السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسرح القومى.. عودة المبنى.. أمل فى عودة المعنى

المسرح القومى.. عودة المبنى.. أمل فى عودة المعنى
المسرح القومى.. عودة المبنى.. أمل فى عودة المعنى




د.حسام عطا

لاشك أن افتتاح المسرح القومى بعد إغلاق دام ست سنوات هو أمر يدعو للتفاؤل بإمكانية عودة الروح للمسرح المصرى، خاصة أن افتتاح المسرح تأجل أكثر من مرة، وأثار العديد من التساؤلات حول ملف تجديده، منها المبنى الحديث الذى يحتوى المبنى التراثى القديم والذى يقوم كتصميم ما بعد حديث بملامحه الشفافة التى يظهر من داخلها المبنى القديم فى علاقة معمارية تقوم على الصدمة والتضاد بين المعاصر والتراثى، وإن كان الامر يبدو غير مألوف للعين إلا انه وسط التوتر المعمارى والزحام فى ميدان العتبة يشكل صياغة جمالية معمارية صادمة لكنها جديدة وهى تحاول أن تعبر عن دلالة أن المسرح القومى هو مزج بين الماضى والحاضر، وهو أمر يدفعنى للتساؤل عن مستقبل المسرح القومى فى مصر وتعريف هويته، أن تعبير القومى هنا يعود للفرقة القومية للتمثيل التى أسسها زكى طليمات لتعبر عن المعنى الوطنى للمسرح، وإن كان تعبير القومى قد حمل ظلا عروبيا فى الستينيات فإن ذلك لم يجعل البرنامج المقدم يختلف كثيرا عما قبل 1952 حيث التركيز على تقديم روائع المسرح المصرى والعربى والعالمي، جدير بالذكر أن مجلس الامناء الذى سيدير المسرح القومى فى الفترة القادمة يعتمد على تفكير يقسم الانتاج المسرحى القادم الى الانتاج الكلاسيكى الذى يعيد تقديم (الريبورتوار) لتقديم الروائع القديمة كما هى من حيث الرؤية الاخراجية، ثم المسرحيات الجديدة التى تسير فى اطار المسرح العالمى والكلاسيكيات المصرية والعربية، وهو الامر الذى يحتاج فى تقديرى الى وجود قناة أخرى تستهدف التعريف الدقيق لفكرة الفنون القومية التى تتأسس على التراث الخاص لمصر والذى أراه ضروريا لاستكمال تجارب وجهود توفيق الحكيم ومحمود دياب وألفريد فرج ويسرى الجندى وأبوالعلا السلامونى ودرويش الاسيوطى وغيرهم من كتاب المسرح الذين طوروا اسهامات مبدعة للظواهر المسرحية الشعبية التراثية، وهى التعبير الدقيق عن الهوية القومية المصرية للمسرح، والذى اتمنى أن تقوم بتقديم عروض تختص بالنظر ايضا للمسرح الفرعونى والحضارة الفرعونية التى تركت لنا نصوصا ملهمة بعضها مسرحى متطور ينتمى لفكرة المسرح الشامل الحديثة مثل القطعة المسرحية العبقرية لعبة الرياح الأربعة التى ترجمها د.ثروت عكاشة فى الكتاب الشهير المسرح المصرى القديم.
ولذلك فتعزيز تلك المحاولات المسرحية التى تستلهم الخصوصية المصرية لهو أمر ضرورى يجب أن يضعه مجلس الامناء فى اعتباره.
على أن يكون النظر لاستلهام الظواهر المسرحية المصرية لا يخلو من معالجات معاصرة تستهدف المشهد المسرحى المعاصر الذى يعتمد على وحدة الحساسية الفنية التى تجمع المسرح بالموسيقى والوسائط التقنية الحديثة.
هذا فيما يتعلق بالتأسيس المستقبلى الجديد لهوية المسرح القومى الذى يضيف إلى انتاجه التاريخى التأكيد على تعزيز رافد الهوية القومية المصرية، وهو أمر لن يكتب له النجاح الا بالقدرة على العمل الاستيعادى لفكرة الفريق المسرحى الذى ينتظم نهارا فى التدريبات المسرحية ويستعيد عروض الماتينيه (العروض المسائية المبكرة) الى جوار عروض السهرة ويقدم عددا من المسرحيات المختلفة فى الاسبوع الواحد، واستعادة العمالة الفنية المدربة ووقار تنظيم الصالة المسرحية، وانتظام العمل وفق خطة محددة بالأيام للمواسم المسرحية المختلفة، حتى يعود جمهور القومى له منجذبا لفكرة الفريق لا لفكرة نجوم التمثيل الطارئة التى حاصرت فكرة ثقة الجمهور فى اسم المسرح القومى بغض النظر عن اسم المسرحية أو النجم الذى يقوم ببطولتها.
المبنى الجديد واستعادة المبنى القديم دلالة على إرادة حاضرة ترفض حبس المال العام وترغب فى إطلاق طاقة امل جديدة للمسرح المصرى، الذى يملك بلا شك الطاقات البشرية المبدعة فى كل المجالات وتحتاج للإدارة الثقافية المحترفة لاستعادة المسرح المصرى الغائب.. فكما تمت استعادة المبنى نأمل حقا فى استعادة المعنى والدور والقيمة للمسرح المصرى الرائد العريق.