الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كوميديا سوداء.. وتصريحات وردية

كوميديا سوداء.. وتصريحات وردية
كوميديا سوداء.. وتصريحات وردية




كتب - عاطف بشاى

فى كوميديا سوداء تبعث على الحزن والالم بقدر ما تثير ضحكات السخرية تتوالى تصريحات وزير التربية والتعليم الوردية التى تشمل طموحه الكبير وثورته العظمى لتطوير التعليم فى مصر.. مؤكداً انجازاته العبقرية من عينة السيطرة على مدارس الإخوان وعودة الطلاب إلى تحية علم مصر وخطة للقضاء على الغش بالموبايل فى نفس الوقت تتوالى أخبار الكوارث اليومية المفزعة التى يصلح معظمها كموضوعات لمسرح العبث والامثلة لا تعد ولا تحصى ترصدها الجرائد اليومية فى مانشيتات تصرح بأنه من الاسكندرية إلى أسوان مئات الالوف ينتظرون الموت داخل فصول الدراسة ففى مدرسة بمرسى مطروح تسقط بوابة المدرسة على طفل فتقتله  -  بلطجية يقتحمون المدارس بالملابس الداخلية - واصابة تلميذة بكسر فى الجمجمة بعد سقوط شباك عليها - وخرابات وثعابين وعقارب وصرف صحى داخل فصول المدارس - ومصرع طفل أسفل سيارة التغذية بمدرسة بالجيزة - وأب يرفع دعوى لإسقاط الحضانة عن طليقته الاخوانية التى حولت ابنه الى مشروع إرهابى يتوعد بقتال الجيش والشرطة عندما يكبر فالأم تربيه على كراهية بلده وصوره يرفع شعار رابعة على الفيس بوك).. وقاتل «فرج فودة» الذى صدر قرار بالعفو عنه مع آخرين بمعرفة الرئيس المخلوع «محمد مرسى».. وعاد إلى وظيفته كمدرس للتربية الرياضية بمدرسة العاشر من رمضان الثانوية.. هذا القاتل صفع طالباً على وجهه مما تسبب له فى عاهة مستديمة عبارة عن ثقب بالأذن وذلك لترديده أغنية «تسلم الأيادى»..
أما آخر خبر ينطبق عليه القول المأثور: شر البلية ما يضحك هو ما نشرته جريدة الوطن «تحت عنوان» صاحبة مدرسة تبنى عمارة سكنية فى (الحوش).. الخبر يقول: إنه قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسى الجديد.. ذهبت أم تلميذة الى مدرسة طيبة الدولية فى الدقى لسداد مصاريف ابنتها الطالبة بالصف الأول الابتدائى التى تجاوزت مبلغ (6500) جنيه.
فوجئت بأن المدرسة تبنى عقاراً سكنياً فوق أرض الفناء بالمدرسة ضاربة بعرض الحائط احتياجات الطلاب لفناء يقفون فيه أثناء الطابور الصباحى لتحية العلم ويلعبون فيه أثناء الفسحة..
يقول المحرر إن الأم حاولت استيعاب الموقف وسألت مديرة المدرسة عن سبب هذا التصرف الغريب قررت مديرة المدرسة: «دى قطعة ارض متنازع عليها.. مع الجيران.. واحنا هنخصص للاطفال مكان تانى يعلبوا فيه».
صدمة أولياء الأمور لم تقل عن صدمة الأم فلم يستوعبوا فكرة وجود مدرسة بلا فناء.. تحت سمع وبصر وزارة التربية والتعليم التى تؤكد دوماً انحيازها للطلاب وأولياء الأمور.. وهو ما دفع أحد أولياء الامور إلى الاتصال بالخط الساخن لوزارة التربية والتعليم وتقديم شكوى ضد المدرسة.
أما المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم «هانى كمال» أكد أنه لا يجوز لاى مدرسة حكومية أو خاصة أن تلغى وجود «الفناء» فى المدرسة لأنها تعد مخالفة قانونية وإدارية يعاقب عليها القائمون على المدرسة.. وأوضح هانى أن أى مدرسة تحصل فى البداية من وزارة التربية والتعليم على موافقات بالبناء.. لكن مع ضرورة الالتزام بمجموعة من المواصفات لابد أن تتوافر فى المدرسة.. أهمها توافر ملاعب وقاعات متعددة الاغراض.. وغرف للأنشطة بالاضافة إلى فناء.. وقال: إن غياب أحد هذه الشروط يعد اخلالاً برخصة البناء التى حصلت عليها المدرسة من الوزارة.. وصباح الخير أيتها الوزارة.
أما فيما يتصل بالتطوير الحقيقى الذى تنشده.. فمما لاشك فيه أن تطوير مناهج التعليم المتخلفة التى لا تساير العصر.. والعصور السابقة.. فإن ذلك لابد أن يتزامن مع عدم إطلاق العنان للسلفيين والتكفيريين ودعاة الردة الحضارية لإنشاء المدارس التى تحرم الموسيقى والرسم لانها حرام شرعاً.. ومنع الاختلاط بين الجنسين.. وتقسيم المدارس إلى مدارس مسلمة ومدارس كافرة.
وقد سبق أن كتبت ونشرت دراسة رائدة أجرتها نخبة متميزة من أساتذة وباحثى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عنوانها دراسة وتحليل الكتب المدرسية المقررة فى التعليم الاساسى - جمهورية مصر العربية - وهى دراسة أجريت فى اطار مشروع بحثى كبير بجريدة المعهد العربى لحقوق الانسان حول دور التربية والتعليم فى تعزيز قيم حقوق الانسان والديمقراطية.. وقد اتبعت الدراسة منهج تحليل المضمون لمناهج اللغة العربية واللغة الانجليزية.. والتربية الدينية الاسلامية والتربية الدينية المسيحية والمواد الاجتماعية وذلك كله فى التعليم الابتدائى والاعدادى.
وأنا أرى أنه إذا كان الهدف فى النهاية البحث عن طريق للتحديث فى النظم التعليمية وجعلها متوائمة مع المعايير الدولية لحقوق الانسان فإن ذلك لن يتم على الوجه الأكمل الذى تنشده إلا إذا أعدنا النظر فى طبيعة المناهج الدراسية القائمة على مواد وموضوعات لا تواكب طبيعة العصر.. ولا تتناسب بأى درجة مع مسيرة تطوير البشرية فما زال أطفال جيل الكمبيوتر والانترنت يدرسون البساط السحرى ومصباح «علاء الدين»..
وليست مشكلة المناهج فقط - كما اشار وزير التربية والتعليم - تكمن فى الحشو والتكرار للمعلومات.
المسألة أبعد من ذلك بكثير ياسيادة وزير التعليم.. وصباح الخير مرة اخرى ياوزارة سيادته.