الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تقاليع الدعاة «المودرن» تبهر «الشباب»

تقاليع الدعاة «المودرن» تبهر «الشباب»
تقاليع الدعاة «المودرن» تبهر «الشباب»




تحقيق - عمر حسن

أثبت علم النفس أن أصعب الكلمات التى يجدها الشاب ثقيلة على أذنيه هى كلمات النصيحة والوعظ والحلال والحرام، وافعل ولا تفعل، خاصة أن الشاب يتميز عادة بطبيعة متمردة ترفض التوجيه، فكان لذلك أثرًا بالغاً فى إحداث طفرة فى عالم نشر الوعى الدينى فى السنوات القليلة الماضية بشكل كلى ليظهر نوع جديد من الدعاة، لا يرتدون الجلباب ولا يضعون العمامة على رءوسهم مثل شيوخ الأزهر وغيرهم من العلماء واستخدموا لغة عصرية فأحدثوا، فيحدثون نجاحًا كبيرًا ويأسرون قلوب الشباب والفتيات ويشكلون وجدانهم.


حيث أصبحت برامجهم على الفضائيات العربية تجذب نسبة كبيرة من الشباب، وأصبح ثقلهم الإعلامى أكبر من علماء كبار يسبقوهم فى المجال الدعوى بسنوات طويلة.
اختلف البعض حولهم واتفق آخرون، فمنهم من يروهم أنهم لا يحملون قدرًا كبيرًا من العلم إلا أنهم يجيدون العرض، ومنهم من يرى أنهم يحملون علمًا غزيرًا ويقدمونه فى شكل قوالب مختلفة عن العلماء الكبار، تتضمن القضية عدة جوانب، ناقشناها مع مختلف الفئات العمرية وتعرفنا على رأى أهل الدين فى هذه الظاهرة.
يقول «محمد حامد» صاحب العشرين عامًا: إن سر نجاح هؤلاء الدعاة يكمن فى قرب أعمارهم من أعمار الشباب الذين يتابعونهم ومشاركتهم فى نفس التوجهات والأفكار والغرائز والأحاسيس والطموح والقوة التى تجمع الشباب.
ويرى أن توصيل المعلومة الدينية أو الموعظة يكون أفضل من شخص يعيش تجربة مشابهة بالفعل ويمر بها فى العصر ذاته، ونفس المكان فيساعد ذلك على سهولة التواصل.
أما عن تجديد الخطاب الدينى للشباب فيجد محمد أن بداية التجديد يأتى من تطوير الدعاة لأنفسهم أولاً من حيث أسلوب العرض والموضوعات المطروحة للنقاش وطريقة التواصل والتفاعل بين الداعية والمتلقى، والتأكيد على تصدير فكرة أن الدين ترغيب وليس ترهيبًا وأن الدعوة لابد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وهو ما نفتقده الآن فى مجتمعنا المصرى.
وأكد فى النهاية على ضرورة عدم خوض الدعاة فى الموضوعات الجدلية التى لا تثمر ولا تغنى من جوع والتى تؤدى إلى الانقسام المجتمعى ولا تفيد الدين فى شىء، فالدين وظيفته التأليف بين القلوب وليس إحداث الفرقة بالخوض فى موضوعات نحن فى غنى عنها.
بينما يرى «محمود خطاب» صاحب الواحد والعشرين عامًا أن السر فى إحياء فكرة القدوة أو النموذج الصالح موضحًا أن معظم الشباب يقتدون بنماذج سيئة تنحدر بأخلاقياتهم وتغرز فيهم صفات ذميمة ومع الأسف عدد كبير من الشباب ينساق وراء ذلك النموذج ويقلده تقليدًا أعمى، ففكرة ظهور مثال لشاب صالح يعمل على تقديم النصيحة فى شكل بسيط وبعيداً عن لغة الأمر لشاب مثله هى فكرة رائعة وجديدة وبعيدة عن التعقيد والمغالاة وسهلة فى لمس القلوب.
وأضاف محمود إن الحماس الذى يجده فى عيون هؤلاء الدعاة له عامل كبير جدًا فى الجذب، فالشاب بطبيعته يفضل المعلومة فى شكل تفاعلى وليس وعظًا مباشرًا، فالوعظ أصبح أسلوبًا رتيباً لا يجذب انتباه الشباب ولا يستهواهم.
أما «عبدالهادى ربيع» الذى يبلغ من العمر عشرين عامًا فقد أضاف لرأى السابقين وجهة نظر جديدة تتلخص فى الجرأة على تناول موضوعات شائكة تمس قطاعًا كبيرًا من الشباب لم يجرؤ العلماء الكبار على مناقشتها بهذا الأسلوب من قبل.
كما أوضح أن هذا النوع من الدعاة لا يفرض أى رأى فقهى معين حول قضية ما وإنما يعرض جميع الآراء ويترك الحرية للمتلقى فى الأخذ بأى رأى يراه متماشيًا مع أفكاره خاصة إن كانت هذه القضية محل جدل كبير من جانب العلماء.
بالإضافة إلى الاندماج مع الشباب فى النوادى الاجتماعية والجمعيات الخيرية والعمل على صهر الكتلة الجليدية التى ترسخت فى ذهن بعض الشباب حول العلاقة مع رجال الدين التى كانت تعتمد على الاستماع للمواعظ فقط.
ويرى عبدالهادى أن السلبية الوحيدة التى تواجه هؤلاء الدعاة أحيانًا هى قلة مقدار العلم لدى البعض منهم فهم يعتمدون بشكل أكبر على أسلوب العرض.
فى حين وجد «أحمد محمد» 23 سنة فى هؤلاء الدعاة الكاريزما التى تجبره على الجلوس أمامهم والاستماع إليهم دون ملل أو ضجر من كثرة النصيحة حيث إن تقدم النصيحة من شاب  لشاب تكون أسهل على الشاب من تقديم النصيحة من شيخ كبير لشاب فيفهمون لغة الشباب جيدًا ويعلمون مفاتيح الإقناع مما يسهل عليهم إقناع بعضهم بعكس كبار السن الذين يظهرون دائمًا الغلبة فى الحديث وأنهم الأعلم والأكثر خبرة، نعم هذا صحيح ولكن لا يفضل إظهار ذلك للشاب فهو لا يحب أن ينعت بقلة الخبرة حسب تعبيره.
وأضاف على ذلك «على جاد»  عشرون عامًا إنه بدأ متابعة هذه النوعية من البرامج منذ ثلاث سنوات تقريبًا فى فترة تذبذب العقيدة وبسبب انعدام الثقة فى المشايخ أصحاب الطريقة التقليدية.
ويستنكر على بعض الدعاة افتقادهم للزهد فيقول: «كيف لى أن أقتنع بدعوتهم لزهد الحياة فى حين أنى أرى برامجهم تصور فى تركيا وإنجلترا».
وفى سياق متصل أشارت «داليا عادل» 21 عامًا إلى ميزة مهمة يتمتع بها الدعاة الجدد وهى أن قصة حياتهم فى حد ذاتها قصة نجاح لشاب على المستوى المهنى وفى نفس الوقت المستوى الأخلاقى والتدين المعتدل البعيد عن التطرف، مما يستدعى الاتخاذ منه كقدوة حسنة، وأيدتها فى ذلك «سلمى إيهاب» 23 سنة، وأضافت على ذلك استخدام أسلوب الترغيب فى التدين عن طريق استخدام طرق جديدة مثل السياق الدرامى أو ذكر مواقف مرت فى حياة العديد من الشباب وهو ما يؤدى إلى نوع من الإشباع النفسى للحاجة إلى الدين بقدر مناسب ويبعث الطمأنينة فى قلوب الشباب.
أما «يارا طلب» عشرون سنة تقول «بيعطونى أمل فى الجنة ومش بيحسسونى إنى داخلة النار بصاروخ» فهى ترى أن ذلك الأمل الذى يمنحوه للشباب هو سبب نجاحهم الرئيسى، فضلاً عن تترات البرامج التى يشاركون بها التى أخذت طابعًا خاصًا حيث تتم الاستعانة فيها بمطربين مبحوبين حتى أصبحت نغمات على «موبايلات» أغلبهم.
وتضيف يارا أنها بدأت مشاهدة مثل هذه البرامج منذ نحو سبع سنوات لداعية شهير، ثم تدرجت فى المتابعة حتى أصبحت تلك البرامج فى قالب درامى فكان ذلك بمثابة طفرة كبيرة فى عالم الدعوة من وجهة نظرها.
بينما تقول «آلاء شوقى» عشرون سنة نصًا: «للأسف أغلب الشباب لا يكون متدين منذ الصغرة فتكون العقيدة مترعرة بداخلهم فعندهم يبحثون عن التدين، يتوجهون لهؤلاء الدعاة حيث اللغة العامية والمصطلحات الأجنبية، بعكس الشيوخ الكبار الذين ربما يحتدوا عليك فى الحديث ويتكلمون الفصحى الصرف وختمت حديثها قائلة: «فى النهاية كل شخص حر فى مشاهدة من يريد شرط الاقتناع والقابلية على التأثر فكل منا له طبيعة خاصة تتفق مع أحد الدعاة ولا تتفق مع غيرهم».
وأجمعت فئة كبيرة من الشباب أن الدعاة الأكثر تأثيرًا حاليًا على الساحة هم «مصطفى حسنى» و«معز مسعود» حيث يتنافس الاثنان فى الماراثون الرمضانى من كل عام فى تقديم البرامج الدعوية بأفكار جديدة وغريبة.
بينما قال آخرون إن الداعية «عمرو خالد» هو أول من مثل الدعوة الشبابة الحديثة فى مصر ولكنه انخرط فى المعترك السياسى ففقد شعبيته التى اجتهد طوال سنوات طويلة للحفاظ عليها وفق آرائهم.
وبدأ مصطفى حسنى حياته المهنية ليس كداعية أو إمام جامع، بل كان يعمل كمندوب مبيعات فى إحدى الشركات حيث إنه تخرج فى كلية التجارة بجامعة عين شمس سنة 2000، ثم اتجه إلى العمل الدعوى بعد أن حصل على شهادة من معهد إعداد الدعاة التابع لوزارة الأوقاف وقام بإلقاء ندوات فى معظم الجامعات والمعاهد المصرية.
وخاض مجال الدعوة من خلال التليفزيون لأول مرة عند تقديمه لبرنامج «نداءات الرحمن» رمضان 2004 على قناة اقرأ. واستمر فى تقديم سلسلة كبيرة من البرامج الدينية على القناة ذاتها مثل «أما بعد ــ أحلى حياة ــ على باب الجنة وخدعوك فقالوا» ثم برنامج «أحبك ربى» الذى تم عرضه على قناتين مختلفتين وغيره من البرامج، ويعد برنامج «عيش اللحظة» هى آخر أعماله التليفزيونية حتى الآن.
كتب العديد من الكتب فى مختلف الفروع مثل الفقه والحديث، كما قدم عدة برامج إذاعية مثل: «يوم فى الجنة» و«مدرسة الحياة».
اشتهر حسنى بابتعاده عن الخوض فى الموضوعات السياسية وأثير جدل حول توجهه السياسى، كما اشتهر أيضًا بمناقشته لموضوعات محل جدل مثل حكم الغناء والمعازف، وطبيعة علاقة الشاب بالفتاة وغيرهما من الموضوعات التى ساهمت فى صناعة شهرته بين أوساط الشباب.
أما «معز مسعود» فله قصة تختلف تمامًا عن سابقيه من الدعاة، فقصته سبب شهرته وسبب تأثر الشباب به، تعرض مسعود لعدة مواقف فى حياته دفعته للدخول فى المجال الدعوى.
تعد مسيرة الداعية الشاب الحياتية تجربة مفيدة يستفيد منها الكثير من الشباب ممن يبحثون عن الطريق الصواب من وجهة نظرهم «مسعود» بدأ حياته كالكثير من شباب جيله فكان موهوبًا فى الموسيقى وأصبح قائدًا لفرقة موسيقية وعازفًا للجيتار، كما كانت حياته لا تخلو من اللهو والعبث طوال فترة المراهقة.
وفى أواخر عام 1995م توفى 6 أشخاص من أصدقائه المقربين بشكل متسلسل فى نفس العام، كما أصيب بورم استدعى إجراء عملية جراحية لاستئصاله، وعلى الرغم من تلك الإنذارات إلا أن نقطة التحول فى حياته لم تأت سوى عقب حفلة رأس السنة التى فعل بها كثير من المعاصى ثم تعرض أثناء عودته لحادث سير كاد يودى بحياته، وهنا سمع صوتاً من داخله يحذره وكأنما هذه آخر فرصة من الله يتركها له قبل أن يعود إليه تائبًا.
فى ذلك الوقت قرر «معز مسعود» ترك المعاصى وحرص على الالتزام والانضباط حتى التقى بشخص كفيف البصر فى نفس عمره يحب الله ويتقرب منه، فتعلق بهذا الفتى واتجه إلى قراءة القرآن الكريم الذى حفظه فى 18 شهرًا، كما طلب العلوم الشرعية الإسلامية والسلوكية على أيدى علماء كبار لمدة أكثر من عشرة أعوام، وقرأ فى الفقه والسيرة.
وكانت خطوته الأولى فى راديو وتليفزيون العرب (ART) حينما قدم برنامجين باللغة الإنجليزية هما «الأمثال فى القرآن» و«درج إلى الفردوس» على قناة اقرأ الفضائية فى الفترة من 2002م وحتى 2006م، ولما لاقت التجربة ردود فعل حماسية قدم بعد ذلك برنامج بالعربية تحت عنوان «الطريق الصح»، وتحدث عن موضوعات جريئة منها الشذوذ وعلاقة الفن بالتدين وتقليد الشباب للغرب، وكذلك نظرة الإسلام للرومانسية.. واستكمل الداعية مشواره حتى قدم أشهر برامجه على قنا «سى.بى.سى» وهو «خطوات الشيطان» على شكل قالب درامى، فنجح نجاحًا كبيرًا مما شجعه لعمل جزء ثانى.
ولمعرفة رأى الدعاة كبار السن فى هذا الأمر التقينا بالداعية الإسلامى الشيخ «خالد الجندى» وخضنا معه فى هذه الظاهرة وفى حال الدعوة فى مصر وتراجع دور الأزهر فبدأ حديثه قائلاً: «إن ظهور هؤلاء الدعاة نتيجة طبيعية لمرض الأزهر وسقوط رموز الدعوة فى مصر فكانوا هم البديل الوحيد».
وأضاف الجندى أن اللغة البسيطة والملبس المتحضر الذى يظهرون به عليهما جانب كبير من عوامل الجذب، ويستشهد بقول الله تعالى: «وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه»، فهؤلاء عرفوا لغة الشباب وتكلموا بها فانجذب الشباب إليهم لأن الشباب يقبل على من يسمعه، فعندما نتأمل الخطاب الدينى للشباب فى إذاعة القرآن الكريم نجده شديد الانعزال عن واقع الاجتماع.
وأوضح الجندى بعض السلبيات التى يتسم بها بعض الدعاة الشباب، مثل التسطيح والتسرع وعدم التعمق العلمى الجيد وتعجل قطف الثمار والعجلة فى إصدار الأحكام.
بينما يؤكد الشيخ «محمود عاشور» وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الموضوع له أبعاد كثيرة تحكمه ويعتمد على أساليب معينة للجذب فيقول: «أعلم طبيعة الشباب جيدًا، وعملت فترة فى وزارة الشباب واندمجت معهم، فالشاب يحب القريب منه فى السن، فكيف لشيخ فى سنى الآن أن يجلس مع الشباب وينصحهم فهم بالطبع لن يسمعوا لى بحكم فرق السن، واختلاف الأفكار».
فهؤلاء الدعاة يتحدثون بلغة لا يقدر هو على التحدث بها وفق تعبيره فيقول: «كيف لى أن أخرج على الناس وأقول لهم سيدنا النبى كان سكر وسيدنا أبوبكر كان عسل» وذكر أنه سمع أحدهم فى برنامج له على إحدى الفضائيات يقول تلك الجملة نصًا، فطبيعى أن ينجذب الشاب لهذه اللغة التى يجدها قريبة منه بشكل كبير.
وأضاف عاشور أنه لابد من الاعتماد على المتخصصين فى تشكيل الوعى الدينى للشباب، فخريج الأزهر ظل يدرس الشريعة والتفسير والحديث طيلة حياته، فوظيفته هى الدعوة لأنه مؤهل لذلك، ونتيجة عدم اعتمادنا على المتخصصين ظهرت عدة أفكار وتوجهات دينية دخيلة أفسدت المجتمع، أما إذا كان هناك جهة واحدة مسئولة عن الفكر الدينى فهذا يمنع ظهور أية أفكار غريبة.
بينما يعتبر الشيخ «حسين خضر» وكيل وزارة الأوقاف الأسبق أن أخطر ما ينفر الشباب من كثير من الدعاة هو الترهيب وذكر النار والعقاب دائمًا فيقنط الشاب من رحمة الله لكثرة ذنبه، ودلل على ذلك بحكمة ألا وهى «الحقائق مرة فاستعيروا خفة البيان» ويعنى بذلك ضرورة انتقاء الأسلوب الأنسب لتوصيل المعلومة والنصح والبعد قدر المستطاع عن التخويف.
فى حين أن الدعاة الشباب نادرًا ما يذكرون النار، ويعطون الأمل للشباب ويشعرونهم بأن طريق التوبة مفتوح دائمًا وأن الله رحمته وسعت كل شىء ويتحدثون بروح التفاؤل وهذا ما يحبه الشاب.
ويقول إن النصيحة لها أصول خاصة إذا كانت موجهة للشاب ودلل على ذلك أيضًا بحكمة أخرى تقول: «النصح شديد فلا تجعله جدلاً ولا ترسله جبلاً»، أى أن الموعظة الحسنة والأسلوب اللين مع الشباب يأتى بنتائج أفضل بكثير من الترهيب ودخول النار، فلا ينبغى القول للشاب «صل والا هتدخل النار» بل نقول: «صل لكى تدخل الجنة وتنعم بالسعادة ويرضى عنك الله» وهكذا.
وأضاف: إن علم الدين حينما يطلب فيكون من الأزهر، حيث الأسس والمرجعيات الصحيحة والعلوم الراسخة، فالداعية لا يصبح داعية إلا من خلال الأزهر ليكون مؤهلاء لخطاب الناس على أساس.
وأشار إلى ضرورة إنشاء كلية للإمامة لتخريج أئمة متخصصين للمساجد يحفظون القرآن ويطبقونه وينفعون به الناس.
وقال نصًا: «مش كل واحد قرأ كتابين أقول عليه داعية فمثل هؤلاء دخلاء علينا فنحن درسنا 13 عامًا فى الأزهر حينما كنا طلاب وبعد التخرج نكمل الدراسة فى الماجستير والدكتوراة فكيف لنا أن نوضع فى مقارنة مع من اتخذ من الكتب والمواقف الحياتية منهجًا تعلمه الدين»، وفق تعبيره.
ويستنكر على بعض الأزهريين اتخاذ أغلبهم من العلم وظيفة لكسب الرزق وليست رسالة سامية، وأن ذلك سبب التدهور فى المجال الدعوى حاليًا.
كما أكد على ضرورة سرعة انطلاق قناة تابعة للأزهر لتصبح بمثابة مدرسة فضائية لتعليم الدين الصحيح المعتدل.
وانهى حديثه قائلاً: «الشعب المصرى من أنقى شعوب العالم فى فطرته الدينية ولكنه يجهل الطريق الصحيح».
بينما ناقش الشيخ «محمود عبدالخالق» الداعية الأزهرى، القضية من زاوية مختلفة، وهى انجذاب الشباب لكل ما هو جديد والبعد عن كل ما هو تقليدًا فلو كان مصطفى حسنى هو التقليدى والشيخ الأزهرى هو الجديد لترك الشباب مصطفى حسنى وتوجهوا إلى الأزهرى، مثل الطالب الذى يتمرد على مدرس الفصل ليذهب لمدرس ربما يكون أقل منه كفاءة بغض النظر عن حال التعليم ولكن المثال تشبيهى فقط، فهذه الظاهرة تكمن فى فكرة تمرد على الشكل التقليدى ليس أكثر.
وأضاف: إن هؤلاء الدعاة يلجأون لأسلوب الحكاية وربما يتكلفون الحكايات أحيانًا لنقل المعلومة بشكل غير مباشر، وهذا ما يحبه الشاب عادة، فهو لا يريد أن يقول له الشيخ: «قال الله وقال الرسول» بل يريد المعلومة «تيك أواى» على المقهى أو أمام التلفاز أثناء الطعام، أو فى النادى مثلاً.
كما أكد على ضرورة الحرص ممن يقدمون «السم داخل العسل» أثناء تحدثهم عن الدين، فمثل هؤلاء الدين لهم وسيلة والمال لهم غاية، وهذا لا يعنى أن جميع الدعاة الشباب المتواجدين على الساحة منافقين لدينهم ولكن بعضهم يفعل ذلك من أجل المال والشهرة فقط وهذا مؤشر خطير.
وعلى جانب آخر أكد الشيخ عبدالخالق على ضرورة توحيد الخطاب الدينى فى الفترة الحالية وعدم فتح الباب للتحدث فى الدين «لكل من هب ودب» وفق تعبيره، لنقطع المجال عن من يتخذ من الدين ستارًا لأغراضه الشخصية والسياسية ويعبث فى عقول الشباب ليزرع بداخلهم أفكاره المتطرفة.
وأشار إلى أنه ليس مع تقديم الدين بشكل جاف بعيداً عن التفاعل بل وضعه فى صورته العلمية الصحيحة بلغة سلسة تصل آذان الناس بشكل سريع، فالشاب بطبيعته السوية متعطش للتدين، لذا يجب أن نهىء له الجرعة المناسبة بالشكل المناسب، وهذا لن يحدث إلا إذا جلس علماء الدين فى الأزهر مع علماء التنمية البشرية المتخصصين ليتعلموا منهم الطريقة المثلى للتحدث مع الشباب لمنعهم من البحث عن أى شخص آخر يدعى التدين ليعبث بأفكارهم أو شخص ليس على دراية كافية بأصول الدين فيعطى لهم معلومة خاطئة.
واختتم حديثه قائلاً: «الوعى الدينى لدى الشباب انهار لتفتت الخطاب الدينى فى العصر السياسى السابق والبعد عن الأزهر كمرجعية دينية وسطية، فهناك فرق بين الاختلاف والتخريب فى المعتقدات الصحيحة».