الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سـرقة السيارات بين الجريمة والفدية والبيع




عرض - وفاء شعيرة
 

الأبعاد الجنائية والاجتماعية لظاهرة سرقة السيارات فى مصر هى عنوان دراسة مطولة انتهى منها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية منذ أيام قليلة وفى طريقها إلى الطبع.
الدراسة بحث على عينات من مرتكبى جريمة سرقة السيارات داخل السجون وعددهم «1031» مسجونًا وعينة من الضحايا الذين تمت سرقة سياراتهم وعددهم «200».
وكان وراء إجراء هذه الدراسة ارتفاع نسبة سرقة السيارات فى مصر خاصة بعد ثورة 25 يناير وتهريب الآلاف «منها فى السنة الأولى للثورة إلى قطاع غزة».
هذا بالإضافة إلى أن الإحصاءات والبحوث المسحية تشير إلى تناقض ملحوظ فى معدلات سرقة السيارات ببلدان الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة واستراليا بنسب تتراوح ما بين 20 - 7-٪ بينما تزداد ظاهرة سرقة السيارات بصورة فى المجتمع المصرى خلال فترة زمنية قصيرة نتيجة العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والظروف الأمنية والسياسية التى تمر بها البلاد.

فإحصاءات الأمن العام أكدت أن معدلات سرقة السيارات فى ارتفاع ملحوظ وبصورة تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعى بالمجتمع.
فإحصائيات وزارة الداخلية تشير إلى أن أدنى معدل الجرائم لسرقة السيارات كانت عام 2003 حيث بلغ العدد 1994 جريمة بينما سجلت عام 2012 أعلى معدل حيث بلغ اجمالى تلك الجرائم 21136 قضية على مستوى الجمهورية أى أن اتجاه تطور تلك الجريمة تتجه نحو الارتفاع.
ففى عام 2004 بلغ إجمالى عدد جنح سرقات السيارات 2784 جنحة مقابل 1994 جنحة عام 2003 بزيادة قدرها 790 جنحة بنسبة 40٪ ضبط منها 2072 قضية بنسبة 74٪ بينما بلغ إجمالى عدد وقضايا سرقات السيارات خلال عام 2011  «20231» جنحة مقابل 4979 جنحة عام 2010 بزيادة قدرها 1525 قضية بنسبة 36٪ ضبط منها 2230 قضية بنسبة 11٪.
وبلغت نسبة جنايات سرقة السيارات 59٪ من إجمالى جنايات السرقة بالإكراه الواقعة فى هذا العام وعددها 2634 جناية وبلغت نسبة جنايات سرقة السيارات 59٪ من إجمالى جنايات السرقة بالإكراه الواقعة فى هذا العام وعددها 2634 جناية وبلغت نسبة جنايات سرقة السيارات عام 2011 38٪ من إجمالى جنايات السرقة بالإكراه وعام 2012 بلغ إجمالى جنح سرقات السيارات 21136 جنحة مقابل 20231 جنحة عام 2011 بزيادة قدرها 905 قضايا بنسبة 4٪ ضبط منها 1579 قضية بنسبة 7٪.
واحتلت محافظة القاهرة خلال عامى 2011/2012 أعلى نسبة ارتكاب الجرائم فى سرقة السيارات حيث بلغت عام 2011 «40٪» من مجموع جرائم سرقة السيارات علي مستوى الجمهورية تلتها محافظة الجيزة بنسبة 20٪ ثم الاسكندرية بنسبة 10٪ ثم محافظة القليوبية بنسبة 5٪ ونفس الشىء عام 2012.
حيث احتلت محافظة القاهرة المرتبة الأولى بسبة 34٪ من جرائم سرقات السيارات تلتها الجيزة 21٪ ثم الاسكندرية بنسبة 13٪ فالقليوبية بنسبة 7٪.
وانتهت الدراسة التى استمرت لمدة عام إلى أن السبب وراء زيادة جرائم سرقة السيارات فى مصر خاصة منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 يرجع إلى العديد من العوامل والأسباب منها شيوع حالة من الانفلات الأمنى والأخلاقى خاصة فى بداية الثورة وتراجع معدلات الردع والخوف من القانون والعقاب فى نفوس المواطنين واقتحام عدد كبير من أقسام الشرطة والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة وتداولها بأيدى الخارجين عن القانون واستخدامها فى مقاومة السلطات فى ارتكاب العديد من الأنشطة وانعكاس ذلك على تنامى معدلات العنف ومنها جرائم سرقة السيارات بالإكراه وترويع المواطنين وهروب أعداد كبيرة من المحكوم عليهم ذوى النشاط الإجرامى وأفراد التشكيلات العصابية من السجون العامة والمركزية وغرف الحجز بالأقسام والمراكز حيث بلغ عدد الهاربين 23710 أشخاص.
وعدم إحكام السيطرة والرقابة الأمنية على الانفاق بسيناء مما أدى إلى تهريب أكثر من 7 آلاف سيارة إلى غزة خلال عام 2011.
وكشفت الدراسة أثناء تناولها للتوزيع الجغرافى لجرائم سرقة السيارات أن الحافظات الحضرية والتى تشمل القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس احتلت المرتبة الأولى بين باقى أقاليم الجمهورية فى نسبة ارتكاب جرائم سرقة السيارات خلال فترة القيام بهذه الدراسة حيث بلغت النسبة 49.7 تلتها محافظات الوجه البحرى 25.2 ثم محافظات الوجه القبلى 23.5٪ أما محافظات الحدود فلم تزد نسبتها علي 1.6 فقط خلال نفس الفترة.
اكتشفت الدراسة أن الغالبية العظمى من جرائم سرقة السيارات ارتكبت داخل المناطق السكنية.
وحينما بحثت الدراسة عن أوقات ارتكاب سرقة السيارات احتلت شهور فصل الصيف التى تشمل أشهر يونيو ويوليو وأغسطس المرتبة الأولى بين أشهر السنة فى نسبة ارتكاب جرائم سرقة السيارات حيث بلغت النسبة 26٪ ويليه فصل الربيع والذى يضم أشهر مارس وإبريل ومايو 24.6٪ ثم فصل الخريف الذى يضم أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 24.3٪ ويأتى فى المرتبة الرابعة فصل الشتاء الذى يضم أشهر ديسمبر ويناير وفبراير حيث بلغت النسبة به 23.7٪.
ووجدت الدراسة أنه لا توجد أوقات معينة لارتكاب جرائم سرقة السيارات خلال اليوم فهى ترتكب فى الليل وفى النهار على حد سواء خاصة عقب ثورة 25 يناير 2011 وما واكبها من انفلات أمنى وأخلاقى وانتشار السلاح والمخدرات وأساليب البلطجة والعنف والسرقة بالإكراه.
أما وسائل ارتكاب جرائم سرقة السيارات فتختلف باختلاف أسلوب السرقة، كما قالت الدراسة سرقة عادية أم سرقة بالإكراه فكانت فتح السيارة بمفتاح مصطنع فى المرتبة الثانية على رأس سرقات السيارات فى مصر حيث بلغت 97.1٪ تليها فتح السيارة بالمفتاح الأصلى فى حين تأتى الأسلحة النارية على رأس قائمة الأسلحة والوسائل المستخدمة فى ارتكاب جنايات سرقة السيارة بالإكراه حيث بلغت نسبتها 43.3٪ تليها الأسلحة البيضاء 25.2٪ ثم الأدوات الحادة 27.2٪.
وتتنوع ماركات السيارات المستهدفة للسرقة، كما قالت الدراسة وتختلف نسبتها من عام إلى آخر على مستوى الجمهورية فتحتل السيارات ماركة الشيفورليه المرتبة الأولى بين ماركات السيارات الأكثر استهدافًا للسرقة من عام 2003-2012 حيث بلغت 19.5٪ وتأتى فى المرتبة الثانية السيارات التويوتا  8.2٪ وفى المرتبة الثالثة السيارات الفيات 7.7٪ ثم المرسيدس 5٪ تليها الهيونداى 4.9٪ ثم البيجو 4.8٪ ثم المتسوبيشى والسوزوكى حيث بلغت نسبة كلا منها 4.4 وتتوزع النسب الباقية بين المازدا والنيسان والرينو والداتسون والأوبل.
أما عن خصائص مرتكبى جرائم سرقة السيارات فكشفت الدراسة أن 98.6٪ منهم من الذكور مقابل 1.4٪ فقط إناث وأن عمرهم يتراوح ما بين 18 إلى 30 سنة بنسبة 50.6٪ تلتها الفئة العمرية من 30-40 بنسبة 31.4٪ ومعظم مرتكبى جرائم سرقة السيارات أميون فقط وهؤلاء نسبتهم 82.4٪ ثم من حصلوا على التعليم الأساسى والمتوسط بنسبة 16.6٪ و2.4٪ من ذوى التعليم  الجامعى وفوق الجامعى.
أما خصائص المجنى عليهم أو من سرقةت سياراتهم فاكتشفت الدراسة أن الغالبية العظمى من المجنى عليهم من جرائم سرقة السيارات ذكور بنسبة 92.2٪ وأن 28.4٪ ممن سرقة سياراتهم تتراوح أعمارهم ما بين 30-40 عامًا تلتها ممن فى فئة عمرية من 40-50 عامًا بنسبة 27.9٪ وأن الغالبية العظمى ممن سرقت سياراتهم متزوجون بنسبة 86.5٪.
أما أهم الأساليب التى تتم بها سرقة السيارات كما قالت الدراسة هى أسلوب المغافلة وتوصيل الأسلاك وهو الأكثر شيوعًا بعد الثورة خاصة فى السيارات الحديثة مثل «الكيا سيراتو» واستخدام ونش مرور مسروق من الشرطة لسحب السيارة لمكان بعيد وسرقتها وإيقاف مالك السيارة تحت تهديد السلاح والاستيلاء على السيارة منه بالإكراه وافتعال تصادم أو مشاجرة على مالك السيارة وخطفها منه والمفتاح المصطنع خاصة فى الموديلات القديمة المرسيدس القديمة والمازدا والفيات 128 وغيرها وكسر زجاج السيارات والنصب والاحتيال على معارض السيارات، وكانت أهم دوافع ارتكاب جرائم سرقة السيارات استخدام السيارة فى جريمة أخرى وتفكيك السيارة وبيعها كقطع غيار وبيع السيارة بكاملها وطلب فدية من صاحبها لإعادتها وتهريب السيارات خارج البلاد وبيعها.
الدراسة انتهت بالعديد من التوصيات بدأتها بضرورة تقديم المتهمين فى جرائم سرقة السيارات للمحاكمات محبوسين كى لا يفر المتهم ويصبح تحت بصر المحكمة عند محاكمته وهو ما ينتج عنه عدم تفعيل منظومة الأحكام الغيابية الذى تتطلبه مثل تلك القضايا.
والتنسيق بين النيابة العامة والشرطة فيما يتعلق بكيفية ملاحقة الجناة وتتبع السيارات المبلغ بسرقتها ومتحصلات الجريمة وكذا توفير الوسيلة المناسبة بالنيابات وأقسام الشرطة بجميع المحافظات للاستعلام الفورى عن المركبات الآلية المضبوطة وكذلك توفير آلية محددة للاستعلام الفورى عن الهواتف التى باتت قاسمًا مشتركًا فى جرائم سرقة السيارات بالإكراه، وضرورة إحالة النيابة العامة المتهم للمحكمة مرفقًا معه بيان بالسوابق الإجرامية حتى يستطيع القاضى تشديد العقاب فى حالة العودة إلى الجريمة.
وطالبت الدراسة أن تقوم شركات إنتاج السيارات فى مصر سواء أكانت شركات منتجة أو مجمعة للسيارات فى تحسين صناعة أقفال الأبواب ومفاتيحها لسد الطريق أمام من تسول له نفسه سرقة السيارات بواسطة مفتاح مصطنع أو تحسين صناعة الهوايات لعدم الضغط عليها أو كسر الزجاج الخاص بها خاصة أن الدراسة اكتشفت أن الأسباب الرئيسية لسرقة السيارات سهولة فتح بعضها نتيجة لقصور فى مواصفاتها الفنية، مما يؤدى إلى فتحها وتشغيلها بسهولة.
وطالبت الدراسة فى توصياتها من أصحاب السيارات ضرورة التأكد من إغلاق أبواب ونوافذ السيارات عند تركها بالطريق وعدم ترك مفتاح السيارة بداخلها عند النزول منها وتركيب أجهزة قطع التيار الكهربائى عن السيارة عند ترسمها فقد يصعب ذلك عن قيام غير المحترفين بسرقة السيارة. وعدم ترك السيارة فى الأماكن المتطرفة أو المظلمة لفترات طويلة، ووضع السيارة فى أحد الجراجات العامة أو الخاصة خاصة عند السفر لمدد طويلة، وعدم تسليم مفاتيح السيارة لمن لا يعرفه من عمال مواقف الانتظار المنتشرين بالطريق العام.
وطالبت الدراسة من وزارة الداخلية الاهتمام بتسجيل وتحليل البيانات الخاصة بالسيارات المسروقة والعصابات المعروفة بهذا النشاط الإجرامى وسرعة النشر عن السيارات المبلغ بسرقتها وإخطار جميع نقاط المرور والدوريات المنتشرة فى الطرق العامة وإنشاء أجهزة أمنية متخصصة ومدربة لمكافحة جرائم سرقات السيارات، وزيادة الكثافة الأمنية والدوريات الراكبة والراحلة فى الطرق العامة.. وزيادة الكمائن المفاجئة على الطرق داخل المدن وخارجها وتزويد الكمائن والدوريات المرورية بالأجهزة الفنية التى تساعد فى الكشف عن الرخص المزورة.
وفحص السيارات المتروكة لفترة طويلة بالطرق العامة والاهتمام بمراقبة العاملين بورش إصلاح السيارات بأنواعها وتشديد الرقابة على أسواق بيع السيارات المستعملة وعلى القائمين بالبيع للتأكد من عدم بيع السيارات المسروقة فى هذه الأسواق وتشديد الرقابة على منافذ العبور الحدودية.