الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العدالة الاجتماعية تنتصر فى الحد الأقصى للأجور

العدالة الاجتماعية تنتصر فى الحد الأقصى للأجور
العدالة الاجتماعية تنتصر فى الحد الأقصى للأجور




كتب - رامى إبراهيم

استجاب الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مطالب تحقيق العدالة الاجتماعية رافعـًا سيف الحق، ليحقق العدالة المنشودة للقضاء على التفاوت بين الطبقات الاجتماعية، الناتجة عن وجود فوارق كبيرة فى الدخول والرواتب بين الفئات.. فأعلن مؤخرًا تطبيق الحد الأقصى للأجور، وتطبيق القانون الذى يؤدى إلى خفض الإنفاق الحكومى وإنعاش الاقتصاد، الذى عانى طيلة السنوات الماضية.
واتفق خبراء الاقتصاد على  أن تطبيق القرار جاء فى وقته المناسب ليحقق العدالة الاجتماعية ويواجه الفساد الذى استشرى فى بعض الطبقات، فضلاً عن دوره فى تمويل جزء من الأموال اللازمة لتطبيق الحد الأدنى للأجور.
بداية أكد الدكتور صلاح الجندى الخبير الاقتصادى أن الرئيس السيسى يحارب من أجل رفع مستوى معيشة المواطن المصرى وتحسين الدخول وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتقريب الفوارق الكبيرة بين طبقات المجتمع، موضحًا أن تطبيق الحد الأقصى للأجور أساس العدالة الاجتماعية.
وأضاف الخبير الاقتصادى أن إعلان الرئيس تطبيق الحد الأقصى يعتبر مواجهة صريحة وشفافة مع الفساد والإهمال الموجود فى كثير من القطاعات، التى ظلت تعانى طيلة السنوات الماضية، وذلك بعد أن كان المال العام مستباحًا دون ضوابط فى الأجور، لأن البعض كان يحصل على أرقام فلكية فى الأجور لا تتناسب مع ظروف المجتمع وإمكانياته، لافتًا أن الحد الأقصى سيوقف نزيف المال العام، ويجعل هناك توازنًا كبيرًا فى الآداء الحكومى.
وأكد الجندى أن قيمة الحد الأقصى للأجور الذى أعلنت عنه الحكومة والبالغ 42 ألف جنيه مناسب جدًا فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، من محدودية فى الموارد وعجز الموازنة العامة، وخسائر كبيرة فى بعض القطاعات خاصة قطاع الأعمال العام، قائلًا: على الجميع قبول ذلك حتى تعبر مصر الأزمة الراهنة ونستطيع النهوض، ويعم الاستقرار فى البلاد بناء على التوزيع العادل للدخول.
وتابع الخبير الاقتصادى، إن 42 ألف جنيه كحد أقصى للأجور، خاصة للعاملين فى القطاع الحكومى مناسبة وتستطيع توفير حياة مناسبة لهم ، لافتًا إلى أنه على الحكومة وضع ضوابط ومواصفات لمن يصل إلى الحد الأقصى، أى بناء على الكفاءة وحجم العمل والأداء.
وقال الجندى: إن تطبيق الأقصى للأجور سيساهم بشكل كبير جدًا فى تمويل الحد الأدنى للأجور الذى تنادى به الطبقة العاملة، بالإضافة إلى خفض الإنفاق الحكومى خاصة فى بند الأجور الذى يرهق الدولة وهو من ضمن الأسباب الرئيسية فى عجز الموازنة.
وحول ما يتردد عن تقديم عدد من قيادات البنوك استقالاتهم احتجاجًا على تطبيق الحد الأقصى للأجور، قال الخبير الاقتصادى: إن البنوك المصرية بها الكثير من الكفاءات المناسبة والملائمة، تستطيع تولى الأمور أفضل من غيرها، وهؤلاء المعارضون، أو من قدموا استقالاتهم، «لا يسعنا إلا أن نقول لهم بألف سلامة لأنهم «نماذج شاذة» على حد قوله، مضيفًا:إن السماء لا تقر بما يفعلونه فى البلاد، لأنه خارج المنطق أن يكون موظف راتبه 450جنيهًا وآخر يصل إلى مليون جنيه، مطالبًا الجميع بالالتفاف حول الرئيس السيسى، ومساندته فى هذه القرارات.
واتفقت مع سابقها فى الرأى الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، والخبيرة الاقتصادية، حيث قالت: إن تطبيق الحد الأقصى للأجور الذى أعلنه الرئيس سيحقق العدالة الاجتماعية ويوقف نزيف الأموال المهدرة فى صيغة الأجور المبالغ فيها والتى تذهب لمن لا يستحق، خاصة فى ظل الظروف الحساسة والأزمة الراهنة التى تمر بها البلاد، مضيفة: إن كثيرا من القطاعات الحكومية، كان يتم التعيين فيها وترقية القيادات بناء على أهواء شخصية، والعلاقات والمصالح المشتركة، بمن فيهم المستشاريون الذين كانوا يحصلون على مرتبات مبالغ فيها، رغم أن اداءهم فى العمل لا يؤهلهم لتقاضى مثل هذه الأجور.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن تطبيق الحد الأقصى سيقضى على الفساد الموجود بأجهزة الدولة المختلفة، بالإضافة إلى ضبط فى الإنفاق العام للدولة، ولكن هناك أساليب أخرى من الممكن أن تكون مكملة لنموذج التطبيق المعد من قبل الحكومة مثل وضع معايير للأداء تحدد من يستحق الحد الأقصى، بالإضافة إلى وضع معايير أخرى لمن هم موهبون أو مبدعون، فمن الممكن أن تكون لهم نسبة اضافية مما يحققونه أعلى من مقاييس الآداء الموجودة.
وأوضحت: على الرغم من أن الحد الأقصى يحقق العدالة الاجتماعية من خلال تطبيقه على جميع قطاعات الدولة، إلا أن هناك قطاعات مثل «البنوك، والبترول» تعتبر ذات طبيعة خاصة، والكفاءات بها نادرة، وهى مطلوبة من قبل القطاع الخاص الذى يعطى رواتب ضخمة ولا يمكن للدولة السيطرة على الأجور به فى ظل سياسة التحرر الاقتصادى.
واستكملت حديثها قائلة: إن القطاعات السابق ذكرها مطلوبة باستمرار فى السوق، مما يجعلنا نتخوف من هروبهم من العمل بالكيانات الحكومية، ولذلك علينا مراجعة موقفهم ودراسة الأمر إلى أى مدى نحتاج إلى هذه الكفاءات أو القيادات التى من الممكن أن تهاجر، وهل هناك بديل لها أم لا، وأيضًا مدى تأثير القرار على مثل هذه القطاعات.
وعن قيام بعض قيادات البنوك بتقديم استقالاتهم، أكدت الخبيرة الاقتصادية، أن الذين استقالوا، حصلوا على فرص «بديلة»، حيث كان هذا بناء على عروض حصلوا عليها من البنوك الأخرى سواء الخاصة العاملة فى السوق المصرى، أو الأجنبية، موضحة أن فرص العمل يتم حسابها بقواعد السوق أو الفرصة البديلة وبالتالى يكون الاختيار لأفضل الفرص من حيث العائد، دون وضع أى عوامل «للوطنية» طالما العمل سيكون فى دولة غير معادية، مشيرة إلى أن البنوك الأجنبية والعربية تتوسع فى فروعها حول العالم، ولذلك تحتاج إلى مزيد من الكفاءات والقيادات، وبالتالى الفرص اصبحت موجودة.
وفى سياق آخر أكد الدكتور صلاح الدين فهمى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، وعميد معهد الجزيرة العالى، أن تطبيق الحد الأقصى للأجور أمر مهم ومطلوب، لكنه فى ظل التشوهات الموجودة من أكثر من 30 سنة، ستكون هناك عقبات كثيرة أمام الحكومة عليها تخطيها، قائلًا: أهم هذه العقبات هو القطاعات التى يتمتع قيادتها بالحصول على أجور عالية تتجاوز الـ 500 ألف جنيه شهريًا، ولذلك سيتطلب الأمر بعض الاستثناءات خاصة فى قطاعات «البنوك، والبترول».
ولفت إلى أنه على الدولة أن تميز «الموهوبين، والمبدعين» فى عملهم عن الكفاءات العادية ولكن فى حدود معينة، حتى لا تخلق مشكلة بين القطاعات الأخرى، وحتى لاتخرج بعض الفئات تطالب بمساواتها بغيرها، ولهذا يجعلها شائكة سوف تحتاج إلى مجهود كبير من الحكومة، قائلًا: إنه على الجميع مساندة الرئيس والحكومة فى هذه المهمة، على أن يكون التطبيق بدراسة متأنية من جميع الجوانب.
وتابع الخبير الاقتصادى: أن تطبيق الحد الأقصى للأجور، سيعمل على انعاش الاقتصاد المصرى، وتحسين مستوى المعيشة للفئات الأخرى، بالإضافة إلى أنه سيكون الأجر مساويًا للمجهود المبذل وللعمل، حيث الاجور فى السابق كان مبالغ فيها، مما كان يرهق اقتصاد الدولة ويتسبب فى عجز الموازنة العامة ، لافتًا إلى أنه من ضخامة هذه الأجور لم يتم الاعلان عنها حتى لايثور الناس.
وأضاف: إنه يجب تحديد الأجور ككتلة واحدة مع ربطها بالأداء، وذلك لأن الأجر المقسم على نظام «الاساسى، البدلات، والحوافز وغيرها»، يستغله اصحاب النفوس الضعيفة، لتحقيق اكبر منافع ومكاسب شخصية، ويكون هو محور حصولهم على أجور عالية، دون أن ينتبه أحد لأنهم دائمًا يتحدثون عن الأساسى، ولا أحد يذكر الحافز والبدلات وغيرها، حتى لا يعرف حقيقة دخله.
بينما قال الدكتور إيهاب الدسوقى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم المالية والإدارية: إن تطبيق الحد الأقصى للأجور خطوة مهمة جدًا فى إصلاح هيكل الأجور بالدولة ومن ثم الهيكل الإدارى ، خاصة أن القيادات والمسئولين فى السابق يتقاضون مرتبات بعضهم يتجاوز أجره المليون جنيه شهريًا، مما تسبب فى خلل كبير فى الجهاز الإدارى نظرًا للفوارق فى الرواتب بين العاملين فى المؤسسة الواحدة، وكان هذا تشجيعًا للفساد الذى تعرضت له الدولة.
وأضاف أستاذ الاقتصاد: إن المعترضين على تطبيق الحد الأقصى للأجور ليس بأيديهم شىء ولا يمكنهم لى ذراع الدولة من أجل مصالحهم الشخصية، خاصة أن الكثير منهم ليس بالكفاءة المطلوبة، هذا بالإضافة إلى أنهم ارتضوا العمل فى الحكومة من قبل وعليهم الاستمرار فيها طالما هناك التزام قانونى، ولابد أيضًا أن يكون هناك التزام أخلاقى.
وعن مدى مساهمة تطبيق الحد الأقصى للأجور فى الاقتصاد المصرى، أوضح الخبير الاقتصادى، أنه سيعمل على توفير قدر كبير من الأموال المهدرة فى صورة أجور تذهب إلى من لا يستحقها، بالإضافة إلى إحداث توازن بين الإيرادات والنفقات بشكل نسبى.
كما أنه أحد الأسباب الرئيسية التى من شأنها خفض عجز الموازنة العامة للدولة، مطالبًا الدولة بإحكام الرقابة على جميع القيادات والمسئولين، حتى لا يستغل بعضهم أماكنهم لتعويض الفارق بين الحد الأقصى وما كانوا يتقاضونه من قبل، عن طريق الصفقات المشبوهة أو السرقة.
وقد لوح بعض العاملين بالبنوك المصرية بتقديم استقالاتهم، وخرج البعض منهم ليصرح فى وسائل الإعلام المختلفة، عن سلبيات تطبيق قرار الحد الأقصى للأجور بالبنوك العامة، لأنه سيتسبب فى هجرة العديد من الكفاءات المصرفية إلى نظيراتها بالبنوك الخاصة والأجنبية والخليجية، نظرًا للرواتب الكبيرة ومنظومة الأجور التى لم تمس فى الأخيرة، وسلبية أخرى تتمثل فى ضعف آلية الحوافز التى يتم منحها وفقًا لتقييم الأداء الوظيفى، وفى هذا الشأن قالت الدكتور عالية المهدى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية مصر مليئة بالكفاءات ولن نقبل لى ذراع الدولة من قبل هؤلاء.
وأضافت أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية: إن القرار، جاء متأخرًا لأنه كان المفروض أن يطبق من عقود مضت، ولكن هو مهمة جدًا من أجل إصلاح المنظومة الفاسدة خاصة فى الجهاز الإدارى للدولة، لأن الإنفاق، فى الموازنة خاصة بند الأجور كان مبالغًا فيه، فى ظل محدودية الموارد، مضيفة: إن البلد يمر بأزمات مالية، واقتصاده يعانى من الإهمال والفساد، فكيف يتقاضون كل هذه الأجور دون النظر إلى بلادهم.
وهاجمت المهدى المعترضين على تطبيق القرار والذين تقدموا باستقالاتهم قائلة: مصر بها 90 مليون مواطن، وبها كفاءات موجودة ولكن تحتاج إلى من يكتشفهم، مؤكدة أن كل شىء له بديل، ولا أحد يستطيع أن يثنى الدول على قرار لأنه سيحقق العدالة الاجتماعية، ويقلل من الفوارق بين الطبقات.
جدير بالذكر أنه نشر بالجريدة الرسمية قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بقانون بشأن الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، بحيث يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أى عامل من العاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية وغيرهم من الأشخاص الاعتباريين والعاملين بقوانين وكادرات خاصة، هو مبلغ 42 ألف جنيه شهريًا.