السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سيناريوهات إسرائيلية لـ«الردع - الإنذار المبكر - الحسم»

سيناريوهات إسرائيلية لـ«الردع - الإنذار المبكر - الحسم»
سيناريوهات إسرائيلية لـ«الردع - الإنذار المبكر - الحسم»




ترجمة - أميرة يونس

أعد البروفيسور «تشيك فرايليخ» نائب رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى الأسبق دراسة بموقع أبحاث (بيجن - السادات) للأبحاث الاستراتيجية فى تل أبيب قائلاً: إن نظرية الأمن الإسرائيلى المعروفة منذ عام 1967، والتى تعتمد على ثلاثة عوامل وهى « الردع والإنذار المبكر والحسم»، حيث تعرضت لهزة كبيرة خلال ثلاثة حروب التى خاضتها إسرائيل، فى حربين ضد قطاع غزة والحرب الثالثة كانت ضد حزب الله، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلى عجز بكل قوته وسلاح طيرانه عن حسم تلك المعارك لصالحه.


ويرى فرايليخ خلال السنوات الأخيرة أن التهديدات التى تواجه إسرائيل بقيت ولم تستطع إسرائيل محوها وباتت تهدد أمن المجتمع الإسرائيلى كله، كما أن هناك عاملا رابعا مهما تتبعه الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية ضر بشكل بالغ أمن الدولة وهو «الدفاع»، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلى لم يعد بمقدوره الدفاع عن المجتمع الإسرائيلى وفقا لتلك السياسات التى تتبعها الدولة.
كما أعرب الكاتب عن قلق عميق يسود الأوساط الإسرائيلية  بأن المشكلة الأساسية تكمن فى نوعية «الردع» وأن هذه هى الحقيقة الموجعة التى يعيشها الجيش الإسرائيلى، إضافة إلى منطق «وهم الحسم» الذى أقنعت إسرائيل نفسها به منذ عام 1967 ، والذى لم يجد نفعا أمام الحروب التى خاضتها إسرائيل ضد حزب الله وحماس.
وكشف نائب رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى أن تل أبيب خسرت عمليا ثلاثة حروب كانت من أخطر الحروب التى خاضتها وأكثرها حسما للموقفها، الأمر الذى من شأنه إلحاق الضرر بسمعتها الدولية بشدة ووصف جيشها بـ«الفاشل»، موضحا أن استخدام إسرائيل لمصطلح «حرب عادلة» لم يعد مقنعًا بالنسبة للعالم أو للشعب الإسرائيلى على جميع مستوياته الاجتماعية والسياسية.  
مضيفًا أن التهديد الأخطر بالنسبة لإسرائيل يأتى من جانب «إيران النووية» التى من المتوقع أن تخوض «حرب نووية» ضد إسرائيل تقضى بها على الأخضر واليابس، الأمر الذى من شأنه إحداث أضرار غير مسبوقة تمنع إسرائيل حتى من إمكانية توجيه ضربات دفاعية من قبل الجيش الإسرائيلى ضد إيران لردعها حسب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو» ووزراء حكومته بأن إيران لا تجرؤ على توجيه ضربات ضد إسرائيل وأنه فى حال حدوث ذلك ستقوم إسرائيل بإمطار إيران بوابل من الصواريخ، كما أن الحرب النووية ضد إسرائيل من شأنها أيضا منعها من محاولاتها المستمرة القضاء على سوريا وحزب الله، كما أن هذا النوع من الحروب يطلق عليه «الإرهاب» وفقا للكاتب.
وتوقع البروفيسور الإسرائيلى أنه فى حال تعرضت إسرائيل بالفعل لهذه الحرب سيتم فرض إملاءات على  إسرائيل سياسية وأمنية، ستؤدى إلى زعزعة مكانتها القومية والدولية أيضا، وأنه على الرغم من أن حزب الله وحماس والجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر جهات متطرفة جدا بالنسبة لإسرائيل إلا أنه يمكن اعتبارهم لاعبين واقعيين، بمعنى أنهم لن يلجأوا سريعا إلى إستخدام الإرهاب النووى، وأن الخطر الذى يداهم إسرائيل حاليا هو مخاوفها من أن تمتلك التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» أية أسلحة نووية، إذ إن تلك التنظيمات حاولت فى السابق امتلاك أسلحة نووية لتنفيذ عمليات إرهابية، وما زال تنظيم القاعدة خاصة  يبذل مجهودات كبيرة من أجل الحصول على هذه الأسلحة.
ووضع البروفيسور بخبرته الكبيرة فى مجال السياسة سيناريوهين من أجل منع هذا النوع من الحروب ضد إسرائيل، ويأتى على رأسها العمل فى مجال الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بشكل منفرد فى بعض الأمور التى وصفها بـ «الخاصة جدا» من ناحية وبالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى من ناحية أخرى، بهدف إحباط ظهور هذا النوع من الإرهاب.
كما تحدث فرايليخ عن السيناريو الثانى وهو فى حالة التأكد من أن الخطة الإرهابية النووية تم تجهيزها وأنها دخلت حيز التنفيذ فيتحتم على إسرائيل فى هذا الوقت الإنتقال من مرحلة التحذير والتهديد والوعيد إلى مستوى آخر تجاه التنظيم الذى تجرأ على إسرائيل  وتبنى سياسة الردع الصارمة والحازمة، على أن يكون واضحا أمام العالم كله وقبلهم الشعب اليهودى أن الدولة العبرية ستقوم بالعمل فورا وبدون قيود مستخدمة جمع الأسلحة والعتاد الذى تمتلكه بحوزتها للحفاظ على أمن وسلامة دولة إسرائيل وشعبها، ويأتى ذلك فى إشارة واضحة إلى الأسلحة النوويّة، التى لا تقر إسرائيل بحيازتها.
فيما تابع حديثه بالإشارة إلى نظرية يتبعها العديد من المحللين السياسيين والعسكريين وهى التى تقول إنه لا يمكن بأى حال من الأحوال ردع التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وفى مقدمتها تنظيم القاعدة، وأنه لم يثبت حتى الآن أى نتيجة لوسائل الردع التى استخدمها العالم ضد تلك التنظيمات المتطرفة، مضيفا أن سياسة الردع ربما تكون فعالة فيما يخص  السياسة الإسرائيلية ضد حماس وحزب الله وإيران ، لكنها بعيدة نسبيا عن التنظيمات المسلحة والتى تشكل خطرا يداهم عقول الإسرائيليين ليل نهار.
 واختتم البروفيسور فرايليخ  دراسته بتحذير المستويات العسكرية الإسرائيلية من خطورة تلك التنظيمات على إسرائيل ومن إمكانية تحولها تجاه إسرائيل فيما بعد حيث إنها الآن منشغلة بالحروب فى سوريا والعراق ،داعيا إلى قيام تل أبيب بفحص مدى جاهزية تلك التنظيمات وهل أصبحت تملك أية أسلحة نووية بالفعل وهل تنوى استخدامها ضد إسرائيل، موضحا أن يتم ذلك عن طريق قيام تل أبيب بتوجيه تهديدات بتدمير مراكز إسلامية مكتظة بالسكان، أو تدمير أماكن مقدسة من الناحية الدينية للمسلمين.
وأضاف أنه على الرغم من أن التفكير فى هذه الخطوات يثير الاشمئزاز، إلا أن هذا هو السبيل الوحيد، وأنه عندما تقوم إسرائيل بالتلويح بقصف الأماكن المقدسة لدى المسلمين، فإن هذا الأمر سيمنع التهديد غير المسبوق ضد إسرائيل التى تتعرض إليه حاليًا.
وقال فرايليخ إنه على الرغم من ذلك فهناك معلومات استخباراتية تؤكد أنه حتى الآن لم تتمكن أية منظمة إسلامية متطرفة من امتلاك قدرات نووية ، الأمر الذى لا يمكن أن يطول كثيرا فى هذا العصر الذى أصبحت فيه «داعش» تسيطر على نفط العراق وتبيعه لأتباعها فى تركيا وأنه لا يمكن لإسرائيل أن تجلس مكتوفة الأيدى وتنتظر التهديد المقبل، وأنه عليها الآن العمل على بلورة سياسة جديدة تستطيع من خلالها التصدى لأية مخاطر لا يمكن وصف مدى هول تبعاتها على إسرائيل.