الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الأسماك.. الأورمان.. الميرلاند» حدائق سيئة السمعة

«الأسماك.. الأورمان.. الميرلاند» حدائق سيئة السمعة
«الأسماك.. الأورمان.. الميرلاند» حدائق سيئة السمعة




تتمتع القاهرة بالعديد من الحدائق المتميزة التى تعد مهربًا من الحياة الروتينية ووسيلة لقضاء وقت ممتع فى الإجازات، ولكن الإهمال نال من جمال وروعة هذه الحدائق، التى كانت علامة مميزة فى تاريخ السينما ويرتادها الكثير من الأصدقاء وكانت مقصد الأهالى للترويح عن أنفسهم وإسعاد أطفالهم، حيث اكتسبت بعض الحدائق داخل أحياء القاهرة الكبرى سمعة سيئة نتيجة ما تشهده من ممارسات وأفعال شائنة، ومنها حديقة الأسماك التى تم تصوير العديد من الأفلام المصرية الشهيرة بها وكان آخرها فيلم «جنينة الأسماك» الذى دارت معظم مشاهده داخل أرجاء الحديقة المميزة، وتليها حديقة الجزيرة التى ظهرت فى العديد من المسلسلات الدرامية، والأورمان، والميرلاند، وصولاً لحديقة الحيوان التى طالها الإهمال وأصبحت تشتهر بسوء السمعة بعد استغلالها للأعمال المنافية للآداب وسيطرة متعاطى المخدرات والمتسولين عليها.
فالحدائق العامة من المفترض أن تتصف بالروعة والجمال، وتحتل أهمية كبيرة باعتبارها رئة العاصمة.. ولكن فى الفترة الأخيرة تم إهمال تلك الحدائق وانخفضت المساحة الخضراء، واغتيلت أحلام الفقراء والبسطاء فى مكان يتنزهون به بالمجان، ويقضون به أوقات فراغهم.. أما ما تبقى من تلك الحدائق، فلم تعد بالمظهر اللائق بها، وأصبحت أماكن غير معتنى بها، وتتكدس بها أكوام من القمامة فضلاً على ممارسة جميع السلوكيات الخاطئة التى تنتشر بها.
وتأتى حديقة الأسماك فى بداية هذه الحدائق التى سيطر عليها الإهمال بالرغم من أنها تعد ضمن الحدائق الأثرية التى تتميز بقيمتها المعمارية والتاريخية والتى تعود إلى عام 1867 عندما طلب الخديو إسماعيل من مدير متنزهات باريس إحضار أحد الخبراء لتصميم حديقة تكون على هيئة جبلاية وتظهر على شكل قيمة معمارية عالمية تتخذ منها فئات الشعب مكانًا للتنزه والترفيه لكنها الآن، وبعد أن احتلها البلطجية وصارت مأوى للمنحرفين، تحولت إلى خرابة تمارس فيها أعمال تشكل خروجًا على الآداب، وأصبحت أحواض الأسماك النادرة التى كانت تزين أرجاء الحديقة فارغة.. وتفوح منها روائح كريهة.
«الحدائق هى الوسيلة الوحيدة لقضاء العطلات الرسمية»
ويقول «محمد سعد» موظف: كنت أحرص على التنزه أنا وأسرتى الصغيرة داخل الحدائق فى العطلات الرسمية ومن أشهر الأماكن التى كنا نحرص على الذهاب إليها حديقة الأسماك نظرًا لجمال المناظر التى نشاهدها فى الأفلام والمسلسلات لكن عندما ذهبت مع أولادى للحديقة فى إحدى العطلات الرسمية فوجئت بالإهمال الذى يسيطر عليها فلا يوجد أى اهتمام فضلاً على عدم وجود أى خدمات أو وسائل ترفيهية.. ووجدنا معالمها مغايرة تمامًا لما نشهده فى الأفلام هذا كله إلى جانب ما شاهدناه من أفعال خارجة من قبل الشباب والفتيات المنحلين أخلاقيًا والمراهقين الذين يملئون الحديقة.
 وقررنا الانصراف وعدم تكرار الزيارة، وأناشد الإدارة العامة للحدائق بضرورة الاهتمام بمثل هذه الأماكن الجميلة حتى لا تفقد هويتها الأثرية والجمالية، وأن يراعوا أن هذه الحدائق هى المتنفس الوحيد لمحدودى الدخل، لذا عليهم أن يعيروها قدرًا من الرعاية والنظافة حتى تليق بالأسر البسيطة التى تذهب للتنزه بها.
لا تصلح أن تكون مكان للتنزه
وتقول «هند نزيه» طالبة: دائمًا ما أسمع عن حديقة الأسماك وأشاهدها فى أفلامنا العربية ولكن فى نفس الوقت أسمع من الناس الذين سبق لهم زيارتها أنها غير ما تظهر عليه فى الأفلام وأنها عبارة عن أماكن مظلمة بعيدة عن العيون ولا أحد يعلم ماذا يحدث فيها وأنها صارت كالغرف المغلقة فى البيوت المشبوهة فى الفترة الأخيرة، فهى عبارة عن ممرات لمغارات يمارس الشاب والفتاة الحب داخلها بعيدًا عن أعين الأهالى كيفما شاءوا، لذا لم أفكر أن أزورها فى أى يوم وبشكل عام فإن معظم الحدائق أصبحت لا تصلح أن تكون مكانًا للتنزه فهى على الجانب الجمالى فقدت هويتها، ومن الناحية الأمنية لا تتمتع بالقدر الكافى الذى يجعل الفتيات تذهب إليها، لذا أفضل أنا وأصدقائى الذهاب للمولات والكافيهات لأنها تكون مؤمنة على عكس الحدائق العامة.. وأتمنى أن ينتهى هذا المشهد وأن تزول الصورة الذهنية السيئة التى تسيطر على أذهان العديد منا تجاه الحدائق وأن يهتم  القائمون عليها بتطويرها وإعادة الجانب الجمالى لها كما كانت عليه فى التاريخ ولتظهر بصورتها المعروفة.
«الميرلاند فقدت هويتها الجمالية»
وتدخل حديقة الميرلاند المتواجدة بمصر الجديدة ضمن الحدائق التى أطلق عليها زوارها لقب سيئة السمعة فتقول «سناء مجدى» ربة منزلاً إن الميرلاند زمان كان فيه كازينو اللى هو فيه البحيرة وده كانوا بيعملوا فيه عروض الدولفين وألعاب كهرباء وكان فيه كمان زى مراكب بتلف بيكى البحيرة مش مركب يعنى، وكمان كان فيها مرجيح وكانت الخروجة المميزة للأولاد، ولكن الآن أصبحت مليئة بناس مش كويسين ومشهورة بأن بوليس الآداب بيروح هناك عشان بتوع الأفعال المخلة بالإضافة إلى «مقلب الزبالة» الذى يوجد فى نهاية الحديقة.
ويقول «مصطفى سعيد» طالب: سبق لى زيارة حديقة الحيوان لقربها من الجامعة وكان من المفترض أن يلحق بى أصدقائى فقمت بجولة اتفقد فيها جمال الحديقة الذى طبع فى ذهنى وأنا صغير حيث كان والدى حريصًا على الذهاب بنا كل إجازة إلى حديقة الحيوان وكانت الخروجة المحببة إلى قلبى فى وقتها.. ولم أصطحب أى فتاة عندما كنت أسير داخل الحديقة وكان الشباب المتواجدون داخل الحديقة ينظرون لى وكأننى شاذ عنهم، حيث لا وجود لشاب بلا فتاة، كما لاحظت وكل من يتواجدون فى الحديقة كابلز، فاستغربت لما وصل إليه حال الحديقة وحزنت جدًا لأنى لم أتوقع أن أرى هذه المناظر المخلة داخل حديقة عامة ولها تاريخها مثل حديقة الحيوان، ولفت نظرى أيضًا أن ما تغير من تطوير ظاهرى هو تذكرة الحديقة التى صارت بـ5 جنيهات الأمر الذى جعلنى أعتقد أن ثمة تطوير قد لحق بالحديقة.
«لابد من وجود بيانات وصفية على أحواض الأسماك»
وتتابع «مها سيد» محاسبة: بالفعل عندما ذهبت للتنزه فى حديقة الأسماك وجدت أحواضًا سمكية فارغة بلا وجود للمياه بها من الأساس وإن وجد حوض سمكى يحوى أى نوع من الأسماك فلا وجود للبيانات التى تتعلق باسمه أو وزنه وصفاته وكأن كل من يذهبون لمشاهدة الأسماك علماء فى علوم البحار ويعرفون كل شىء عن هذه الأسماك، كما وجدت أحواض الأسماك تحيطها الأسلاك الحديدية، وتغطى بالبلاستيك ولم يتبق فيها سوى بقايا القمامة  ومواسير الحديد التى يعلوها الصدأ، وحين تتجول فيها لن تجد أى شخص يقول لك ممنوع الدخول هنا، وصدمنى هذا المشهد كثيرًا حيث كانت حديقة الأسماك فى الماضى تضم عشرات الأحواض التى تضم الأسماك المتنوعة ومنها النادرة مثل النيلية والبحرية، أسماك الزينة، والأخرى المحنطة، هذا إلى جانب الزواحف والأشجار والنباتات النادرة التى تعود أصولها إلى أستراليا ومدغشقر وتايلاند، حيث الغابات النادرة التى تتميز بها هذه المناطق لكن كل ذلك دونته كتب التاريخ وبات لا وجود له سوى الأشجار النادرة فقط.
«الأهمال سيطر على الحدائق العامة»
وتتابع «رقية أحمد» أن حديقة الأورمان من الحدائق المميزة التى تفضل الذهاب إليها ولكن فى الفترة الأخيرة نال الإهمال منها بشكل كبير حيث تجد الأوانى الفخارية التى من المفترض أن تتم زراعة النباتات بها ملقاة على الأرض وبعضها مهشم والبعض الآخر يمتلئ بأوراق الشجر أو القمامة.
وأيضًا حديقة الفسطاط التى خلت من الزوار، وهى الحديقة التى كانت دائمة لا تلمح من خضرتها طرفًا لكثرة توافد زوارها، ولكن تبدل الحال وقل الزوار فى المناسبات كالأعياد وشم النسيم، وندروا فى الأيام العادية، وأصبحت الفتيات تنفر منها وتخشى منها العائلات، حيث صارت للإهمال «بؤرة» تنجذب لها الفتيات هربًا من المدارس ويدخلها مدمنو المخدرات للتعاطى بعيدًا عن أعين المارة فضلاً على تدهور المرافق الملحقة بها التى صارت مهشمة لا تصلح للترفيه.
أما عن انتشار التحرش فلا يوجد وهذا ما أكده حارس الحديقة «زوار الحديقة مش بيتحرشوا بالبنات» مضيفًا أن السمعة الشائعة عن التحرشات بالحديقة هى بسبب البلطجية ذوى الأسلحة، الذين يدخلون دون دفع الرسوم، بل تحولت الحديقة إلى «وكر» بسبب قيامهم بتثبيت الزوار وسرقتهم، وتعاطى المخدرات بها، بل وصل الأمر إلى مضايقة السيدات والفتيات بالحديقة حتى إن كن بصحبة ذويهن.
 وعلى جانب آخر حاولنا التواصل مع الإدارة العامة للحدائق التى رفضت إبداء أى معلومات إيجابية أو سلبية حيال المشكلة.