادية لإسرائيل مع الأردن، وسيحول إسرائيل الى منتجة ومصدرة للطاقة مشيرة الى امكانية استغلال ذلك لتحقيق أهداف استراتيجية.
وأفادت القناة الى أن مسألة تصدير الغاز من إسرائيل شغلت الرأى العام الاسرائيلى كثيرا فى السنوات الاخيرة وفى النهاية قررت حكومة «نتانياهو» أنه بإمكان الكيان أن يصدر 40٪ من الغاز الطبيعى.
كما لفت التقرير الى أن الاردن تعانى من أزمة طاقة، حيث إنه لا تتوفرفيها الموارد الطبيعية فى حين أن نسبة الولادة عالية جدا، اضافة الى لجوء أكثر من 600 ألف سورى إلى الأردن، مما أدى إلى تفاقم أزمة الطاقة، الامر الذى جعل إسرائيل مصدر الطاقة من الدرجة الأولى للأردن.
وأطلقت العديد من الفعاليات الشعبية بالأردن كرد فعل على الصفقة منها حملة تدعو لإلغاء صفقة الغاز المبرمة ما بين عمان وتل أبيب، حيث جاءت على شكل عريضة تحت عنوان «اتفاقية الغاز... شريان حياة لعدونا» تطالب بإلغاء صفقة الغاز الاسرائيلى، وانضم الى العريضة الكثير من الحركات الاردنية الرافضة لاسرائيل مثل الحركة الشعبية الأردنية لمقاطعة الكيان الصهيونى «قاوم - قاطع»، جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، وهيئة تحرير مجلة راديكال، ولائحة القومى العربى، وأحفاد كنعان، وقادمون ورابطة الكتاب الأردنيين.
ونجحت العريضة بجذب مئات النشطاء حيث وقع ما يزيد على 1900 مواطن ومواطنة على العريضة التى دشنت فى أعقاب إعلان بدء التفاهمات الاردنية الاسرائيلية لاستيراد الغاز الطبيعى.
وتحتوى العريضة الالكترونية مطالبة لحكومة عبدالله النسور بوقف العمل لاستيراد الغاز الطبيعى الاسرائيلى والبحث عن بدائل له منعا لـ«ربط مصادر طاقته كليا أو جزئيا بالكيان الصهيونى الذى هو مصدر التهديد الحقيقى لشعوب المنطقة».
ويسعى المنظمون لجمع 5 آلاف توقيع الكترونى على العريضة التى تحمل عنوان «لا تسمح بإتمام صفقة شراء الغاز المسروق».
وذكرت إذاعة «ريشيت بيت» أن ضابط سلاح البحرية الاسرائيلى على الحدود البحرية مع قطاع غزة تحدث عن وجود تهديدات حول منصات التنقيب عن الغاز الاسرائيلية امام سواحل اشكلون والسفن التجارية التى ترسو فى إسرائيل، وذلك بسبب توسيع المنطقة المسموح فيها بالصيد للفلسطينيين أمام شواطئ القطاع.
وادعى أحد ضباط الاحتلال برتبة لفتاننت كولونيل عن وجود عناصر إرهابية تسعى الى استغلالهم لارتكاب اعتداءات تخريبية، بالرغم من كون معظم الصيادين الفلسطينيين ليسوا معادين لإسرائيل على حد وصفه.