الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عندما ساروا على الماء!

عندما ساروا على الماء!
عندما ساروا على الماء!




وليد طوغان

تشيع «الصوفية» فى مصر والسودان والمغرب هو الذى أشعل ثورة الوهابيين فى الجزيرة العربية . فقد  أدخل الصوفيون «خزعبلات» كرامة أهل البيت وعترة النبى  على الدين، ونشروا الاعتقاد فى انكشاف حجب الغيب عن «الأولياء»!
الفاطميون الشيعة  اكتسحوا المصريين بالتمسح فى «العترة النبوية». اختلقوا قصصا عن هيام أرواح على بن أبى طالب وأبنائه فوق قبورهم. تكلموا عن معجزات أضرحة السيدة نفيسة والسيدة زينب والسيدة عائشة فى شفاء المرضى.
سرسبة الفكر الشيعى إلى جماعات الصوفية هو الذى أدى بمعظم مدارس الدراسات الإسلامية إلى عدم اعتبار «التصوف» حالة شرعية، أو قضية «فقهية» تخضع قوانينها للبحث أو الجرح.. أو النقد إذا لزم الأمر.
صحيح يدرس المتخصصون ما حكاه الغزالى عن «الوجد الصوفى»، وما حكى عنه من الشعور بلذة الاقتراب من الله»، لكن يظل ما قاله الرجل ليس له حتى الآن طريق للإثبات بأى من الأدلة الشرعية لدى مدارس الفقه المختلفة!
المعنى أن كل ما يحكيه المتصوفة من «تهويمات»، ليست إلا أحاسيس شخصية، أو حالات «وجد» خاصة.. ليس لها فى كتاب الله شىء!
فى التاريخ الإسلامى اشتدت «حالات التصوف» فى البلاد التى تداولت علوم الفلسفة. ظهرت معظم الجماعات الصوفية وانتشرت من مصر، بعدما تأثرت الإسكندرية إلى حد كبير بمدارس الفلسفة اليونانية، وما تركته تلك المدارس من أسئلة متباينة حول قضايا «الروح»، وصفات الصالحين، وجدليات «الخلاص» وطرق الزهد.
«فى الفلسفات القديمة كان «الخلاص» مرادفا لوصول «المؤمن» إلى مرحلة التخلص من «رغبات الدنيا»، ليذوب فى «روح الإله».
الشيعة قالوا إن «الخلاص» يبدأ من الهيام عشقا فى روح «آل البيت». الفكرة  أخذها المتصوفة وسموها «الارتقاء»، أو «الاتصال». آمنوا أن القطب الصوفى ينكشف أمامه الغيب، ويتحد مع «روح الأولياء»، فيرى ما لا نراه، ويسمع ما لا نسمعه، ثم يتكلم مع من مات.. ثم يحيا بعدما يموت.
«الاتصال» بالإله  سماه البوذيون الصينيون «النيرفانا». سماه  الشيعة «هيام الروح»، ثم نقله المتصوفة عن الشيعة وسموه.. «الفتح» أو « العلم اللدنى».
بالعلم اللدنى .. تحول أقطاب الصوفية إلى شخصيات «خرافية»، بقصص «أسطورية» تحكى عن انتقالهم عبر الزمان والمكان بقوانين غير قوانين الدنيا، محطمة نظريات الفيزياء.. معارضة لقوانين الجاذبية.
فى التاريخ الصوفى مثلا انتقل السيد البدوى على «سجادة طائرة» من المغرب لمصر.  فى أدبيات الصوفية أنه - السيد البدوى- أحيا الموتى، وأمات الأحياء، وأن الرفاعى كلم الزواحف وأخذ العهد منها بعدم إيذاء أبنائه أو تابعيه!
وفى أدبيات الصوفية ايضا الكثير عن انتقال الأولياء من مكان لمكان بسرعة البرق، إضافة لقصص سير بعضهم  على الماء، وتنبؤ آخرين بالغيب، وحلول ارواح موتاهم فى اجساد آخرين ، مع أنه ليس فى الإسلام شىء اسمه «حلول» أرواح الأئمة بعد مماتهم فى أبنائهم، ولا فى الدين كلام عن بقاء أرواح الصحابة والصالحين فى أتباعهم.
المتصوفة يقولون إنهم الأقرب إلى الله، وجماعاتهم يسمون أنفسهم «أهل الله»، مع أنه لم يرد فى الدين ما يتكلم  عنه المتصوفة  من تفاسير لـ«بواطن القرآن الكريم»، ولا فى صحيح الإسلام كلام عن علاقة ما بين حروف المصحف وبين أحجار «خفية» فى حوائط مراقد أهل البيت.. وبؤر مقدسة فى أضرحتهم.
الشيعة يستخدمون الصوفية .  والصوفية تلبسهم «التشيع».
الثورة الإسلامية الإيرانية  حولت المتصوفة فى الثلاثين عاما الأخيرة إلى «مسخ» سياسى فى إطار دينى «شعبى». الثورات الدينية عادة ما تكون مصحوبة بانقلابات اجتماعية. فى «الانقلابات» يلجأ العوام إلى «دين خاص» يعيدون  صياغة مسلماته بأنفسهم.
سياسة الشيعة هى التى ساهمت فى توجهات المتصوفة، دون أن يلحظ الأخيرون، فتحقق ما تكلم عنه «دور كايم» من ظهور طبقات تتأرجح بين الفكر الدينى وبين فكر العوام!
سريان التصوف فى الشارع المصرى وبين جماعاته.. وموالده.. وطرقه الخطر القادم.