الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الحصبة».. ترعب الأمهات وتحصد الأرواح

«الحصبة».. ترعب الأمهات وتحصد الأرواح
«الحصبة».. ترعب الأمهات وتحصد الأرواح




تحقيق ـ دنيا نصر
 

الحصبة.. مرض لعين بات يطارد حياة المواطنين، وأصبح خطرًا يجتاح محافظات الجمهورية، فسريعًا ما بدأ فى الانتشار، وبسرعة البرق تحول عدد من المصابين إلى متوفين، فيما تضاربت الأقاويل حول الأسباب والعوامل الرئيسية وراء تفشى الوباء، فالبعض أرجأه إلى الإهمال الطبى، والآخر اتهم أولياء الأمور، والثالث لفت إلى أن ثورة يناير لعبت دورا بارزا فى ظهور العدوى، معللا الرأى بأن معظم المصابين تتجاوز أعمارهم بين 3و4 سنوات، وبإمعان النظر تكتشف أن هؤلاء الأطفال لم يتم تطعيمهم ضد الحصبة وتحصينهم من المرض اللعين خلال تلك  الآونة.
سلطت «روزاليوسف» الضوء على الظاهرة للوقوف عليها ومعرفة أسبابها فى لمسة منها للسعى نحو حل وإنهاء المشكلة، وإليكم التفاصيل..

يقول مدحت قنديل، رئيس الطب الوقائى بمديرية الصحة، إن الحصبة مرض فيروسى يصيب الشخص مرة واحدة فقط طيلة العمر، منوها إلى أنها نوعان: الأول منها هو الحصبة العادية والتى تصيب الأطفال، والثانية الألمانية والتى تصيب البالغين، لافتا إلى أنها تحدث فى جميع دول العالم، خاصة أن المرض معد، ودائما الأمراض المعدية لا يمكن أن تخلو الدول جميعها من ذلك الفيروس.
وأوضح رئيس الطب الوقائى بمديرية الصحة أن مصر من أكبر الدول التى تقوم بتطعيم الأطفال بالأمصال الطبية للأطفال، موضحًا أن ذلك فسره تقرير المسح الصحى الذى تم إصداره من جهات دولية عديدة من دول العالم فى 2008، والذى أفاد بأن مصر بها تغطية لتلك التطعيمات بلغت 95% .
ويضيف قنديل، أنه يوجد بالفعل تطعيم ضد الحصبة العادية عند سن السنة والألمانية عند عام ونصف العام، مضيفًا أن هناك جرعات منشطة تصل نسبة الإصابة حينها لـ 7 فى الألف، بالإضافة إلى الأطفال الذين لم يتم تطعيمهم، خاصة أن العقار لم يصل بنسبة 100% إلى الأطفال، حيث لا يتراوح بين 96و98%، منوها إلى أن هناك حملتين قوميتين تابعتين للطب الوقائى تجوب المحافظات التى انتشر بها المرض.
وأشاد رئيس الطب الوقائى بمديرية الصحة بدور الوزارة فى التوعية والتلقيحات خاصة الطعوم التى توفرها فى الوحدات الصحية، مؤكدا أن المنظومة الصحية خاصة العقار والأمصال على مستوى عال ولا يوجد بها أية قصور أو إهمال طبى.
وأرجع قنديل انتشار المرض بالمناطق الحدودية مثل سيوة ومطروح والسلوم أن أطفال البدو والأقاليم والواحات ليس لديهم الوقاية والتوعية الكافية بنسبة 100%، ناهيك عن تقصير الأهالى نفسهم فى الوعى والرعاية لأبنائهم، متهما أولياء الأمور بأنهم العامل الأساسى فى تعرض أطفالهم إلى الإصابة بالمرض.
ويستنكر رئيس الطب الوقائى بمديرية الصحة الأهالى الذين يزايدون فى الأعراض الجانبية للحصبة، مستنكرا من  مغالاة الإعلام فى الوباء، قائلا: «إحنا منعرفش اللى بيموتوا أسباب الوفاة، إيه والحصبة مش سبب أساسى للوفاة بل بالعكس المسئولون والأطباء بيشخصوا جميع الوفيات بجدارة».
ويشير قنديل إلى أن الإجراءات التى يجب أن تتخذها الوزارة حاليا هى الترصد، ما يعكس بدوره قلة الإصابة بالمرض، وقتله فى المهد، فضلا عن عدم انتشاره بين المواطنين، مشيرا إلى أن الوزارة لم تتوان لحظة فى علاج وفحص المناطق المحيطة جيدا التى تم فيها اكتشاف الحالات المصابة، قائلا: عنوان وزارة الصحة دائما والهدف الأساسى الذى تسعى إلى تحقيقه هو «كيفية تجنب الأمراض الفيروسية والبكتيرية».
ويقول علاء السيد، وكيل وزارة الصحة للطب الوقائى، إن الحصبة ليست مرضًا مميتًا وله علاج سريع مثله مثل أى مرض آخر، مستنكرًا غياب الأمصال والتطعيمات خلال السنوات الماضية  خاصة ضد الحصبة، منوها إلى أن قبل ذلك كان هناك قوافل طبية فى جميع المحافظات لمعالجة الأمراض المتفشية آن ذاك.
ويلفت السيد إلى أن أعراض الحصبة تتشابه مع الأنفلونزا ولكن الفرق أن درجة حرارة الجسم تتجاوز الـ38 درجة مئوية مصاحبة لرشح وسعال، واحمرار بالعين وطفح جلدي، لافتا إلى أن أعراض الحصبة والطفح الجلدى لم تتجاوز الأسبوع، والأطفال الذين تم تطعيمهم جرعة واحدة تكون لديهم المناعة ضد الفيروس بنسبة 85% وتختلف النسبة بين الأطفال الذين تناولوا الجرعتين، حيث تصل نسبة مناعتهم ضد الإصابة بالحصبة إلى 95%.
ويشير وكيل وزارة الصحة للطب الوقائى إلى أن المناطق الحدودية وواحة سيوة بالتحديد بها إجراءات وقائية وطبية على أكمل وجه حتى تقلصت نسبة الإصابة بالمرض خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أنه عندما يتم اكتشاف وباء خاصة بين الأطفال تقوم الوزارة بشن حملة على تلك المنطقة ويتم تطعيمها بالكامل للتخلص من المرض والقضاء على العدوى.
ويلفت السيد إلى أن الإصابة على مستوى الجمهورية قليلة عدا سيوة لكون المرض منتشرًا بكثرة بتلك المنطقة، وبفضل وزارة الصحة والتوعية الصحية التى تمت تراجع عدد المصابين، لافتًا إلى أننا لم نصل إلى العدد المسموح به دوليا للإصابة بالحصبة والمصرح به عالميا الـ7 فى الألف، مؤكدا أن وباء الحصبة غير مميت والتهوية الجيدة وقلة التكاتف البشرى فى المواصلات والمناطق المزدحمة والمدارس.
وطالب وكيل وزارة الصحة للطب الوقائى المواطنين بالذهاب إلى أقرب مركز طبى فور الإصابة بفيروس الأنفلونزا، لتفادى الإصابة بالالتهابات الشعبية والرئوية التى من الممكن أن تؤدى مناعته فى وقتها إلى أمراض فى غنى عنها.
فيما يؤكد حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة، أن الوزارة تقوم بعملها على أكمل وجه من خلال الإجراءات اللازمة التى تتخذها تجاه الأمراض المعدية التى يتم اكتشافها فى ربوع الوطن، منوها إلى أنه تم اكتشاف 1560 حالة مصابة بفيروس الحصبة فى 7 محافظات، مؤكدا أن نسبة الإصابة بهذا الفيروس فى مصر ضعيفة جدًا، مشيرًا إلى أن أكبر نسب الإصابة بمرسى مطروح، حيث تم تطعيم 55 ألفًا و361 طفلا ضد الحصبة.
ويلفت عبد الغفار إلى أنه كشفت احصائيات قامت بها وزارة الصحة تؤكد 1356 حالة حصبة حتى نهاية أكتوبر الماضى، فضلا عن إعلان محافظة مطروح عن 140 حالة اشتباه بمرض الحصبة بالمستشفيات، صرح لـ110 حالات منها بعد التحسن والـ30 حالة قد شفيت تماما من الفيروس.
ويضيف المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة أن وزارة الصحة قامت بتوفير جميع التطعيمات اللازمة ضد الفيروسات المنتشرة من سن 12 إلى 18 عاما، إلى جانب شن حملات توعية وإعلامية.
ويوضح عبد الغفار أن أعداد الاصابة بالمرض فى السبعينيات والثمانينيات كانت تصل إلى عشرات الآلاف سنويا، بينما تقلص العدد فى أوائل التسعينيات بعد اكتشاف التطعيم ليتراوح بين 5:7 آلاف فى السنة، أما الآن فقد انخفضت النسبة كثيرا لتسجل سنويا من 800 إلى 1600 حالة، خاصة بعد عمل حملة قومية ضد الأمراض المعدية الفتاكة تم خلالها تطعيم 35 مليون شخص، الأمر الذى ادى لخفض الإصابة لـ70% تقريبا.
ويشير المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة إلى أنه تم تطعيم حوالى 25 ألفًا فى سيوه والضبعة والسلوم، بالاضافة إلى أنه قد تم إرسال 70 ألف جرعة من طعم الثلاثى الفيروسى لمديرية الشئون الصحية بمرسى مطروح، علاوة على 10 آلاف سرنجة للاذابة و1000 صندوق أمان للتخلص من السرنجات المستخدمة بطريقة آمنة، مشيرا إلى أن الوزارة تتخذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من انتشار هذا المرض على مستوى الجمهورية من جديد.
ويختلف معه حنا صابر، استشارى اطفال بطب القصر العينى، بشأن خطط وتدابير الوزارة للحد من انتشار المرض اللعين الذى اصبح يهدد الكثير من المصريين، قائلا: «بالرغم من توافر لقاح مأمون وعالى المردود للوقاية من المرض، فى حين أن سعره من أرخص اللقاحات، مؤكدا أن ظهور وانتشار المرض يؤكد اهمال وزارة الصحة للتطعيم السنوى الذى يجب ان يتم فى توقيت معين للحد من انتشاره ومنع دخوله المناطق والأماكن التى من الممكن أن يتواجد بها الوباء.
وأشار حنا إلى أن اهمال تطعيم الاطفال هو السبب الرئيسى فى انتشار مرض الحصبة لديهم فى سيوة مؤكدا أن زيارة وزير الصحة لسيوة غير كافية وكان لابد من وجود خطة لانشاء مستشفى لمعالجة نقص الخدمات الصحية بالواحة.
كما تشير نيفين مخلوف، أستاذ أمراض جلدية بكلية الطب جامعة عين شمس، إلى أن وزارة الصحة أهملت بالفعل عملية التطعيم السنوية، مطالبة بتشكيل لجنة من كبار أساتذة الحميات والجهاز الهضمى لبحث كيفية عودة المرض وطرق مواجهته، والتى ترجع سبب ارتفاع معدلات الاصابة بامراض الحصبة والجديرى المائى إلى تدنى الأداء الطبى.
وتشير أستاذ أمراض جلدية بكلية الطب جامعة عين شمس إلى أن التطعيم يحمى من الحصبة وهو الذى أوقف مرض الحصبة فى السنوات الماضية فى مصر وتطعيم جميع الاطفال ضد الحصبة بالتطعيم الاجبارى عند الولادة، مشيرة إلى أن ظهور حالات جديدة من الحصبة فى الوقت الحالى يعنى اهمال عملية التطعيم بين الاسر ما عكس بدوره تفشى المرض.
وتحذر مخلوف السيدات من الإصابة بالحصبة الألمانية والتى تحدث أحيانا للبالغين بعد سن الطفولة لأنها تسبب تشوهات للجنين.
وترجع مخلوف الظاهرة الوبائية إلى أن ثورة يناير كان لها نتاج سلبى حيث أثرت على وصول اللقاحات والأمصال إلى القرى والمناطق بل إلى الدولة جمعاء، قائلة الثورة آن ذالك ضيعت حقوق الوطن فى العقاقير التى يتم استيرادها من الخارج، فضلا عن كون تفشى أمراض أخرى أهمها انفلونزا الطيور والخنازير والجديرى المائى.
ويوضح عمرو قنديل، رئيس قطاع الشئون الوقائية والمتوطنة بوزارة الصحة، أن الوزارة قامت بالفعل بحل المشكلة وتقييمها للموقف ومتابعة الإجراءات المتخذة وقامت بتنفيذها من خلال عمل ترصد ايجابى لاكتشاف حالات جديدة.