الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المرور يحرق 8 مليارات جنيه













 
 
 
 
 
 
 
اختناقات المرور في مصر تحولت الي أزمة يومية حقيقية تبدأ بحرق البنزين أو السولار أو حتي الغاز الطبيعي وتنتهي بتأخير مصالح البلاد لدرجة جعلت القاهرة من أكبر بلاد العالم ازدحاما في المرور وأكثرها تعطيلا لاحوال الناس الأمر الذي جعل عددا كبيرا من السائحين في العالم الذين يزورون مصر يفضلون عدم الاقامة في القاهرة ويزور عدد كبير من هؤلاء السائحين القاهرة ليوم واحد لزيارة الاهرامات وأبوالهول والمتحف المصري فقط وكثير منهم يرفض زيارة القاهرة الفاطمية وشارع المعز علي وجه التحديد خوفا من اختناقات المرور، ورغم أن الأزمة شدت انتباه الرئيس محمد مرسي بعد نجاحه مباشرة في الانتخابات ووضعها علي أولوياته واعتبرها من أهم المشكلات التي تواجههم ويجب حلها لأن هذه المشكلة كما ذكر عدد من المتخصصين تحتاج الي قرارات جريئة قد تغضب البعض ممن أعطوه أصواتهم خاصة أصحاب المهن التي تعمل في هذا الشأن مثل سائقي سيارات الميكروباص أو سائقي مركبات التوك توك وحتي سائقي النقل العام.
وتؤكد آخر الاحصائيات أن القاهرة بها ما يزيد علي 6 ملايين سيارة في حين أن شوارعها لا تستوعب أكثر من 2 مليون سيارة وأن ادارات المرور في القاهرة تضيف ألف ترخيص جديد يوميا لسيارات تعمل لأول مرة في القاهرة مما يعني أن في العام الواحد تضاف 350 ألف سيارة الي شوارع القاهرة وكل ثلاث سنوات تضاف مليون سيارة في شوارع القاهرة الأمر الذي جعل الشوارع تشبه الجراج الكبير وأكدت الاحصائيات والدراسات المرورية أن القاهرة سوف تتحول الي جراج كبير في عام 2017 عندما تضاعف نسبة السيارات الموجودة في الشوارع ولن يستطيع أحد التحرك بسيارته من أمام منزله بعد أن تصاب شوارع القاهرة بتصلب شريان مروري وتضيف الدراسة أن ما تستهلكه السيارات في القاهرة من الوقود في المشوار الواحد يزيد ثلاثة أضعاف عن نفس المسافة في أي مكان آخر بسبب تعطل حركة المرور وهو ما يضيف أعباء مالية جديدة علي أصحاب هذه السيارات وأن خسائر الدولة من تعطل حركة المرور تزيد في العام الواحد علي 8 مليارات جنيه فاقد الوقود غير المستخدم بسبب توقف حركة السيارات في الشوارع ناهيك عن تأخر المواطنين في الوصول الي أعمالهم واصابتهم بتوتر عصبي قد يؤدي في كثير من الاحيان الي انهيار عصبي والدليل علي ذلك كثرة حوادث القتل في الشوارع بسبب الازدحام ففي شارع رمسيس في الشهر الماضي بسبب أولوية المرور وقعت مشاجرة بين ثلاثة أشخاص راح أحدهم ضحية عدة طعنات في منطقة البطن والصدر وفي شارع جامعة الدول العربية منذ ما يقرب من أربعة أشهر راح سائق ميكروباص ضحية محاولة المرور من سيارة ملاكي الأمر الذي دفع سائق السياراة الملاكي الي النزول واطلاق الرصاص علي رأس سائق الميكروباص فأرداه قتيلا في الحال ومثل هذه الحوادث تقع يوميا من شدة الازدحام وشدة التوتر العصبي الذي أصاب أهل القاهرة من الازدحام الشديد.
والغريب في الأمر أن سائقي السيارات وبكل أنواعها لا يحترمون اشارات المرور ولا يحترمون عسكري المرور وكل واحد منهم يسير حسب هواه وحسب ما يراه مناسبا والأغرب من ذلك أن هؤلاء عندما يخرجون من مصر ويعملون في دول الخليج يحترمون اشارات المرور وحتي في المدن البعيدة عن القاهرة مثل شرم الشيخ أو الغردقة فهؤلاء يحترمون اشارات المرور والبعض منهم يقدسها ويقف لها احتراما لكن في القاهرة لا أحد يحترم اشارات المرور ولا حتي المرور نفسه لا يحترمه أحد الأمر الذي يجب أن يقابل بحزم شديد ولابد أن تغلظ العقوبة علي من لا يحترم اشارة المرور ولابد أن تسحب الرخص لمدة معينة ولا تكون الغرامة مالية فقط فالبعض يدفع الغرامة فورية ويعود مرة أخري لخرق قواعد المرور ناهيك عن كسر قواعد المرور من عدد من فئات المجتمع مثل سيارات الشرطة وسيارات القضاة والنيابة والخارجية وغيرها من الفئات التي لا يحاسبها أحد وكذلك عدم التزام سيارات النقل العام وسيارات الميكروباص بأماكن التوقف المخصصة لها والكل يقف في عرض الشارع بدون ضابط ولا يستطيع أحد أن يمنعهم من ذلك إلا إذا كانت عصا القانون غليظة الامر الذي جعل دعم الدولة للبنزين يذهب في الهواء من كثرة توقف السيارات ناهيك عن تلوث البيئة بعادم السيارات الذي وصل في القاهرة لاضعاف مضاعفة عن مثيلاتها في المدن الأخري داخل مصر وخارجها مما أصاب المصريين بالكثير من الامراض الصدرية وأمراض التنفس من كثرة استنشاقهم لهواء ملوث بثاني أكسيد الرصاص الذي يصيب الجهاز التنفسي بأمراض خطيرة.
يقول اللواء محمد فرغلي ضابط سابق بالمرور الكثير من دول العالم استطاعت حل هذه المشكلات بطريقة سهلة وبسيطة ففي مدينة أبيدجان عاصمة كوت ديفوار أو ساحل العاج سابقا اصدروا قرارا بأن السيارات التي تمشي في شوارع العاصمة لايزيد الموديل عن عشر سنوات فإذا كنا الآن في عام 2012 فإن أقل موديل يسير في الشارع لايقل عمره عن 2002 وبذلك حافظوا علي أشياء كثيرة منها سهولة المرور في الشوارع وساعدوا علي وجود مظهر جميل في الشارع بأن جميع السيارات التي تسير فيه من الموديلات الحديثة وثالثها وهو الأهم قللوا نسبة العادم الخارج من السيارات خاصة أن السيارات الحديثة اما تعمل بالغاز الطبيعي أو نسبة اخراج العادم منها اقل بكثير من مثيلاتها من موديلات التسعينيات والثمانينيات وباقي السيارات القديمة يعمل في المدن والاقاليم خارج العاصمة مما جعل العاصمة أكثر بهجة وأكثر سهولة وأرقي في البيئة من مثيلاتها في العالم بعد أن كانت من أكثر مدن العالم ازدحاما وتلوثا للهواء ومن يريد أن يبيع سياراته للدولة تشتريها منه وتسلمه بدلا منها سيارة حديثة ويدفع الفرق بالتقسيط المريح مثلما فعلت محافظة القاهرة في سيارات التاكسي.
ويضيف اللواء فرغلي إذا نظرنا للقاهرة فإننا سوف نجد أن هناك سيارات موديل الخمسينيات تمشي في الشوارع دون ضابط أو رابط بل هناك سيارات نسبة العادم الخارج منها يزيد علي ثلاثة أضعاف مثيلاتها من السيارات الحديثة ويجب اتخاذ قرارات فورية وسريعة منها وقف التراخيص الجديدة ومنع موديلات السيارات القديمة والالتزام بتطبيق القانون علي الجميع وتحديد أماكن لتوقف السيارات النقل والميكروباص والتاكسي واحترام قوانين المرور وعسكري المرور وكذلك يمكن أن تسير السيارات ذات الأرقام الفردية في يوم والأرقام الزوجية في يوم آخر.
ويقول الدكتور هاشم بحري استاذ الأمراض النفسية والعصبية بأن الكثير من المصريين اصيبوا بأمراض عصبية ونفسية من كثرة انفعالاتهم في الشارع من ازدحام المرور الذي يولد داخل الكثير منهم انفعالات مشحونة بالغضب من كثرة تأخرهم عن أعمالهم أو الوصول للأماكن التي يحتاجون الوصول إليها في وقت قصير والمرور لا يؤثر علي سائقي السيارات وقت مرورهم في الشوارع فقط بل قد يتأثر المواطن طوال اليوم الأمر الذي جعل المصريين أكثر عصبية من غيرهم وأكثر اصابة بأمراض الاكتئاب والانفعال علي أبسط المسائل وجعل الكثير من المصريين يصابون بعدم المبالاة لذلك يحتاجون الي حل هذه المشكلة التي قد تساعد علي عودة الهدوء النفسي.
ويقول الدكتور حمدي عبدالعظيم استاذ الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات إن خسائر مصر لا تعد ولا تحصي من اختناقات المرور فالدولة تخسر الكثير من الاموال نتيجة الازدحام الشديد في الشوارع سواء كانت هذه الخسائر من احتراق كميات ضخمة من الوقود في الشوارع أثناء توقف السيارات في الشوارع لساعات طويلة أو كانت نتيجة لتعطل مصالح المواطين الذين يتأخرون عن الوصول الي أعمالهم فالمشوار الذي يستغرق ساعة قد يستغرق ثلاث ساعات وبذلك تتضاعف القيمة ثلاثة أضعاف وهي خسائر مادية فادحة يجب القضاء عليها نهائيا خاصة في منطقة وسط القاهرة الامر الذي جعل عددا كبيرا من المستثمرين يهربون من العمل في القاهرة من شدة الازدحام وحتي الشركات والهيئات التي كانت تفضل العمل في القاهرة والاستثمار فيها أصبحت الآن تهرب، إما خارج مصر أو خارج القاهرة نفسها، ويضيف عبدالعظيم أن الخطأ الذي وقع فيه كثير من المسئولين عندما أضافوا مدنا جديدة قريبة من القاهرة وربطوها بالعمل في القاهرة فمثلا أغلب العاملين في مصانع مدينة 6 أكتوبر يقيمون في القاهرة وكذلك العاملون في مدن العاشر من رمضان والعبور وغيرهما من المدن الجديدة المحيطة بالقاهرة وكان يجب أن يكون العامل الذي يعمل في هذه المدن يقيم فيها وكذلك بعض المقيمين في هذه المدن يعملون في القاهرة الامر الذي جعل المشكلة تزداد تعقيدا والخسائر تتضاعف وعلي الجميع أن يواجه هذه المشكلة.