الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دعوات لمنع العطاء عن «رجال الله»

دعوات لمنع العطاء عن «رجال الله»
دعوات لمنع العطاء عن «رجال الله»




تحقيق - روبير الفارس
 

انتشرت مؤخرا مظاهر بذخ غريبة ومستفزة لعدد من كبار الاساقفة والكهنة للاقباط فى الوقت الذى يعانى فيه الآلاف من المسيحيين من الحرمان وشظف العيش.. فكان قاسيا جدا أن يقيم الأنبا بولا اسقف طنطا حفلا مبهرا بمناسبة عيد رسامته الـ25 وذلك بدير مارمينا بابيار بالغربية.
حيث قام أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة بتجهيز متطلبات الحفل من جمبرى جامبو وتورت وشيكولاتة عليها صورة الاسقف وإرسالها لابيار وقام الاسقف بتوزيع ألبوم فخم وفاخر يتضمن صورة له وتردد أن الحفل تكلف مايقرب من نصف مليون جنيه! فى حين جهز الانبا مرقس اسقف شبرا الخيمة مكتبه الفخم بالمطرانية بصالون بديع الاثاث بنحو مليون جنيه.. ويتباهى الانبا أرميا بالسيارات التى يركبها.. وبالقناة التى تحت أمره وموارد الاعلانات التى لايحاسبه أحد عليها..
 وكان من المستفز أيضا أن يقيم بعض الاساقفة اعياد ميلادهم.. وهم الذين مسيحيا قد ماتوا عن شهوات العالم فى الوقت الذى ينتحر قبطى لعدم قدرته على سداد ديونه ويكاد يسجن طفل قبطى فى بنى سويف لسرقته 5 أرغفة لذلك أطلق عدد من الاقباط والشباب دعوة لعدم دفع العشور (وهى 10% من الدخل مفروض أن يقدمها المسيحى بمحبة للكنيسة كل شهر) والعطايا للكنيسة ويقومون برعاية الفقراء بشكل مباشر لانهم يرون أن الكنيسة أصبحت تهتم برجالها ولاتهتم بالفقراء.. ومن أصحاب هذه الدعوة الدكتورة مرفت النمر التى تبرر دعوتها قائلة.. طلبت من بعض أصدقائى التعامل المباشر مع الحالات المحتاجة من خلال حوالة بريديه فورية وكل ما يحتاجه اسم الحالة رباعى ورقم البطاقه واسم مكتب البريد لكى يضمن وصول العطاء الى مستحقيه.
فلماذا تقوم الكنيسة بالسماح للراهب الذى مات عن الحياة بالخروج مرة أخرى والتعامل مع العالم مرة أخرى بطريقة الرفاهية والبذخ والاموال الطائلة؟ لابد أن نرجع بالذاكرة الى أيام كانت الكنيسة يخدمها كاهن فقط دون دخول الرهبان للحياة مرة أخرى لم تكن الرحلات بهذه الصورة ولا استفزاز الشعب بهذه الصورة ولا الفقر بهذا الشكل اللافت وغير المقبول لا بد من رجوع الاساقفة إلى أديرتهم وقلاليهم وإلى حياة الرهبنة ويقوم كاهن كبيرسنا برتبة قمص بإدارة الأسقفية أو الإبراشية وله زوجه لكى لا يقع فى العثرات.. وغيرها ويأخذ الاعترافات فى غرفة من الزجاج الشفاف بحيث يكون ظاهرا أمام الشعب والصوت غير مسموع ويقوم بتقديم اقرار ذمة مالية من تاريخ دخوله للأسقفية كل سنة..وأخيرا لابد من فصل الماليات عن الكهنوت كما قال رب المجد (حب المال أصل كل الشرور) (أما أن نخدم الله أو المال) ونعمل بطاقة كنسية نصرف كل شهر بحد أدنى 300 جنيه وبحد اقصى 1000 جنيه بعد عمل بحث الحالة من متخصصين وليس خدام (فقير يخدم فقيرا يكون كالمطر الجارف الذى لا يبقى طعاماً) إذا كان الله حذرنا من الانبياء الكذبة فما بالنا بالبشر؟؟ والذى يلومنا على دعوتنا عليه أن يلوم استفزازات الحفلات والسفريات والمبانى الفخمة وترك الانسان يهلك.. المسيح جاء من أجل الانسان.
ويقول الدكتور ماجد عزت  توجد إشارات عديدة فى الكتاب المقدس تدعو لدفع العشور والنذور والتبرعات وهى جزء لا يتجزأ من تمويل الكنيسة لأن الكنيسة لا تحصل على أموال من الدولة، وعبر تاريخ الكنيسة وحتى يومنا هذا، وفى وقت تطبيق الجزية كانت الكنيسة تقوم بالاعتماد على العشور والنذور لسداد الجزية ،أو شراء الملابس الزرقاء فى أيام حكم العثمانيين وكذلك ساد بدل المعونة كما تسهم فى مساعدة الفقراء والمحتاجين و كبار السن.
أما الآن فيحتاج الأمر لوقفة فى هذا الموضوع نود هنا أن نقوم بسردها:
أولا: لا يمكن أن ندعو لمنع سداد النذور أو العشور لأنه جزء من تمويل الكنيسة وتوجد إشارات ونصوص دينية بالكتاب وسير الآباء والقديسين حول دفعها.
ثانياً: لابد من لائحة كنيسة داخلية تنظم موضوع التبرعات والنذور والعشور بحيث تكون فى شكل رقابى على أموال الكنيسة.
ثالثا: زيادة مرتبات الكهنة ومعلمى الكنائس حتى لا يحتاجوا لشىء من شعب الكنيسة.
ثالثاً: لابد من توعية الشعب بحصول المتبرع على إيصالات بقيمة المبلغ، كما أن إدارة الكنيسة عليها مراقبة الكهنة.
رابعاً: لابد من وضع شرط فى لائحة اختيار الكاهن ولو فرضنا اقرار ذمة مالية داخلى بواسطة أسقف المنطقة ولجنة الكنيسة التى سوف يرسم عليها الكاهن.
خامساً: هناك نماذج لبعض الآباء الكهنة وصلت خدمتهم لكل العالم منهم الراحل القمص «بيشوى كامل» بكنيسة أسبورتنج بالإسكندرية، وكذلك القمص ابرام ميخائيل كاهن كنيسة السيدة العذراء بوادى حوف ووكيل مطرانية حلوان وتوابعها.. ولم يكونوا يملكون شيئا.
سادسا: التوعية الإعلامية عبر برامج تكون هادفة للبناء والإصلاح من أجل خير كنستناً حتى تنهض من كبوتها وربما نعتقد أن حكمة قداسة البابا «تواضروس الثانى» سوف يكون لها دور إيجابى فى بناء الكنيسة القبطية.
اما المفكر عادل جرجس فيرى أن المتابع لتدفق التبرعات داخل الكنيسة منذ سنوات طويلة لابد له وأن يكتشف أن هناك تحولاً نوعياً فى آليات التبرعات منذ أن ارتقى مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث الكرسى المرقسى، فالتبرعات كانت فى الأصل تجميع لعشور المسيحيين فى الكنائس تلك العشور التى لا تسمن ولا تشبع من جوع وكان لابد من التوسع فى دائرة تلك التبرعات فاصبحت تشمل إتاوات يتم فرضها داخل الكنيسة مقابل بعض الخدمات فالوجاهة الاجتماعية التى يتحلى بها البعض داخل الكنيسة لا يشترط أن تكون نابعة من مواقعهم الاجتماعية أو كياناتهم العلمية ولكن يتم منح تلك الوجاهة الاجتماعية بقدر ما يتم دفعه من أموال تحت بند تبرعات من هؤلاء الصفوة فكثيراً ما نرى تلك الصفوة تحوم حول رجالات الكنيسة من كهنة وأساقفة وحتى البابا نفسه فإذا ما فتشت عن مكانة هؤلاء ستجدهم تجاراً أو أصحاب أموال ولكن يتم تقريبهم حسب ما يدفعون من أموال وعطايا وهدايا ثمينة يتم توزيعها على رجال الكهنوت ويلقى بالفتات الساقط من موائد الكهنة لفقراء الكنيسة زراً للرماد فى الأعين.. والوجاهة الاجتماعية تلك ليست قيمة معنوية وليست لها مردودات نفعية على أصحابها فهؤلاء الصفوة يستخدمون مكانتهم داخل الكنيسة فى تحقيق مصالح تجارية بينهم وبين بعضهم وبينهم وبين المجتمع فمكانتهم فى الكنيسة تعطى الثقة بهم فى كل التعاملات ولم يكتف هؤلاء الصفوة بحصد المنافع المالية فقط بل دخلوا إلى عالم السياسة والسلطة وكلما عظمت المنافع التى يحصدونها زادوا من تبرعاتهم فى الكنيسة فنحن هنا أصبحنا أمام مثلث الفساد الوقح بأبعاده الثلاثة التى تحتكرها الكنيسة فالكنيسة تمتلك الحقيقة الدينية المطلقة أمام المجتمع فهى تمثل المسيحية بل تماهى هذا التمثيل لتصبح الكنيسة ورجالاتها هم الوكلاء الحصريون للمسيح على الارض كما تحتكر الكنيسة أيضاً السلطة الدينية المطلقة على شعبها تلك السلطة التى تسيطر بها الكنيسة على كل مقدرات الاقباط وكذلك احتكرت الكنيسة الثروة المطلقة فكل موارد الكنيسة يسيطر عليها رجالاتها فنحن هنا أمام دائرتين متقاطعتين من الفساد تحكمان آليات التبرعات فى الكنيسة الدائرة الاولى هى المنافع المتبادلة بين الصفوة والكنيسة والتى تشكل العصب الرئيسى للتدفقات المالية الداخلة إلى الكنيسة وفى هذا فإن الكنيسة لم يعد يؤرقها أين تذهب عشور مؤمنيها سواء وضعت فى صناديق داخل الكنيسة أم وزعت مباشرة على مستحقيها فإن ذلك لن يؤثر من قريب أو من بعيد على رفاهية رجال الكهنوت فالمصالح لا تتوقف بين رجال الكهنوت وبين الصفوة وهو ما يعنى استمرار تدفق الاموال على رجال الكهنوت كما أن المصالح لا سقف لها وتتعاظم ولا تتقزم أما دائرة الفساد الثانية والتى تتقاطع مع الاولى بشكل كبير فهى علاقة القمع الروحى بين الكنيسة وشعبها فالكنيسة لا تشبع احتياجات شعبها ولكنها تقدم له الكفاف لكى يظل فى احتياج لها وهو ما يضمن للكنيسة عدم تمرد أبنائها على سياساتها حفاظاً على ما يحصلون عليه من هذا الكفاف كما أن الملايين من هذا الشعب وخضوعهم للكنيسة هو ما يعطى الكنيسة القوه الدافعة فى مواجهة المجتمع ويكرس لكل سلطاتها السياسية.
إذن فالتبرعات هنا لا يتحكم فيها دافعو العشور ولكن يتحكم فيها من يستغل دافعى العشور فى تحقيق مصالحه وتلك هى الكارثة الكبرى ويضيف عادل فالفساد فى الكنيسة لا يتوارى ولا يعمل سراً بل يكشر عن وجهه القبيح وبكل بجاحة واستطاع خلال عقود مضت أن يؤصل جذوره فى الكنيسة ولا أمل فى أصلاح هذا الفساد.. هذا الاصلاح الذى يتوهم قداسة البابا تواضروس أنه قادر عليه ولكن الحقيقة تكشف لنا أن البابا ورويداً رويداً يتم سحبه الى دوائر الفساد المتأصل فى الكنيسة ويتم إيهامه بأنه يقوم بعمليات إصلاح جذرية عن طريق إحلال دوائر فساد قديمة بأخرى جديدة أكثر منها فساداً ولكن الفساد الجديد موال للبابا وغير متمرد عليه مثل القديم والبابا لا يستطيع أن يغير من هذا على الاقل مرحلياً لأنه يحتاج الى حصد أموال الفساد حتى يستطيع أن يقوى دعائم سلطته والسؤال الذى يطرح نفسه الآن وينتظر الاجابة هو أليس هناك وسيلة للفكاك من الفساد المتحكم داخل الكنيسة من خلال التبرعات المزعومة (الاتاوات)؟ والحقيقة أننى لا أرى أى تباشير لذلك قريباً فمعطيات الامور مجتمعياً تساعد فى اتساع دوائر الفساد خاصة بحلول الانتخابات البرلمانية القادمة والامر أصبح معلقاً على الشعب فعليه أن يتمحور فى كيانات تعمل على إحكام قبضتها على الامور داخل الكنيسة وأرى أنه من المفيد التسريع بانتخابات المجلس الملى ولا يترك الشعب هذا المجلس للصفوة والكهنة للتحكم فيه بل عليه أن يدفع بكوادر أمينة تعمل لصالح الشعب والكنيسة والمجلس الملى هو بداية السيطرة على تبرعات الكنيسة وتدفقاتها النقدية ومما لا شك فيه أن هذا المجلس سوف تكون هناك أمامه حرب ضروس يخوضها للإصلاح المالى الحقيقى داخل الكنيسة تلك الحرب التى سوف يصطدم فيها بالبابا والصفوة ولكن على الرغم من الاحتياج لمثل هذا المجلس الا أن ذلك يبدو مستحيلا فبالتأكيد لن يترك البطريرك المجال ليأتى مجلس ملى لا يخضع لسلطانة ضارباً عرض الحائط بمصالح فقراء الشعب وليذهب دافعو العشور ومريدوهم الى الجحيم وعاشت دولة الكهنوت والصفوة فاسدة مستغلة.
وتقول الاخصائية التربوية مارى رمسيس الحقيقة عندما قرأت مطالبة بعض الاقباط بعدم دفع العشور للكنيسة غضبت جدا وقلت لأن الذين يطالبون بذلك نسوا انهم يعطونها إلى الله والله يرى ذلك ويجازيهم حتى إذا أساء البعض فى استخدامها لا نعمم ويكون النتيجة التشكيك فى الكل هناك من يخطئ وهناك كن يصيب وبالطبع هم كثر ولكن افعل ما عليك ودع الله هو الذى يرى ويجازى كما أن ليس كل الكهنة يركبون أفخم السيارات هناك إلى الآن مازلت أرى من يركب المترو ومن يسير على اقدامه وهناك كهنة فقراء فى الارياف والصعيد والذين يطالبون بعدم اعطاء عشورهم لمن سوف يعطون عشورهم هذه حرب لعدم دفع العشور واذكر قول جميل للبابا شنودة الثالث كان يرد به على من ينبه أن هناك محتالا بين المحتاجين فكان يقول (لاجل المحتاجين نعطى المحتالين ولولا المحتال ما كان محتاج ماكان قد احتال).
ويقول جناب الموقر الأب لوقا راضى كاهن كنيسة ماريوحنا المعمدان بالقوصية ردا على دعوة منع العشور.. الشعب القبطى محب لكنيسته وآبائه ويعرف معنى الابوة واحترام الآباء وهذا الكلام لا يمثل شعبنا نهائيا.
ويقول بيشوى البسيط بالنسبة لموضوع العشور فالنص الكتابى واضح وصريح الذى يعطى فهو يعطى لله ولا شأن له بالمؤتمن على هذه العشور وكان لنا مثل فى ذلك فى شخص يهوذا الخائن فكان مؤتمناً على الصندوق الخاص بالعطايا وهو كان لصا ولكن حسابه كان مع المسيح وأرى أن الدعوة لمقاطعة العشور ومنعها ليست الحل بل الحل فى كشف من يقوم بتصرفات تستفز الشباب لهذه الدرجة التى تجعلهم يطالبون بأمور عكس وصايا الكتاب المقدس فينطبق على من يستفز الشباب بتصرفاتهم بإقامة حفلات ورحلات وخلافه قول السيد المسيح (ويل لمن تأتى منه العثرات) والحل لهذا الامر هو أن يكون هناك حركة اصلاح واضحة تكشف كل هذه الامور.
ولابد أن يفهم الاقباط أن حركات الاصلاح هذه ليست هجوما ولا عثرة ولا غسيلا قذرا كما يدعى جهلاء الكنيسة وأصحاب المصالح الشخصية لان الإصلاح سر من أسرار الكنيسة وكذلك هو جوهر العقيدة وأول من عمل به هو السيد المسيح فى اصحاح الويلات الشهيرالذى فضح فيه تجار الدين من اليهود وكشفهم وكشف كذبهم وحيلهم وخداعهم للبسطاء وكذلك بطرس الرسول عندما وبخ حنانيا وسفيرة فى سفر أعمال الرسل عندما كذبا عليه واخفى جزءاً من العطايا للفقراء ومات نتيجة هذه الخطيئة الشنيعة وهناك العديد من الأمثال والأمر يتطلب أن يتحرك.. ويصرخ أولاد المعمدان رمز الحق الذى لم يصمت عن قول الحقيقة حتى إذا كان الثمن حياته.