الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معارك علنية.. ومشاجرات شخصية حول جسد «الشيطان»

معارك علنية.. ومشاجرات شخصية حول جسد «الشيطان»
معارك علنية.. ومشاجرات شخصية حول جسد «الشيطان»




ما بين مرضى يتألمون بصرخات لا تطاق ولا يعرف لها سبب مادى ويعلقون كل امالهم على الاب القس مكارى يونان، الأمر الذى يعد غريبا خاصة أنه لا يزال قسا لم ينل رتبة نالها من هو أصغر منه فى الكهنوت وهى رتبة القمص، وبالتأكيد أحد اسيزدباب عدم حصوله على الرتبة ما ينتشر حوله من أمور يراها احباؤه معجزات ويراها اعداؤه شعوذة، تنوعت ما بين تنديد الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى ورئيس دير القديسة دميانة للراهبات بأفعال الأب مكارى ويعتبره خادما للشيطان.
وهى معركة خرجت عن حدود اللياقة المسيحية وأصبحت محل تنكيت وتبكيت وتساؤل عن كيفية استخدام أباء الكنيسة تلك الألفاظ؟ ولماذا الحرب الأن؟ ليكون السؤال الأهم هنا هو أين البابا تواضروس ولماذا يلتزم الصمت عن هذه الفضيحة العلنية التى تقترب من الشجار المرفوض.
والأغرب أن سبب المشكلة هو أن الانجيل يؤكد أن المسيح أخرج شياطين فعلى ماذا يعترض الأنبا بيشوى؟ وهل له تفسير مختلف؟ ففى الغريب انتشر تفسير يقضى بأن هؤلاء كانوا مرضى بأمراض نفسية ولكن المجتمع هو الذى كان يراءهم ملبوسين، اسئلة محيرة حول جثة الشيطان نحاول أن نجيب عليها فى السطور المقبلة.
فى البداية تعلق على طريقة الحوار مارى رمسيس، الاخصائية التربوية، قائلة: الحوار هو وسيلة التواصل بين الناس، والفلسفة علمتنى أن الحوار له مستويات على سبيل المثال الديالكتيك الجدل الهابط والصاعد وهذا يدل على تفاعلية الحوار، ولكن كذلك لابد أن يشتمل على آداب الحوار والاحترام، وبما أن هذا الحوار مكتوب فلا بد أن يحترم كل منهما القارئ وخصوصا أن لكل منهما قامة دينية وتابعين ومتابعين له، لذلك أنا لا أختلف على أن يكون الحوار فى قنواتها الشرعية.
ويرى عيد سعد، باحث، أن أبونا مكارى والأب سمعان بنشران الشعوذة، وكانا سببا فى ابعاد المسحيين عن الكلمات الإنجيلية التى يتعلم الانسان منها الحكمة، ويعمل العقل بدلا من التواكل، متهما إياهما بأنهما يبحثان عن المجد الباطل والظهور على السوشيال ميديا، ولا يقبلات النقد ودائما ما يبحثان عن تمجيد الذات،معتمدين على الجمهور الغفير من قليلى الإيمان وغير المثقفين والبسطاء والجهلاء وشلة المنتفعين.
ويوضح سعد أن الكنيسة تعلمهم أن القديسين الحقيقين كانوا يعملون المعجزات فى الخفاء وليس فى العلن أمام شاشات الفضائيات لكسب مزيد من المعجبين والمجدين، موضحا أن قداسة البابا تواضروس يحاول أن يكون سياسيا ويهتم بالسياسية أكثر من أى شىء آخر، فضلا عن أنه ورث العديد من المشاكل من عهد البابا شنودة والأنبا بيشوى وأبونا مكارى وسمعان، وكان يجب عليه أن يوقف هذا الصراع مبكرا ولا يتركه ملفا مفتوحا بمثابة قنبلة مفتوحة تهدد بالانفجار بين لحظة وأخري، ولكن البابا مع الأسف منذ واقعة طرد السيدة كل يوم يفقد جزءا من رصيده.
يقول باهر عادل، كاتب، أن ما يفعله أبونا مكارى يونان به الكثير من الشطط وعدم الانضباط العقيدى واللاهوتي، ونحن لا ننكر وجود الشيطان، لكن ربما يكون مرضاً نفسياً، والأمر يحتاج إلى حكمة فى التعامل، متعجبا من أن الأب مكارى يسأل الشخص وهو مُغيب  تحت تأثير الشيطان- ويسأل الشيطان من هو المسيح؟ فيجيب الشيطان بلسان الرجل هو الله، وهذا يتنافى مع تعاليم المسيح الذى لم يقبل شهادة الشياطين له، ومعروف أن الشيطان كذاب وأبو كل كذاب - حسب وصف الكتاب المقدس - فكيف الأب مكارى يدغدغ مشاعر البسطاء بمثل هذه المواقف التى لا تتماشى مع حياة وتعاليم السيد المسيح.
أما الأنبا بيشوى - فحدث ولاحرج - فهو نموذج للسلفية فى الكنيسة القبطية، فتصريحاته بها كثير من التعصب ضد غير ارثوذكسيين من وجهة نظره، ويتعامل منذ أن كان سكرتيراً للمجمع المقدس وكأنه نصف آله، فتجده يهاجم المسلمين ويهاجم غير الأرثوذكس، لدرجة أن الأمر وصل به إلى مهاجمة الاب متى المسكين والدكتور جورج حبيب بيباوى، والأب سمعان كاهن المقطم، وأبونا مكارى يونان، فهو بمثابة عدو للجميع.
فى حين أن الأنبا بيشوى يتعامل كأنه وكيل لله على الأرض ومُكلف من الله بمحاربة من يراهم هو هراطقة وخارجين عن تعاليم الكنيسة، فهو شخصية تصادمية وله تصريحات غريبة منذ وقت قريب عن الإلحاد الذى أعلن فيها أن الإلحاد يتراجع، ما يكشف أنه لا يرى الواقع ولا يعيش معنا على كوكب الأرض فى قطعة اسمها مصر،ناهيك عن الملحدين على شاشات التلفزيون ويملأون الجرائد بحواراتهم، ويصوتون بأعلى صوت على الإنترنت، إلى جانب إطلاق مراكز الابحاث والمتخصصين احصائيات عن زيادة عدد الملحدين فى مصر فى تلك الآونة.
ويرى بعضهم أن تلك المعارك يمكن أن تنتهى من خلال العودة إلى صوت التعليم وسماع صوت التقلبد الحى المسلم مرة للقديسين الكتاب المقدس - والليتورجيات صلوات العامة - والمجامع –والاباء- والفن الكنسى فضلا عن الاهتمام بدراسة التاريخ الكنسى، عندما يلتزم الجميع بالتعاليم اللاهوتية وينفتح ذهننا على المفاهيم الابائية الارثوذكسية، فلن نجد مثل هذه المُشادات والخلافات الغريبة إلى جانب التعامل بروح العصر فمثلا فى هذا الموضوع نتعامل بالطب النفسى اولا ونتحقق من حقيقة الحالة التى امامنا، فهناك اعراض متشابهة ما يدفع إلى القول بأنها ملبوسة من شياطين.
ويستنكر الكاتب مدحت بشاى أحد مؤسسى التيار العلمانى من صمت البابا عن امور كثيرة مستنكرا من المعارك التى تتم على شاشات التليفزيون بين الاباء الكهنة وكأنهم كانوا فى انتظار رحيل البابا شنودة، متسائلا كيف تكون المعجزات على الهواء وشو اعلامى فى اقدم واهم كنيسة ولماذا يكون الاب مكارى هو الوحيد الكاهن الذى تنقل له القداسات والصلوات على الفضائيات متعجبا كيف يتشاجر مطران مع كاهن وهو المسئول عن المحاكمات او التأديب الكنسى ليصل الأمر إلى أن التيار العلمانى يتم تدجينه ونجد حالة من خلط الاوراق بين الوطنى والسياسى والروحى وأصبح وكأنه «مولد وصاحبه غايب»، واذا كانت الكنيسة تبقى على الموالد المسيحية للربح المادى يصبح من العادى وجود بيئة لممارسة كل بلاوى الدنيا ومنها ما يرتكبه مكاري.
يقول بيشوى البسيط: كل منهما نجوم فضائيات يملك قدره اعطيت له من الله وباسم المسيح، يعملان ويتاجران والمسيح برىء من تصرفاتهما، وصمت البابا ناتج عن خوفه من شعبيتهما واتباعهما فى رد الفعل لو صرح بشيء ما، الغريب أن الاثنين يعبران عن اكبر فئتان فى المجتمع الكنسى، فئة جاهله ثقافتها المعجزة، وهذه نجمها الاب مكارى، والثانية موهومة بأنهم حماة الإيمان وعلماء ومعلمى اللاهوت ولا تجد منهم الا الفذلكة لمجرد أن نجمهم هو الانبا بيشوى، قائلا: حل المشكلة يتمثل تعليم الشعب وانتشار امهات الكتب التراثية حتى لا تكون الثقافة المسيحية حكرا على أحد.
وينوه المفكر عادل جرجس إلى أن الصراع الدائر بين القمص والمطران علينا ألا ننخدع بظاهر الصراع، لأن فحوى الصراع الدائر ظاهرياً هو احتكار المسيح وملكوت الله، فكل منهم يعلن بصراحة ان ممارسات الاخر لا تتفق وصريح العقيدة، فالمطران يتمسك بمضمون العقيدة البحت من وجهة نظرة، وبالتأكيد وليس ضرورياً أن يكون ما يدعيه المطران هو مفهوم العقيدة ولكنها تخريجاته وتوهماته التى تخدم مصالحه وتؤكد سلطاته داخل الكنيسة.
العجيب فى الأمر أن المجمع لم يحاول المقدس أو قداسة البابا حسم هذا الصراع فالرجلان لا يقفان فرادى فى الصراع ولكن كل منهما طليعة تيار قوى داخل الكنيسة وكلا التيارين يحاول الانقضاض على مقاليد الامور بعد أن تم سريعاً اضعاف البابا وأصبح لا يعدو كونه مسمى يجلس على كرسى تاريخى، وما يندى له الجبين فإن الرجلين ينتميان الى الحرس القديم بالكاتدرائية ولكن يبدو ان هناك انشقاقاً داخل هذا الحرس.
فالتياران اللذان ينتميان إليهما الشخصان يحكمان قبضتهما على كنائس المهجر ومنابع تمويل الكنيسة فى الداخل، فضلا عن أن تنامى الصراع يبشر باقتراب انفصال كنائس المهجر عن الكنيسة الأم فسوف يعمل كل تيار من التيارين المنشقين عن الحرس القديم فى الكاتدرائية على الاستقواء فى مواجهة التيار الاخر، فهل تشهد الكنيسة فى الفترة المقبلة انفصال كنائس المهجر عن الكنيسة الام؟
ويقول الدكتور ماجد عزت الكنيسة القبطية علمت العالم قوانين وطقوس المسيحية ومن واجبات الأسقف حسب قول الكتاب المقدس فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة صاحياً عاقلاً محتشمًا مضيفاً للغرب صالحاً للتعليم، غير مدمن الخمر، ولا طامع للربح القبيح، بل حليمًا، غير مخاصم، ولا محب للمال يدبر بيته حسناً له أولاد فى الخضوع بكل وقار، متسائلا: إن كان لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتنى بكنيسة الله؟ هذه هى واجبات الأسقف الحكيم الذى لابد له من تنفيذ كلام الكتاب المقدس، وهو احتضان الكل بمحبته والتحدث عنهم بمحبة شعباً وكهنة.
أما الأسقف الذى يتحدث فى أمور خارج نطاق خدمته أو دائرة اهتمامه أو خدمته أو غير ذلك فهنا لا يكون بعل امرأة واحدة بل بعل لنساء أخريات، وبما أن القس مكارى يونان يخضع كنسياً ــ من حيث الإدارةــ لنيافة الحبر الجليل الأنبا روفائيل - فهنا لا يجب التحدث عنه تماماً ونترك الأمور للأسقف، وهذا لا يقلل من نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط والبرارى وتوابعها، كل الأمور تحتاج لحكمة التصرف، أما أبونا مكارى يونان فهو صاحب محبة وشعبية من المصريين جميعاً مسلمين وأقباط لموهبته فى اخراج الشياطين، وهذه بركة كبيرة ويستخدمة بدون تربح مالى أو معنوى أو أى شىء بل إنه رجل فى كل أحداثه متواضع القلب ومحب ومحبوب من الكل، وهو ما يذكر بالمثل الشعبى الشهير «اللى يحبه ربه يحبب فيه خلقه»، خاصة وأننا ندعو للإصلاح الإدارى والتنظيم فى شتى الأمور ولا نترك الدخان حتى لا يتحول لحريق.
أما القس عيد صلاح لم يجد فرقا كبيرا بين الجدل الدائر فى المجتمع المصرى والقبطى سواء عن حلقة ريهام سعيد او عن شياطين ابونا مكارى فيقول: لقد تألمت كثيرًا من التعامل مع الخمس بنات بهذه الصورة المهينة التى لا تحترم إنسانيتهن أو مرضهن وعرضهن بهذه الصورة المهينة لهن، إنه سبة فى جبين الإعلام والوطن، فكيف يتحول مريض إلى تجارة إعلامية، الأمر الذى يحتاج إلى مساءلة مع عدم تكرار هذه الأفعال مرة أخرى على الشاشة، ويضيف:  إن فشل الفكر الدينى ومؤسسات المجتمع المدنى مع مؤسسات الدولة بأجمعها فى تثقيف المناطق الشعبية وبعض من الريف تثقيفًا تنويريا ليحارب فكر الخرافة والمشعوذين، لتجد العكس صحيحا هو مساهمة ترويج تلك الخرافات.
ويستنكر صلاح من أن البنية العلمية والتعليمة والثقافية فى مصر هشة وتحتاج إلى بناء من جديد، منوها إلى أن تلك الحلقات وغيرها تحتاج لفريق عمل من المتخصصين لدراسة ما يدور فى المجتمع مع عمل أجندة لإصلاح التفكير فى مصر.