السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نشطاء الطالع والفلك: «تنبؤات وهرتلات»

نشطاء الطالع والفلك: «تنبؤات وهرتلات»
نشطاء الطالع والفلك: «تنبؤات وهرتلات»




سباق محموم وشرس خاضته معظم الفضائيات العربية من أجل جذب المشاهدين إلى شاشاتها بعرض كل ما هو طريف وغريب ومثير من أخبار وأحداث.
لكن اللافت للنظر هو حرص معظم هذه الفضائيات على استضافة أهل الفلك والتنجيم وقراءة الطالع ليتحدثوا عن توقعاتهم لأحوال العام الجديد الذى بدأ منذ أيام.
نساء ورجال احترفوا قراءة الطالع، والبخت، ومئات من ساعات البث سمعنا فيها العجب العجاب!
وعلى سبيل التجويد والخدمة الممتازة خصصت هذه الفضائيات مساحات من البث لاتصالات المشاهدين والمشاهدات من أجل سؤال الناشطة الفلكية أو قارئ الطالع حول ما ينتظره من حوادث وأخبار فى العام الجديد.
وراح كل واحد يتحدث ويفتى كخبير استراتيجى أو محلل أمنى أو ناشط سياسى مستندًا إلى معلوماته ودراساته الأكاديمية!!
فى أحد هذه البرامج أكد الضيف «العالم الفلكى» أن هذا العام سيشهد انهيار أمريكا، وزوال إسرائيل واكتشاف عقار عجيب يقضى على أوبئة الإيبولا وأنفلونزا الخنازير. وذهبت عالمة فلكية أخرى تهنئ مواليد أبراج الأسد والحوت والحمل بأن حظهم روعة من حيث المال الذى سينهمر عليهم والحب الذى سيغرقون فيه!!
وبالصدفة المحضة راح «عالم فلكى» آخر فى محطة أخرى يحذر نفس مواليد «الأسد والحوت والحمل» بأن أحوالهم المالية فى خطر وينتظرهم فشل فى الأحوال العاطفية، ومتاعب صحية شديدة تنتظرهم فى منتصف مارس وأواخر يوليو وأغسطس!!
ولأننى من مواليد برج الأسد (8/8/1954) فقد رحت أتابع باهتمام ما يقال عن أحوال برجى، وسمعت العجب، فهناك من بشرنى بالأخبار السارة من عينة خطبة أو زواج وهناك من حذرنى من طلاق وتصدع أسرى وعالمة فلكية نبيهة حذرت مواليد الأسد من البقاء فى منازلهم أيام 7 مايو و15 يوليو و22 سبتمبر و28 أكتوبر (ليه ما أعرفش؟!).
أما أكثر ما يدهشك ويثير عجبك فى هؤلاء النخبجية الجدد ــ نخبجية البخت وقراءة الطالع.. إنهم يتحدثون فى الأمور السياسية المحلية والإقليمية بل العالمية بلهجة الواثق والفاهم والدارس والمتعمق!!
ووسط هذه المصطبة الفلكية أعجبنى الزميل والصديق الأستاذ «محمد الغيطى» فى قناة التحرير عندما هاجم هذه الظاهرة، بالورقة والقلم، فقد هاجم أحد هؤلاء من قراء الطالع والفلك، وأخذ يقرأ للمشاهدين كل توقعاته عن عام 2014 الذى مضى، ولم يحدث منها شىء على الإطلاق، لقد قال على سبيل المثال إن عام 2014 سيشهد وفاة الرئيس الأسبق «مبارك» وأنه ستقام له جنازة مهيبة، وتنبأ بوقوع اغتيالات لشخصيات إعلامية ومنهم ــ الغيطى نفسه ــ وهو ما لم يحدث.
صحيح أن الأعمار بيد الله، والصحة بيد الله، والأرزاق بيد الله، لكن أيضًا الأرزاق هذه الأيام تأتى من مهنة قراءة الطالع والبخت، والرزق يحب الخفية، وما أسهل الكلام عن المستقبل، الكلام عن زوال أمريكا وعن إسرائيل وتركيا وجماعة الإخوان ما أسهله، وأرخصه!!
صحيح أن الفضائيات إياها ــ الموجودة فى تركيا ــ تخاصم ولا تستضيف بتوع الطالع والكف والفنجان، لكنهم يتحدثون مثلهم تمامًا، فكلهم تقريبًا من «طارق عبدالجابر»، و«محمد ناصر» توقعوا عودة د. مرسى إلى سدة الحكم، وزوال الانقلاب، وعودة الشرعية، وزوال العلمانية وموت الليبرالية الكافرة. وكل عام ونحن بخير، وكل عام وفضائيات العرب أقل بواخة وسخافة وتفاهة وجهلاً أقول «أقل»، فاختفاء ذلك كله من المستحيلات!!