الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء عسكريون: الجيش المصرى الأول عالميًا فى العقيدة القتالية

خبراء عسكريون: الجيش المصرى الأول عالميًا فى العقيدة القتالية
خبراء عسكريون: الجيش المصرى الأول عالميًا فى العقيدة القتالية




تحقيق- عمر علم الدين
تحقق التصنيفات العالمية المتكررة للجيوش أكثر من فائدة أهمها رفع درجة الثقة فى قواتها المسلحة ورفع الروح المعنوية للجيوش والأفراد.. لكن الاعتماد على هذه التصنيفات وحدها ليس كافيًا بل إنها قد تكون فى بعض الحالات مضللة.. ومع ظهور بعض الجهات والمؤسسات من وقت لآخر التى تعلن عن تصنيفات لأقوى الجيوش فى العالم يرى بعض الخبراء العسكريون أن ذلك جزء من حروب الجيل الرابع وهى حرب المعلومات.. خاصة أن المعلومات عن الجيوش دائمًا غير كاملة فبينما نجد دولة مثل إيران تبالغ فى قدراتها العسكرية وإمكانياتها القتالية نجد إسرائيل غير معروف عدد الأسلحة النووية لديها بالضبط ومع معرفة العالم بامتلاكها لأسلحة نووية إلا أنها لم تعلن عنها بشكل رسمى حتى الآن.
ونجد جيوشًا أخرى تعمل على التكتيم وعدم الإعلان عن تسليحها الفعلى قدر الإمكان لما ترى فيه من حفاظ على أمنها القومى مما يجعل تقييم الجيوش بدقة شيئًا شبه مستحيل.. ورغم أن التصنيفات التى تعتمد عليها الجهات المتخصصة فى تصنيف الجيوش مثل موقع «جلوبال فاير باور» الأمريكى أو مجلة «بيزنس إنسيدر» الأمريكية الاقتصادية الشهيرة غير دقيقة لأنها وإن كان التقييم يخضع للمعلومات المتوافرة وفقا لـ52 عنصرًا تقريبًا أهمها القوة الإحصائية للقوات المسلحة والكفاءة القتالية والقوى البشرية والجيش البرى والقوات الجوية والقوات البحرية بالإضافة لاحتياطى النفط والاحتياطى القومى وجغرافيا الدولة.
وغيرها إلا أنه يتناسى أو بتعبير أدق يعجز عن حساب عوامل مهمة تمثل نقط الحسم فى المعارك أهمها العقيدة القتالية والتى تكون فى الكثير من المعارك نقطة فاصلة تؤدى لكسب المعركة ولكل جيش عقيدة قتالية، يحارب من أجلها، كما يموت لأجلها كما يعد التلاحم الشعبى أمرًا من أهم العناصر التى لابد أن تؤخذ فى الاعتبار..
المعلومات مغلوطة
يشير الخبراء إلى أن تلك التصنيفات تخضع لبعض المعلومات المغلوطة بالإضافة لبعض التوازنات والمحاباة لبعض الدول خاصة إسرائيل بتحريك من بعض أجهزة المخابرات العالمية وفى عام 2013 حصل الجيش المصرى على المرتبة الأولى فى تصنيف الجيوش العربية والأفريقية، والرابع عشر على مستوى العالم، فى التصنيف السنوى لأقوى الجيوش فى العالم، بحسب موقع التصنيف الأمريكى العالمى «جلوبل فاير باور» وسبق الجيش المصرى الجيش الإسرائيلى خلال هذا العام.
وفى العام الحالى أصدر «جلوبال فاير باور» تقريرًا عن أقوى الجيوش بالعالم لعام 2014، حيث واصل الجيش الأمريكى تزعمه لصدارة الجيوش العالمية، وحلت روسيا فى المركز الثانى، والصين ثالثًا، والهند رابعًا، وبريطانيا خامسًا، وفرنسا فى المركز السادس، ثم ألمانيا سابعًا وتركيا ثامنًا وكوريا الجنوبية تاسعًا، فيما حلت اليابان فى المركز العاشر لقائمة أقوى الجيوش العالمية، ثم إسرائيل، وتصدرت مصر الجيوش العربية، وتقدمت مركزا واحدا باحتلالها المركز 13 عالميًا، تلتها السعودية فى المرتبة الـ25، ثم سوريا فى المركز الـ26، فالجزائر الـ31 ثم الإمارات فى المركز الـ42.
وقدّر «جلوبل فاير باور» قوة الجيش بـ468 ألف جندى و863 طائرة حربية و200 طائرة هليوكوبتر وميزانية مخصصة للدفاع تقدر بحوالى 4.1 مليار دولار.
وذكر التصنيف أيضًا أن مصر لديها 9646 مدرعة فى 2012، ويمتلك الأسطول المصرى 8 فرقاطات إلا أنه لا يمتلك حاملة طائرات.
ويمتلك الجيش المصرى 4767 دبابة، و1100 طائرة مقاتلة بمختلف الأنواع، وأيضًا 4 غواصات بحرية ويبلغ الإنفاق على التسليح العسكرى قرابة 4 مليارات دولار والتى تعد أحد أقل ميزانيات التسليح فى العالم رغم ذلك نجح الجيش المصرى بالتفوق والحصول على المرتبة الـ13.
وخلال العام خرجت مجلة أمريكية أخرى لتؤكد نفس مركز تصنف الجيش وهى المجلة الأمريكية «بيزنس إنسايدر» أعلنت خلالها حصول الجيش المصرى على المركز الـ13 فى تصنيف أقوى 35 جيش فى العالم، وكان الجيش المصرى فى هذا التصنيف أقوى جيش عربى وثالث أقوى جيش فى المنطقة بعد تركيا فى المركز الثامن عالميا والأول فى الشرق الأوسط وإسرائيل الثانية فى المنطقة والحادية عشرة على العالم.
معايير ترتيب الجيوش
أوضحت الإحصائية التى أعدتها مجلة بيزنس إنسايدر الأمريكية أن معايير ترتيب جيوش العالم هى كالتالى: تعداد الجيش من أفراد وقوة بشرية، وتسليح الجيش الذى يشمل كلا من المدرعات من دبابات وناقلات جنود وغيرها وطائرات مقاتلة وحاملات الطائرات وعدد الغواصات والقطع البحرية وميزانية الجيش وأيضًا التسليح النووى من رءوس نووية وصواريخ عابرة للقارات، ولهذا نجد تفوق لدول معينة تمتلك أسلحة نووية ودمارًا شاملاً على الرغم من عدم وجود قوة جيش فعلية كبيرة كتعداد وتسليح لها فرنسا وألمانيا وإسرائيل. كل هذه المعايير وضعت كالعادة الجيش الأمريكى على قمة الإحصائية خاصة بسبب حجم الأسلحة النووية وأيضًا الإنفاق العسكرى الهائل لأمريكا، حيث ينفق الجيش الأمريكى 612 مليارًا على تسليحه فى الوقت الذى يصرف فيه الجيش المصرى 4 مليارات دولار فقط على التسليح.
ورغم ما سبق من تصنيفات فإن الخبراء اعتبروا الأرقام غير دقيقة لأن تعداد هذه الجيوش متغير ما بين جنود احتياط والمشاركة فى حروب فعلية وغيرها من الأسباب التى قد تغير هذه الأرقام المعلنة، وأيضًا تعتمد الإحصائية على التسليح أو صفقات السلاح الرسمية، كما لم يذكر التقرير نوعية الأسلحة وتطورها التى قد تكون فاصلا فى ترتيب هذه الجيوش ومع تغير معايير الحروب على مر الأزمان إلا أن العنصر البشرى والانتماء الوطنى والإقدام يظل هو العنصر الفصل فى المعارك ففى عهد الامبراطورية المصرية القديمة كانوا يعتمدون على تحقيق أقصى حشد من القوة البشرية إلى أن ظهرت العربة الحربية والعربات المجهزة، فتم الاهتمام بالكفاءة النوعية للأسلحة والمعدات.. وفى حروب نابليون فى أوروبا سعيا لإنشاء الامبراطورية الفرنسية، كان نابليون حريصًا على توفير التفوق النوعى لقواته من خلال التنظيم والتدريب الجيد لقواته، بجانب توفير حشد كبير من نيران المدفعية والخيول. وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية، ركزت الجيوش الألمانية جهودها من أجل تحقيق التفوق النوعى بالنسبة للفرد والقائد خاصة فى مجال الانضباط بالإضافة للتفوق فى خفة الحركة من خلال مئات التشكيلات من فرق البانزر المدرعة، التى تفوقت بشدة على نظيراتها فى جيوش الحلفاء، بالإضافة للمقاتلات القاذفة والمقاتلة والصواريخ والطائرات المحملة بالمتفجرات التى استخدمت كأسلحة وفى أكتوبر 1973 غير الجندى المصرى كل المعادلات التى رسمها ويسير عليها العالم وهى قوة السلاح مقدمة على الجندى ليثبت أن الفرد المقاتل أهم من التقنيات الحديثة فبالأدوات العسكرية التى تدرب عليها الجيش المصرى فى الخمسينيات استطاع أن يهزم إسرائيل بدبابات الميركافا أحدث الدبابات حينئذ بالإضافة إلى أحدث التقنيات.
تصنيف الجيوش موضة
اعتبر اللواء حمدى بخيت المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أن تصنيفات الجيوش أصبحت موضة وقد تكون جزءًا من حرب المعلومات.
وأضاف أن جهات التصنيف تعتمد على أشياء مثل الاستعداد القتالى ومستوى التدريب والتعامل مع المواقف المختلفة ونوعية التسليح إلا أنها تتجاهل عناصر رئيسية مما يجعلنا نؤكد أن تلك التصنيفات نوع من الدعاية وحرب المعلومات إلا أن هناك بعض الموسوعات يمكن قبول بعض أرقامها لتخصصها فى هذا المجال مثل موسوعة جينيس العسكرية العالمية لأنها تتحدث عن الجيوش والتسليح ويمكن قبول بعض الأرقام المعتمدة مثل المراكز المعتمدة بدول شرق آسيا والأطلنطى وأمريكا اللاتينية وبعض المراكز التى تتناول إقليمًا بعينه وإن كانت الجيوش وقدراتها لا يمكن أن تكون معلوماتها كاملة لدى أحد.
وأوضح الخبير الاستراتيجى أن ما يتم التصنيف عليه هى الأرقام المعلنة فقط وبالتالى التصنيف قد يكون غير دقيق فمثلا إسرائيل لها موازنة معلنة يتم التصنيف عليها رغم أن المساعدات الخارجية خارج الميزانية أضعاف الميزانية وأيضًا التطور التكنولوجى جزء مهم لا يمكن حسابه فهناك أسلحة يتم تطويرها مثل إف 16 موجودة فى أماكن كثيرة لكن يختلف التصنيف بحسب تطورها.
واستطرد بخيت أن هناك عناصر فى قياس القوى العسكرية غير محسوسة منها العقيدة القتالية والحالة المعنوية لا يمكن قياسها وهذه العناصر تؤثر كثيرًا رغم عدم القدرة فى وضع معيار لها وأيضًا العامل البشرى أهم من التسليح ولا يؤخذ فى التصنيف مداره ففى أكتوبر 1973لم تكن مصر الأقوى تسليحا لكنها بعنصرها البشرى استطاعت تحقيق النصر.
بينما يرى اللواء سمير بدوى الخبير الاستراتيجى أن للتصنيفات العالمية للجيوش حسابات أخرى فمن يقوم بالتصنيف جهات أجنبية وبالتالى لا تعطيك حقك كما ينبغى بالمقارنة ببعض الأطراف الأخرى فمثلاً لا يوجد تصنيف فى العالم يمكن أن يضع مصر قبل إسرائيل فى المنطقة لأسباب كثيرة فقد نكون متقدمين فى التصنيف ولكنه يؤخرك ليضع إسرائيل قبلك
ويشير اللواء بدوى إلى أن هذه التصنيفات تؤثر معنويًا فهى تشعرك بكيانك وتميزك فهى مثل باقى التصنيفات كمكافحتك للفساد أو تصنيفك فى التقدم العلمى وغيره.
وأوضح الخبير الاستراتيجى أن ما ينشر فى التصنيفات ليس كله صحيحًا فإن كانت بعض الأعداد صحيحة أو بعض صفقات السلاح معلنة والشركة معروفة لكن كيف تستخدم تلك الأسلحة وكيف يتم تطويرها وبالتالى المعيار هنا كيف تستخدم المعدة أو الآلات ففى حرب أكتوبر كان هناك فارق كبير فى التكنولوجيا ولكن الجيش المصرى استطاع تطويع واستخدام ما لديه أفضل استخدام وبالتالى لا يمكن أن تأخذ حقك فى التصنيف خاصة مع تدخل بعض أجهزة المخابرات فى تلك التصنيفات لصالح بعض الدول واعتقد أن مصر تصنيفها متقدم عن المركز 13 مضيفا أن نشر المعلومات عن الجيوش غير مفيد لأنها قد تكون نقاط قوة للعدو وقت الحروب.
الاحصائيات اجتهادية
ووصف العميد عادل العمدة الخبير الاستراتيجى إحصائيات تصنيف الجيوش بالاجتهادية من قبل مراكز البحوث مضيفا أن تلك المراكز تتحرك وفقًا لمصالح الدول التابعة لها خاصة أجهزة الاستخبارات فلا تعلن أشياء بدون أهداف وتلك المعلومات تأتى فى ظل حروب الجيل الرابع للحروب.
وأضاف من يقود الطائرة أو الغواصة أو أى معدة هو العنصر البشرى وبالتالى هو العامل الفصل ولا يمكن حساب العقيدة والإرادة فى المعارك أو التقييم النفسى للمقاتل وإنما تعتمد تلك الجهات على عناصر منها ما هو منشور على شبكات المعلومات وقد تكون غير صحيحة ففى 1973 كانت مصر تقاتل بدبابات موجودة منذ عام 1954 وفى إسرائيل كانت أحدث الدبابات فى العالم لكن المقاتل المصرى لا يوجد مثيله فى الوجود والتاريخ خير شاهد وحديث النبى أيضًا «إذا نزلتم مصر فاتخذوا بها جندًا كثيرًا فإنهم خير أجناد الأرض» وأضاف العمدة أن المعرفة عن الجيوش يجب أن تكون على قدر الحاجة ويجب ألا نهتم بتلك التصنيفات بل نؤمن ونثق أن الجيش المصرى قادر على مواجهة التحديات ومجابهاتها حاليًا ومستقبلاً حماية الأمن القومى.
وقال اللواء محمد الشهاوى الخبير الاستراتيجى أن ترتيب الجيوش تنازلى طبقًا للواقع وطبقًا للتاريخ والقوى العسكرية الموجودة وهناك ثلاثة أشياء يتم وضعها فى الاعتبار فى ترتيب الجيوش العسكرية هى ميزانية التسليح لكل جيش من الجيوش ثانيًا القوى البشرية الموجودة من الضباط وضباط الصف والجنود ثالثًا أنظمة التسليح الموجودة ويرى الشهاوى أن الجيش المصرى مركزه الطبيعى الـ9 على مستوى العالم وليس 13 كما تزعم تلك الجهات المصنفة لأن الجيش طبقًا لعقيدته القتالية الأول ثم القوى البشرية التى تزيد على المليون ثم أنظمة التسليح التى تتنوع ما بين منظومة التسليح الغربى ومنظومة التسليح الشرقى فلدينا أسلحة من الشرق ويتم تجديد الصيانات المطلوبة لها وتميز الجيش جعل الدول تسعى لعمل مناورات مثل قبرص والإمارات وغيرها.
واستطرد الشهاوى قائلا الجيش المصرى ذو تاريخ منذ أكثر من 1260 قبل الميلاد فمع الملك زوسر بدأ تشكيل الجيش وإن كان الجيش المصرى الحديث بدأ مع محمد على ويرى الخبير الاستراتيجى أن بعض الترتيبات حقيقية لأنها تعتمد على حقائق وتعتمد على التسليح ونوعية التدريب وتابع أن التصنيفات العالمية تتجاهل العقيدة القتالية وهى عنصر أساسى للجيوش العسكرية وإن كان التصنيف يضع مصر فى المركز الـ13 فإن هناك تصنيفًا آخر يجعل مصر الـ9 على مستوى جيوش العالم طبقًا للمراجع العسكرية والاستراتيجيات ولذلك تطلب الجيوش الأجنبية المناورات مع الجيش لتبادل الخبرات والتدريب.