الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

احذروا .. «ثورة العطش» قادمة!

احذروا .. «ثورة العطش» قادمة!
احذروا .. «ثورة العطش» قادمة!




كتب : اشرف بدر

عاش  العرب طويلا يعتبرون المياه سلعة سهلة يمكن الحصول عليها دون عناء أومشقة، فقد أغناهم الله بأنهار «النيل والفرات والليطانى والأردن» عن مواجهة أزمات الجفاف وصعوبة الحصول على المياه، ولكن بجحودهم تارة، وجهلهم تارة أخرى لم يصونوا هذه النعمة حق صيانتها، وقاموا بتحويل مجرى الأنهار إلى مستودعات للتلوث والأمراض، ولم يكتفوا بذلك بل تركوها نهيبة للاعداء والمستغلين والمغتصبين!    
ولأن أزمة العطش  تقترب منها شيئاً فشيئاً، تعالت صرخات واستغاثات الخبراء والمنظمات المختصة فى العديد من الملتقيات والمنتديات الإقليمية والدولية، كما هو الحال فى منتدى المجلس العربى للمياه الذى اختتم أعماله الخميس الماضى بالقاهرة باصدار بيان يستصرخ فيه الحكومات العربية إلى اعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية وقانونية  تتيح تحسين الكفاءة وخفض هدر المياه وحمايتها من الاستعمالات المفرطة، خاصة ونحن على مشارف حقبة تاريخية تمتلأ بالمخططات من أجل اسقاط الدول العربية والسيطرة على مواردها خاصة المياه التى اصبحت أغلى من النفط، لأنها  «الحياة» لأى كائن من كان.
  وقد بدأ للجميع  هذا المخطط الذى تقف وراءه عدة دول، ويستهدف  الضغط على مصر  بمنابع النيل بالحبشة، وشروع إثيوبيا فى  بناء سد النهضة الضخم الذى يستوعب 74 مليار متر مكعب! 
حتى تونس التى طالما سميت بالخضراء، لم تعد  بمنأى عن الأزمة التى تعيشها باقى دول المنطقة، حيث تعانى من نقص كبير وحاد فى مواردها المائية حيث لا تتعدى حصة الفرد الواحد 470 مترا مكعبا سنويا  وهى أقل من نصف المعدل العالمى1000  متر مكعب سنويا  وهى بذلك أصبحت من أشد المناطق ندرة للمياه العذبة ومع زيادة عدد السكان والنمو الصناعى الكبير ازدادت كميات المياه المستخدمة لتزيد من تعميق الأزمة لديها. 
صحيح أن معظم منابع الأنهار بيد دول غير عربية مما لا يعطيـها صفة المورد الآمن، كما ان المياه الجوفية، فى أغلب الدول العربية، محدودة ومعظمها غيـر متجدد (ناضب) لعدم توفر موارد طبيعية متجددة كالأمطار تقوم على تغذية هذه المكامن وتزيد من مواردها.. لذا يجب أن ينصب اهتمام القائمين على إدارة الموارد المائية على المحافظة على موارد المياه الجوفية وزيادة كمياتها، بل تحسين نوعيتها واعتبارها مخزونا استراتيجيا فى مكامن آمنة،والتوسع فى تحلية مياه البحر وحصاد الأمطار وغيرها من الموارد غير التقليدية.
كما يجب التحرك وبسرعة لحلول «خارج الصندوق» خاصة، أن الأيام المقبلة تحمل «ثورة من العطش»، فوفقا لتقارير صادرة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة، وهى، ظهور عجز مائى فى المنطقة يقدر بنحو 261 مليار مترمكعب سنويا  2030، فقد قدرت الدراسة الأمطار التى هطلت فى الدول العربية بنحو2238 مليار م3 يهطل منها 1488 مليار م3 بمعدل 300 ملم على مناطق تشكل 20% من مساحة الوطن العربى ونحو406 بلايين م3 تهطل على مناطق أكثر جفافاً يتراوح معدل أمطارها بين 100 و300 ملم بينما لا يتجاوز هذا المعدل 100 ملم فى المناطق الأخرى. وأوضحت الدراسة التى نـاقشها وزراء الزراعة والمياه العرب ان الوطن العربى يملك مخزوناً ضخماً من الموارد المائية غير المتجددة يعتبر احتياطاً استراتيجياً ويستثمر منه حالياً نحو 5%. وتقدر كمية المياه المعالجة والمحلاة بنحو10.9 بلايين م3 سنوياً منها 4.5 بلايين م3 مياه محلاة و6.4 بلايين م3 مياه صرف صحى وزراعى وصناعى. أما بالنسبة للحاجات المائية المستقبلية فهى مرتبطة بمعدلات الزيادة السكانية فى العالم العربى التى أصبحت بين الأعلى فى العالم. فمن المتوقع ان تصل إلى 735 مليون نسمة عام 2030 مقابل 221 مليون نسمة عام 1991. ولتضييق الفجوة القائمة بين الموارد المائية المتاحة والحاجات المستقبلية، اقترحت الدراسة محورين للحل: يتمثل الأول فى تنمية مصادر مائية جديدة واستثمار مصادر مائية جوفية ممثلة فى أحواض دول عدة. أما الحل الثانى فيتمثل فى ترشيد استخدامات المياه وحمايتها.