الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ثرثرة قديمة عن الثقافة المصرية

ثرثرة قديمة عن الثقافة المصرية
ثرثرة قديمة عن الثقافة المصرية




كتب:  د.حسام عطا

فى عام 2016 القادم سوف تبدأ الدورة الجديدة لليونسكو (المنظمة الدولية للثقافة والتربية والعلوم)، فهل ستدخل مصر المنافسة الدولية لاختيار الرئيس الجديد للمنظمة، هذا وقد سبق أن تم ترشيح الفنان فاروق حسنى فى المرة الماضية ولم يحالفه الحظ. فهل يوجد لدينا تصور لاختيار شخصية مصرية لها ثقل محلى وإقليمى يمكنها من حصد الأصوات لصالح حصول مصر على هذا الاستحقاق الثقافى الكبير، ولهذا يجب اختيار شخصية لديها خبرة فى العمل التنفيذى ولم تتورط فى العمل ضمن سياق فاسد أو استبدادى، وأن يكون لدى الشخص المرشح مقدرة على العمل عبر كونه فى مرحلة سنية مناسبة وليس فى مرحلة الأعمار المتأخرة التى لا يعرفها التفكير الدولى فى المناصب التنفيذية.
فهل تفكر معي، من يصلح لهذا المنصب لترشحه مصر؟ اختر معى اسماً أو مجموعة أسماء، عد لى على أصابع اليد الواحدة من يصلح؟
إن هذا السؤال يكشف حقا مأساة إعداد القادة الثقافيين فى مصر على المستوى الداخلى وعلى صعيد العمل الثقافى الدولى.
وهذه هى مشكلة الحقل الثقافى فى مصر.
فمنذ سنوات طويلة توقفت المؤسسات الثقافية عن إنتاج الأفراد الفاعلين القادرين على إدارة مشروعات ثقافية مؤسسية فى الداخل إلا قليلاً، حيث حاول البعض تعليم وتطوير أنفسهم على مراحل متقطعة، اعتمادا على الإرادة الذاتية لا المشروع المؤسسى. ولذلك فمصر على المستوى المنحل تفتقد إلى حد بعيد تلك القدرات التنفيذية القادرة على إدارة مشروعات ثقافية، بل إن اللافت للنظر أنه ومنذ مجئ د.جابر عصفور لوزارة الثقافة وإعلانه عن لجنة حكماء لوضع خطة استراتيجية للثقافة المصرية، وحتى الآن لم يتم الانتهاء من هذه الاستراتيجية أو إعلانها، ثم دعت مؤسسة أخبار اليوم لمؤتمر ثقافى عام، ولم نعرف أخبارًا جديدة عنه.
ثم وفى ظل غياب التصور الثقافى العام يحدث هذا التوتر وتلك الجفوة بين مؤسستى الثقافة والأزهر، ثم يطل علينا الصمت من داخل أروقة مؤسسات الثقافة المصرية حث تظهر مشاهد مضحكة مبكية لمسارح خالية، ولصراعات صغيرة ويعود السلوك المصلحى الضيق المثير للشفقة والسخرية.
ولغياب المعيار والمعنى يتقاتل المنتدبون الجدد الذى يأتى معظمهم بلا تاريخ ثقافى لإدارة مؤسسات منهارة متهالكة لا يعرفونها، فيمارسون التناحر مع المبدعين أصحاب التجارب الإبداعية الفنية لتحقيق مزيد من الإقصاء للمهنيين، الأفراد، حتى يشعر القادة الجدد أنهم أحسنوا الاختيار عندما ابتعدوا عن العمل الإبداعى الفنى لصالح البقاء فى مكاتب الإدارة يأكلون الطعام الساخن ويسمعون الكلام.
إن الانفصال الكبير بين الواقع والعمل الثقافى وغياب المهنيين الأفراد وانتداب الجدد الذين هم فى معظمهم بلا إنتاج ثقافي، يعيد إنتاج الصراع القديم الذى استمر واضحاً لعقد كامل من الزمان قبل ثورة 25 يناير، وهو صراع الإدارة والإبداع فهل الأزمة فى غياب المبدعين أم إدارة الإبداع؟
وهو السؤال الكاذب لاستمرار انتحار المؤسسة الثقافية الرسمية والإجابة الواضحة عن السؤال أن الثقافة المصرية أزمتها فى الإدارة الثقافية، وأن اعتماد الخبير الأستاذ المثقف على الأصدقاء القدامى وتلاميذهم المنتدبين الجدد، أدى إلى شلل عصبى المزاج، وانسحاب للدور والقيمة عن العمل الثقافى، وتفاصيل أخرى مخجلة وحزن عميق، واستراتيجية لم تعلن وأيام ضائعة وثرثرة ووجوه لا تعرف الخجل، ثم تسأل من يمكن ترشيحه لليونسكو، إن مصر الكبيرة لديها أسماء كبيرة، فساهموا معى فى تذكير الدولة بها، ثم ذكروا مؤسسات الثقافة بضرورة المحاسبة والمتابعة وإنقاذ جيل الوسط من ضياعه الوجودى ودعمه مؤسسياً لاستعادة القائد والمنشط والمدير الفاعل للإبداع، ولا عزاء للثقافة المصرية فى ظل هذا التكوين المذهل الذى لا يفعل شيئا إلا التهام الطعام وسماع الكلام... مشاهد مكررة وأسئلة نتمنى ألا نعيد طرحها مرة أخرى بعد مرور عقد جديد من الزمان.