الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نقابة للنشطاء.. وعن النشطاء سألونى!

نقابة للنشطاء.. وعن النشطاء سألونى!
نقابة للنشطاء.. وعن النشطاء سألونى!




رشاد كامل

فهذه الوظيفة أو المهنة جديدة وحديثة فى مصر ولا يتجاوز عمرها بضع سنوات، لكنها ازدهرت وانتشرت وتفشت فى خلال الفترة الأخيرة على شاشات الفضائيات المصرية والعربية!
كانت البداية مع «الناشط السياسى» أو الناشطة السياسية الذين ملأوا شاشات البرامج والفضائيات يتحدثون فى كل شىء، ويثرثرون فى أى موضوع!
وكثيرًا ما كان الناشط السياسى أو الناشطة السياسية يقفز برنامج لبرنامج، ومن فضائية لأخرى في نفس اليوم، حتى إنه أو إنها لا يستطيع تغيير «هدومه» من فرط الاستعجال وإدراكه أو إدراكها بقيمة الوقت: فالوقت كالسيف إذا لم يقطعه الناشط قام الوقت بقطع الناشط أو الناشطة!!
وبعد الناشط والناشطة فى عالم السياسة تنوعت أنواع وأشكال وألوان هؤلاء النشطاء، حتى إنهم يفكرون جديًا فى تكوين نقابة لهم!! تدافع عن حقوقهم فى مواجهة كل دخيل على هذه المهنة!!
لقد تسببت السبهللة الإعلامية والاستسال البرامجى فى تسلل المئات إلى هذه المهنة - أى الناشط - دون أن تتوافر له المؤهلات الضرورية، وأولها أن يتمتع بقدر مهم من «الجهل» وانعدام الثقافة حتى يكون جديراً بممارسة هذه المهنة!!
الجهل النشيط هو الصفة الأهم والمؤهل الأوحد للناشط أو الناشطة مهما كان تخصصه الذى يتكلم أو ينشط فيه!!
فالناشط الحقوقى -  راسب أعدادية - يفهم أكثر مما كان يفهم أساطين المحاماة والحقوق فى مصر مثل د.عبدالرازق السنهورى باشا و«عبدالعزيز فهمى باشا أبو الدستور».
وكل ما يعرفه الناشط عن «عبدالعزيز فهمى» أنه مترو مصر الجديدة لا أكثر ولا أقل!!
والناشط الموسيقى يفهم بطبيعة الحال فى الموسيقى أكثر مما يفهم عبدالوهاب وبليغ حمدى ورياض السنباطى وحلمى بكر، والناشط الكروى أكثر فهمًا لقواعد االأوفسايد والفاولات من أبو النقد الرياضى «المستكاوى» ويكفى الناشط الكروى - الذى لم يلمس كرة فى حياته أو يشاهد مباراة حتى فى الكرة الشراب - يكفى أن يقول للمشاهد أن الهدف جاء من تسلل والتسلل تسبب فيه حارس المرمى، وأن زمن المباراة يجب أن يكون ثلاث ساعات بدلاً من تسعين دقيقة حتى يبدع اللاعب!!
والناشطة النسوية لا هم لها إلا الكلام عن التحرش الجنسى فى شوارع مصر، وأن تحشر فى كلامها بعض المصطلحات الأجنبية والاحصائيات المنسوبة لدى كين الدفاع عن المرأة!
واحدة من هؤلاء الناشطات اللهلوبات راحت تعيد وتزيد فى معلومة منسوبة لمجلة «فورين بوليسى» تقول إن 99٪ من نساء وبنات مصر يتعرضن للتحرش!
يا نهار أسود، خلاص مفيش عقل، مفيش ذرة تفكير فى صحة هذا الرقم الذى يعنى أن حوالى 45 مليون امرأة وشابة وطفلة يتعرضن للتحرش! عيب.. عيب!
أما «الناشط الدستورى» فحكاية لها العجب، فقد سبق له أن أشاد بدستور 2014 وعاد الآن ليهاجمه ويلعنه وهو غير فاهم فى الحالتين وكل علاقته بالدستور أنه سمع فى طفولته عبارة: لا إحم ولا دستور!
وهناك أيضًا الناش الإرهابى الذى يمثله الآن نوعيات «عاصم عبدالماجد» الذى تحول من إرهابى قاتل فأصبح المذيع والناشط الإرهابى وغيره كثيرون!
والآن دخل حياتنا «الناشط الإيبولى» المتخصص فى الكلام عن الإيبولا ومضاعفاتها والناشط «السماوى» أو «الغلاوى» وهو متخصص فى سواد الحياة وكآبتها وبواختها!
كل هذه الخواطر تداعت إلى خاطرى بعد قراءة مقال مهم وبديع للدكتور «محمد نصر الدين علام» وزير الموارد المائية الأسبق بعنوان «ناشط مائى» بدأه بحوار دار بينه وبين أساتذة وزملاء وتلاميذ له من شباب أعضاء هيئة التدريس حول تعريف معنى «ناشط سياسى» ويعترف إنهم لم يهتدوا إلى تعريف أو حتى تفسير للمسمى أو إلى أى معايير مهنية أو كلمية لتقديمه بهذا المسمى».
وبحكم تخصص الرجال كأستاذ لإدارة الموارد المائية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة وعلوم المياه - كما يقول - من أكثر العلوم تعقيدًا، وتخصصاتها متفرعة وعديدة، فقد انزعج الرجل قائلاً: «وجدنا نوعًا آخر من النشطاء ولكن فى مجال قضايا المياه القومية»، «يفتون وينصحون وينتقدون ويوجهون ممن يجهلون» ويختم مقاله البديع برجاء وتوسل فيقول:
أتوجه بالرجاء إلى معدى ومقدمى البرامج التليفزيونية والإذاعية والذين علهيم أن يقرأوا على الأقل السيرة الذاتية لأى متحدث قبل استضافته. إن استضافة هؤلاء المدعين من «نشطاء المياه» يجبر الملايين من المواطنين على الاستماع إلى الفتاوى الخاطئة والرؤى المضللة ويفسد الوعى الشعبى بقضايا مصر الحيوية.
حلمك يا دكتور علام هل تريد قطع عيش «نشطاء المياه» ألا تخشى أن ينضموا إلى طابور البطالة وتصبح أنت المسئول الأوحد عن بطالتهم!