الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل ينوي مرسي حقا الحفاظ علي معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية؟




منذ انتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر، هناك نقاش كبير حول ما إذا كانت الحكومة المصرية سوف تحترم معاهدة السلام في البلاد مع إسرائيل. في واقع الأمر، فإن السؤال الصحيح هو ليس ما إذا كانت مصر سوف تحترم المعاهدة، ولكن كيف يمكن لمصر أن تلغيها؟
لقد كان مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين وفاز في الانتخابات الرئاسية. مع انتخابه، يسيطر الحزب الإسلامي الآن علي كل من مصر والرئاسة والسلطة التشريعية. يطمئن مرسي جماهير الغرب دائما بأنه شخص إسلامي غير متشدد وقال مرارا وتكرارا إنه لن يكون رئيسا اسلاميا. كما يدعي أنه انفصل عن جماعة الاخوان المسلمين ووعد بالحفاظ علي المعاهدات القائمة بما فيها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، رغم انه خاض الانتخابات علي وعد بـ«الجهاد والاستشهاد» ووضع دستور يستند إلي الشريعة الإسلامية والقرآن.
كيف يمكن للعالم الغربي أن يفسر مثل هذا الالتزام؟ فشخص إسلامي مثل محمد مرسي سوف يحتكم إلي الشريعة الإسلامية ويتعامل مع المعاهدة علي هذا الأساس. علي الرغم من أن القرآن الكريم سمح للمسلمين بإلغاء أي معاهدة في أي وقت مع «المشركين»، إلا أن هناك أحاديث وفقهاء يؤكدون أن القرآن يأمر المسلمين أن يلتزموا بالمعاهدات طالما أن الجانب الآخر ملتزم بها.
لكن القرآن الكريم، علي الرغم من ان المسلمين يؤمنون بأنه كلمة الله التي لا تبدل، بطبيعته هو وثيقة غامضة ومتناقضة، وتخضع لتفسيرات متباينة. لقد أدرك هذا الشيء العلماء منذ أكثر من ألف عام. قد تكون كلمة القرآن غير معدلة من الله، ولكن معرفة ما تعني هذه الكلمات يمكن ان يكون أمرًا مزعجًا في كثير من الأحيان إلي حد كبير.
يعتمد المسلمون أيضًا، بخلاف القرآن، علي الاحاديث التي ترسم حياة النبي محمد حيث توضح كيف كان يفسر محمد القرآن ويتعامل.وفيما يتعلق بالمعاهدات، الأحاديث واضحة تماما علي أساس واقعة شهيرة من حياة محمد وهي صلح الحديبية مع قبيلة قريش.
كانت قريش عشيرة وثنية سادت مكة المكرمة، عندما حاربها محمد هددته وهرب منها من مكة الي المدينة المنورة في عام 622. قضي محمد «ص» بضع سنوات في تعزيز موقفه في المدينة المنورة، وأخذ يزداد موقفه قوة  ثم في 628، وقعت قريش معاهدة مع محمد «ص» ظاهريا تسمح للمسلمين الحجاج العودة إلي مكة المكرمة للحج، وبالتالي تأسس مبدأ أن المسلمين يتعاملون مع غير المسلمين.
في النهاية، شعر محمد «ص» أنه قد اكتسب قوة كافية ولم يعد بحاجة للمعاهدة، لذلك سعي إلي ذريعة لانتهاك ذلك. في 630 وجد تناحر داخل قبائل قريش وقتل بعض الموالين لمحمد «ص» فنقض محمد «ص» المعاهدة ودخل حرباً وجعل نفسه سيد مكة المكرمة. إنه أمر يشبه إلغاء الولايات المتحدة معاهدته مع الروس بسبب قتل اثنين من رجال العصابات في كوريا الشمالية في معركة مع أفراد العصابات في كوريا الجنوبية.
يستخلص العلماء والفقهاء دروسًا من هذه القصة وهي أنه يمكن للمسلمين التعامل مع غير المسلمين وتوقيع الاتفاقيات ولكن ما دام الاتفاق لا يناسب الجانب المسلم يمكن تمزيقها. الأمر يحتاج فقط الي ذريعة صغيرة لإلغاء المعاهدة.
مرسي، بطبيعة الحال، إسلامي ويعلم كيف تعامل محمد «ص» مع قريش ويشعر انه مجبر دينيا علي ان يحذوا حذو النبي. كلماته حتي الآن تجعل هذا واضحا. لقد اشار مرسي الي انه سوف يلتزم بمعاهدة السلام ما لم تنتهك إسرائيل هذه الاتفاقيات بالفعل.
مرسي يدعي أن إسرائيل هي بالفعل تنتهك للمعاهدة لأنها لم تحل مشاكلها مع الفلسطينيين. في رأي مرسي، هذا يتطلب قيام إسرائيل بمنح «حق الفلسطينيين العودة إلي وطنهم، وحق الفلسطينيين في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف [...] واضاف» بالطبع، اسرائيل لم تفعل ذلك و لا بد أن تفعل ذلك في إطار اتفاقات كامب ديفيد. لكنها لم تمانع في ذلك.
في حقيقة الأمر الوضع الحالي يعطي المصريين الكثير من الذرائع لان تدعي ان  إسرائيل قد خرقت المعاهدة. وقد سمح للمصريين حماية سيناء بقوات حرس الحدود المصرية بعد ان قتل العديد منهم في الآونة الاخيرة بنيران إسرائيلية  وأكثر من ذلك حتما سيتبع. أي حادث، مهما كان طفيفًا، وبغض النظر عما إذا كان ناجما عن إهمال أو تواطؤ مصري، وسوف يكون كافيًا لمصر، وفقا للشريعة الإسلامية، لتمزيق المعاهدة.
وذلك من حيث المبدأ القانوني الإسلامي، معاهدة السلام مع إسرائيل باطلة أصلا حتي أن أكد مرسي عكس ذلك. سوف يحافظ مرسي علي المعاهدة طالما أنه ينظر اليها علي أنها أمر مفيد لمصر وبمجرد أن تتبدل الحال سوف تكون هناك حرب آتية.