الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إضلال الأمة بفقه الأئمة - الحلقة الأولى




الشريعة التى يريدونها: جواز حج اللائط.. واللواط لا يفسد الصوم
 
 
تقدم «روزاليوسف» دراسة نقدية لما عليه حال الفكر الدينى ومن يتصدرون المشهد الإسلامى ومن ينادون بتطبيق الشريعة وليس لهم من علم إلا فقه الأقدمين دون أى تطوير بينما تراهم يصيحون بأن القرآن صالح لكل زمان ومكان لكنهم مقيدون بفقه قديم شديد البدائية وهو ما يقدمه للقارئ الكريم المستشار أحمد عبده ماهر المحامى بالنقض من خلال دراسته النقدية التى أسماها إضلال الأمة بفقه الأئمة.
ولا تحمل الدراسة تجريمًا فى أشخاص قدر ما تعنى بضرورة قيام المارد النائم لينهض بمسئولياته تجاه الأمة التى تحتاج جهد أساتذتها وتنتظره بكل الشوق فهم أكبر علمًا من جميع فقهاء الزمن القديم وتعقد عليهم الأمل لنهوض الأمة من خلال فقه ورؤية متطورة لكل ما هو شريعة وما هو عبادة، مع عدم الإخلال بالثوابت والفرائض، مع الاعتماد على القرآن والسنة النبوية الصحيحة التى تتناغم مع القرآن وإليكم مضمون الدراسة.
قد تكون الصنمية التى نذعن لها من آراء فقهية ومرجعيات نقدسها وكسل نمارسه، مع طغيان عاطفى وتوقف عقلى، وتشرذم مذهبي، فهذا سنى، وذاك صوفى، وآخر سلفى، وغيرهم شيعى، مع عزوفنا عن القراءة والكتابة، بينما نحن أبناء دين نزل أول ما نزل بالأمر الإلهى [اقرأ]، كل ذلك وغيره أفرز المسلم الكسول المتخاذل، فتلكم من أهم أسباب ما نحن فيه.
لقد ارتحنا لإسلام الطقوس، ورجال الطقوس، فبات إسلامنا خواءً من المضمون، وراح الفقهاء يسهرون ليلهم ليضعوا ساعات المسلم التى يحياها وفق منظومة من الطقوس والتقليد والمحفوظات، فأصبحنا أهل دين بلا روح، أى دينًا بلا أخلاق، ودينًا بلا موضوعية، فالسلفية ليست وحدها التى عنيت بالشكل وتركت المضمون، وليست وحدها التى انحرفت بمقاصد القرآن الكريم، بل نحن جميعا مشتركون فى الممارسة بلا فهم ولا فكر ولا تطوير، أى الأصولية الفارغة، فترانا أهل شعارات ومظاهر دينية بلا أخلاق، لذلك تأخرنا وتفرقنا، وكان التأخر حتمية، والتفرق نتيجة.
إن الأخلاق فى الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية، ولا مصالح فردية، ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها، وإنما هى فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل النفس وخارجها، فليست الأخلاق فضائل منفصلة، وإنما هى حلقات متصلة فى سلسلة واحدة، فتجد المرء عقيدته أخلاق، وشريعته أخلاق، ولا يخرق المسلم إحداها إلا أحدث خرقا فى إيمانه، لهذا السبب فإننا مهما ارتشفنا من طقوسنا وأعمالنا التى نظنها صالحة، فإن الله لا يصلح أبدا حياتنا، لأنه لا يصلح عمل الذين فسدت قلوبهم حتى إن صلحت قوالبهم، فالإخلاص بالقلوب يجب أن يسبق أفعال القوالب.
والأخلاق ليست ترفا فى حياتنا الطقوسية، لكنها منظومة تنبع من العقيدة، وتثمر بالشريعة، وتستظل بها الحياة فتنمو ونتقدم، لكن ليس هناك تقدم بالصلاة، ولا بالزكاة ولا بكثرة العمرة والحج، ولا بصيام النوافل وصلاة السنن، ولا باختيار المصلين ليكونوا ممثلين لنا بمجلس الشعب، فذلكم هو إسلامنا الخاص الذى نتقدم به إلى الخلف.
ودعونى أشرح الأمر بوجه آخر.
هل يرضى الصوفى أن يكون سلفيًا أو العكس؟. بالطبع لا.
وهل يرضى الإخوانى أن يكون سلفيا أو العكس؟. بالطبع لا.
وهل يرضى الشيعى أن يكون سنيا أو العكس؟. بالطبع لا.
وهل يرضى الأباضى أن يكون شيعيا أو العكس؟. بالطبع لا.
هل يرضى أحدهم أن يستبدل منهاجه؟. بالطبع لا.
لذلك فكل هؤلاء مشركون، لأنهم سعوا لتفريق كلمة المسلمين، وبذلوا الجهد لاستمرار الفُـرقة، بينما يقول الله تعالى: [....ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون] الروم 31&32.
ويقول تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}المؤمنون53.
والرأى الآخر ذلك العدو اللدود، إنه عدو الجهل المركب، فلا يمكن لجاهل أن يسمع رأياً غير رئية، ولا يرى صواباً إلا صوابه، لأن الرأى الآخر معوّق للجهل ومدمر للنرجسية، فهو يحتاج إعمال الفكر والموازنة بين القولين، ذلك الدرب الذى لا ينتهجه الجاهل أو المستبد، فها هو فرعون يقول للملأ حوله:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}...غافر29.
 والنرجسية والفرعونية صنوان أمام الرأى الآخر، فلابد للرأى الآخر أن يقف ذليلا على أعتاب الجهلاء والمستبدين الذين أعدوا دوما العدة لقتل الرأى الآخر بدعوى أنه مُعطّل لمسيرة الجهلاء فى دروب الظلام وقفار وهجير الفراغ الثقافى.
ولقد تم مؤخراً إنشاء كتيبة إعدام للرأى الآخر، ذلك الآثم الغادر المُعطّل للنقوص، والمبدد للظلام، فالخفافيش لا تحب النهار لأنه عالم غير عالمها ويتناقض مع ما ألفت عليه من دامس الظلمات، لذلك فالمسألة هى حياة أو موت.
فهم بمنطقهم يدافعون عن الجهل وعن الظلمات ضد دسائس الرأى الآخر ومؤامراته التى تُفسد على الخفافيش عالمها الذى يموج بالجهل المظلم، لذلك وجدت تلك الخفافيش أن التسلح بالماضى العريق والتمجيد سلاح ناجع يخرس الألسنة، فما عاد هناك من أحياء من أهل الماضى يستطيعون قولا ولا تنهض لهم إرادة.
 فها هى أهرامات منقرع، وتلك جثث العظماء من أجدادنا، فما حاجتنا للحاضر؟ بل وما حاجتنا إلى الرأى الآخر وعندنا العراقة الفرعونية، والنهضة العربية، والفقه الدينى القديم، فحدّث ولا حرج عن السلف، فما من أحد يمكنه أن يطعن فى أجداده، وعش أيها الرأى الآخر ذليلا كئيبا طالما أنك تبحث عن الجديد، وتُهذّب القديم، وترفع هامتك فى وجه تاريخ السلف.
ولابد أن تعلم أن عزة هامتك فى الطأطأة، فذلكم التواضع والخضوع لفقه السلف وتاريخ السلف، فلا يغرنك نور الكهرباء الذى تعيشه، فقد كان الأقدمون يستضيئون بنور قلوبهم فى ظلمات حياتهم، فهل بعد ذلك من اكتفاء ذاتى!
تلكم هى كتيبة إعدام التقدم، وهى كتيبة إعدام شخصية هذا القرن وكل قرن، بل إعدام الدين، وإعدام الاقتصاد، وإعدام كل شيء، باسم السلفية وفكر السلف، فمن أنت أيها الرأى الآخر؟ ومن أنت حتى تفكر، قف حيث أنت، فنحن أعداء الحوار. 
ولقد يدهش البعض من ذلك المنحى، لذلك سأبرز لهؤلاء المندهشين بعض عناصر ذلك الإشراك الذى ننهض بالتدرب عليه، فنحيا لحمايته ونعمل جاهدين لنموت عليه، وبالطبع لن يقف الأمر عند هذا الحد، بل للفقهاء ردودهم التى لا تقل نكوصا عن الحق لتكرس ذلك الهبوط الفكرى والفقهي، وترى أشياعهم يرجمونك ويشجعونهم، لا لشيء إلا لأن الجميع على دين «هذا ما ألفينا عليه آباءنا»، والجميع يعبدون دين الأسلاف مهما كان وأيا كان، وهم على شريعة يزعمون أنها سنة محمدصلى الله عليه وسلم التى تختلف بالكلية عن شريعة الله، بينما هم ينكرون ذلك الاختلاف، لذلك وحتى لا نعبد الله بشريعة غير شريعته فإننى سأقدم عمليا (عبر هذا الكتاب) بعضا من مواطن الاختلاف والخلل فى عقائدنا ومناهجنا، وعلى من يتقعرون ومن يشجعون المتقعرين أن يدلوا بتبريراتهم السقيمة التى لا تنطلى إلا على من فقدوا رشاد الإدراك وسويته، وحتى لا نطيل فإليك ما يلى:
من بين ما ابتلينا به ذلك الجمود والتمسك باجتهادات الأقدمين التى وصلتنا منسوبة للأجلاء من أئمة الأمة، دون توثيق يُذكر، ومن خيبة الأمة أن يتم تدريس ذلك لطلبة المدارس الثانوية الأزهرية فتتلوث به عقولهم ويصيروا من قطاع الطرق والمتخلفين إدراكيا وحضاريا، والفضل فى ذلك يرجع أيضا للفقه على المذاهب الأربعة، وطالما الأمة لا تقرأ فالفقهاء يقودونها كالنعاج لتعظيم ذلك الفقه الذى تتبرأ من بعضه الكلاب فى أحراشها، مهما حوى من جيد الاجتهادات، لكن ما تم دسه عليه يعتبر بحق فضيحة من كل جانب، بينما يسميه البعض أنه شريعة.
وقد يقول قائل ما الداعى لفتح تلك العورات الفقهية طالما أنها ببطون الكتب لا يدرى بها أحد، والإجابة تكمن فى عناصر أوجزها فيما يلى: أولها: أن مسئولية جيلنا أن نوقف نزيف الخرافة الفقهية ولا نقبل من يريدون لها الاستمرار بدعوى أنها ببطون الكتب، أو بزعم تقديس فهم السلف.
 وثانيها: أن تلك السقطات هى سلاح فى يد أعداء الإسلام للذم فى الإسلام وإبعاد غير المسلمين عنه، وتنفيرهم منه بأيدينا، وباسم أئمتنا، ومن مراجعنا، وما صيحات القس/ زكريا بطرس منكم ببعيد، فهو يستخدم سقطات كُتُب الفقه والتفسير للذّم فى الإسلام وصرف الناس عنه.
 وثالثها: أن تدريس ذلك العَتَه الفقهى وتعظيمه والعمل به بدعوى الفقه أو السُّنَة النبوية لأبنائنا يعوّدهم عدم التفكر أو التدبر ويمنع الإبداع، مهما كان الشذوذ جليّا، ومهما كان مخالفا للسوية الحضارية والخُلُقية، بل مهما كان مخالفا لنصوص القرآن، مع رمى النفس بالنقص والتقصير عن إدراك الأهداف السامية التى لا يدركها إلا الأئمة والمتخصصون.
 ورابعها: ضرورة الذَّود عن سيرة عظماء فقهاء الأمة، لأنى لا أصدق بأن هذا العَتَه الذى سيدهش القارئ يصدر عن صفوة الأمة، هذا فضلا عن عدم وجود قوالب جاهزة للفقه يمكن تسميتها بأنها شريعة، حتى ينادى البعض بضرورة تطبيقها.
 وخامسها: ضرورة العمل الدءوب على تطهير مراجعنا من كل زيف فى كل عصر وتطويرها، فتلكم خمسة أهداف أتصورها جليلة، كما يتصورها معى أصحاب السوية الفكرية، والغيورون على دين الإسلام بحق وموضوعية.
وحتى لا يقولن قائل بالقول الممجوج [تخصص] فأنا لا أعتدى على تخصص أحد، كما إنى لن أكتفى بالمشاهدة، فلست ذلك الرجل، لكن دينى لا يتخصص فيه غيرى إلا إن كان مفتيا ممن يستنبطون الأحكام، والدين ليس احتكارا لفئة بعينها، والدين ليس صعبا أو غير مفهوم، لكن تعقيد الفقهاء للأمر ليس بحجة وليس بعلم لازم لدخول الجنة، لكنى أتناول بديهيات فكرية يلمحها العقلاء متوسطو الإدراك، أما من يعملون ويغترفون من التراث بلا عقل فأسأل الله أن يرحم الأمة منهم.
وقد كان من الواجب علينا ونحن الأمة المنوط بها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أن نقوم بذلك الواجب منذ مئات السنين، لكنه القدر الذى اختارنى لأبين العوار، ويبقى واجب التصويب على المؤسسة التخصصية التى لا أشك أبدا فى وجود المخلصين والعلماء بها، لكن لابد لكل ثورة من شرارة فأنا الشرارة، والمخلصون من الأزهر هم أهل الثورة الفقهية التى ستعيد للإسلام وجهه المضىء، وترتفع بجهدهم هامات المسلمين مرة أخرى، لنحقق الريادة الحضارية والخُلُقية والعلمية التى فاتتنا بعد أن كنا أساطينها، وسأقوم بسرد بعض سقطات الفقه القديم إجمالا،
 
الحلقة القادمة: جواز نكاح الطفلة