السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أغرب فتاوى «2014»

أغرب فتاوى «2014»
أغرب فتاوى «2014»




 تحقيق- محمود ضاحى
شهد عام « 2014 » عددًا من الفتاوى الغريبة التى أصدرها دعاة وسياسيون وسلفيون، فتاوى خارجة عن المألوف لم يسمعها المواطن من قبل، أغلبها تعلق بالجنس وبالأعراض.
بعيداً عن دار الإفتاء المؤسسة الرسمية الخاصة بأمور الفتوى فى مصر ظهر سلفيون ومشايخ تركوا الحديث فى السياسة، وانطلقوا فى الحياة الاجتماعية بفتاوى هددت بتفكك النسيج المجتمعى وخاضت فى الأعراض.
الفتاوى المفاجئة التى أدهشت سامعيها أثارت جدلاً واسعاً فى المجتمع، اختلط فيها الصحيح بالخطأ وتناثرت بين علماء وسياسيين وإعلاميين وسلفيين، الأمر الذى أحدث فوضى فى الفتاوى بين المسلمين بعيداً عن مضمونها الذى عرفه علماء الأزهر على أنه مرسوم دينى يقوم بإصداره علماء فى الشريعة الإسلامية يتحلون بصفات معينة، يعتبر إصدارها أمرا عظيما من ناحية المسئولية فى أمور جدلية مثل الأمر أو النهى أو إطلاق مسميات مثل الحلال والحرام ومستحب ومكروه وغيرها.
ردود الفعل فى الأوساط الدينية حول غرائب فتاوى 2014 جاءت لتنتقد تلك الفتاوى التى عصفت بمفاهيم ثابتة فى معتقدات المسلمين.

المخطوبة العارية
أفتى الداعية السلفى أسامة القوصى بإباحة نظر الرجل إلى خطيبته وهى تستحم، مشيرا إلى أن الصحابة فعلوا ذلك لمعرفة صلاحها كزوجة أم لا.
وأضاف أسامة القوصى فى فتواه إنما الأعمال بالنيات، واستشهد بحديث عن جابر بن عبد الله أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، قال جابر فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعانى إلى نكاحها فتزوجتها».
وأوضح أن أحد الصحابة كان يراقب خطيبته وهى تغتسل فى البئر ويراقبها حتى يتأكد من صلاحها للزواج وتزوجها، لكن معنى ذلك عدم دخول رجل حمام سباحة للسيدات والنظر إليهن جميعا، حتى لا يعرض نفسه للشبهات.

البوفيه المفتوح
 الشيخ صالح فوزان رجل الدين السعودى عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار علماء السعودية حرم «البوفيه المفتوح»، والذى يعنى أن يدفع الشخص مبلغا ثابتا من المال مقابل أن يأكل ويشرب ما يشاء.
 واستند فوزان فى فتواه إلى أن هذا حرام شرعا انطلاقاً من أن البيع والشراء شرطهما الأساسى أن يكونا معلومين ومحددين، وتابع : «من يدخل البوفيه ويأكل ما يشاء، وهو محدد السعر، فهو مجهول، والبيع والشراء مشترط فيه أن يكون البيع والشراء معلومين، ومن يحضر إلى بوفيه ويأكل ما يشاء مقابل 10 ريالات أو 50 ريالا، دون تحديد للطعام، فهذا مجهول، ولا يجوز شرعا».

عذاب القبر
وخرج الإعلامى إبراهيم عيسى، على إحدى الفضائيات فى شهر رمضان الماضى وأنكر وجود «عذاب القبر»، مستشهداً بأن الله تعالى لم يذكر فى القرآن الكريم أى آية تدل على وجود عذاب فى القبر.
وأكد أن موضوع عذاب القبر ابتدعه من يريدون تخويف الناس اعتقادا منهم أن هذا يؤدى إلى زيادة التقرب إلى الله تعالى بالطاعات، مؤكداً أنه لا يوجد شىء اسمه عذاب القبر.
ترك الزوجة للمغتصبين
 كما أثارت فتاوى الداعية السلفى الشيخ ياسر برهامى التى أجاز فيها ترك الزوج زوجته التى تتعرض للاغتصاب حتى لا يصاب بأذى، حال التأكد من إصرار المغتصب على قتله واغتصاب الزوجة، حفاظاً على حياته تطبيقا لفتوى الإمام العز بن عبد السلام، عن وجوب تسليم المال للصوص حفاظًا على النفس من القتل.

 الحياة فى المريخ «حرام»
وصدرت عن الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف فى دولة الإمارات العربية المتحدة فتوى بأن الإقامة على سطح كوكب المريخ ليست من الإسلام فى شىء.
وجاءت الفتوى بعدما أعلنت منظمة «مارس ون» بيانا أكدت فيه أنها تسعى لإقامة مستوطنة بشرية دائمة على الكوكب الأحمر بحلول العام 2025، موضحة أنها ستبدأ برحلات تنقل شحنات، تتبعها رحلات غير مأهولة بالبشر، تتلوها رحلات مأهولة.
وأوضحت الهيئة الإماراتية أن محاولة السكن فى المريخ ستكون خطرة جدًا، وترقى إلى درجة اعتبارها انتحارًا وقتلًا للنفس الأمر الذى حرّمه الإسلام.
 
الزواج بدون أوراق «حلال»
 وأفتى الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق بأن الزواج بدون ورقة أو مأذون حلال، قائلا: «إن للزواج فى الشريعة الإسلامية أركانًا يجب أن تستوفى، وطالما خلا الزواج من الموانع الشرعية فهو حلال».
وأضاف أن أحد أركان الزواج، هو القبول والإيجاب، مضيفاً أن يكون الزواج أمام اثنين من الشهود العدول، وأن تقول الزوجة ردًا على طلب الزوج لها: «زوجتك نفسى».
 
الترننج «حرام»
 أفتى الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، بأنه لا يجوز أن ترتدى المرأة «الترننج» الضيق الذى يشبه «الاسترتش» أمام إخوتها وأولادها.
 وقال «برهامى»، فى فتوى نشرت بموقع «أنا السلفى» ردا على سؤال، «ما حكم أن تلبس المرأة داخل البيت، سواء كانت أما أو أختًا، الترننج أمام أولادها أو أمام إخوتها وأبيها وأمها؟».
 فقال: «فإذا كانت الثياب ضيقة تجسم حجم الفخذ «مثل الاسترتش»؛ لم يجز للمرأة أن تلبسها إلا أمام الزوج، وإن كانت واسعة جاز لها أمام أبيها وإخوتها أو أولادها».
 
النبى ارتكب إبادة جماعية
 وقال سامح أبو عرايس الناشط السياسى والمنسق السابق لحملة «عمر سليمان رئيسا»: إن داعش أو تنظيم القاعدة ليس أول من ارتكب مذابح إبادة جماعية فى التاريخ الإسلامى، موضحاً أول مذبحة إبادة جماعية فى التاريخ الإسلامى لم ترتكبها داعش أو القاعدة بل وقعت فى عهد النبى محمد وهى مذبحة قبيلة يهود بنى قريظة إذ كان سعد بن معاذ هو صاحب الحكم بقتل جميع رجالهم وسبى جميع نسائهم وأطفالهم والاستيلاء على أموالهم وأراضيهم، زاعمًا أن عدد من قتلوا على أيدى النبى ما بين 700 و900 شخص.

تطليق الزوجة الإخوانية
 الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد «عمر مكرم» بميدان التحرير أفتى بوجوب تطليق الزوجة الإخوانية، وقال: «إن الطلاق هنا، أمر لابد منه من أجل مصلحة الوطن العليا.
 
تحريم لعن (إسرائيل)
 أثار الداعية السعودى صالح فوزان، جدلا واسعا، بعد أن حرم لعن (إسرائيل) لأنها تعنى اسم نبى الله يعقوب، وقال فوزان، وهو عضو هيئة كبار العلماء، أعلى هيئة دينية فى المملكة العربية السعودية، إنه لا يجوز لعن إسرائيل، لأن «إسرائيل» هو اسم نبى الله يعقوب عليه السلام، مبينا أن الأصح هو لعن اليهود.

هيكل «نوح»
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى انتشرت فتوى وصفت بالعنصرية لداعية سلفى أردنى، أثارت موجة كبيرة من غضب واستياء السوريين، ففى مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» أجاز الشيخ ياسر العجلوني، طلب النساء السوريات تحويلهن إلى جوار وإماء.
 الشيخ العجلونى قال: «علاجا لمسألة التهجير الواقع على أهلنا فى سوريا، بحيث أن النساء فى سوريا المهجرات لا يجدن من يغطى نفقاتهن، ولا يجدن من يحرص على حفظهن وحفظ أمنهن، فيجوز لهن أن يطلبن الدخول فى عقد زواج ملك اليمين بحيث يصير هذا الرجل سيدا لها، وتصير المرأة ملكا ليمينه».
 أما مبرر هذه الفتوى فيعود بحسب العجلونى إلى «أولا قلة الرجال وكثرة النساء»، بسبب «الحروب والقتال.. وتراكم الملاحم»، مشيرا إلى أن هذه الفتوى «هى الوسيلة الشرعية الوحيدة التى تضمن للمرأة السورية المهجرة، التى ليس لها أحد إلا الله، ألا تستغل جنسيا، وألا تهان، وألا يعتدى عليها، وأن يتمتع بها بوسائل غير شرعية.
 وحول مخاطر الفتوى من غير المتخصصين قال الدكتور أسامة الأزهرى الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف وعضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية، إنه إذا صدرت الفتوى من غير مؤمن وممن لا يراعى آدابها فإنها تتحول إلى كارثة من الكوارث، بل تتحول أيضاً إلى فوضى.
وأضاف «الأزهرى» فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» إن الفتوى أمانة ولا بد من دراسة منهجية منضبطة لها حتى تؤدى وظيفتها فى بيان شعائر الدين لعموم المسلمين.
وأشار عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية إلى أنه لا بد من وجود إنصاف من النفس وأمانة علمية تمنع الشخص من الحديث فيما لا يعلمه.
الشيخ محمد أبو تليج أمين عام رابطة الصحوة الإسلامية والحاصل على الجائزة الأولى فى أبحاث المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أكد أنه لابد من سلوك المسلك الصحيح فى الفتوى حتى لا تنقلب من طموح إلى تجارة وشهوة قاتلة، والخطأ فى الفهم فى تحصيل العلم الشرعى.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أنه لابد من الأخذ المباشر من مصادر التشريع القرآن والسنة أو الأخذ عن أهل هذه العلوم المتخصصين فيها، والتجرؤ على الفتوى يقع صاحبها فى ورطات وطامات.
وأشار إلى أن التلاعب بمشاعر الناس خاصة أننا نعيش أمية دينية فى الفكر والوعى فقد يسرع الناس إلى التعاطف مع هذا الكلام ويقتنعون.
بينما قال الدكتور يحيى إسماعيل أستاذ الحديث بجامعة الأزهر إن أغلب العلماء المتخصصون هم من قدموا من ليس أهل الفتوى وتشجيعه على الإفتاء بعد استرخاصهم فى الدين حتى فتحوا الباب للجميع.
وأوضح أستاذ الحديث بالأزهر فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أن استهتار المتخصصين فى الفتوى وتحليل بعض أهل الفتوى لعمل الراقصة هو من قلل من شأن الفتوى وفتح الباب للجميع، مضيفاً أن السلفيين لا يقال على ما يقولونه وتفسيرهم لبعض المسائل فتوى لأنهم ليسوا أهل فتوى لأن الفتوى هى التى تخرج من أهلها وعلمائها، وكل المسلمين سلفيين، ومن يسمون أنفسهم سلفيين هم صغار على الفتوى.
وأشار إلى أن ما يخرج من بعض الإعلاميين من آراء هرطقة لا تعتبر فتوى لأن الفتوى تعريفها هو «إنزال حكم الله بشرع الله على الواقعة، موضحاً أن الفتوى صناعة وقناعة من أهلها ولا يقال فتوى إلا إذا صدرت من أهلها من عالم متخصص، أما من يبع دينهم مقابل المال فهم جهلاء ليسوا بأهل فتوى».
وطالب أستاذ الحديث بجامعة الأزهر بعودة الأزهر لمكانته، وعدم جعل علماء الأزهر موظفين عند الدولة خاصة وأن هناك مفتين مفسدون لا يرقبون إلاً ولا ذمة يتقاضون من جهات من أجل المال، فباع دينه بالدينار والدرهم.
بينما أرجع الدكتور عمر عبدالفتاح أستاذ أصول الدين بجامعة الأزهر سبب انتشار فوضى الفتاوى الغريبة يكمن فى ثلاثة أشياء أولاً ما يصدر ليس فتوى ولكن رأى شخصى لمن يفتون فيها ولا نعتبرها فتوى، موضحاً أن مسألة الإفتاء إذا وضعت لها ضوابط لن تختلف الفتوى بين عالم وآخر، ولو كل عالم راعى ضوابط الفتوى سنجد كل الفتاوى موحدة ومضمونها واحد.
وأشار أستاذ أصول الدين خلال حديثه لـ«روزاليوسف» إلى أن الدكتور على جمعة عندما كان مفتيا للديار المصرية أصدر كارنيها للفتوى لا يجوز أن يتصدر أى شخص للفتوى فى وسائل الإعلام إلا إذا حصل على كارنيه الإفتاء، وتكون المؤسسة الدينية هى المسئولة عنه.
وطالب كل من يتصدر الفتوى أن يتقوا الله ويتركوا الفتوى لأصحابها للم شمل الأمة الإسلامية وعدم تفريقها، لأن الفتاوى الغريبة تشخص وتفرق.
أما الضبط الثالث للفتوى فهو يكون على عاتق الإعلاميين حيث عليهم دور كبير فى استضافة من هو مؤهل للفتوى، مضيفاً أن وسائل الإعلام عليها دور كبير فى اختيار المشايخ والضيوف وليس كل من هو مشهور يستضاف ليفتى فى وسائل الإعلام وليس مادام شيخاً أو واعظا من حقه أن يفتى، مطالباً وسائل الإعلام بالتضامن مع العملاء والمؤسسات الدينية للقضاء على فوضى الفتاوى.
وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الشحات الجندى، أن مثل تلك الفتاوى تتعارض مع ما هو ثابت وما منصوص عليه فى الدين، فهى مجرد رأى شخصى، محذراً من خطورة فوضى الفتاوى، لتأثيراتها السلبية على المُجتمع.
 وأكد الدكتور شوقى علام - مفتى الديار المصرية - أن ما يطلق عليه فوضى الفتاوى يحتاج إلى أسس علمية ودراسات مستفيضة للوقوف على أسباب تلك المشكلة وسبل العلاج الممكنة، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء قامت مؤخرًا بإنشاء مرصد لرصد فتاوى التشدد والتكفير وتقديم المعالجات المناسبة، ومنها وضع الضوابط العلمية فى مجال الإفتاء.
وأكد المفتى أن تقدم علوم العصر وتفرعها جعلا من الفتوى مسألة فى غاية التعقيد، وتحتاج إلى الاستعانة بعلوم أخرى وتخصصات مختلفة لبيان الحكم الشرعى فى مختلف المسائل والموضوعات.