الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بيزنس» إعمار غزة




ترجمة - سيد مصطفى
 

بدأت عملية البيزنس خلف إعمار غزة حيث تنطلق عمليات انعاش الفصائل الفلسطينية عن طريق ما يتم جلبه من مساعدات وهذا هو السيناريو الذى يتم فى كل عملية لإعادة الاعمار سواء من القائمين عليها أو المانحين.
أشارت صحيفة معاريف الاسرائيلية إلى أن السلطة الفلسطينية جنت مكاسب من اتجاهين الاول هو الحفاظ على السيطرة على غزة، ومن جهة أخرى لمساعدتها فى الحصول على أموال إعادة البناء ودفع رواتب الموظفين وأشارت مصادر إلى نقل مبلغ أولى قدره 45 ألف دولار لمسئولى حماس فى غزة بحلول نهاية الشهر، كما أنه سوف يتسلم 3000 عضو من الحرس الرئاسى للرئيس عباس المعابر الحدودية لتعمل تحت اشراف المنظمة.
وقال علاء مطر أحد الشباب بحركة فتح إن عمليات الاعمار السابقة بالقطاع انفردت حركة حماس بها ومعظم سكان القطاع لم يحصلوا على حقهم من أموال الاعمار، حيث اتجهت لشئون «حزبية» ولقيادات حماس.

ويؤكد مطر فى تصريحات خاصة أنه بعمليات الاعمار السابقة كان لايوجد نظام ووجد فساد نتج عنه خلل فى ادارة الاعمار، وذلك بسبب عدم التوزيع العادل للاعمار على السكان حيث توجد منازل تضررت جزئيا وأخرى هدمت بالكامل بينما توجد مناطق البنية التحتية فيها مدمرة وتحتاج الى شبكة مجارى وكهرباء ومياه.
وأوضح مطر أن الخوف الاكبر يتمثل فى خطرين الاول هو التأخير فى البناء وذلك لان إسرائيل ستماطل فى دخول المواد اللازمة واذا احتاج الاعمار الى سنتين من المحتمل ان تصبح خمس سنوات حيث ستدخل المواد الاساسية بشكل محدود وعلى دفعات.
وتساءل مطر هل ستأتى الاموال التى أعلن عنها فى المؤتمر حيث لم يصل حتى الآن سوى 200 مليون دولار من المليارات المزعومة وخاصة ان الشتاء فى غزة قارس حيث إنه ممطر بارد والشعب الغزاوى فى الشارع بلا مأوى.
ويستشهد مطر على ذلك بأن ألمانيا تبرعت بـ«كرفانات» ولكن اسرائيل منعت دخولهم فلم يصل للأسر سوى 200 كرفان تم توزيعهما على الاكثر فقرا بالقطاع منوها أن فتح معبر رفح وتسليمه سيخفف الازمة، ولكن لن يحلها لأن اتفاق التهدئة نص على ان تدخل المساعدات من المعابر الاسرائيلية.
ويصف مطر الاوضاع بالقطاع بأن المأساة تكمن فى أن الفلسطينى يعمل طول عمره ليبنى بيتا ولكن تأتى إسرائيل فى لمح البصر لتهدمه، مشيرا  إلى أن معظم الغزاويين بنوا مكان بيوتهم ببعض الصخور وعليها سقف خشبى للسكن بها وذلك بسبب صغر المساحة وأن المعظم كان يسكن ببيوت بالايجار، ولكن حجم الدمار بالحروب السابقة لم يكن مثل تلك المرة، حيث إن الحرب الأخيرة لم تبق ولا تذر فتوجد عائلات شطبت من السجلات، وأخرى لم تعرف أين أثر منزلها بعد تدمير الحى.
وعبر مطر عن أمله فى أن يسير الاعمار الجديد بخطوات ثابتة، حيث يشرف عليه «رامى الحمد لله» نفسه ومن يعمل على الارض هى شخصيات من الوزارات الفلسطينية، حيث تم إقصاء الفصائل على عملية اعادة الاعمار وأسندت لحكومة الوفاق فقط.
وعانى أهل قطاع غزة من عدم الاستفادة من عمليات اعادة الاعمار حيث اقتصرت أموال إعادة الاعمار على فئات محدودة من السكان، وهى الفصائل السياسية الموجودة بالقطاع وخاصة حركة حماس حيث ذهبت أموال الاعمار منذ عملية اعادة الاعمار فى 2008 الى خزائنها بسبب سيطرتها على القطاع آنذاك، وقال كريم حميد من سكان حى الشجاعية المنهار إنه لايتوافر بقطاع غزة ملاجئ للسكان المدنيين بينما تتوافر انفاق وملاجئ «عسكرية» لحركة حماس وقتل واصيب العديد من الاطفال بسبب ذلك، نذكر منهم الطفلة نور أشرف التى هدمت عليها عمارة م 7 طوابق وهى الآن مصابة بشظية فى المعدة بمستشفى دار الشفاء.
ولم يحصل معظم الغزاويين على مأوى لهم فى عمليات اعادة الاعمار السابقة حيث تروى أم وسام تضحياتها من أجل أسرتها بغزة قائلة: «هدم بيتنا قبل ذلك وعشنا بالمخيمات وبعت شقتى بمصر لكى أبنى لنا داراً فى غزة نعيش بها»، بالرغم من دخول أموال الإعمار غزة فى القصفين السابقين.
وفسرت أم وسام فى تصريحات خاصة السبب الاساسى للمصالحة فى غزة بأن الرواتب لان موظفى فتح خارج أعمالهم وموظفى حماس لا يتقاضون رواتبهم فهو خير للاثنين، مضيفة لم أخرج الى المظاهرات الا فى وقت المظاهرات الخاصة بالمصالحة و«الشعب يريد إنهاء الانقسام».
وقال آفى يسسخاروف المحلل الاسرائيلى لشئون الشرق الاوسط فى تايمز أوف اسرائيل وصحيفة هاآرتس أن ممثلى الدول المتبرعة والاطراف ذوى النفوذ فى الساحة الدولية حضروا الى مؤتمر اعادة اعمار غزة لمعرفة أين ستذهب أموالهم، من سيضمن وصول الاموال الى الاطراف الصحيحة وليس الى المجموعات المسلحة فى غزة يقصد حركة حماس وكيف سيتم تنفيذ كل هذا.
وأكد آفى أن سكان قطاع غزة اعتادوا على خيبات الامل، حيث مر شهر ونصف منذ انتهاء الحرب، وحتى الآن لم يتغير شىء وفى الواقع لم يبدأ اعمار المنازل، والشتاء قادم ولذلك السكان الآن أكثر حذراً وواقعية وعاد آفى الى اثار اعمال الاعمار السابقة قائلا: إن المنازل التى دمرت خلال حملات الجيش الاسرائيلى فى منطقة رفح عامى 2004 و2005 لم يتم اعادة بنائها حتى الآن وبعد تقريبا 10 سنوات هذه البيوت مازالت تنتظر البناء، مشيرا إلى أنه تعهد فى العقد الماضى العديد من الدول بأن ترسل أموالا الى غزة أو الى السلطة الفلسطينية فى عشرات المناسبات، ولكن هذه الاموال اما ارسلت بشكل جزئى أو لم ترسل أبدا.
وأوضح المحلل ان مصر والسلطة الفلسطينية لاتزال لديها اشكاليات مع هذا الوضع لانهم يدركون بأن اعادة الاعمار، اذا تم بشكل اسرع سوف يقوى حماس، وهى مشكلة اقل لإسرائيل التى ترى بحماس شريك عمل بينما ترى رئيس السلطة الفلسطينية كعدو استراتيجى، القاهرة ورام الله قلقان بهذا الشأن، وعلى الأرجح سيحاولون المماطلة فى عملية إعادة الإعمار.
واتهم يسسخاروف حماس والسلطة الفلسطينية بأنهم اقترفوا خطأ جسيما برفع آمال سكان غزة فى الاسابيع الاخيرة، حيث تعهدوا بإعادة الاعمار بسرعة، فتح المعابر، تخفيف الحصار ودخول العمال الغزويين إلى العمل فى إسرائيل وحتى لفتح «معابر آمنة» بين غزة والضفة الغربية، وأن ذلك سيثيرالرأى العام فى غزة.
وأفاد آفى ان الشارع الغزاوى سوف يوجه أصبع الاتهام ليس اتجاه إسرائيل والسلطة الفلسطينية فقط، بل تجاه حماس ايضا حيث سيمر وقت طويل قبل ان تتحقق هذه الامور متنبئاً بأنه على الأرجح سوف تحاول حماس تخفيف المعارضات عن طريق تصعيد جهات مع اسرائيل وهى طريقتها فى الأزمات.
وأشار آفى إلى أن حماس وإسرائيل لديها مصلحة مشتركة، إعادة إعمار قطاع غزة بسرعة، وهو ما نعته بأنه شىء ليس نادراً مفسرا ذلك بأن عدم اعادة الاعمار وعدم فتح المعابر الحدودية يعنى خسارة كبيرة فى الحرب الاخيرة مع إسرائيل بينما اعادة الاعمار وفتح الحدود وتخفيف الحصار، سوف يعزز هدف حماس منذ اليوم الاول لعملية الجرف الصامد وهو انها هزمت إسرائيل.
وأضاف يسسخاروف أن حماس على استعداد للتنازل عن سلطتها على الحدود، وحكمها على ما أسماه الحياة اليومية فى غزة لضمان اعادة الاعمار، مؤكدا أنها غير مستعدة بأى شكل من الاشكال أن تتنازل عن أسلحتها وقدراتها الامنية.
وعن الدور الاسرائيلى قال المحلل إن الاسرائيليين معنيون بإعادة الإعمار حيث ستستمر سياسة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو التى تسعى للتهدئة بدون حل المشاكل الاساسية، حتى لو لم يتم نزع السلاح من حماس، معتبرا أن هذا يمنح إسرائيل بعض الاشهر من الهدوء الكاذب، حتى الجولة التالية من القتال.
ولم يقتصر البيزنس فقط على المتواجدين بالاراضى الفلسطينية بل كان أحد الاهداف الخفية للكثير من الدول المانحة التى استفادت كثيرا من خلف مشاركتها بنصرة القضية الفلسطينية ومسألة الاعمار فى غزة، وتأتى على رأس تلك الدول السويد والتى احتلت مكانة أكبر متبرع للاعمار من خارج الوطن العربى، حيث كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسئولين إسرائيليين ان الاعلان السويدى اعد للاستهلاك السياسى المحلى، حيث إن اكثرمن 6٪  من السكان المحليين المسلمين صوتوا لصالح الحزب الديمقراطى الاجتماعى فى السلطة حاليا، كما تلعب قطر وروسيا من خلال عملية الاعمار لشراء دور اقليمى بالمنطقة وتظهر بعدها دول أمريكا اللاتينية حيث قدم ادواردو دوس سانتوس، ممثل البرازيل الدعم بارسال مواد بقيمة 30 مليون دولار كمساعدات فى 7 سنين لغزة، كما تبرعت فنزويلا بمساعدات ويرجع ذلك لوجود جالية عربية كبيرة بدول أمريكا اللاتينية معظمها يرجع لبلاد الشام ويمثل بها الفلسطينيون نسبة لا بأس فيها وتعد وحدة سياسية واقتصادية مهمة بتلك الدول.
وذكر الكاتب الاردنى يعقوب العودات المشهور بالبدوى الملثم فى كتابه «الناطقون بالضاد فى أمريكا الجنوبية» وصول الكثير من المهاجرين الفلسطينيين الى مناصب ومراكز اجتماعية واقتصادية مرموقة فى كثير من دول أمريكا الجنوبية، فمثلا كان أحد أبرز المرشحين لرئاسة تشيلى عام 1970 هو الفلسطينى الاصل رفائيل طارود «طراد» وهو الذى تعرض له الكاتب التشيلى اديسيو الفاردا فى كتابه «التركى طارود» لقب التركى كان يطلق على العرب الذين هاجروا إبان الحكم العثمانى بجوازات سفر تركية الى أمريكا اللاتينية وتولى الفلسطينى الاصل فرانسيسكو شهوان منصب نائب رئيس الجمهورية 20/10/2006 هذا غير الوزراء و10٪ من أعضاء مجلس الشيوخ حاليا فى تشيلى هم من أصل فلسطينى و40٪ تقريبا من اقتصاد تشلى يسيطر عليه التشيليون من أصل فلسطينى، مما وصل الفلسطينى انطونيو ساكا «السقا» الى رئاسة السلفادور 2004/2005 والفلسطينى البرتو ميغيل فاكوسيه «فقوسه» لمنصب رئيس هندوراس 1997/2003 كما وصل الفلسطينى سيمون جودى «عودة» لمنصب رئيس وزراء البيرو «2008/2009» ووصل الفلسطينى عمر شحادة لمنصب النائب الثانى لرئيس البيرو «2011/2012» كما شغل الفلسطينى خورخى بريز لاراش أو جورج أبوالعراج منصب وزير خارجية جواتيمالا «2004/2006» كما شغل الفلسطينى جاسم سلامة رئاسة مقاطعة كولون البنمية «2002/2004».
كما ذكر «عدنان نقول» الاعلامى العربى فى أمريكا اللاتينية فى دراسة منشورة، بأنه يعتبر اتحاد المؤسسات العربية الامريكية «فيأراب» الوعاء التنظيمى الشامل لعمل الجالية العربية ويضم فى صفوفه ممثلين عن معظم الجمعيات والنوادى والهيئات الاغترابية للدفاع عن مصالحهم فى أوطانهم الجديدة أولا والدفاع عن مصالح وقضايا الامة العربية التحررية العادلة ثانيا ويأتى فى المقدمة منها قضية تحرير فلسطين وحشد امكانيات المغتربين العرب للتصدى للدعاية الصهيونية وتشويه سمعة العرب.
وأخذ فى الآونة الاخيرة اتحاد المؤسسات العربية الامريكية بلعب بعض الادوار السياسية مثل اصدار البيانات السياسية والتضامنية فى المناسبات الوطنية والقومية واستنكار الاعتداءات التى تقوم بها حكومات إسرائيل الإرهابية المتعاقبة ضد الشعب الفلسطينى واللبنانى مثل حرب جنوب لبنان عام 2006 وحرب غزة 2008 ومرافق ذلك من نشاطات كان وراؤها ومنظما لها ومعاديا للسفارات الإسرائيلية واللوبى الصهيونى فى بلدان الاغتراب وعموم القارة اللاتينية.