الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نفوذ «إيران» فى المنطقة يُجبر «إسرائيل» على الخضوع لـ«السعودية»

نفوذ «إيران» فى المنطقة يُجبر «إسرائيل» على الخضوع لـ«السعودية»
نفوذ «إيران» فى المنطقة يُجبر «إسرائيل» على الخضوع لـ«السعودية»




أعد الوزير والجنرال السابق فى جيش الاحتلال الإسرائيلى «افرايم سنيه» دراسة حول النفوذ الايرانى فى اليمن من خلال جماعة الحوثيين، ويقول إن النفوذ الإيرانى فى المنطقة يجبر إسرائيل على الخضوع أمام الاستراتيجيات التابعة للمملكة العربية السعودية.
وأشارت الدراسة إلى اللقاء الذى جمع بين «أحمد بركة» مندوب الجهاد الإسلامى الفلسطينى فى اليمن، مع زعيم المتمردين الحوثيين فى الدولة، موضحة أن هذه المقابلة أثارت القلق بين أوساط الدوائر الأمنية فى إسرائيل، وأنه على الرغم من اختلاف الطرفين فكريا إلا أن لديهما قاسما مشتركا وهو كونهما مدعومين عسكريًا وسياسيًا من قبل النظام الإيرانى.
وتقول الدراسة إن حركة الجهاد الإسلامى هى التنظيم الإرهابى الفلسطينى المقرب من إيران، والحقيقة ان هذا التنظيم عندما قرر النظام الإيرانى فى عام 1994 إفشال اتفاقيات أوسلو كان الجهاد الاسلامى هو من ابتدأ فترة العمليات فى داخل إسرائيل، وانضمت إليه حماس بعد فترة، إلى يومنا هذا، موضحة أن التنظيم الفلسطينى كان وما زال محكوما وممولا من قبل «فيلق القدس» التابع للحرس الثورى الإيرانى.
وأضافت أن الحوثيين هم قبيلة شيعية تسيطر على شمال اليمن وميليشياتهم مدربة ومسلحة من قبل تنظيم حزب الله الشيعى المتواجد فى لبنان، والمعروف بتقربه الكبير من النظام الإيرانى الشيعى ويتوسعون منذ عدة أسابيع فى البلاد ليسيطروا فى اليمن على مدينة الميناء اليمنى الحديدة وعلى شاطئها، على الساحل الجنوبى الغربى للسعودية والميناء النفطى «رأس عيسى» بعد ان هزموا جيش السلطة والميليشيات السنية المؤيدة للقاعدة.
ويتساءل سنية كاتب الدراسة هل يستطيع الحوثيون زعزعة الامن فى المملكة العربية السعودية بما يقومون به فى هذه الايام من نشر عصابات تسول ظاهرها جمع الأموال وباطنها جمع الرجال للخروج على النظام السعودى الذى يقف لهم بالمرصاد وهل سيحققون ما يخططون له؟
سيطرة الحوثيين على تلك المناطق تثير قلقا استراتيجيا، فإيران، وللمرة الأولى فى تاريخها، تسيطر على المداخل الجنوبى للبحر الأحمر على مضيق باب المندب تحديدًا (الذى يفصل آسيا عن إفريقيا)، والشاطئ الغربى لليمن القريب أيضًا من الشاطئ الغربى للسعودية ومن مرافقه الاستراتيجية، الأمر الذى يوجد لدى السعودية تهديدًا مضاعفاً، سواء على حرية التنقل فى المضيق أو على الأمن السعودى الداخلي.
وتكشف الدراسة أن المقاطعات الشرقية للسعودية على شاطئ الخليج، يعمل بها الإيرانيون ويتفوقون سياسيا وعسكريا من خلال الأقلية الشيعية هناك، الأمر الذى قد يدفعهم إلى فتح جبهة أخرى مثل هذه الجبهة غربى الدولة. وأن الحوثيين وبإيعاز من طهران شكلوا عصابات استخبارية والقصد منها أن يكونوا خلايا نائمة من أجل زعزعة الأمن السعودى وعندما تحين ساعة الصفر سيخرجون ويقومون بنشر الفوضى الخلاقة التى يقومون بها فى اليمن.
وأضافت أن سيطرة الحوثيين على غرب اليمن (والقاعدة تسيطر على وسط وشرق الدولة) تمثل خطرًا مباشرًا على المملكة السعودية وعلى إسرائيل أيضا التى لا يمكنها أن تبقى غير مبالية بالبؤرة الإيرانية الجديدة على الممر البحرى الذى يربطها بآسيا وإفريقيا.
وترى الدراسة أن ما يجب فعله من ناحية اسرائيل تجاه هذا التطور هو ضرورة خضوعها أمام المملكة العربية السعودية، إذ إنها فى أمس الحاجة الى التنسيق الأمنى معها حتى رغم وجود قنوات سرية بهذا الشأن، موضحة أن الوضع الجديد من شأنه أن يبرر أي اتصالات مباشرة أو علنية معها، ولكن وعلى ضوء الرفض التام للمبادرة العربية للسلام من قبل الحكومات الإسرائيلية وسياسة الحكومة الحالية فى الموضوع الفلسطينى فإن الفرصة لحدوث ذلك هى «صفر»، وأن الحكومة الإسرائيلية ترى أن من مصلحتها الأمنية هى المحافظة على الوضع القائم فى الضفة الغربية.
وطالبت الدراسة التى رأت فى الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص حلا للمخاوف الإسرائيلية من انتشار الحوثيين فى اليمن أن تقلل أمريكا من الضغوطات السياسية والتى تتضمن إضعاف وعزل اريتريا، إذ إن هذه السياسة ينبغى دراستها من جديد على ضوء الوضع الإقليمى الجديد والمخاطر التى باتت تهدد إسرائيل، موضحة أن إريتريا ليست ديمقراطية، ولكنها لا تختلف بذلك عن الغالبية العظمى من الدول الإفريقية، وهذا هو الوقت الأنسب لإخراج اريتريا من عزلتها وتمكينها من الانضمام من جديد الى الأسرة الدولية.
وأشارت الدراسة إلى أن إريتريا لا يوجد بها موطئ قدم للإسلام المتطرف، وأن التعايش الدينى موجود فيها ومستقر، وعندما تكون السودان الدموية من جنوبها، واليمن الجديدة من شرقها، تستطيع ان تلعب اريتريا دورًا ايجابيًا فى البحر الأحمر.
ولفتت الدراسة إلى تقارير إسرائيلية عديدة عن مخاوف تل أبيب من تمدد الحوثيين فى اليمن من بينها قرار نشر يحذر من انشغال العالم بما يحدث كوبانى بين القوات الكردية وداعش، بينما تنجح إيران، وببطء، فى استكمال استيلائها المثير للإعجاب على اليمن. حيث استولى الحوثيون على المدينة الساحلية الاستراتيجية فى اليمن، حديدة، التى تقع غرب العاصمة صنعاء، وخلال نفس اليوم احتلوا المطار الذى يقع جنوبى المدينة. وذلك بعد أن نجحوا بالاستيلاء على العاصمة صنعاء.وأكدت أن الحوثيين يحصلون على مساعدات مكثفة من الحرس الثورى الإيرانى وجيش القدس. الأمر الذى أثار مخاوف إسرائيل، إذ إن اليمن تسيطر على «باب المندب» الممر المائى الاستراتيجى بالنسبة لإسرائيل، وأن وجود عناصر الحرس الثورى فى هذا الممر المائى مصيرى بالنسبة لاقتصاد إسرائيل، حيث إنها تستطيع الوصول من هناك ليس فقط إلى المحيط الهندي، بل أيضًا إلى وجهات أخرى مثل إيران نفسها، وبإمكانهم التسبب بمشاكل كثيرة للسفن الإسرائيلية التى تمر فى المنطقة.
وتقول الدراسة إن السعوديين يشعرون بالقلق لخطر استراتيجى آخر ينبع من اليمن حيث يتمركز تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب الذى أعلن الحرب على أسرة آل سعود الحاكمة فى السعودية وشن غارة عبر الحدود إلى الشرق من هذه المنطقة فى يوليوالماضي، وأن العداوة بين الحوثيين والتنظيم يعود إلى وجود متشددى القاعدة فى منطقة جازان الحدودية، وأن إعلان تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب ان الحوثيين الشيعة كفرة، ونظم هجمات انتحارية ضدهم فى حين تعهد الحوثيون بالقضاء على التنظيم فى اليمن يثير مزيدا من المخاوف على الحدود السعودية.
وحذرت الدراسة الدوائر الأمنية الإسرائيلية والسعودية من أن الذين يراقبون الحدود يعد أكبر مصدر للقلق، إذ إن الحدود يسيطر عليها مجموعة تتكون فى الأساس من رجال قبائل محليين يعيشون على التهريب، وأنه فى بداية السبعينيات، هاجمت منظمات فلسطينية سفنا إسرائيلية مرت من باب المندب. وقد يتبع الإيرانيون طرقًا مماثلة من خلال استخدام الحوثيين.
ووصفت الدراسة الأحداث التى تجرى حاليا فى اليمن أنها مثال للتغيير الجذرى فى الشرق الأوسط إذ إن رئيس اليمن على عبد الله صالح قد استقال من منصبه فى نوفمبر 2011، بعد 33 عاماً. وكان واحدًا من أقدم الرؤساء فى الشرق الأوسط، وحل مكانه الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولكن بالنسبة للحوثيين، هذا التغيير لم يعد كافيا، إذ انهم يطمعون فى جزء أكبر من كعكة السلطة. وبتشجيع إيراني، سعوا وما زالوا يسعون إلى الاستيلاء على البلاد.
وأضافت أن السعودية تراقب بقلق كبير التطورات فى الجنوب، والرياض تدرك أن الإيرانيين قاموا بإرسال وسائل قتالية إلى الحوثيين، وحتى إنها ما زالت تحاول المساعدة فى إحباط التهريب من إيران إلى شمال اليمن. كما اعتقل الجيش اليمنى عناصر من الحرس الثورى الإيرانى خلال المعارك، وتخشى السعودية أن التدخل الإيرانى سيحاول خلق جو من عدم الاستقرار فى المناطق الشيعية داخل المملكة نفسها أيضًا.
وتشير الدراسة إلى أنه فى حين انشغال وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية بدراسة خرائط سيطرة داعش، تنجح إيران بالحصول على السيطرة على أراض أكبر وأكثر، وهى لبنان، أجزاء من سوريا، أجزاء كبيرة من العراق، والآن اليمن، لافتة إلى انتهاء الأشهر الستة الخاصة بالمحادثات حول البرنامج النووى الإيرانى دون تحقيق أى تطور فى صالح إسرائيل. وأن الإيرانيين لن يتنازلوا عن رغبتهم فى امتلاكهم إلى السلاح النووى من آجل تدبر أمورهم فى المنطقة من حيث الهيمنة على المنطقة وتكريس التفوق الإيرانى عبر القوة العسكرية.