الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مخدرات ديجيتال».. كارثة جديدة تهدد حياتنا

«مخدرات ديجيتال».. كارثة جديدة  تهدد حياتنا
«مخدرات ديجيتال».. كارثة جديدة تهدد حياتنا




 تحقيق:  هاجر كمال

انتشرت فى الآونة الأخيرة نوعية مخدرات جديدة تعرف بـ «الرقمية»، وبطبيعة الحال فإن اسمها يعبر عن محتواها واستخدامها ، فهى يمكنها أن تنقل مستخدمها من الوعى التام إلى اللاوعى كما تهدده بفقدان التوازن الجسدى والنفسي، فهى عبارة عن ملفات صوتية بشكل mp3 يتم تحميلها على الانترنت عبر مواقع الكترونية، وبحسب مروجى هذا النوع من الملفات، فهى تلحق بمتعاطيها الضرر نفسه الذى تُحدثه المخدرات التقليدية وكل ملف من هذه الملفات يطلق عليه اسم مشابه لاسم نوع معين من المخدرات ولها مسميات عديدة كـ«أبواب الجحيم» و«المتعة فى السماء»، وتنساب من الأذنين على شكل نغمات، لتصل إلى الدماغ وتؤثر على ذبذباته الطبيعية، وتدخل متعاطيه إلى عالم آخر من الاسترخاء، وتتم تجارة هذا النوع من المخدرات عبر الإنترنت، والأمر الغريب أن التحميل لأول مرة يكون بشكل مجانى كعينة تجريبية، وغالبا ما تحقق غرضها وتوقع المستمع إليها ضحية الإدمان.
وعن انتشار هذه الأنواع ومدى تفاعل الشباب معها.. وتأثيرها الفعلى على من يتجاوب معها يدور هذا التحقيق..


 ويقول «سيد صبحى» استاذ علم النفس، إنوفى هذا الإطار،  يقول «عمرو دسوقى» 23سنة، أن ظهور مثل هذه الأنواع من المخدرات طبيعى بحكم التطور التكنولوجى الذى نعيشة فى أيامنا، ولكن الغريب هو تهافت الشباب فى البحث عن هذه الموسيقى المخدرة ، فطبيعة الحال يجب ان يكون لدينا من الوعى والنضج الذى يجعلنا نبتعد عن هذه المخاطر ولا نبذل كل هذا الجهد فى البحث عنها، واندفاع الشباب وراء هذه المخدرات قد يكون من باب الفضول وعدم الوعى بمدى خطورتها الحقيقة أو تأتيرها سواء على المدى البعيد أو القريب، فالكثير منهم يرى أنها مجرد مغامرة عليه الخوض فيها ليثبت أنها غير صحيحة وأنها مجرد شائعات عبر الانترنت، ولكن فى حقيقة الأمر أن الاستماع إلى هذه الموسيقى لمرة واحدة قد يجر مستمعها إلى الإدمان دون أن يشعر، فنحن تعودنا أن الإدمان يكون نتيجة للأشياء المادية التى نشمها أو نشربها أو حتى نقوم بحرقها، ولم نعتد أبدا أن السماع لموسيقى معينة قد يتسبب فى الإدمان وهذا هو الخطر الأكبر عدم ادراك خطورة سماعها.
ويتابع «محمد حلمى» 25سنة، أن المخدرات الإلكترونية منتشرة بين عدد كبير من الشباب ولكن لها قواعد تحكمها وهذه القواعد مذكورة فى كتاب توجيهات وهو عبارة عن 40 صفحة فيه جميع المعلومات عن هذا المخدر وطريقة تعاطيه، حيث إن الجرعة الزائدة من هذه المخدرات قد تودى بجياة صاحبها لذا يتبع المدمنون الخطوات المذكورة فى الكتاب، وللأسف لا توجد قوانين تحظره حتى الآن رغم خطورته فهو بدأ فى التزايد خلال الفترة الاخيرة نتيجة لكثرة التفاعل مع الانترنت وزيادة عدد الساعات التى نقضيها عليه دون هدف معين فأغلبية الشباب يتعاملون مع الانترنت على أنه وسيلة لتضييع الوقت وبالتالى يقومون بالابتعاد عن كل ماهو مفيد، وما أعرفه عن المخدرات الإلكترونية انها تؤثر على ردة فعل المخ حيث تخلق حالة من الاسترخاء أو القوة عند الانسان، وهذه الظاهرة ليست بجديدة ولكن كان استخدامها محدود وكان مقتصرًا على البلاد المتقدمة حتى عام 2006.
 وتقول «ريم ايمن» 22سنة، إن ظاهرة المخدرات الإلكترونية ذاع صيتها فى هذة الفترة نتيجة سرعة التجاوب مع الإنترنت وأن هناك العديد من المعلومات عن هذه الظاهرة والتى تتضمن النصائح الجلوس فى غرفة خافتة الإضاءة، واطفاء جميع الأدوات الكهربائية التى يمكن أن تسبب ازعاجًا أو فصل عن العامل الخارجى إلى جانب  وارتداء ثياب فضفاضة والاسترخاء واغماض العينين وتشغيل الملف الصوتى، وهذه الطرق لاتحتاج أى مجهود فهى سهلة وغير مكلفة بالنسبة للشباب، وفى ظل الظروف الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية التى يواجهها الشباب فهم مقتنعون أن هذه الانواع من المخدرات ستساعدهم على الهروب من المشاكل اليومية حيث تعمل المخدرات الرقمية على تزويد السماعات بأصوات تشبه الذبذبات والأصوات المشوشة، وتكون قوة الصوت أقل من 1000 إلى 1500 هيرتز كى تسمع منها الدقات، فالاستسلام لانتشار المخدرات الرقمية يشكل كارثة فى حياتنا ولذا علينا ضرورة حجب هذه المواقع الإلكترونية التى تروج للمخدرات الرقمية وتعمل على انتشارها..
وعلى جانب آخر،  تعتمد المواقع التسويقية لهذه المخدرات على جذب وإقناع الشباب ببعض الحجج الصحيحة، ككون هذه المخدرات لا تحتوى على مواد كيميائية قد توثر فيسيولوجيا على الجسم، وأنها تؤثر إيجابيا على الجسم، حيث يشعر متعاطوها بالاسترخاء أو بالحركة المفرطة والنشاط، وتنشر هذه المواقع خبرات أشخاص تعاطوا المخدرات الإلكترونية، فيكتبون عن تجربتهم الناجحة لها وعدم تأثرهم سلبا بها، وتعرض منتجاتها بأسعار تنافسية تشجيعية على عكس المخدرات التقليدية، ما يجعلها بمتناول الجميع.
 وفى نفس السياق أجرت إدارة أكاديمية العلوم بالإمارات، دراسة حذرت فيها من دخول المخدرات الرقمية مضيفة أن هناك مجموعة من الشباب يستخدمون تلك الموسيقى فى العلاج النفسى، من دون استشارة طبيب متخصص، ما يؤدى إلى إدمان الشباب عليها.
وتشير الدراسة إلى أن تأثير المخدرات الرقمية قد يعادل التأثير الذى تحدثه المخدرات التقليدية على عمل الدماغ والتفاعلات الكيميائية والعصبية والحالة النفسية للمتعاطي، ويشجع خلو هذا النوع من المخدرات، من أى مواد كيميائية، المدمنين الجدد على تعاطيها ظنا منهم وكما يروج الموقع، أنه لا تأثيرات سلبية لها، كما تزيد خطورة المخدرات التقليدية عن خطورة تلك الرقمية، إلا أن المدمن التقليدى لن يستطيع الاستعاضة بها عن المخدرات وذلك لحاجة جسده الفيسيولوجية للمواد المخدرة، ما يعنى أنها لا تشكل حلاً، بل خطرًا إضافيا يتنامى معه عدد المدمنين فى المجتمعات.
 والجدير بالذكر، أن أولى حالتى الإدمان على المخدرات الرقمية كانت من قَبل مراهقين، وانهم أصيبا بحالة هلع من تصرفات ابنيهما اللذين باتا فجأة يفضلان الانعزال فى غرفتيهما لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب، ويسمعان موسيقى غريبة، يبدأ جسديهما بعدها بالرجفة، وكان يعى الأهل أنه لا مؤشرات لتعاطى المخدرات، نظرا لمراقبة دائرة الأصدقاء، وقد استدعى خروجهما من هذا الإدمان فترة من المتابعة والعلاج النفسى.
انتشار هذه المخدرات ماهى إلا إدعاءات كاذبة للضحك على عقول الشباب واستقطابهم للاقتناع بأفكار هادمة للمجتمعات وتؤثر بالسلب على انتمائتهم فيما بعد، فمن الممكن ان توظف الموسيقى للعلاج النفسى حيث تعمل على تخدير المشاعر وإحداث نوع من الهدوء العصبى وفعليا لاتؤثر الموسيقى الرقمية المنتشرة فى هذه الايام الإ  على الاشخاص المضطربة، أما بالنسبة للأشخاص المتزنين نفسيا فلا تؤثر عليهم بل تزيد من هدوئهم العصبى وتساعدهم على الاتزان، وبالنسبة للمخدرات الرقمية فهى نقلة جديدة فى عالم المخدرات واعتبرها نوعا ًمن الخدع التى تريد ان تهدر طاقة الشباب وتوجيه تفكيرهم إلى الافكار السلبية ، ولكن بالنسبة للشباب الواعى فلا يمكن ان تحدث هذه المخدرات أى تأثير عليهم، بالعكس قد تزيد من طاقتهم الإيجابية وتدفعهم نحو مزيد من الانتاج تجاه مجتمعهم.
وبالنسبة لتأثير الموسيقى الإليكترونية المخدرة فهى قد تحدث نوعاً من النشوة لانها غالبا ما تكون ذات سمات جنسية مثيرة تؤدى إلى التهيج الجنسى لدى الشباب وانما لا تصل إلى التخدير الحسى الذى تحدثه المخدرات التقليدية، ويجب أن تتوقف عند هذه السمعيات الجنسية التى تؤثر على مجتمعنا بطريقة غير مباشرة لأنها تعمل على تفكيك الشباب الذين هم نواة ومستقبل البلاد ويحب أن يعى المجتمع، أن المخدرات الرقمية قد تنتشر وتؤدى إلى هدم البناء الوطنى اذا لم نتوقف عندها ونضع حدًا لانتشار هذه الكوارث الرقمية.
ومن جانبه يؤكد الخبير التربوى «كمال مغيث»، أن فقدان الشخصية الموسيقية المميزة واحد من أهم العناصرالاساسية التى أدت الى انتشارالمخدرات الرقمية وان الشباب فقدوا الاستماع الجيد الذى يؤهلهم إلى الحكم على الانواع الموسيقية المميزة التى ترقى بأخلاقهم وذوقهم العام وتضيف إلى ثقافتهم ، مشيرا إلى أن فترات عدم الاستقرار التى مرت بها البلاد فى الآونة الاخيرة وراء انحدار الذوق العام للشباب، وانجرافهم وراء الموسيقى الغربية المنتشرة وأن التطور التكنولوجى هو السبب فى ظهور مثل هذه الانواع من الموسيقى، ولا بد أن نعى أن لكل دولة ثقافتها التى تميزها ولا ننجرف وراء الثقافات الغربية التى تفقدنا الهوية المصرية وننذكر ان محمد على هو من أدخل الموسيقى إلى مصر وطورها الخديوى اسماعيل بافتتاح دار الاوبرا المصرية، ومن بعده سيد درويش ولكن فى هذه الأيام افتقدنا الابداع الذى يطلبه العصر، واصبحت «الجاز والراى» هى الموسيقى الشائعة بين طبقات الشباب المتنوعة باختلاف ثقافتهم وبيئاتهم، فلابد أن يكون هناك تطور للأجيال القديمة مع الحرص على العادات والتقاليد المصرية العظيمة ، مضيفا أن انتشار المخدرات الرقمية له تأثيره السلبى على المجتمع سواء على نظام التواصل أو الابتكار لذا لابد أن «نعى ما قد نصل اليه، وأن هذا ماهو الا ضياع للمجتمع فالموسيقى جزء مهم من هوية البلاد ويجب الحفاظ عليها.