الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زوجات الكهنة.. وقوانين الأحوال الشخصية

زوجات الكهنة.. وقوانين الأحوال الشخصية
زوجات الكهنة.. وقوانين الأحوال الشخصية




هل الصدفة البحتة ولطمات الاقدار العمياء هى التى تفسر المفارقة التراجكوميدية المتعلقة باحتدام الخلافات بين الكاهن وزوجته.. وتؤدى إلى السخط والاستياء من قوانين الاحوال الشخصية للاقباط الجائرة.. والمطالبة بعودة العمل بلائحة (38) الرحيمة والمنصفة والتى تقر الطلاق بناء على عدة اسباب منها الزنى والشذوذ الجنسى والسجن والجنون وعدم الانجاب والاختفاء واستحكام الخلاف والنفور بين الزوجين وليس بناء على الزنى فقط.
البداية ان الكهنة وزوجاتهن بشر مثلنا من لحم ودم واعصاب وهيبة الكهنوت التى تصور للبسطاء ان الكاهن منزه عن الخطأ هو تصور زائف بالطبع يهدف فى النهاية إلى انتزاعه لسلطات تصل احيانا إلى حد افساد الحياة الاجتماعية والاسرية والعائلية لاشخاص وأسر مختلفة.. ولعل اكبر مثال على ذلك قضايا الاحوال الشخصية المتصلة بمشاكل الطلاق والزواج والتى كان مسئولًا عنها الانبا «بولا».. والتى عمل بموجبها قاضيًا وخبيرًا نفسيًا.. ومحققًا وباحثًا اجتماعيًا.. ومحللاً.. ومتحكمًا فى مصائر رعية.. وقد تم اخيرًا قرار بازاحته عن كرسى المجلس الاكليريكى بالقاهرة ليتولى رئاسة المجلس الاكليريكى باستراليا.. وحل محله الانبا «دانيال» اسقف منطقة المعادى.. ولا يعتبر ذلك حلًا ناجعًا  لمشاكل الاقباط طالما ان الكنيسة لا تكتفى بالاشراف الروحى والمتابعة الرعوية.. وتتدخل فى كل التفاصيل للحياة الاجتماعية للاقباط تحت عنوان ان الزواج سر من اسرار الكنيسة المقدسة.
اما بالنسبة لزوجات الكهنة فإن الكنيسة تبالغ فى اخفاء صفات مثالية وهالات قدسية عليهن.. فيطلقون على زوجة الكاهن (أم الشعب) والمقصود هنا طبعًا شعب الكنيسة (وهى بالطبع تسمية عنصرية) وبالتالى فإنه تفرض على تلك الزوجة قيودًا صارمة فى مظهرها وتحركاتها وتثقل كاهلها بمسئوليات جسيمة فى علاقتها بالمجتمع من حولها لا طاقة لها بها تحرمها من حق الحياة السوية كزوجة وامرأة.
ان عدم الاعتراف بلائحة (38) والاكتفاء بالطلاق فى حالة الزنى رغم صعوبة اثباته.. ادى إلى تفاقم المشاكل فلم يعد امام التعساء من الذين يعانون من حياة زوجية بائسة الا تغيير الدين او الانتحار او ارتكاب الجرائم والمتأمل لحالتى «وفاء قسطنطين».. و«كاميليا شحاتة» – وهما زوجتان لكاهنين سعيًا إلى اشهار اسلامهما – يلحظ بوضوح تشابه الظروف البيئية والاجتماعية والنفسية التى صنعت مأساة كل منهما.. فكلتاهما تعيش فى مجتمع ضيق محدود خانق فيما يتصل بالتقاليد والاعراف والمفاهيم الرجعية المتخلفة والضاغطة على المرأة.. وكلتاهما فارق السن كبير بينهما وبين الزوجين.. والقيود الصارمة تلاحقهما كما سبق ان أوضحنا.. كما ان هناك تشابهًا فى اسلوب تعامل الزوجين الكاهنين معهما.. زوج «وفاء» يشك فى سلوكها خاصة بعد ان تم بتر ساقه بسبب مضاعفات مرض السكر.. ومن ثم فهو يسيىء معاملتها.. كذلك زوج «كاميليا» الذى كان يضربها لعدم اعتنائها بنظافة المنزل.. فتذهب إلى والدها شاكية.. فيضربها ويعيدها إلى زوجها صاغرة.. فرداء الكهنوت – كما اسلفنا – يمثل تميزًا وحصانة وخطًا احمر وسلطة دينية لا يجوز انتهاكها ولو بمجرد الشكوي.. ومع تصاعد الضغوط الاجتماعية والتراكمات النفسية.. واختصار اسباب الطلاق فى علة الزنى.. يصبح الخلاص فى تغيير الدين.
ويتكرر نفس السيناريو مؤخرًا فى حالة السيدة التى طردها البابا «تواضروس من عظته «سونيا وجيه» وهى زوجة للقمص «ارسانيوس لطفى» الكاهن بكنيسة بالزقازيق.. والحاصلة على بكالوريوس الكلية «الاكليريكية» وكانت امينة خدمة اجتماع السيدات والشباب بكنيسة «الملاك ميخائيل» لمدة (20) عامًا.. وهى حاليا منفصلة عنه وكانت تتعرض – حسب قولها – هى واولادها للضرب والاهانة من زوجها.. كما اكتشفت خيانته لها مع امرأة اخرى.. ولم يكتف بذلك بل «اتى بها للبيت لينام معها فى سريرى مستغلا عدم تواجدى فى اوقات معينة» ذلك بالاضافة إلى سرقة اموالها.
أزمات الزوجات هى  إذًا  أزمات اجتماعية.. وقد تكون عاطفية وجنسية.. اخذت شكلًا طائفيًا فى ظل التراجع المجتمعى الشديد فى الحريات الاجتماعية.. وتداعى الحريات الخاصة وحقوق الانسان.
لم يعد امام البابا «تواضروس» إلا ان ينتصر للرحمة والعدل.. وينتهز فرصة ان وزارة العدالة الانتقالية ارسلت للكنائس قانون «الاحوال الشخصية» للمسيحيين لابداء ملاحظتها عليه.. ويحتوى تلك الازمة التى على وشك الانفجار متمثلة فى الخلاف والجدل المثار بين ممثلى الكنيسة المصرية المعروض عليها القانون من جهة والاقباط من جهة اخرى.. خاصة فيما يتعلق ببنود الزواج المدنى.. ومدى الموافقة على السماح بتعدد اسباب الطلاق.. أو الاصرار على تقييده.
على «البابا» ان يسعى بقوة وحسم واصرار على اعادة لائحة (1938).. بل ان عليه ان يوافق على تنفيذ الاحكام الصادرة بتراخيص الزواج الثانى.. ان فى ذلك ما ينفى ادعاء ان الكنيسة تمثل دولة داخل الدولة.. ويؤكد احترامها لحقوق المواطنة.. وحقوق الانسان.