الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مؤامرة تهويد الهرم الأكبر.. فى السينما وفى عالم الجريمة

مؤامرة تهويد الهرم الأكبر.. فى السينما وفى عالم الجريمة
مؤامرة تهويد الهرم الأكبر.. فى السينما وفى عالم الجريمة




 

د.حسام عطا

وسط كل الارتباكات والتوترات الصغيرة والأحلام الكبرى والألم والأمل الذى يعيشه المصريون لاستعادة مصر الحاضر والمستقبل، يأتى لصوص محترفون لسرقة الماضى المصرى القديم، وهو الأمر الذى يؤكد أن مصر التاريخ مستهدفة مثلها مثل مصر المعاصرة، وأن ما نهمله عن التكوين الفرعونى للحضارة المصرية وللهوية المصرية فى مدارسنا الأولية وفنوننا المسموعة والمرئية، وملامح صورة مصر عن ذاتها، لهو أمر جد خطير، إذ يحاول هؤلاء المدركون لعظمة مصر الفرعونية سلبها وسرقتها من نسبها الأصلى للمصريين القدماء، لأنهم يمارسون الانبهار والشعور بالدونية أمام تلك الحضارة، ولأنهم لا يملكون إخفاء الشمس، فقرروا العبث بها وسرقة نسبها لوهم مخترع يدخل فى باب الخرف ولا يرقى حتى لمرحلة الخرافة، وهو سلوك عدوانى متعصب لص، يحاول عبر تزوير التاريخ التكريس لأوهام عن بناء الهرم بمعرفة اليهود قبل خروجهم من مصر، ولكن الأمر المدهش أن هناك مجموعة تنتسب للجنسية الألمانية دأبت على تنظيم زيارات منظمة للهرم الأكبر ولمقبرة الطيور، ونظمت بالمخالفة للقانون زيارات ممنوعة لحجرات الدفن، وسهل لهم الأمر عدد من الموظفين العموميين من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار، وهؤلاء أخذوا عينات من خرطوش الملك خوفو عبر استخدام آلات حادة وأحدثوا خدوشاً بحوائط المقبرة داخل الهرم الأكبر، برعاية من الفساد المنظم المسئول عن إدارة شأن أهم أثر عرفته البشرية، وأن هؤلاء صوروا فيلماً تسجيلياً تم نشره، وهو موجود على الشبكة الدولية للمعلومات باسم خرافة خوفو، حيث ادعى هؤلاء أنه بأخذ عينات من المقبرة وتحليلها وبالبحث عن عمر الهرم، اكتشفوا أن خوفو ليس صاحب الهرم، وأنه يعود لتاريخ مختلف أرادوا طبعاً أن ينسبوه لمجهول، وهذا المجهول هم بالطبع من صنعوا الفيلم الجديد الصادر من هوليوود الذى يتعرض لمصر القديمة وهو للمخرج المحترف ردلى سكوت وهو الذى قدم فيلماً جديداً اسمه «الخروج آلهة وملوك» «Exodus Gods and Kings» وهو يخلط ويمزج بين أوهام متنوعة المصادر، ويعتمد على السفر الأول للتوراة، وهو المسمى سفر الخروج، وهو يعرض للنبى موسى الذى يواجه فرعون مصر، ويهرب بقومه ويمر بمغامرة صعبة مع أخيه بالتبنى الفرعون رمسيس، وهو يستهدف تكريس الوهم المزور الذى يود التكريس لخرافة كاذبة تدعى أن بنى إسرائيل هم بناة الأهرام.
وبينما كانت السينما تصنع ذلك الوهم، كان المحكوم ضدهم فى الجناية رقم 33723 لسنة2013 الهرم ورقم 7800 لسنة 2013 كلى، وهم عدد من مفتشى الآثار وصاحب شركة سياحة من المصريين لن أذكر أسماءهم لأنها سقطت من تاريخ الجنسية المصرية، وشبهات استدعت المحكمة معها إقامة الدعوى القضائية ضد وزير آثار سابق ورئيس سابق للمجلس الأعلى للآثار وأثرى مصرى شهير، بتهمة تسهيل الاعتداء على هرم خوفو وتسهيل خروج عينات منه خارج البلاد، ولكننى سأذكر أسماء المغامرين الألمان وهم استيفان أردمان وجورتلنيز دومنيك وجارنيتش يان جارنيتش، لأن الحكومة الألمانية أحالتهم للنائب العام الألمانى وأصدر حكماً بتغريمهم خمسة آلاف يورو لكل منهم، وأعلن المعهد الألمانى للآثار بأنه لا صلة له بهم، وأعلنت الحكومة الألمانية بأنهم ليسوا علماء آثار أو من العاملين بهذا المضمار، وأن أحاديثهم عن خرافة خوفو ليست إلا خيال شخصي، والتقدير والاحترام للموقف الألمانى الرسمى ضروري، خاصة أن الحكومة الألمانية أعادت العينات المهربة للخارج لمصر عن طريق الخارجية المصرية أما المحكمة المصرية فقد حكمت بالسجن المشدد خمس سنوات لكل منهما وغرامة خمسمائة جنيه، وتكليف النيابة بالتحقيق فى الدعوى القضائية ضد وزير الآثار الأسبق المشار إليه.
ولا يسعنى إلا أن أشكر المحكمة الموقرة برئاسة المستشار الجليل محمود سامى كامل لتحقيقها المدقق ولحكمها باسم الشعب ضد لصوص عبث بعقولهم جنون سرقهم من ضميرهم المهنى والوطني، والسؤال الآن أيهما أخطر، فيلم هوليودى كاذب أم جريمة بوليسية فى الهرم الأكبر تستهدف جريمة علمية مختلقة واهمة؟!
فكر معى هل حقاً لا توجد مؤامرة حول محاولات سرقة نسب الهرم الأكبر؟
عد معى للحكم الموثق الصادر باسم الشعب عن محكمة جنايات الجيزة بتاريخ 11/11/2014م، حيث يكتب القضاء المصرى صفحة جديدة فى تاريخ الوطنية المصرية، وحيث يظل إهمال العمل على إعادة إنتاج الحضارة الفرعونية فى مصر المعاصرة أدباً وفناً وعلماً وثقافة هو أمر يصب فى مصلحة أصحاب الخيال المريض الذى يتوهم القدرة على سرقة الماضى وتهديد الثقة فى المستقبل، إنه بلا أدنى شك خيط حضارى ثقافى واضح ضمن سياق صراع الوجود الذى تخوضه مصر الآن ضد أعداء الحياة.