الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مرة واحد سلفى

مرة واحد سلفى
مرة واحد سلفى




وليد طوغان

شرّع الله الدين لصلاح المجتمعات واستقرارها رغم اختلاف أهواء الأفراد أو الجماعات. لذلك.. يرى الجمهور من أهل الفقه أن الإسلام عادات تصح بها الدنيا (المقصود هنا هو المعاملات)، وعبادات يصح بها الدين.
لكن الإمام ابن تيمية فقيه السلفيين؛ يقدم عادات العبادات على عادات المعاملات. الإمام الشافعى يخالف ابن تيمية.. والإمام أبوحنيفة ايضا. فغير أن الإمامين أكثر ميلًا للتيسير من «ابن تيمية»؛ فإن لهما رأيًا آخر فى اساس الغرض من التشريع.
«الشافعى» مثلًا؛ يرى الهدف الاول من التشريع الدينى تنظيم العلاقات فى المجتمعات ومنع التشاحن ونبذ الافتئات على الحقوق. المعاملات وفق هذا المنطق يجب أن تكون مقدمة، أو أولى من العبادات التى هى علاقة وصلة بين العبد وربه.
لا يعنى هذا تقليلا من «الشافعى» لقيمة العبادات؛ إنما تأكيدا منه للقاعدة الفقهية بأن حقوق الله محل عفوه.. بينما حقوق العباد هى محل القصاص.
القصاص فى حقوق العباد يمنع الفوضى والافتئات على اموال واعراض وأنفس العباد. القصاص للعباد يغلق باب الاعتماد على عفو الله، فلا تضيع الحقوق ولا تُنتهك الحرمات.. ولا تفور المجتمعات بالفوضى والدماء.. والبلطجة.
آراء الإمام «الشافعي» فى التيسير اجتهاد.. آراء ابن تيمية فى كثير من المسائل الشرعية على تشددها اجتهاد ايضا. الاثنان لم يخرجا لا على صحيح الدين، ولا عن روح الإسلام كل فى عصره، وحسب ارضيته المعرفية وحسب فهمه مقاصد الشريعة.. والغرض من التشريع. لكن السؤال: ما الذى يجعلنا نرجح رأى أحد الائمة على الآخر فى واقعة ما إذا التبست الآراء، وغمت الأحكام؟
الإجابة: المصلحة. اجتمع أهل الفقه على أنه حيثما توجد المصلحة، فعندها شرع الله. والمصلحة غالبًا ما تتلاقى عند الفقه الأيسر.. وحيثما يرفض المجتمع الحديث التشدد فالمصلحة عادة ما تأخذ فى الاعتبار ظروف العصر وتوائم بين الأحكام الفقهية وطبيعة المجتمعات.
تيارات السلفية المسلمين لا يأخذون بالأيسر ظنا بأن العسر فى العبادة اكثر تقربا لله وأزيد فى التقوى.. مع ان الاخذ بالاشق.. ابعد عن الدين.. واضيق من نظرة الشرع والمقصود من الشارع.
لا يغير السلفيون ولا يتغيرون. ازمتهم مع مجتمعاتهم تظهر من آن لاخر فى اشارات مستمرة لحتمية صراع إن آجلاً أو عاجلًا بين تيارات يقولون إنهم هم وحدهم اهل الله وبين طوائف اجتماعية فى اجتماعات حديثة لم تعد تتحمل الميل إلى التشدد.
تيارات السفلية لا يجتهدون.. نادر بكار.. مثله مثل جلال المرة مثل ياسر برهامى.. حتى لو لبس الاول «بدلة».. والثانى سروالا وجلابية بيضاء. هم لا يجتهدون، أو قل لا يُعملون العقل فى امور الدين والدنيا إلا فى حدود اجتهادات المسلمين الأوائل.. رغم جواز الاجتهاد فقا وفقًا لظروف العصر، وتغير الأحوال، وتنوع الثقافات.
يكثر السلفيين ميلا إلى ابن تيمية.. ومنه الى محمد إسماعيل المقدم. بينما للإمامين «الشافعي» و«أبوحنيفة» آراء فى المسائل نفسها أيسر حلا، وأكثر ملاءمة للدين والدنيا دون الخروج على شرع الله.
يرى معظم «أهل السلف» أنهم يعملون شرع الله، وهم الذين ينزلون حكم الله، وهم وحدهم الذين يقيمون حدود الله.. مع أن هذا كله ليس صحيحا.
هم يرون أنهم وحدهم الذين على حكم الله.. وأنهم الوحيدون الذين يريدون أن ينزلون الناس على حكم الله.. مع ان هذا ايضا ليس صحيحا.
روى أن رسول الله (ص) سأل أحد ولاته فى الطريق لإمارته: بمَ تحكم؟ فأجاب: بكتاب الله، فقال (ص): وإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله؛ فقال (ص): وإن لم تجد؟ قال الوالى: أعمل بحكم الله فى الناس.
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : بل اعمل حكمك أنت واجتهد.. فإنك لا تدرى ما حكم الله فيهم.
تقول النكتة: ما الفارق بين المسلم والسلفى؟ الإجابة: المسلم هو المهتم بعلاقته بربه.. بينما السلفى هو المهتم بعلاقة من بجانبه.. بربه.
بيقولك : مرة واحد سلفى ظن أنه أشد إسلاما من النبى.. هذه نكتة أيضا.