الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فشل جديد ينتظر «المتأسلمين» فى حكم المغرب

فشل جديد ينتظر «المتأسلمين» فى حكم المغرب
فشل جديد ينتظر «المتأسلمين» فى حكم المغرب




تحقيق - محمد عصام
 

بلاد شمال إفريقيا أكثر الدول تأثراً بتنامى حركات الإسلام السياسى ويرجع السبب لنشأة «الإخوان المسلمين» فى مصر مع بداية الربع الثانى من القرن العشرين والتى وظفت الدين لخدمة الأغراض السياسية والخلط بينهم لما يحققه من مكاسب لدى مجتمع أغلبه ناقص المعرف إن لم يكن أمى مع اللعب علي أوتار العقيدة ودغدغة المشاعر الدينية نتيجة لتميز مصر بتأثيرها الفاعل فى محيطها الممتد انتشرت أفكار الإخوان إلى مجتمعات أخرى منها دول شمال أفريقيا فنمت الحركات الإسلامية فى الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وظلت هذه الحركات قابعة لسنوات طويلة تصارع السلطة وتتحين الظروف للقفز عليها معتمدة على شعبية زائفة أغلبها من المخدرين بشعارات الدين التى لا تتسق مع طبيعته ورغم تواصل هذه الحركات فى دول الشمال الأفريقى وانتمائهم لمعين فكرى واحد إلا أن كل بلد له خصوصيته التى تتفق مع بيئته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وشهدت السنوات الثلاث الماضية ومع بداية 2011 فرصة ذهبية لهذه الحركات للصعود للحكم الذى يحلمون به بعد انفجار تلك المجتمعات وخاصة فى تونس ومصر وليبيا ضد أنظمة ليست أقل فساداً من المتأسلمين بل تميزوا عنهم بالاعتماد على الفساد وتوظيفه فى إدارة الحكم ولكن لعدم امتلاك هذه الحركات برنامجاً واضحاً لإدارة الدولة وإنما شعارات للعب بالعقول بالإضافة لعشقهم المرضى للسلطة انكشفوا سريعاً
واتضح فشلهم وجهلهم إلى جانب فسادهم المستمد من فهمهم الخاطئ للدين فانتفضت الشعوب لاقصائهم وهذا ما حدث فى مصر ضد الإخوان المسلمين ورغم محاولاتهم العبثية إلا أن الغالبية اقتنعت أنهم غير صالحين ولا يمكن أن يعودوا، كما كان لا يمكن أن يستمروا رغم الضجيج والعنف الذى يستخدمونه كذلك فى تونس ذلك البلد المنفتح الذى يعى معنى الحياة ويدرك مفاهيمها من تجاربه وقربه من الثقافة الغربية الحديثة فبعد وصول الإسلاميين للسلطة عقب ثورة تونس الملهمة وهو الأمر الذى كان غريباً فى بلد مثل تونس إلا أنه الدين وخطورة استخدامه فى السياسة لكن وعى الشعب التونسى لم يكن يسمح لذلك فى أولى انتخابات أزاحهم من السلطة وما يحدث فى ليبيا أصعب من ذلك ولم يتضح نهايته فالشعب الليبى يواجه ميلشيات العنف الإسلامى المسلحة فى صراع تسعى من خلاله للاستحواذ على السلطة لكن الليبيين الذين يدفعون ثمن ذلك يومياً يصرون على الرفض رغم المآسي.
وإذا ذكرت الإسلاميين فى الشمال الإفريقى لا يمكن إغفال تجربة الجزائر الدموية مع جبهة الانقاذ الإسلامية مع بداية التسعينيات والذى أدى استبعادهم وعدم الاعتراف بما حققوه فى الانتخابات وقتها بسبب إعلانهم أنها آخر انتخابات وكشفهم عن سعيهم لتطبيق أفكارهم الخاطئة عن الدين إلى مذابح قاسية لكن الشعب الجزائرى أصر على مواجهتهم ومازال حتى هذه اللحظة يدفع ثمن تخلصه منهم وفى تجربة أخرى للإسلاميين لم يكتب لها النجاح حتى الآن حيث أنهم شاركوا فى حكم المغرب بعد تغييرات 2011 بالمملكة وأن اختلفت الظروف وعلي الرغم يحملون نفس الأفكار إلا أنهم يعملون فى إطار الشرعية وبعد وصولهم السلطة حاولوا أن يثبتوا أنهم يسعون للمصلحة العامة فى إطار سلطة ملكية تسمح لهم بالمشاركة وأن اتفق الكثيرون على أنهم غير مؤهلين للحكم وليست لديهم الخبرة الكافية التى تسببت فى ممارسات مرفوضة انعكست بالسلب على جموع الشعب مما  أدى إلى تدهور شعبيتهم ومازال الكل ينتظر نهاية التجربة بالفشل  ففتحت نتائج انتخابات 2011 فى المغرب باب التداول الديمقراطى للسلطة، تلبية للإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، بعد تجربة «التناوب التوافقى»، التى أدخلت المعارضة السابقة إلى الحكومة سنة 1998، وكان الأمر يتعلق بخطوتين كبيرتين بالنسبة للمغرب: الأولى ساهمت فى إنقاذ البلاد من حالة الاحتقان وأدخلتها إلى مسلسل الإنصاف والمصالحة، التى تعتبر من أهم تجارب المصالحة فى العالم وطى صفحة الماضى الأسود.
فيما أكدت التجربة الثانية قدرة المؤسسة الملكية على احتواء الأزمات الاجتماعية والسياسية والإنصات إلى مطالب الشارع، والتجاوب معه بالسرعة المطلوبة بعد حراك الشارع المغربى الذى قادته حركة «20 فبراير».
وهو الحراك الذى جاء بتعديل دستورى فى 2011، وحكومة جرى فيها احترام المنهجية الديمقراطية، بإسناد رئاستها للحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، ما فتح الباب لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامية، للقيادة إلى جانب القصر، فى وقت كانت فيه المؤشرات السياسية تسير فى اتجاه تكريس تحالف حزبى مكون من ثمانية أحزاب، يقودها حزب «الأصالة والمعاصرة».
لكن سفينة البلاد مضت فى اتجاه آخر، لم تعانده المؤسسة الملكية بل دفعت فى اتجاه إقراره على الأرض، فى خطوة غير مسبوقة، اعتبرت من الخطوات الأكثر حكمة وجرأة فى العالم العربى حيث يتعلق الأمر بثورة هادئة، تأتى فى سياق الاستمرارية وطبيعة النظام السياسى المغربى، ثورة من خلال صناديق الاقتراع، بدل ثورات الساحات والشوارع، وبذلك يكون المغاربة قد حققوا إنجازاً كبيراً، بأقل خسائر، وبكثير من المكاسب، فى محيط إقليمى متوتر ومضطرب.
وجرى التنويه بأن المنتصر الأول، فى مختلف هذه المحطات النوعية، من الاستفتاء على دستور 2011، إلى المشاركة فى أول انتخابات تشريعية فى ظل الدستور الجديد للمملكة، هو المغرب كله.
غير أن ذلك لم يقطع نهائياً من انتظارات اجتماعية كبيرة وملحة، تتجلى فى استكمال ترجمة الدستور من خلال القوانين التنظيمية الخاصة به، نحو 20 قانوناً، ودعم وتقوية البنيات التحتية، ومحاربة الفساد المالى والسياسى واقتصاد الريع، ووضع أسس الحوكمة الجيدة.
ويؤكد الباحث وعضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، عمر أحرشان، فى سياق تقييمه للتحولات التى عرفها المغرب، أن محطات أساسية عبرت منها البلاد من حكومة عبد الرحمان اليوسفى إلى الآن.
ويقول إن «المغرب عرف منذ تشكيل حكومة اليوسفى، انفتاحاً سياسياً غير منتظر أسند فيه الملك الراحل الحسن الثانى للمعارضة التاريخية مهمة رئاسة الحكومة وضمنها من قادوا ضده أعنف معارضة، وقد مهد الحسن الثانى لذلك بتعديل الدستور سنة 1996 وإعادة العمل بنظام البرلمان ذى الغرفتين لتجنب معضلة الثلث الذى يختار بنمط اقتراع غير مباشر.
ويفسر إقدام الملك الراحل على تلك الخطوة الكبيرة بالمعطيات السياسية والاجتماعية التى استجدت فى تلك الفترة ويرى أن لجوء «الحسن الثانى» إلى هذا الانفتاح كان اضطرارياً لأسباب ثلاثة، يتمثل الأول فى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التى عبر عنها فى خطابه الشهير سنة 1995، والذى وصف فيه حالة البلاد بالسكتة القلبية.
أما السبب الثانى، فيتمثل فى رغبته بالاستفادة من علاقات اليساريين المغاربة من نظرائهم فى الخارج فى ظل موجة صعود يسارى فى أوروبا وغيرها من البلدان، وتوظيف هذه العلاقة فيما يخص ملف الصحراء، ويتمثل السبب الثالث فى مرضه الشديد ورغبته فى تحقيق الانتقال الآمن للحكم لابنه.
ويستنتج «أحرشان» بأن فترة حكم الاشتراكى «عبد الرحمن اليوسفى» لم تكن سهلة للغاية، بل وجه بالكثير من المقاومات من داخل المحيط الملكى ومن خارجه، ويقول «لقد كان الأمر يتعلق بنوع من الحرس القديم يسعى للمحافظة على امتيازاته، مسنوداً بجزء من السلطة ومن رجال المال والأعمال ومن أحزاب سياسية تقليدية»، ولذلك فإنه، حسب أحرشان، «ظل السويفى طيلة مدة ولايته يعانى من مقاومة الحرس القديم، وفى مقدمتهم وزير الداخلية الراحل إدريس البصرى، وما كان يسميهم بجيوب مقاومة التغيير بسبب غياب إرادة حقيقية للانتقال الديمقراطى.
بعد ذلك، ووفقا لتحليل «أحرشان» فإن المغرب انتقل إلى مرحلة سميت بمرحلة «التخلى عن المنهجية الديمقراطية»، وبدأت منذ 2002 وعرفت انتكاسة على المستوى السياسى بالتمكين للتكنوقراط، وعلى المستوى الحقوقى بدعوى الحرب على الإرهاب. موضحًا أنه استمر النكوص حتى انتخابات 2007 حيث شكلت هذه الانتخابات ضربة موجعة للنظام الذى دعا المغاربة إلى الإقبال على الاقتراع، فكان الرد أكبر عملية مقاطعة وعزوف انتخابى فى تاريخ المغرب.
هو ما جعل النظام يعيد حساباته ويزج بفاعل جديد فى الساحة السياسية تبلور من «حركة لكل الديمقراطيين» إلى أن اتخذ شكله النهائى متمثلاً فى «حزب الأصالة والمعاصرة»، ولكنه عجز عن إعادة الاعتبار للعمل السياسى وتحقيق مصالحة بين المواطن والشأن العام. كما تميزت هذه الفترة بالهجوم الإعلامى والسياسى على الأحزاب والنخب السياسية وتبخيس دورها وتحميلها كل مساوئ البلاد.
أما المرحلة السياسية الثالثة التى يتوقف عندها أحرشان، فقد ارتبطت بموجة الربيع العربى ولم تنتظر الملكية وقتًا طويلاً للتفاعل، إذ خطب الملك خطابه الشهير مقدمًا عرضًا سياسيًا تمثل فى تعديل الدستور وانتخابات مبكرة وزيادة فى أجور الموظفين.
وفى إطار تحليله، يرى أن «التاريخ أعاد نفسه فلم يتدخل بشكل سافر فى نتائج الانتخابات التى مكنت حزب العدالة والتنمية، الذى يقوده عبد الإله بنكيران، من احتلال المرتبة الأولى وتشكيل حكومة على الرغم من أن هذا كان من سابع المستحيلات قبل ذلك، ما يؤكد أن النظام لجأ إلى هذا الاختيار مضطرًا.
أما حزب «العدالة والتنمية» المغربى فقد كان ينتظر قوة الدفع الناتجة عن رياح الربيع العربى كى يظفر بشرف تسيير الشأن العام وحيازته مكللاً هذا برئاسة الحكومة، بعد مختلف التعديلات التى تم إقرارها استجابة لمنطق المرحلة بدءا بالخطاب التاريخى، إلى تعديل نسخة الدستور الجديد وانتهاء بإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها أسفرت عن تربع الحزب على عرش النتائج، بعد أن احتل ربع مقاعد البرلمان ومسيطرا على 11 مقعداً وزارياً من بين حقائب الحكومة.
فقد استطاع الحزب الإسلامى الأبرز أن يكسر الحصار الذى كان مفروضًا من السلطة عليه، فى ظل التخويف الذى تروجه بعض الأوساط، سواء الداخلية أو الخارجية، من احتمال قلب الحزب ذى الخلفية الإسلامية للطاولة إذا ما تم التمكين له، فى ظل سيادة نوع من «الخطاب الدولى» الرافض لأى محاولة للتنفيس عن الإسلاميين والميل إلى اعتبارهم تيارًا واحدًا متشددًا.
وشق الحزب لنفسه مسارا بشكل مبكر نهج الاعتدال والإصلاح التدريجى من داخل المؤسسات، مع الصبر على ذلك، بعد تجارب النقد الذاتى والمراجعة التى سبق أن قامت بها قيادات هذا التيار، بعكس ما انتهجه فى الماضى. كما اهتدى الحزب إلى الأدوار التكاملية التى بإمكان العمل المدنى والاجتماعى أن يسديها لحركية الفعل الإسلامى كواجهات مهمة لا تقل أهميتها عن ساحة الفعل السياسى.
إلا أن الحزب استفاد من الفعل الديمقراطى بشكل ضعيف مقارنة مع استفادة الأطراف السياسية الأخرى، إذ كان القبول به يندرج فى إطار تفعيل استراتيجية الدولة لاحتواء هذه التيارات وتلميع صورتها وإعطاء نوع من الرمزية للانتخابات التى تجرى مع إظهار التيار الإسلامى متحكم فيه، على أن يكون النموذج التنموى المعتمد لا يترك أية فرصة للإسلاميين للتغول.
ووجد الحزب الإسلامى نفسه واقفا فى المكان الصحيح، وأخذ زمام التسيير لحكومة مهندسة بالشكل الذى لم يكن يعطى لرئيسها إمكانية التسيير إلا بالتوافق مع أكثر من حزب سياسى، حتى لا يحلق وحيدا عاليا. لكن بعد سلسلة سقطات وقع بها الحزب خلال السنوات المنصرمة الماضية جعلت مستقبله على المحك.
حتى بين المواطنين، فقد اختلف المواطنون فى المغرب عندما يتعلق الأمر بتقييم تجربة حزب «العدالة والتنمية الإسلامى»، فهناك من يجزم بنجاح هذا الحزب فى تسيير المملكة فى ظرف دولى واقليمى دقيق، وهناك من يراه فاقدًا لرصيده الشعبى بدليل تزايد الغاضبين والمعارضين له.
وانقسمت المواقف واستطلاعات الرأى بين مؤكد لنجاح حكومة «عبدالاله بنكيران» فى المحافظة على شعبيته وشعبية حزبه، رغم «القرارات الصعبة» التى نزلت كالماء البارد على المغاربة، وبين من يرى أن رئيس الحكومة والحزب فقدا الكثير من رصيدهما الشعبى، مستدلين بتزايد وتيرة الاحتجاجات واتساع دائرة الغاضبين من طريقة تدبير فريق بنكيران للشأن العام فى الممكلة، واختياره «الانحناء» أمام ما يراه البعض «فساد واستبداد»، وإرغامه الفقراء والفئات المهمشة على أداء فاتورة النهج الاقتصادى والاجتماعى للحكومة.
من يعرفون «بنكيران» جيدًا، يدركون أن «المحافظة» على شعبية الحزب أولًا ثم شعبيته تشكل هاجسًا بالنسبة إليه وعلى هذا الأساس، فإن رئيس الحكومة كثيرًا ما يدقق فى شأنه أن يغير تلك الصورة المرسومة لدى المغاربة حول الحزب، والتى كانت سببًا فى منح الصدارة له بالانتخابات التشريعية فى سنة 2011.
غير أن صعوبة الظرف الاقتصادى و«الأزمة الاجتماعية والسياسية» الخانقة التى يمر بها المغرب، فرضت على بنكيران «اختيارات» فجرت جدلًا واسعًا، ومنها الزيادات المتتالية فى الأسعار، والتصور الحكومى لإصلاح صندوق التقاعد، إلى جانب قرارات أخرى خلقت ارتباكًا لدى المغاربة ومبعث هذا الارتباك هم «الخصوم السياسيون والنقابيون» لبنكيران، الذين يؤكدون بأن هناك بدائل أخرى غير الإجهاز على جيوب الفقراء والمستضعفين «للقيام بالإصلاح.
ويقول عبدالعزيز أفتاتى، القيادى فى العدالة والتنمية، أن الحزب لايمكن أن يصدر عنه ما يفسد. يمكن أن يرتكب أخطاء، يمكن إن يختار اختيارات مرجوحة ويترك أخرى راجحة، لكن لا يمكن أن يذهب رأسًا إلى اختيارات لامعنى لها أو تسئ إلى أوضاع الناس، فالعدالة والتنمية فى عمقه جاء وأنشئ من أجل أن يسهم فى تحسين أوضاع الناس على جميع المستويات».
ويؤكد العديد من الباحثين فى الشأن السياسى - مستدلين بالمؤشرات والاستطلاعات - تراجع شعبية العدالة والتنمية والتى كان آخرها هو «اتحاد النقابات»، فللمرة الاولى منذ الاستقلال، وتنفيذها إضرابًا عامًا، يوم 29 من أكتوبر الماضى، خرجت مسيرات فى عدد من المدن احتجاجًا على غلاء فواتير الماء والكهرباء، إلى جانب ردود فعل غاضبة على زيادات متتالية فى أسعار عدد من المواد الأساسية.
وأوضح أحمد عصيد، الناشط فى الحركة الأمازيجية، أن ماتبرزه تجربة حزب «العدالة والتنمية» فى الحكومة هو أنه لم يكن مستعدًا أصلا لهذه التجربة فى سنة 2011، فهو كان مستعدًا لأن يشارك فى حكومة ولكن ليس كحزب رئيسى أو حزب يرأس الحكومة ثم جاءت الأحداث المفاجئة بانتفاضة الربيع الديمقراطى، فهيأت تلك الظروف، إلى جانب أن السلطة كانت لها إرادة فى استعمال الحزب لتمرير هذه المرحلة، مثلما استعملت عبد «اليوسفى» والاتحاد الاشتراكى لضمان انتقال العرش بشكل سلمى فى سنة 1999.
مضيفا أن أول ما أظهرته هذه التجربة هو أن الحزب لم يكن مهيأ ولا مستعدًا لهذا الموقع والدليل على ذلك ضعف الأطراف الذى يعتمد عليها، وانعدام الخبرة لديه فى تسيير الشأن العام، ما أحدث لديه الكثير من الاضطراب والارتباك خاصة أنه كان يحمل الكثير من الأفكار النظرية الطوباوية، التى أظهرت التجربة بأنها غير صالحة للتطبيق أو الممارسة.
وأن القرارات التى اتخذها الحزب فى الجانب الاجتماعى والاقتصادى، كانت غير موفقة لأنها ضحت بمصلحة أغلبية الفئات الهشة لصالح التوازنات المالية وهو ما يؤكد أن الحزب ليست لدية الخبرة التى تؤهله لأن يبحث عن حلول أخرى فالحكومات السابقة كانت تتجنب الزيادة فى أسعار الوقود إلى غير ذلك إلا عند الضرورة القصوى، بينما هذه الحكومة تلجأ مباشرة وبسهولة إلى التضحية بالفئات الهشة من أجل توازناتها المالية والاقتصادية، وهذا يدل على عدم وجود خبرة لديها فى هذا المجال.
ورأى أن هذا الإضراب الأخير يدل على عموم التذمر تجاه هذه الحكومة التى فشلت فى العديد من الملفات، كما أنها فشلت فى الملف الأكبر والأعظم، والذى كان جميع الناس يعتقدون أنه سيكون فيه جديد وهو ملف محاربة الفساد والاستبداد.