الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«طبائع الاستبداد» رصد الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديمقراطية فى الوجدان العربى

«طبائع الاستبداد» رصد الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديمقراطية فى الوجدان العربى
«طبائع الاستبداد» رصد الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديمقراطية فى الوجدان العربى




الإسكندرية - إلهام رفعت

أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب «طَبائِع الاستِبدَاد ومَصَارع ُالاستِعبَاد» للمفكر العربى عبد الرحمن الكواكبي، وذلك فى إطار مشروع «إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامى الحديث فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلاديين».
المشروع -الذى تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته «من الرؤية التى تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكرى والعلمى فى مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة فى نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري، وذلك كما أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين فى تقديمه لسلسلة إصدارات المشروع، ويضيف سراج الدين: «لقد وجدنا أن من أوجب مهماتنا ومن أولى مسئولياتنا فى مكتبة الإسكندرية أن نسهم فى توعية الأجيال الجديدة من الشباب فى مصر، وفى غيرها من البلدان العربية والإسلامية، وغيرهم من الشباب المسلم فى البلاد غير الإسلامية بالعطاء الحضارى للعلماء المسلمين فى العصر الحديث، خلال القرنين المشار إليهما على وجه التحديد».
ويعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلاديين على وجه الخصوص رغبةً من المكتبة فى تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التى قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، ولم تتجاوزها. وحيث الحقائق الموثقة تشير إلى غير ذلك، وتؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين فى الفكر النهضوى التنويرى إنما هوتواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما فى ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التى تشمل القرنين الأخيرين.
ولد عبد الرحمن الكواكبى فى 14 شوال 1271هـ – 9 يوليو 1854م فى حلب، وكانت حلب وقت ولادة الكواكبى مركز ولاية عثمانية مسماة باسمها يقطنها حوالى مائة ألف من السكان ثلثاهم من المسلمين، والباقى من المسيحيين واليهود، يتحدث أهلها العربية المختلطة ببعض الألفاظ التركية، مع معرفة البعض منهم للفارسية، وإن كان لأهلها عاداتهم وتقاليدهم الشرقية، إلا أن العادات والتقاليد الغربية كانت قد بدأت فى التسرب إلى بعضهم خاصة الذين خالطوا الأجانب المقيمين بها والذين كان أغلبيتهم من الفرنسيين والإيطاليين.
كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستِعبَاد» يُعد من المساهمات الأولى فى رصد الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديمقراطية فى الوجدان العربي، وعنوانه من أجمل العناوين وأكثرها دلالة فى الفكر العربى الحديث والمعاصر، يتجه مباشرة نحو الموضوع، يجمع بين النظر والعمل، بين البحث عن طبائع الاستبداد والبحث عن مصارع الاستعباد (أى طرق التخلص منه)، وبحث الكاتب فى الجذور والطبائع أكثر منه بحثاً فى الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
فى مقدمة الكتاب يحدد الكواكبى عناصر دراسته للاستبداد وهى تعريف وتشخيص الاستبداد، سببه، أعراضه، إنذاره، ودواؤه. ووفقاً لهذه العناصر يمكننا أن نرى أهم أفكار الكتاب الذى جاء فى أسلوب الاقتضاب شكلاً وموضوعاً.
يُنسب للكواكبى الفضل الأكبر فى وضع قضية الاستبداد من خلال هذا الكتاب على أجندة البحث فى الفكر العربى والاسلامي. كما أن الكواكبى هو رائد القائلين بمبدأ فصل الدين عن الدولة على صعيد الأئمة والكتاب المسلمين، فلم يبرز أى كاتب مسلم قبله قال بضرورة الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية، مما يرجح الاستنتاج بأن الكواكبى هو الذى شق هذه الطريق الطويلة الشاقة.