الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مجلة أمريكية»: انفجار غزة فى وجه «مصر وحماس وإسرائيل» مسألة وقت

«مجلة أمريكية»: انفجار غزة فى وجه «مصر وحماس وإسرائيل» مسألة وقت
«مجلة أمريكية»: انفجار غزة فى وجه «مصر وحماس وإسرائيل» مسألة وقت




بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سكوت أصوات المدافع فى قطاع غزة مازالت عملية إعادة إعمار غزة بعد الحرب تسير بخطى بطيئة جدا وتتعثر الخطط المرسومة لبناء مستقبل لها أكثر إشراقا، ومن المتوقع أن تتفجر الأوضاع فى أى وقت، ولكن لا أحد يعلم إذا كان هذا التفجر سيكون موجها نحو مصر أم إسرائيل أم «حماس»، كانت هذه بداية التقرير الذى أعده نيرى زيلبر صحفى وباحث فى مجالى السياسة والثقافة فى الشرق الأوسط فى مجلة «بوليتيكو» الأمريكية حول الأوضاع فى قطاع غزة عقب الحرب الأخيرة.
وذكر التقرير أن سكان القطاع يعيشون فى اضطراب فى ظل سوء الأوضاع واستمرار المواجهة بين حركتى «فتح» و«حماس» على الرغم من أن تحقيق المصالحة كان شرطاً مسبقاً للبدء فى إعادة الإعمار، وهو الاتفاق الذى وافقت عليه ظاهريا جميع الأطراف المعنية بما فيهم «إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأمم المتحدة» وكلا من الحركتين.
وقد اقتضى الاتفاق بأن يتم استبدال سبع سنوات من سيطرة «حماس» على القطاع بصورة تدريجية بالسلطة الفلسطينية التى تهيمن عليها «فتح» وأن تتدفق إلى غزة مليارات الدولارات فى صورة مساعدات من جهات مانحة، وأن يتحرر شعب غزة من حكم منظمة مصنفة دولياً على أنها إرهابية.
لكن جميع هذه الخطط معلقة الآن فيما تنخرط «حماس» والسلطة الفلسطينية فيما أسمته المجلة الأمريكية بلعبة «الدجاج السياسي» وتعنى «المخاطر السياسية» أو «التنافس على القيام بنشاط قد يتسبب بضرر كبير ما لم ينسحب أحد الفريقين»، حيث يحاول كل منهما مواجهة الآخر.
فحركة «فتح» نظرت إلى اتفاق المصالحة الذى أبرمته مع خصومها الإسلاميين فى أبريل الماضى ومن ثم مجددا فى سبتمبر على أنه استسلام من قبل «حماس» التى كان يضعف حكمها على غزة إثر القيود الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الحكومة الجديدة التى يقودها الجيش فى مصر.
ولم يتفاقم الوضع سوى بعد دخول الطرفين فى حرب دامت حوالى الشهرين فى الصيف الماضى والملاحقة المتجددة من القاهرة على أنفاق التهريب المتبقية التى تربط غزة بشبه جزيرة سيناء.
وهكذا، مال اتفاق المصالحة الأولى بشدة لصالح «فتح»، وبالأخص لصالح حكومة «الوفاق الوطني» الجديدة التى تم تكليفها فى يونيو الماضى وتشمل وزراء أساسيين يعتبَرون موالين لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وبناء على تلك الأوضاع، فأكد التقرير على وجوب تدخل حكومة «الوفاق الوطني»، بصفتها الوسيط الشرعى الوحيد، لإحياء وتعزيز جهود إعادة الإعمار التى يبذلها المجتمع الدولى فى قطاع غزة، والذى يشترط وجود حكومة السلطة الفلسطينية على اعتبار أنها الطريقة العملية الوحيدة لتغيير الديناميات فى غزة.
لقد وافقت جميع الأطراف، بما فيها «حماس» نفسها على وجوب عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع لكى تتولى أولا السيطرة على المعابر الحدودية والوزارات الحكومية هناك، ويتضمن ذلك ترشيد القطاع العام المتضخم والذى يتضمن موظفين حكوميين تابعين لكل من «حماس» و«فتح»، لكن السلطة الفلسطينية لم تفعل أيا من هذه الأمور بسبب مقاومة «حماس» ورفضها التخلى عن السلطة.
وشددت المجلة على أن اتفاق تولى السلطة الفلسطينية الحكم فى غزة كان «خطأ استراتيجي»، مشيرة إلى أن الإعلان عن إتمام الاتفاق كان سابقاً لأوانه حيث رفع معنويات الناس وتوقعاتهم فى حين تنازلت «حماس» عن السلطة رمزيا وليس بشكل فعلي.
فبينما حلت «حماس» رمزيا حكومتها فى القطاع فى الصيف الماضي، ما زال الموظفون التابعون لها يشغلون معظم المناصب على أرض الواقع وصولا إلى مستويات نواب الوزراء، بالإضافة إلى ذلك، تشير مصادر فى غزة إلى أن «حماس» لا تزال تفرض ضرائب على التجار المحليين وتدير نقاط تفتيش بالقرب من المعابر الحدودية الرسمية وتطالب بتراخيص مسبقة من المنظمات غير الحكومية الدولية.
وبالتالى فلا تزال «حماس» تمارس سلطةً مؤسسية فى القطاع، وإن كانت تتغنى خطابيا بسيطرة السلطة الفلسطينية بصورة شاملة.
فبالنسبة لـ «حماس»، لم يثمر مسار المصالحة السياسية عن النتائج المتوخاة، فإذا نحينا جانبا مسألة غزة وآلية إعادة الإعمار التى تقودها السلطة الفلسطينية، لم يتحقق أمل الجماعة الإجمالى المتمثل بـ «علاقة بين شركاء»، حيث كان من ضمن بنود اتفاق المصالحة إعادة اجتماع «المجلس التشريعى الفلسطينى» الذى تتمتع فيه «حماس» بأغلبية المقاعد - وهذا ما لم يحدث.
إن المكسب الوحيد الذى يمكن القول إن «حماس» قد انتزعته هو دفع جزء من الرواتب إلى الموظفين الحكوميين المدنيين التابعين لها (غير العاملين فى شئون الأمن)، وحتى ذلك تم على أساس مؤقت عبر مساعدة قطرية وشاحنات مدرعة نقلت المال ماديا من الأردن إلى غزة عن طريق إسرائيل.
ولربما الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن إسرائيل، من بين جميع الأطراف المعنية، أظهرت أكبر قدر من المرونة تجاه استمرار «حماس» فى حكم قطاع غزة، فبالإضافة إلى السماح بدفع الرواتب، بدأت إسرائيل بتخفيف القيود المفروضة على مواد البناء وغيرها من السلع التى تدخل الأراضي، وعلى منتجات معينة (مثل السمك والخيار) وعلى الأشخاص الذين يخرجون منها.
كما أعطت إسرائيل موافقتها على قيادة الأمم المتحدة لآلية تفتيش مفصلة لإعادة الإعمار، الأمر الذى لم يبدأ بعد بشكل جدى نظرا لغياب السلطة الفلسطينية على أرض الواقع.
وبالتالي، فالمجلة الأمريكية تؤكد أن إسرائيل ليست هى السبب فى عدم حصول أى تقدم فى مشروع إعادة إعمار القطاع فى الوقت الراهن، وهو شعور مشترك بين عدد من الدبلوماسيين الأجانب، فبالنسبة لهم، قد برأت تل أبيب ساحتها من إعاقة إعادة إعمار القطاع.
وفى أعقاب خمسين يوما من إطلاق الصواريخ من غزة، من الواضح أن إسرائيل تقدر الحاجة إلى الاستقرار فى قطاع غزة، وبالتالى يمكن فهم التحول الهام الذى أحدثته فى سياستها.
ويبقى السؤال الوحيد هو كيف يمكن تحقيق ذلك وسط انعدام الإرادة من السلطة الفلسطينية، وإذا استمر الوضع بالتقدم فى مساره الحالي، فالحرب التالية ستحصل لا محال، وما هى إلا مسألة وقت، فإذا توهمنا أنه تمت إعاقة «حماس» وردعها فى الوقت الحالي، فعلى المدى البعيد ليس لديها ما تخسره وبالتالى فـ«الحرب وشيكة»، ولفت التقرير إلى أن قيادات حركة «حماس» يستخدمون نفس لغة التهديد، حول عدم وجود أى شيء ليخسروه.
فقيادات الحركة يعتقدون أن هدف السلطة الفلسطينية هو الضغط الشديد على «حماس» ومن ثم إنهاء قوتها العسكرية فى قطاع غزة، مشيرين إلى أن السلطة تعتقد أنهم هم العائق الرئيسى الذى يقف فى وجه المصالحة.
وأكد التقرير أن قيادات «حماس» غير مستعدة بتاتا إلى إلقاء سلاحها من أجل توفير رفاهية أكبر لشعب غزة، واصفين حدوث ذلك بـ«المستحيل».
 وهكذا ستستمر المواجهة بين حركتى «حماس» و«فتح» والتى تجرى فى معظمها كلاميا بين أبناء الشعب الفلسطيني، وتشكل لعبة اللوم العلنية حول الجهة المسئولة عما حدث ويحدث فى غزة مجازفة محفوفة بالمخاطر وساخرة يلعبها كلا الطرفين.
ومع ذلك، يبدو أن كلا الجانبين يخشيان الخيارات المحتملة الأخرى، فخيارات «حماس» محدودة من الناحية النظرية، وفى المرة الأخيرة والتى فشلت فيها المصالحة الفلسطينية، حاولت «حماس» أن تجد لنفسها خيار آخر بالتصعيد مع إسرائيل عندما قامت باختطاف وقتل المراهقين الإسرائليين الثلاثة فى الضفة الغربية وتصعيد ذلك ليصبح حرباً أوسع مع إسرائيل فى غزة.
وبالتالي، من المتوقع الآن أن يحصل «تفجر» وذلك بعد بضعة أشهر فقط على انتهاء الحرب الأخيرة.
فى السياق نفسه، أكدت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أن غزة ما زالت تحت الدمار والخراب الذى نتج جراء الحرب الاسرائيلية التى شنت على القطاع الصيف الماضي، لافتة الى أن غزة لم تشهد إعادة اعمار شاملة للمبانى التى تضررت جراء هذه الحرب، كما ان الحصار الاسرائيلى ما زال مستمرا، والبطالة فى ازدياد حيث وصلت الى 70 %، إضافة الى أن الشعب فيها غاضب ويائس.
وأوضحت الصحيفة أنه لم يصل لغزة إلا 1 % من أصل 5 ملايين طن من مواد البناء التى يحتاج اليها القطاع لاعادة اعماره، كما أن الهبات والمساعدات المالية التى خصصت للقطاع والتى تقدر بحوالى 5 مليارات دولار امريكي، لم يصل منها الا 1.2 % مشيرة إلى أن عدد المشردين فيها يقدر بـ 50 الف شخص.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أنه لدى تقصيه الأسباب التى تقف وراء عدم بدء عجلة البناء فى القطاع، تم إعطاؤه الكثير من الأسباب، فالجانب الفلسطيني، أكد أن الإسرائيليين يمنعون دخول مواد البناء لأنهم لا يريدون ان تتعافى غزة بل يريدون ان يبقى اقتصادها متدهورا ليظل مواطنيها معتمدين على المساعدات، أما الجانب الاسرائيلي، فأكد أن الإجراءات التى يتبعها ضرورية لمنع «حماس» من استخدام بعض المواد فى حفر الانفاق التى عملت اسرائيل على تدميرها على طول الحدود مع مصر.
ورأت الصحيفة أن المشكلة فى الوضع الذى آلت اليه غزة تقع على الجانبين الاسرائيلى والفلسطيني، ونقلت عن القيادى البارز فى «حماس» الشيخ أحمد يوسف، إشارته الى أن «المفاوضات المباشرة مع اسرائيل يجب ان تشمل الدول الغربية وذلك لتغيير صورتنا السلبية النمطية»، مؤكدا أنه على حماس ان تعيد التفكير فى استراتيجيتها الكاملة وبرنامجها الذى مر عليه حوالى 27 عاما، خاصة فيما يتعلق بمعاداة السامية.