الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القيادة السياسية لا «تلين» مع الفساد

القيادة السياسية لا «تلين» مع الفساد
القيادة السياسية لا «تلين» مع الفساد




من أكثر المشكلات التى تقلق الدولة هى أراضيها التى لا يعرفها أحد، ومع هذا تمكن جهاز الرقابة الإدارية من حصر حالات التعدى التى بلغت 172625 حالة على مستوى الجمهورية على مساحة إجمالية قدرها 2.3 مليار م2 كانت السبب فى ضياع مبالغ مالية على الخزانة العامة للدولة بنحو 214 مليار جنيه.
هذا الفساد الذى استشرى فى مصر لم يكن بمعزل عما يحدث فى العالم، الذى بات يئن من هذا المد السرطانى الذى لم يترك أخضر ولا يابساً، ويظل تشخيص الحالة الوطنية يقول: إنه خلال العقود الثلاثة الماضية كانت هناك عوامل أساسية ساعدت على هذا المناخ الملوث، منها النظام الاقتصادى الرأسمالى، الذى تزاوج مع السلطة السياسية لينتج تضخمًا فى الثروات للبعض وانعدام عدالة التوزيع، حتى إن ثمار التنمية لم تصل إلى الطبقات الأولى بالرعاية، مما ولد الشعور بالظلم واللامبالاة وساعد على انتشار الفساد.
ويدلل على ذلك معامل «جينى» العالمى فى قياس تفاوت الدخول ليقف المؤشر عند مصر فى عام 2012 بنسبة انخفاض وتفاوت تصل إلى 28٪، بينما كانت فى عام 2009 نسبتها 36٪، وكان هذا التفاوت فى مستوى الدخول بين أفراد الشعب سببا أساسيا فى قيام 25 يناير التى رفعت راية غياب العدالة الاجتماعية، ولعل انخفاض مستويات الدخول النقدية وقوتها الشرائية، جعل الشعب ينظر إلى المبالغة فى الإنفاق الحكومى الذى لم يكن له حدود، بل هو الباب الأوسع لانتشار الفساد بكل أنواعه تحت شعار الصناديق الخاصة، هذا بجانب البيروقراطية الحكومية وتعقد إجراءاتها وقصورها فى التنظيم وتداخل اختصاصاتها نشأ عنها منازعات عطلت دولاب العمل ومصالح المواطنين واستفحلت الحالة عندما ضعفت الرقابة الداخلية على أجهزتها، فلم يعد أحد يبلغ عن الممارسات الفاسدة، خاصة فى نظم التعيين والتقييم والترقية فى الوظيفة العامة وساعد أيضا على الفساد أسباب قانونية لم تحم الشهود والخبراء والمجنى عليهم والمبلغين، علاوة على طول الإجراءات القانونية والقضائية والتراخى فى تنفيذ العقوبات فى جرائم الفساد وتعدد القوانين واللوائح المنظمة للعمل بالجهات الحكومية وتداخلها.
كل هذا جعل الرئيس السيسى لا يتوانى لحظة فى إصدار قرارات تحمى المواطن وتزيد فعالية الأجهزة الرقابية بتشكيل لجان عدة يجلس مع كل منها كل فترة ليرى حصاد عملها.. وجاء دستور 2014 ليضع النقاط فوق الحروف فى المادة 68 لتعطى للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية الشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى وأخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها الرقابى والضمانات لحماية أعضائها، بما يكفل لهم الحيادية والاستقلال، ومن تلك الهيئات «البنك المركزى - الهيئة العامة للرقابة المالية - الجهاز المركزى للمحاسبات - هيئة الرقابة الإدارية».
وحتى إشعار آخر يعلن الوطن فيه تخلصه من الفساد الذى لم يتوصل أى من جهات العالم لتحديده أو تعريفه.. إلا أن البنك الدولى قال: إنه استغلال السلطة العامة فى تحقيق مكاسب خاصة، وبهذا يكون قصرها على الحكومة والقطاع العام دون الخاص، فى حين قالت الأمم المتحدة: إن الفساد إساءة لاستخدام السلطة المخولة فى تحقيق مكاسب خاصة، وبهذا تكون قد أعطت التعريف صفة أشمل.. لكننا فى انتظار التعريف المصرى للفساد الذى ليس له حدود.