الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العالم ينشغل بـ«داعش» وإيران تسيطر على منافذ المنطقة




ترجمة - أميرة يونس وسيد مصطفى

أكد الكاتب الاسرائيلى «آفى يسسخاروف» والمحلل لشئون الشرق الاوسط أنه فى نفس الوقت الذى يراقب فيه العالم معارك «كوبانى» البلدة الكردية التى تقع على الحدود بين تركيا وسوريا، بين القوات الكردية وتنظيم داعش الارهابى نجحت ايران وببطء فى استكمال عملية الاستيلاء التى وصفها بأنها مثيرة للاعجاب باليمن.
وأوضح يسسخاروف أن الحوثيين الذين أسماهم «المتمردين» استولوا على «الحديدة» المدينة الساحلية الاستراتيجية فى اليمن، والتى تقع غرب العاصمة صنعاء، كما احتلوا المطار الذى يقع جنوبى المدينة خلال اليوم نفسه، وذلك بعد ان نجحوا فى 21 سبتمبر فى الاستيلاء على العاصمة صنعاء.
وتدعم جماعة الحوثيين وهم ينتمون الى طائفة اليزيديين والتى تعد احدى الطوائف الشيعية، فى السنوات الاخيرة بمساعدات نعتها بـ«المكثفة» من كل من الحرس الثورى الايرانى وجيش القدس، الذى يختص بالتدخل الايرانى بالساحات الدولية.

وتثير هذه الخطوة طبعا الكثير من المخاوف فى إسرائيل والعديد من الدول العربية كمصر وذلك لان اليمن نظرا لموقعها الجغرافى على ممر مائى استراتيجى بالنسبة لاسرائيل ومصر وذلك لانه يتحكم بالخروج من البحر الأحمر الى المحيط الهندى وهو مضيق باب المندب، كما أن وجود عناصر الحرس الثورى فى الممر المائى مصيرى بالنسبة لاقتصاد الدول المطلة على البحر الاحمر ومنها إسرائيل، حيث تستطيع الوصول من هناك ليس فقط الى المحيط الهندى بل أيضا لوجهات أخرى مثل إيران نفسها وبامكانهم التسبب بمشاكل ليست بقليلة للسفن التى تمر فى البحر الأحمر فى بداية السبعينيات هاجمت منظمات فلسطينية سفنا إسرائيلية مرت من باب المندب، وقد يتبع الايرانيون طرقا مماثلة من خلال الحوثيين.
وشبه يسسخاروف الاحداث فى اليمن منذ بداية «الربيع العربى» هناك بمثال كلاسيكى لما اسماه بالرمال المتحركة فى الشرق الاوسط ففى نوفمبر 2011 استقال رئيس اليمن على عبدالله صالح من منصبه، بعد 33 عاما ويعد صالح واحدا من اقدم الرؤساء فى الشرق الاوسط ولم يكن احد يضاهيه فى هذا إلا العقيد معمر القذافى، حاكم ليبيا حيث إن الاثنين فى نفس السن تقريبا، وتم اعدام القذافى من دون محاكمة فى أكتوبر 2011 وكان هذا الاعدام واحدا من الاسباب التى دفعت بصالح الى الاستقالة بإرادته حتى حل مكانه الرئيس عبدربه منصور هادى.
ورأى يسسخاروف أن هذا التغيير فى شخص الرئيس لم يكن كافيا بالنسبة للحوثيين، وذلك لانهم أرادوا قسما أكبر من كعكة السلطة وذلك بعد التشجيع الايرانى، ولذلك سعوا ومازالوا يسعون الى الاستيلاء على اليمن، مشيرا إلى أنهم فى الاشهر الاخيرة حققوا انجازات عسكرية مهمة، كانت قمة ذورتها الاستيلاء على صنعاء، والذى نجحوا خلاله على الاستيلاء على مكاتب حكومية ومنشآت استراتيجية وغير ذلك من المناطق الحيوية داخل العاصمة، واشترطوا لوقف القتال تشكيل حكومة جديدة مكونة من وزراء تكنوقراط وهوالامر الذى وافق عليه الرئيس هادى عن طريق وساطة الأمم المتحدة ولكن اشتعلت الساحة مرة أخرى عندما حاول هادى فى الاسبوع الماضى تعيين أحد مقربيه، المسمى بأحمد عواد بن مبارك، رئيسا للحكومة، وهو ما قوبل برفض من الحوثيين.
وأكد المحلل الاسرائيلى انه لم يكن من وصفهم بالسنة المتطرفين الذين يعملون فى جميع أنحاء اليمن، وخاصة عناصر القاعدة سعيدون برؤية الشيعة اليزيديين يرفعون رأسهم والذين لا يتدعى عددهم 30٪ من سكان البلاد، ودلل آفى على ذلك بانه فى يوم الخميس الماضى، خلال مظاهرة للحوثيين ضد تعيين بن مبارك فجر انتحارى نفسه داخل الحشد الذى سار فى صنعاء مما ادى الى مقتل 47 شخصا وأجبرت هذه التطورات الرئيس هادى الى التراجع عن نيته تعيين بن مبارك.
وأشار الكاتب الى أنه فى الوقت الذى وافقت كل الاطراف على تعيين مندوب اليمن السابق لدى الأمم المتحدة، خالد بحاح رئيسا للحكومة قام الحوثيون فى اليوم التالى باحتلال حديدة مما خلط الاوراق من جديد، وكأن كل هذا لا يكفى فى اليوم نفسه اجريت فى المدن الجنوبية فى اليمن، وخاصة فى عدن، مظاهرات لانفصاليين جنوبيين الذين يطالبون بالاستقلال عن اليمن واقامة «الجمهورية الشعبية لجنوب اليمن» من جديد.
وتساءل آفى إلى أين تسير الامور باليمن، واصفا هذا بأنه غير واضح، ولكن ما يمكن أن يفهم بانه فى ظل الاعتداءات والمذابح التى ترتكبها داعش، أثبت المحور الشيعى بقيادة ايران بأنه يعمل على قدم وساق وانه لايرتاح للحظة، ويبين المحلل ان الشعارات التى ظهرت خلال مظاهرات الحوثيين فى اليمن، وهى مأخوذة من معجم رجال الثورة الاسلامية فى ايران مثل «الموت لامريكا، الموت لإسرائيل، الموت لليهود» ويكاد يجزم يسسخاروف بأن الكثيرين من المشاركين فى المظاهرة لا يعرفون حتى مكان اسرائيل على الخريطة.
ويؤكد يسسخاروف أنه لم يقتصر على شعارات التأثير الايرانى، كما ان السعودية تراقب الاوضاع عن كثب حيث تدرك الرياض ان الايرانيين قاموا بإرسال وسائل قتالية الى الحوثيين، وكشف انها عندما حاولت المساعدة فى احباط التهريب من ايران الى شمال اليمن، اعتقل الجيش اليمنى عناصر من الحرس الثورى خلال المعارك، وتخشى السعودية أن البعثة الايرانية الجديدة ستحاول خلق جو من عدم الاستقرار فى المناطق الشيعية عندها، وهى المناطق الموجودة بشرق المملكة وخاصة بمحافظة الاحساء وبعض المدن الشيعية، بينما تعد وسائل الاعلام الامريكية والاسرائيلية أيضا مشغولة بشكل مهووس عن دراسة خرائط سيطرة داعش، تنجح ايران «المعتدلة» بقليل من الضجة حول العمليات التى تقوم بها فى فرض سيطرتها وبسط سيادتها فى اراض أكبر وأكثر، لبنان واجزاء من سوريا، أجزاء كبيرة من العراق والآن اليمن، كما ستمر فى الشهر القادم ستة اشهر من المحادثات على البرنامج النووى الإيرانى، وذلك من دون تحقيق انفراج حقيقى بالمفاوضات، ولكن التحركات الاخيرة أثبتت ان الايرانيين يستطيعون تدبر أمورهم من دون سلاح نووى.
وشكك يسسخاروف فى الحلفاء الذين اختارتهم الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط قطر وتركيا البلدين يمولان حماس والدوحة على الاقل، بطريقة أو بأخرى ساعدت عناصر داعش فى الماضي، ولكن الادارة الحالية فى واشطن اختارت هذين البلدين كشريكين لها فى اطار سياسة التقرب من الدول العربية والاسلامية بشكل عام، ودلل المحلل على عدم اخلاص تلك البلدان فى محاربة داعش بأنه فى الوقت الذى أشادت فيه مستشارة الامن القومى سوزان رايس بموافقة أنقرة على السماح لطائرات التحالف استخدام المطارات فى تركيا لمهاجمة أهداف داعش نفت أنقرة ذلك على الفور.
وساق آفى دليلا آخر اكثر خطورة وهو أن يوم الاثنين 13 أكتوبر هاجمت طائرات تركية اهدافا كردية فى جنوب شرق تركيا، والمكان الوحيد الذى يمكن من خلاله ايصال امدادات للاكراد المحاصرين فى كوبانى هو الحدود التركية، ولكن أنقرة ترفض هذه الامكانية تماما.
وأثارت الحرب اليمنية الداخلية انتباه الجانب الاسرائيلي، خاصة بعد سقوط العاصمة اليمنية صنعاء فى يد الحوثيين الشيعة والمحسوبين بشكل أو بآخر على ايران، والتى تعتبر من أكبر الاعداء التقليديين لاسرائيل، ولذلك كانت العناوين الاسرائيلية هى «سقوط العاصمة العربية الرابعة فى يد إيران».
قال يوسى تيشر المحلل الاسرائيلى للشئون الشرق أوسطية عبر الاذاعة الاسرائيلية «ريشيت بيت» ان سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء جاء بعد ما اسمته الاذاعة بالحرب الطائفية بين الشيعة والسنة والصراع السياسى بين الدولتين الكبيرتين فى المنطقة طهران والرياض، والتى وصفتها بـ«الحرب الباردة» بينهما باليمن، والتى بدأت بعد الاتفاق الذى ابرم بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الشيعية التى نعتتها الاذاعة بانها مدعومة من ايران، وذلك برعاية موفد الأمم المتحدة، وهى الاتفاقية التى رفض الحوثيون التوقيع على ملحقها الامنى.
وفسر يوسى سقوط صنعاء فى ايدى الحوثيين انه وفق التحالف التكتيكى بين الحوثيين والرئيس السابق على عبدالله صالح مقابل اعادته للمشهد السياسى اليمنى بشكل أو بآخر.
وأجرت الصحيفة حديثا مع مدير مركز الدراسات الايرانية العربية فى لندن اكد فيه أن اليمن جسر العبور الى السعودية وذلك لان ايران لا تهدف للسيطرة على اليمن بل على السعودية، حيث إن طهران تمتلك استراتيجية واضحة المعالم كى تصل عن طريق جماعة الحوثيين فى اليمن الى الحدود السعودية ثم التوغل حتى الرياض، وبالفعل حاربت السعودية الحوثيين خلال الحرب السادسة عام 2009 بعد أن احتل الحوثيون جبل الدخان بجنوب السعودية، مدعين اطلاق قوات حرس الحدود السعودى النار عليهم واعلنت السعودية آنذاك «الجهاد» ضد الحوثيين وفى ديسمبر 2009 نجحت فى طردهم من أراضيها.
وادعت الصحيفة ان الحرس الثورى الايرانى سيقوم قريبا بتدريب الطائفة الشيعية بالسعودية يقصدون السكان الشيعة بشرق المملكة ويعود الوجود الشيعى فى هذه المنطقة الى القرامطة وتتركز الاقلية الشيعية فى القطيف وهى أكبر مناطقهم وتسمى «النجف الصغرى» ومنطقة الاحساء ومدينة الدمام وخاصة فى حى العنود، وحى العوالى بالمدينة المنورة ويسمون «النخاولة» وقد قامت اضطرابات ومظاهرات فى تلك المنطقة الشرقية متأثرة بالربيع العربى ولكن سرعان ما تم التعامل معها.
لم يكن أمام الرئيس اليمنى عبدربه منصور حل آخر غير قبول الاتفاق مع الحوثيين الذى ينص على تشكيل حكومة جديدة خلال شهر واحد برعاية موفد الامم المتحدة، وهو ما قد يحولها الى حزب الله اليمنى، بمعنى ان يكون لديهم الفيتو بداخل الحكومة اليمنية، وقد نص الاتفاق على تشكيل «حكومة كفاءات» وأن يعين الرئيس منصور مستشارين له من الحوثيين والحراك الجنوبى واشترطت ان يكون رئيس الحكومة شخصية غير حزبية.
وأعلن الاتفاق مستشار مساعد الامين العام للأمم المتحدة الخاص لشئون اليمن جمال بن عمر، وقع عليها عن الحوثيين مهدى المشاط مدير مكتب عبدالملك الحوثى زعيم الحوثيين وحسين العزى عضو المكتب السياسى لجماعة «أنصار الله» كما قدمت باقى الاطياف السياسية اسماء مرشحيها للحكومة لرئيس الجمهورية وحاول الاتفاق وضع صيغة لانهاء الازمة الاقتصادية والسياسية التى تشهدها اليمن، حيث نص ان تخفض اسعار الوقود ليصبح 3000 ريال لصفيحة العشرين لترا ليتم خفض نصف الزيادة السعرية التى طبقتها الحكومة السابقة على اسعار الوقود اعتبارا من نهاية شهر يوليو، وسياسيا ينص الاتفاق على تسليم الدولة للمنشآت السيادية وأن تزال مخيمات التظاهر من صنعاء، ووقف الاعمال العسكرية.
وأكد يوسى وجود رافضين لحكم الحوثيين فى اليمن مثل قبائل حاشد والكثير من القبائل والتنظيمات فى اليمن المتضررين من سيطرة الحوثيين على صنعاء، ناصحا الاسرائيليين علينا الانتظار وعدم التسليم بأن طهران قد انتصرت واحتلت اليمن.
وفى نفس السياق أوضح يونى بن مناحم المحلل الاسرائيلى لنفس الاذاعة أن هناك توترا كبيرا بين دول الخليج وإيران فى ظل محاولات ايران لتقويض الانظمة فى البحرين والكويت واليمن.
وشدد يونى على أن الموقف بين دول الخليج وايران زاد توترا وخاصة بعد الاحداث فى البحرين وفضح شبكة التجسس الايرانية فى الكويت.
وأشار يونى إلى أنه منذ اندلاع الثورات فى العالم العربى زادت ايران من مشاركتها فى البحرين، حيث الاغلبية الشيعية فى محاولة لاسقاط حكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة السنى.
ويعتبر استيلاء الحوثيين على صنعاء فصلا جديدا فى التوتر بين إسرائيل وإيران حيث تعتبرها إسرائيل الخطر الاكبر عليها وتفاقمت المشكلة بينهم بسبب البرنامج النووى الايرانى، وأزعجت إسرائيل التفاهمات الامريكية الايرانية الجديدة عقب تولى الرئيس روحانى، كما أن الحوثيين يتخذون من عداء إسرائيل شعارا لهم «الله أكبر.. العداء لأمريكا.. العداء لإسرائيل».
وكشفت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن قلق كبير بين الأوساط الإسرائيلية حول تمدد الحوثيين فى اليمن، مؤكدة أن نجاح جماعة «أنصار الله» التابعة للحوثيين فى التمدد بالعديد من المحافظات اليمنية،يثير القلق والمخاوف فى تل أبيب ويدق جرس الإنذار، محذرة من وصولهم ومن خلفهم الإيرانيون «التهديد الأكبر لإسرائيل» إلى مضيق باب المندب، الأمر الذى تعتبره إسرائيل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية، حيث إنه الممر المائى الأكثر أهمية لدول المنطقة والعالم، كما أنه هو الممر الوحيد الذى يمكن إسرائيل الخروج من البحر الأحمر باتجاه المحيط الهندى.